المحتوى الرئيسى

فضائل مصر المحروسة لابن الكندى

03/01 16:30

اقرا ايضا: الازهر واثره في النهضه الادبيه الحديثه لمحمد كامل الفقي اصحاب المشيختين: سيره خمسه علماء جمعوا بين مشيختي الازهر والافتاء في الذكري 63 لرحيله "زكي مبارك الملاكم الادبي" لمحمد رضوان "تاريخ الجامع الأزهر" لمحمد عبدالله عنان "الازهر بين السياسه وحريه الفكر" في مراه د. محمد رجب البيومي

مصر هي ام الدنيا واقدم قطر علي وجه الارض، وهي بلد الامن والامان . خلبت لب من وطات اقدامه ارضها، وانصهر في بوتقتها، وصاروا يشيدون بدورها .. فهي حاضنه لكل الناس التي كانوا يهرعون اليها وقت الشدائد، وهي التي صدت الغزاه واقبرتهم علي ارضها ، وهي التي الهمت العلماء والادباء والشعراء والمؤرخين، فاشادوا بها ، ولم يختلقوا مناقب لها، وانما قرروا واقعاً.

وسوف نستعرض في هذا الكتاب  "فضائل مصر المحروسه لابن الكندي" لنذكر الناس بفضائل هذه البلده التي خصها الله بفضائل قلما يتصف قطراً اخر بها .. فقد ورد ذكرها بالخير في القران والسنه ووصفها الله بالامن والامان. نلتقي علي غير العاده مع احد كتب التراث المجيده .. مؤلفه واحد من مؤرخي مصر الاسلاميه وهو من المؤسسين لهذه المدرسه، الف هو ووالده المؤرخ الكبير محمد بن يوسف الكندي صاحب كتاب "ولاه مصر"، وكتاب "قضاه مصر"، وغيرها من الاثار ..

 وقد بدات مدرسه التاريخ الاسلامي لمصر منذ فتره مبكره ، بدات بابن عبدالحكم  صاحب  كتاب "فتوح مصر"، مروراً بابن زولاق، والكندي الاب والابن، وابن ميسر، والمقريزي شيخ مؤرخي مصر الاسلاميه، وابن حجر، وابن تغري بردي، والسيوطي، وابن اياس، والسخاوي، وصولاً الي عبدالرحمن الجبرتي .. وهي مدرسه عريقه الهبتها الحماسه لاهميه مصر في كل العصور، وانها دوله محوريه وحاسمه لفترات عصيبه في التاريخ الانساني.

  محقق هذا الكتاب الدكتور علي محمد عمر الذي تخصص في تحقيق الكتب المتعلقه بتاريخ مصر ، حقق طبقات ابن سعد، وطبقات المفسرين للسيوطي، وطبقات المفسرين للداودي، وطبقات الحفاظ للسيوطي، وسيره عمر بن الخطاب لابن الجوزي وفضائل مصر لابن زولاق وغيرها ...  

 وقد تناول المحقق تاريخ  قضيه نسب الكتاب، بعد ان استعرض اقوال المؤرخين في هذا الامر، فمنهم من عزاه الي والده ابي عمر الكندي، مثل السيوطي في كتابه "حسن المحاضره" ، وقد سار علي نهج السيوطي اغلب المؤرخين الذين اتوا بعده ، فنسب اسماعيل باشا البغدادي كتاب الفضائل الي ابي عمر الكندي، كذلك فعل الزركلي وعمر رضا كحاله ..اما المقريزي فهو المؤلف الوحيد الذي ذكر صراحه نسبه الكتاب الي عمر بن محمد بن يوسف ، يضاف الي ان المؤلف اشار صراحه في مقدمه كتاب الفضائل هذا الي والده من بين علماء مصر الذين جمع من كتبهم ما امره به كافور الاخشيدي ...

  ويعد هذا الكتاب من امهات الكتب العظيمه التي ارخت لمصر الاسلاميه وابانت فضائلها وخصائصها منذ الفتح وحتي عصر الاخشيديين ، واعتمد عليه معظم المؤلفين الذين جاءوا من بعده مثل ابن سعيد الاندلسي (ت 685هـ) في كتابه "المغرب في حلي المغرب"، والشهاب النويري (ت 732هـ) في موسوعته "نهايه الارب في فنون العرب"، والقلقشندي (ت821هـ) في موسوعته "صبح الاعشي" ، والمقريزي(ت845هـ) في كتابه "المواعظ والاعتبار" المشهور بالخطط ، كما اخذ منه ابن تغري بردي (ت874هـ) ، والسيوطي(ت911هـ) . وهكذا ظلت مدرسه مصرتعتمد علي هذا الكتاب في كل مراحلها حين يزمع مؤرخوها الحديث عن فضائل مصر، وموضوع الكتاب يتجلي في قول المؤلف في مقدمته حينما قال:"هذا الكتاب امر بجمعه وحض علي تاليفه الاستاذ ابو المسك كافور (الاخشيدي)، نذكر فيه اخبار مصر وما حضها الله به من الفضل والبركات والخيرات علي اكثر البلدان" ..

    وقد استهل ابن الكندي عرضه لاخبار مصر وفضائلها بايات من القران الكريم ..جاء فيها ذكر مصر مثل قوله:"واوحينا الي موسي واخيه ان تبوءا لقومكما بمصر بيوتا، واجعلوا بيوتكم قبله"، وقوله تعالي عن حكايه فرعون وافتخاره بمصر:"اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي"، قوله علي لسان يوسف حينما سمح لاخوته بدخول مصر" ادخلوا مصر ان شاء الله امنين" ، وهكذا ساق ابن الكندي عدداً من الايات الكريمه التي ذكر فيها اسم مصر، ليصل في النهايه الي الغايه بمجد وطنه ، لذا نراه يتساءل بعدها:"فهل يعلم ان بلداً من البلدان في جميع اقطار الارض اثني عليه الكتاب بمثل هذا الثناء، او وصفه بمثل هذا الوصف، او شهد له بالكرم غير مصر".. وسار ابن الكندي علي النهج نفسه في روايته لاحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم التي ورد فيها ذكر مصر، ونقتبس منها حديث رواه مسلم يوصي فيه الرسول صلي الله عليه وسلم باهل مصر: "ستفتح عليكم بعدي مصر، فاستوصوا بقبطها خيراً فان لكم صهراً وذمه"، وقوله ايضا: "ستفتحون ارضاً يذكر فيها القيراط فاستوصوا باهلها خيرا، فان لهم ذمه ورحماً"، ويفسر المؤرخ هذا فيقول فاما الرحم، فان هاجر ام اسماعيل بن ابراهيم الخليل عليهما السلام – من القبط من قريه نحو الفرما يقال لها :ام العرب(موقعها الان شرقي بورسعيد تعرف بتل الفرما)، واما الذمه: فان النبي صلي الله عليه وسلم تسري من القبط بماريه ام ابراهيم ابن رسول الله وهي من قريه بالصعيد تدعي حفن بكوره انصنا ("الشيخ عباده " بمركز ملوي بالمنيا).

  كما اشاد ابن الكندي بمصر وباهلها في الجانب المرتبط بالرسل والانبياء، فكان بها من الانبياء: ابراهيم الخليل، واسماعيل، ويعقوب، ويوسف، والاسباط اولاد يعقوب، وموسي وهارون، ويوشع بن نون، وعيسي بن مريم، عليهم جميعاً علي نبينا افصل الصلاه والسلام ، كما ذكر عن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم حينما كتب الي جماعه من الملوك منهم هرقل الروم فما اجابه احد منهم، وكتب الي المقوقس صاحب مصر، فاجابه عن كتابه جواباً جميلاً ، واهدي الي الرسول صلي الله عليه وسلم عدداً من الهدايا فقبلها.

   ثم ذكر الصحابه، والفقهاء، والعلماء، والاحبار، والزهاد الذين دخلوها واستقروا بها كما ذكر من دخلها من الملوك، والخلفاء، واهل العلم، واهل الشعرن والنحو، والخطابه، وكل من برع علي اهل زمانه.

  كما تحدث عن مدنها وقراها بشيء من الوصف والايجاز كما تحدث ايضاً عن جمالها ومناظرها ورونقها فهو ينقل عن كعب الاحبار قوله: "من اراد ان ينظر الي شبه الجنه ، فلينظر الي مصر اذا اخرفت واذا ازهرت واذا اطردت انهارها ، وتدلت ثمارها ، وفاض خيرها ، وغنت طيرها"، وعن عبدالله بن عمر قوله: "من اراد ان ينظر الي الفردوس فلينظر الي ارض مصر حين تخضر زرعها، ويزهر ربيعها، وتكسي بالنوار اشجارها"، ثم تكلم عن النيل وماورد فيه من فضائل حيث روي عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال: "اربعه انهار من الجنه سيحان وجيحان والنيل الفرات"، وذكر اقوال الصحابه والخلفاء والحكماء فيه ...

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل