المحتوى الرئيسى

غسان الإمام يكتب : جيش عربي يبنيه تعاون مصري ـ خليجي؟

03/03 18:50

الحرب الدائره الان في العراق قد تشهد في شهر الاكاذيب (ابريل) المقبل تصعيدا طائفيا وعنصريا لاهبا، اذا ما قررت اميركا، بتنسيق غامض مع ايران، دفع قوه من 25 الف ميليشياوي شيعي وكردي، الي اقتحام الموصل و«تحريرها» من نير «داعش».

ميليشيات «الحجّي» الايراني قاسم سليماني تقول ان الموصل ليست هدفا عاجلا. و«تحرير» الفلوجه اشد ضروره. فهي تطل علي الخاصره الغربيه لبغداد التي هددت «داعش» بغزوها، واسقاط النظام الشيعي المعتصم فيها، وذلك قبل ان تتولي مطرقه الطيران الاميركي تاديبها وردعها.

جنرالات اوباما لا يبالون بـ«فيتو» حيدر العبادي رئيس الحكومة العراقية علي القوات البرية الاميركية. ويقولون انهم قد يضطرون الي انزال قوات خاصه (كوماندوز) لدعم جيش الغزو الشيعي/ الكردي، اذا ما تعرض لمتاعب في الموصل، ولحمايه كتيبه «كش الحمام» البريه التي تتولي تطيير طائرات «درون» الاميركيه، وضبط توجيهها الي اهدافها.

اما ميليشيات الـ«بيش ميركه» الكرديه، فهي منهمكه بتكليف من الاميركيين باحتلال ريف الموصل، لقطع طرق الامداد اللوجستي للمدينه من سوريا. لكن «داعش» سارعت الي اقتحام مناطق كرديه واشوريه في اقصي شمال شرقي سوريا. وخطفت اكثر من مائتي اشوري كرهائن، قد تهدد بذبحهم اذا ما تمت غزوه الموصل.

وهكذا فاميركا وايران متورطتان في حروب طائفيه وعنصريه في المنطقه العربيه، تحت ذريعه مكافحه الارهاب. وازاء هذه الحقيقه التي يسكت عنها الاعلام الغربي، فهل يتعين علي النظام العربي الاكتفاء بدور المتفرج المساير. او الصامت العاجز. او المشارك المتردد؟

دعوه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الي انشاء قوه عربيه جاءت في الوقت المناسب. ولقيت اصداء وتجاوبا رسميا وشعبيا في عده دول ومجتمعات عربيه. وشاء السيسي ان يتوجه في دعوته هذه الي النظام الخليجي ومجتمعاته. «نحن معكم في كل التحديات التي تقابلكم»، وذلك كرد للجميل والوفاء للخليج الذي قدم عشرين مليار دولار لتعويم اقتصاد مصر.

ولا شك ان السيسي الح علي فكره القوه العربيه، في زياراته المتعدده الاخيره الي الخليج، وبالذات السعوديه، بعد مبايعه ولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز ملكا، خلفا للعاهل الراحل عبد الله بن العزيز الذي كان قد طرح الفكره، بدءا من تصعيد مجلس التعاون، الي اتحاد خليجي.

كعربي، اتمني الا يرتبط مشروع انشاء جيش عربي، او قوه عربيه، بمناسبه انعقاد قمه عربيه في مصر هذا الشهر، وذلك لكي ياخذ المشروع طابعا جديا في عيون العرب، بعدما عجزت مؤسستا الجامعه والقمه، عن تطبيق معاهده «الدفاع العربي المشترك» الموقعه منذ اكثر من ستين سنه.

الواقع ان مصر تشعر بانها اقصيت، منذ الانتفاضات العربيه، عن مجالها الحيوي الاستراتيجي المحيط بها. بل كادت تفقد وعيها بامنها القومي، بعدما اوصلت اميركا «الاخوان المسلمين» الي حكم مصر. فتوجهوا الي اقامه «مشيخه» اقليميه مع ايران وتركيا تحكم المنطقه متجاوزه عروبتها، وسعيها الي المحافظه علي ثقافه العصر والحداثه السائده منذ القرنين الاخيرين. وها هو السيسي يسارع الي استئناف بناء جيش مصري قوي، بشراء اسلحه هجوم ودفاع استراتيجيه، خصوصا من روسيا وفرنسا، بعد تلكؤ اميركا في تزويد مصر بقطع تبديل للاسلحه الاميركيه التي حصلت عليها، بعد معاهده الكامب (1979). وكانت الغاره المصريه علي مواقع «داعش» في درنه بشرق ليبيا بعد مجزره الاقباط المصريين، بمثابه تاكيد علي ان قوي الامن القومي العربي يجب ان لا تسكت عن اي استفزاز او اعتداء عليه.

من البديهي الاعتراف بوجود حساسيات محليه عربيه، ازاء اي مشروع لتشكيل قوه عربيه استراتيجيه. فدوله الاستقلال قصرت عن ان تكون نواه لوحده قوميه. وقد اطاحت الحساسيات السوريه المبالغ فيها، بالوحده المصريه/ السوريه (1961). ولتجنب هذه الحساسيات، لا بد من دمج افراد هذه القوه، ليالفوا التعايش في بوتقه عسكريه واحده، بعيده عن الايديولوجيات التي مزقت الجيوش العربيه سابقا. وشرط فاعليه قوه عسكريه كهذه ان تكون خاضعه تماما لقياده سياسيه مدنيه مشتركه. بمعني اخر، يجب ان لا يتغلب خطر الحساسيات علي خطر التحديات. فيتم الغاء او تاجيل مشروع القوه المشتركه. واود ان اشير الي خمسه تحديات اساسيه تواجه العرب، بالاضافه الي التحدي الـ«داعشي». واول هذه التحديات بناء اميركا لجيش سوري «معتدل»! ولعل النظام العربي يقنع اميركا بدمج هذا الجيش في المشروع العسكري العربي. فلا جيوش. ولا ميليشيات، خارج الاراده القوميه المشتركه.

التحدي الثاني هو المشروع النووي الايراني. النظام العربي مفروض ان يشارك في المفاوضات السريه الاميركيه/ الاوروبيه مع ايران. كي لا يفاجا العرب باتفاق علي حسابهم، تقبل فيه ايران بتاجيل قنبلتها 15 او 20 سنه، كما يقترح الاميركان، في مقابل اعتراف غربي بهيمنتها علي المشرق العربي واليمن. واسقاط العقوبات الدوليه عنها.

التحدي الثالث هو مواجهه الخطر «الداعشي»/ الشيعي الذي يهدد الاردن. الغارات الجويه علي صحراء الانبار قوضت احتكاك «داعش» بالحدود الاردنيه/ السعوديه. يبقي الخطر الشيعي. وقد سبق لي ان قلت في هذه الجريده، وخلافا لكل التعليقات الاعلاميه العربيه، ان الحشد الشيعي في الجولان ليس القصد منه شن حرب علي اسرائيل لا تريدها ايران، انما الغرض منه استعاده جنوب سوريا من ميليشيات المعارضه السوريه، وصولا الي الحدود الاردنيه، لممارسه ضغط ايراني علي الاردن.

هذا البلد العربي يملك نظاما. وجيشا. وامنا، في منتهي القوه. لكن القوي الدينيه المتزمته، وفي مقدمتها «الاخوان»، هي بمثابه حصان طرواده داخلي، يهز استقرار الاردن، وخاصه انه يؤوي نحو مليون لاجئ سوري هم ايضا بمثابه قوه سياسيه متعدده الولاءات والاتجاهات. من هنا، جاءت حماسه الاردن ملكا. ونظاما. ومجتمعا للمشروع العسكري المصري. ولو كانت هناك قوه عربيه لدعمت الاردن في مواجهه وحسم كل هذه التحديات والاستفزازات.

يؤسفني ان اقول ان التحدي الرابع للعرب هو كردي. النظام الخليجي تمكن من اقامه علاقه طيبه مع كردستان العراق، سمحت لعرب الموصل باللجوء اليها فرارا من «داعش». واتاح الدعم الاميركي المطلق لأكراد العراق المجال امامهم لاجتياح مناطق عربيه متعدده، ومناطق متنازع عليها بين الاكراد. والسنه. والشيعه (كركوك مثالا)، من دون ضمانات بالجلاء التام عنها بعد زوال خطر «داعش».

النظام العربي مؤهل لنصح وتحذير «الصحوه» الكرديه من الصدام مع عرب العراق، خشيه من نشوب نزاعات عنصريه عربيه/ كرديه، بعد «تحرير» الموصل. وخاصه ان هناك معلومات عن منع الاكراد للعرب من العوده الي مناطقهم وبيوتهم المحرره، وان هناك مشروعا كرديا/ شيعيا يجري تداوله في بغداد، لتقسيم ريف الموصل الخصب، واقامه محافظه لاقليه عنصريه كرديه ايزيديه واشوريه، بهدف خلخله وتقويض الكثافه السكانيه في المربع العربي (السني) الممتد من غرب دجله والفرات في العراق، الي ساحل البحر المتوسطي السوري.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل