المحتوى الرئيسى

صلاح عبد الصبور يكشف أخطاء «الألف كتاب»

02/28 06:56

لم تكن قضيه اللغه ومشكلاتها والاخطاء النحويه والاسلوبيه والاملائيه المنتشره عند الكتاب، قضيه حديثه، وهي قضيه تكاد تكون ابديه، وطالما ان هناك كتابه، فمن الطبيعي ان تكون هناك اخطاء، ولو راجعنا معظم كتابات لادباء كبار بيننا، او سبقونا، سنلاحظ هذه الافه التي تلاحق الكتّاب والكتابه، علي كل مستوياتها الصحفيه والادبيه والبحثيه، وكتب الروائي صنع الله إبراهيم في مقدمه الطبعه الثالثه من روايته «تلك الرائحه»، عن اكتشافه لهذه الاخطاء في روايته الاولي، وفي مقدمه يوسف إدريس لها، رغم ان تجاوز هذه المشكله انذاك كان يسيرا، فالمصححون كثيرون «وبشلن -كما كتب صنع الله- تستطيع ان تنقذ كتابك من هذه الاخطاء».

وهناك ادباء كذلك افلتوا من هذه الافه لدقه توخيهم صحه اللغه، ودابهم العالي في معرفه اسرارها، ولم يكن ذلك علي المستوي النحوي والتركيبي والاسلوبي فحسب، بل كذلك علي المستوي الفني والوجداني، ومن بين هؤلاء بالطبع نجيب محفوظ ويحيي حقي وسليمان فياض وصلاح عبد الصبور وغيرهم.

وما زالت هذه الافه تعمل بقوه وضراوه في دور النشر الخاصه، والمؤسسات الثقافيه الكبري الحكوميه، وهذا يعود الي تراجع الدقه، والفوضي التي يتعامل بها كثير من الادباء مع مساله اللغه، تحت عناوين براقه، ويافطات خادعه.

وفي هذا الشان اثارت مجله صباح الخير في فبراير عام 1957 هذه القضيه، وكتبت عن الاخطاء المنتشره في كثير من الكتب الصادره في المشروع المهم، وهو مشروع الالف كتاب ، واختار المحرر احد الكتب الصادره انذاك في ذلك المشروع، ونوّه عن الاموال الطائله التي تغدقها وتهدرها المؤسسه الحكوميه علي الكتّاب والمترجمين دون حساب يذكر.

ومن المعروف ان مشروع الالف كتاب كان مشرعا خاصا بترجمه عيون الكتب التي تصدر في لغات مختلفه، وتتم ترجمتها في هذا المشروع، باشراف وزاره الارشاد القومي في ذلك الوقت، وتكلّف الوزاره دور النشر الخاصه بطباعه الكتب بمعرفتها، وكان الكتاب الذي اثارت قضيته مجله صباح الخير ، هو كتاب التاريخ الجغرافي للقران لمؤلفه الهندي مظفر الدين الندوي ، والذي ترجمه الدكتور عبد الشافي غنيم، وراجعه الاستاذ حسن جوهر وكيل وزاره التربيه والتعليم في ذلك الوقت!

وردّ الاستاذ المترجم ليدفع عن نفسه التهمه، واحال كل الاخطاء الي المطبعه المكلفه بذلك، وانه قام بتنبيه صاحب المطبعه ودار النشر المكلفه بذلك، وهي دار لجنه البيان العربي ، بان احد الكتب الصادره انذاك يحتوي علي 400 غلطه، ولكن صاحب المطبعه لم يابه بذلك علي الاطلاق، وامعانا في احاله الاتهام للمطبعه، يقول المترجم: انني لم اكتف بذلك في ادانه المطبعه، وتقدمت الي النيابه الاداريه بثلاثه كتب في المشروع، والتي طبعت في هذه الدار، وجدت في الاول اربعمئه غلطه مطبعيه، وفي الثاني ما يقرب من مئتي وخمسين غلطه، وفي الثالث ما يقرب من مئه وخمسين غلطه .

وقد سخر المترجم من ذكر المبالغ السخيه التي تدفعها المؤسسه للمترجمين، وقال انه لم يتقاض سوي تسعه وخمسين جنيها واربعمئه مليم بالتمام والكمال، رغم ان عدد صفحات الكتاب بلغت مئتين واربعا وثلاثين صفحه.

وبعد ان حوّل المترجم الاخطاء النحويه الي المطبعه، انتبه الي بعض الاخطاء الاخري، مثل اسم المؤلف نفسه، والذي ترجمه الي نادئي ، بدلًا من الندوي ، واعتمد علي ان بعض اللغويين خطّاوا فكره تعريب الاسماء الاجنبيه، ونقلها كما هي دون تحريف، واستند في ذلك الي ان الدكتور طه حسين يصر علي كتابه اسمه طاها ، مثلما ينطق، وعرّج المترجم علي امثله اخري كثيره.

ولكن المدهش ان المترجم عندما تعرض لترجمه ايات القران الي العربيه، دون الرجوع الي الكتاب الكريم نفسه، دافع بقوه عن تحريف الايات، التزاما بما جاء في النص الاصلي، واصل الايه انا نحن نزلنا الذكر ، وترجمها الي انا نحن نزلنا القران بالحق ، ويبرر المترجم هذا المسلك بقوله: وقد جاءت في هامش احدي الصفحات ذكرت فيها لفظه (القران) بدلًا من (الذكر)، وكلنا يعلم المتشابهات العديده في اي الذكر الحكيم، ولما كان المؤلف لم يتعرض لرقم الايه وسورتها فقد عرضناها علي بعض الثقات ممن كنا نستشيرهم فاقروها .. وهكذا راح المترجم يبحث عن مبررات كلها ليست صائبه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل