المحتوى الرئيسى

سجون 5 نجوم للمتهمين بالإرهاب في السعودية

03/04 09:14

واشنطن بوست: جناح فاخر للزيارات الزوجيه  في سجن “الحاير” شديد الحراسه

واشنطن بوست – كيفن سوليفان – ترجمه: محمد الصباغ

بعيداً عن الاسلحه الاليه وابراج الحراسه، فان سجن “الحاير” شديد الحراسه يبدو تقريبا كفندق،  وخاصه الجناح المخصص للزيارات الزوجيه. خلف بوابه معدنيه ثقيله ملونه قضبانها باللون القرمزي المبهج، تمتد سجاده حمراء بطول الردهه. وفي  كل زنزانه خاصه من الـ 38 يوجد سرير كبير وثلاجه مع جهاز تليفزيون و حمّام.

وفي هذا المكان، بجانب ماكينه النقود الاليه، يمكن للسجناء المتزوجين ان يقضوا من ثلاث الي خمس ساعات مع زوجاتهم علي الاقل مره في الشهر، مع ملاءات سرير نظيفه وشاي وحلوي علي منضده بجوارهم.

يتواجد في هذا السجن حوالي 1100 سجين درجه خطورتهم عاليه وجميعهم سجنوا باتهامات تتعلق بالارهاب. وسجن “الحاير” الواقع علي بعض اميال قليله جنوب الرياض هو الاكبر بين خمسه سجون شديده التامين تم تاسيسهم في العقد الاخير للتعامل مع التهديدات الارهابيه المتزايده بدايه من القاعده ومؤخراً الدوله الاسلاميه.

كانت السجون السعوديه لوقت طويل بعيده عن انظار الصحفيين ومراقبي منظمات حقوق الانسان. لكن مسئولين رسميين قالوا ان وزير الداخليه، محمد بن نايف، نائب ولي العهد، امر بالسماح للصحفيين بالزياره املاً في ان يجهض ذلك مزاعم منظمات حقوق الانسان بان السعوديه تعذب السجناء. قادني بعد ظهر يوم الاحد مامور السجن محمد الاحمد، في زياره داخل سجن الحاير.و قال لي ”لا نملك شيئاً لنخفيه، اشر الي اي مبني او اي زنزانه. يمكنك ان تري اي شئ”.

كنت قادراً لمده ست ساعات علي تحديد مسار جولتي وكان المامور يصحبني بسعاده الي اي مكان اريده. راينا الزنازين، والمستشفي، وزنازين الحبس الانفرادي الفصول وايضاً مناطق الترفيه. ولم يقل ابداً علي شئ انه غير مسموح به، ورغم ذلك كان غير مسموح لي بالتقاط الصور.

بدانا كالعاده في السعوديه بكوب من الشاي وشاهدنا عرضاً بـ”الباوربوينت” يشرح استراتيجيه الحكومه بتوفير امتيازات للسجناء بدلاً من احتجازهم في اماكن قاسيه مثل ما يحدث بمعتقل جوانتانامو.

ترعي الحكومه السعوديه اهالي السجناء جيداً، وتوفر لهم الاموال لشراء الطعام ومصروفات الدراسه، كما تدفع ثمن نفقات الطيران و الاقامه عند الزياره ويحدث ذلك ايضاً للمسجونين الاجانب الذين تعيش عائلاتهم بالخارج. ويسمح للكثير من السجناء، الذين لم يسجنوا بتهمه القتل، بحضور جنازات وافراح افراد عائلاتهم المقربين وذلك بمصاحبه حراسه، ويتم اعطائهم ما قيمته 2600 دولار لشراء هديه زواج.

من زياره لمركز تاهيل للاسلاميين بالسعوديه ..http://www.tuxboard.com/prison-terroristes-arabie-saoudite/prison-luxe-terroriste-al-qaida/?uta_source

بعد العرض، ذهبنا لزياره المكان المخصص للقاء العائلات، وهو فندق داخل السجن يستخدم لمكافاه المسجونين اصحاب السلوك الجيد. يحتوي الفندق علي 18 جناحاً واسعاً يمكن ان يستوعب تسعه افراد من العائله وبالفندق الكثير من الورود وبوفيه معد جيداً وايضاً ملعب للاطفال.

و قال مسئولون ان الحكومه انفقت 35 مليون دولار علي تلك الامتيازات. ويقول مامور السجن: ”ليس لان شخصا ما مجرم سنعاقب عائلته ايضاً. فاستراتيجيتنا هي ان نرعي هؤلاء الاشخاص ليصبح المجتمع افضل. هذا ما علمنا الاسلام“.

3500 سجين يمكثون في خمسه سجون سعوديه شديده الحراسه، واغلبهم ادين بجرائم مرتبطه بالارهاب منها هجمات للقاعده وقعت داخل المملكه قبل بزوغ نجم تنظيم الدوله الاسلاميه العام الماضي.

يقول اللواء منصور تركي، المتحدث باسم وزاره الداخليه القويه التي تدير السجون الخمسه بواسطه الشرطه السريه “المباحث”، ان رعايه عائلات السجناء هو جزء من استراتيجيه المملكه لاعاده تاهيل المتطرفين.

تمتلك السعوديه برنامجاً طويلاً يوضع فيه المدانين باعمال عدائيه ارهابيه ضمن برنامج تعليمي وديني دقيق تم اعداده لمحاوله تعديل افكارهم و سلوكهم. بدا السجناء في الخمسه سجون شديده الحراسه بدورات مكثفه لمده شهور في السجون. وعند انتهاء مده عقوبتهم يتم نقلهم الي اثنين من اكبر مراكز التاهيل الموجوده في الرياض وجده لعمل دراسات اضافيه.

ويضيف تركي: ”لو خسرنا هؤلاء المسجونين وهم في السجون سيخرجون اكثر تطرفاً“، وبتشجيع عائلاتهم سوف يساعدنا ذلك في التاكد من انهم ”لن يسقطوا في ايدي الارهابيين“.

واكد تركي ايضاً ان حوالي 20% من الذين مروا ببرنامج اعاده التاهيل عادوا الي ممارسات مرتبطه بالارهاب. ويعتقد ناشطون حقوقيون ان نسبه الفشل اكبر مما تعترف به السعوديه رسمياً.

وتوجه عاده انتقادات الي السعوديه بانها تدعم او علي الاقل اغنياء سعوديون يدعمون المتطرفين الاسلاميين منتهجي العنف، وايضاً ان تركيز الحكومه علي برنامج اعاده التاهيل يمثل تعاطفاً مع الارهابيين.

ويرد مسئولون رسميون من المملكه ان السعوديه تعد اكثر دوله مهدده من تنظيم الدوله بعد سوريا والعراق. ويضيفون ان نهجهم تجاه المتطرفين المدانين اكثر برجماتيه وتاثيراً من القائهم في السجون ببساطه لعقود والامل في ان اصدقائهم وعائلاتهم لن يصبحوا متطرفين.

يقول بروس هوفمان، مدير مركز الدراسات الامنيه، بجامعه جورج تاون: ”لا اعتقد ان رد فعلنا الطبيعي يجب ان يكون معارضه تلك البرامج. لن نستطيع اعاده تاهيلهم المتشددين المتعصبين، لكن الحل الذي يقول بان جميعهم متشابهين ويجب ان نسجنهم جميعاً بعيداً للابد غير مؤثر ايضاً”.

ويضيف هوفمان ان 20% كمعدل للعوده للجريمه هو افضل من 70% او 75%، وهو معدل جرائم العنف في الولايات المتحده. ويؤكد ان السجون بدون مراكز تاهيل قد تصبح ”جامعات للارهاب“ التي تحول المجرمين العاديين الي متشددين. وقال ايضاً ان السجناء الذين تم اثنائهم عن التفكير المتشدد قد يكونوا مصدراً لمعلومات قيمه حول المجموعات الارهابيه. ويضيف: ”مثل تلك البرامج يمكن ان تكون شديده التاثير”.

و لنكن اكثر وضوحاً، المملكه العربيه السعوديه تمتلك سجلاً فقيراً في مجال حقوق الانسان وحقيقه انه لم يتم تعذيب اي من السجناء امامي ليس دليلاً علي عدم حدوث ذلك.

حسب وزاره الخارجيه الامريكيه ومنظمات حقوق الانسان، تمارس السعوديه الحبس التعسفي، ومزاعم التعذيب منتشره. واعدمت المملكه 79 شخصاً بقطع رؤوسهم  في 2013، وتطبيقها المتطرف للشريعه مازال يسمح بعقوبات من العصور الوسطي مثل بتر الاعضاء ورجم الزناه.

ومؤخراً، قضت المحاكم السعوديه بحبس المدون رائف بدوي عشر سنوات وجلده الف جلده امام العامه ، وكان رائف قد تساءل عن هيمنه السلطات الدينيه السعوديه علي الحياه اليوميه. وقد دانت منظمات حقوق الانسان هذه العقوبه ووصفتها بالبربريه.

زعمت منظمه “هيومان رايتس ووتش” واخرين ان حكومه المملكه استخدمت قوانينها الصارمه ضد الارهاب لحبس المئات من الاشخاص لفترات غير محدده، واحياناً فقط بسبب انتقادهم للحكومه، وادين اخرون في محاكمات سريه وغير عادله.

ودانوا ايضاً السجون السعوديه بسبب الازدحام وانها اماكن خطيره لكن تلك المزاعم عاده تكون قلقه من نظام السجن بالنسبه لمن تم ادانتهم بجرائم ليست متعلقه بالارهاب. تدير الحكومه السعوديه حوالي عشرين سجناً محلياً، وهو عدد يساوي تقريباً عدد السجون في ولايه امريكيه. وتدير ايضاً حوالي 90 قسم احتجاز مثل سجون مدينه امريكيه. تتضمن تلك الاماكن حوالي 50 الف سجين وتقريباً نصفهم من الاجانب.

ونقلت تقارير حقوقيه عمليات عنف بين السجناء وحالات يقوم فيها حرإس إلسجن بتعريض السجناء الي اضواء شديده وموسيقي مزعجه ودرجات حراره بارده مع حبسهم انفرادياً لفترات طويله.

ونفي المتحدث باسم الداخليه تلك المزاعم. وقال ان اكثر من 11,500 شخصاً قد قضوا مدتهم في الخمسه سجون شديده الحراسه منذ 2003 ومنهم 8 الاف تم اطلاق سراحهم. ويضيف: ”هل رايتهم يقولون امام العامه انه تم تعذيبهم؟ هناك الالاف و الالاف من السجناء. فلو كنا نعذب الناس كانوا سيقولون ذلك”.

ومع استمرار جولتي داخل سجن “الحاير”، قادني مامور السجن الي ساحه كبيره في المبني الرئيس للسجن، حيث مررنا من خلال ابواب معدنيه ضخمه وعبرنا عبر كاشف المعادن ومررنا ايضاً ببوابتين حديديتين. وسالني: ”ماذا تريد ان تري؟“

اخترت ردهه بشكل عشوائي، وامر هو الحراس بفتح البوابه. كانت مساحه الردهه علي الاقل 50 يارده، مع رسومات لصحراء معلقه علي الجدران بين ابواب الزنازين. وفي منتصف الطريق، اخترت زنزانه عشوائيه وطلبت ان اتحاور مع السجناء بالداخل. ظهر سته من الشباب المندهشين في منتصف العشرينيات يرتدون ملابس السجن الرماديه وقاموا بتحيتي.

كانت الزنزانه مشابهه لما رايته بعد ذلك، فكانت عباره عن مكعب طوله 20 قدما وعرضه 20 قدما ايضاً وهو نفس ارتفاع السقف. وكانت هناك اربع نوافذ في اعلي الحائط تملا الزنزانه بالضوء الطبيعي.

كان الرجإل ألسته يجلسون علي وسائد ويشاهدون تلفزيونا معلقا علي الحائط، والارضيه مفروشه بسجاد. الحجره كانت بسيطه لكن نظيفه، مع حمام كبير ومساحه للاستحمام. و كانت علب البسكويت والحلوي مع بعض الفاكهه كالتفاح والموز معلقين علي الحائط.

اخبرني سجين شاب يدعي فهد انه كان ينتظر محاكمته في قضيه ارهاب. وقال انه سافر الي سوريا العام الماضي للالتحاق بتنظيم الدوله الاسلاميه لانه كان يريد القتال ضد الرئيس السوري بشار الاسد. واضاف: ”عندما وصلت هناك، لم يكن الامر كما اخبرونا عنه”.

وقال الشاب البالغ 25 عاماً ان الدوله الاسلاميه لم تكن تقاتل الاسد بل قاتلت ضد مجموعات معارضه اخري. واضاف ان مسلحي تنظيم الدوله اخذوا جواز سفره، لكن بعد شهرين، استطاع الهرب والوصول الي السفاره السعوديه في انقره بتركيا. وهناك قام بتسليم نفسه، واعيد الي الرياض وارسل الي سجن “الحاير”. ويضيف: ”نحن لسنا سعداء لوجودنا في السجن، لكننا في ظروف جيده هنا”. مع وجود مامور السجن، ماذا يمكن ان يقول الشاب غير ذلك؟ مازلت متشككاً.

واتصلت بسيفاك كيشيشيان، باحث في منظمه العفو الدوليه، واخبرني ان مزاعم سوء المعامله والتعذيب في السجون السعوديه منتشره. واضاف ان المعامله الجافه تحدث غالباً في السجون المحليه المزدحمه، لكنه قال ايضاً ان التعذيب قد يحدث في السجون ذات المظهر الجيد عندما لا يفتش احد.

تحدثت ايضاً مع “جاري هيل”، الذي يعمل في الاتحاد الدولي للاصلاحيات والسجون (ICPA) وهي منظمه غير ربحيه تابعه بالامم المتحده. وزار هيل خلال عمله السجون في 80 دوله.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل