بعد استخدام أوباما حق الفيتو، تعرف على أهم «فيتو» شكلت تاريخ أمريكا

“ان السلطه الرئاسيه التي تسمح لي باستخدام حق الفيتو في وقف التشريعات، هي من الاشياء التي اخذها علي محمل الجد، وفي نفس الوقت اتحمل مسؤوليتي امام الشعب الامريكي، ولان هذا القانون الصادر عن الكونجرس يتعارض مع اجراءات السلطة التنفيذية ويتقاطع مع رؤيتنا الشامله للقضايا، مما يؤثر علي مصلحتنا الوطنيه بما في ذلك امننا وسلامتنا والبيئه، فقد نال الفيتو”.

كان هذا نص رساله اوباما الي الجمهوريين في الكونجرس، وذلك بعد ما استعمل الرئيس الأمريكي الثلاثاء الماضي، حق النقض علي القانون الذي صوت عليه الكونغرس باغلبيه جمهوريه.

وكان من شان مشروع القانون المقترح ان يتم نقل النفط من رمال النفط في البرتا الكنديه الي خط أنابيب موجود بالفعل وربطه بـ”نبراسكا”، ومنها يتم نقل النفط الي مصافي تكساس.

وباستعماله الحق في النقض، اراد اوباما ان يحافظ علي صلاحياته في القرار لانه لم يعط رايه في محتوي مشروع القانون المثير للجدل، خصوصًا لاسباب بيئيه، وتعتبر جمعيات البيئه وعدد من الاعضاء الديمقراطيين في الكونغرس ان هذا المشروع يتعارض مع التصدي للتغير المناخي، وحذروا من مخاطر التسرب من الانبوب.

ويمتدح الجمهوريون – المدعومون من الحكومه الكنديه المحافظه برئاسه ستيفن هاربر- المشروع باعتباره يخلق وظائف ويعزز الاستقلاليه في مجال الطاقه بشمال امريكا، وتعتبر عمليات النقل بالانبوب اكثر امانًا منها عبر السكك الحديديه.

وامام الجمهوريين فرصه لطلب التصويت مجددًا علي القانون، ولكنهم في هذه الحاله بحاجه الي اغلبيه الثلثين، ما يتطلب دعم عدد كبير من الديمقراطيين، وهذا امر مستبعد.

ويعد هذا هو اول فيتو يضعه اوباما منذ ان سيطر الجمهوريون علي الكونغرس في يناير الماضي، والثالث منذ وصوله الي البيت الابيض في عام 2009.

ولاستخدام حق الفيتو سجل حافل في التاريخ الامريكي، فاوباما لم يكن الاول في استخدامه، بل سبقه الكثيرون من الرؤساء الامريكيين، حيث يعتبر الفيتو الصادر عنهم سلاحًا هامًا في مواجهه تشريعات الكونجرس المتعارضه مع سياسات السلطه التنفيذيه، بجانب انها لعبت دورًا هامًا في تشكيل التاريخ الامريكي، بل والعالم. ويعتبر الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت هو صاحب اكبر رقم قياسي في استخدام الفيتو الرئاسي، حيث اصدر روزفلت 635 فيتو اثناء رئاسته التي امتدت لـ3 فترات رئاسيه، بجانب الشهور الاضافيه التي قضاها في فترته الرابعه، وياتي بعده جروفر كليفلند بحوالي 584 مره، وهنا في هذا التقرير نسلط الضوء علي اهم “فيتو” رئاسي في امريكا منذ 1970، وحتي الان.

1- نيكسون والفيتو ضد قانون “رعايه الطفل” الشيوعي!!

“هذا نهج شيوعي لتربيه الاطفال!”

هكذا عبر الرئيس نيكسون عن مشروع قانون “القانون الشامل لتنميه الطفل” في 1971، والذي كان المفترض منه وضع مليارات الدولارات لبناء نظام رعايه شامل للاطفال، مما سيدر بالنفع علي الوالدين العاملين، ويساعد العائلات الامريكيه المكافحه.

ولكن في هذه الحقبه التي تفشي فيها هاجس الرعب من الشيوعيه، تم استبعاد المشروع.

2- جيرالد فورد: ضد حريه تداول المعلومات

لا يمكن تخيل صدور مثل هذا الفيتو اليوم، الا ان الرئيس الامريكي جيرالد فورد، اصدر فيتو ضد مشروع قانون حريه تداول المعلومات سنه 1974، حيث اصدره فورد بعد موافقه الكونجرس علي اصدار هذا القانون، وكشفت وثيقه عام 2004 ان فورد كان يميل الي تمرير القانون، الا ان كل من دونالد رامسفيلد وديك تشيني راي ان اولويه الامن القومي فوق اي اعتبارات اخري سواء الشفافيه او محاسبه الحكومه، لحسن الحظ قام الكونجرس بتجاوز الفيتو والتصويت مره اخري لصالح القانون.

3- فيتو ريجان ضد عقوبات العنصريه: الساسه لهم منظورهم الخاص

عندما ننظر الي سياسه الفصل العنصري في جنوب افريقيا في الماضي، فان اول حل يتبادر لذهن الاشخاص العاديين في سبيل وقف مثل هذه الاجراءات، هو فرض عقوبات علي الدول التي تتبع مثل هذه السياسات العنصريه، ولكن ليس هذا ما يجري في عالم الساسه، فريجان قد نظر هذه المره الي النضال ضد التمييز العنصري من خلال عدسه الحرب البارده، وهو ما دفعه الي معارضه مشروع قانون عام 1986، وعند تفسير اعتراضه علي مشروع القانون وجه ريجان في 22 يوليو 1986، اقسي انتقاداته الي «مقاتلي حزب المؤتمر الوطني الافريقي الذين يسلحهم الاتحاد السوفيتي»، وهي الحركه التي كان مانديلا يقودها، ولان العقوبات ستدفع الحكومه الجنوب افريقيه الي اطلاق سراح مانديلا، فقد رفض ريجان مشروع قانون العقوبات.

رغم تعبير ريجان دومًا عن رفضه شفهيًّا سياسات الفصل العنصري، تذرع ريجان حينها بقوله: “ان هذا القانون من شانه الام الناس بدلًا من مساعدتهم، اعتقد ان العقوبات ليست هي الحل الافضل”.

4- فيتو ريجان ضد قانون تنقيه المياه!

قانون المياه النظيفه في 1986، والذي كان يهدف الي تقديم مياه نظيفه عن طريق بناء محطات معالجه المياه في عده ولايات، بجانب انشاء خطوط انابيب لمياه المجاري في ولايات اخري، لكن قام ريجان باصدار فيتو ضده، بسبب تكلفته العاليه، حيث كان من المفترض تخصيص حوالي 20 مليار دولار بهدف معالجه المياه، وبعكس كل الفيتو السابقه، فان الكونجرس لم يتمكن من محاوله نقد فيتو الرئيس، لانه لم يتم الاعتراض عليه مباشره، بل ظل لمده عشره ايام قبل اصدار الفيتو الرئاسي بحقه.

5- بوش الاب ومحاوله لايجاد المساواه في الفرص

“اشعر باسف عميق بسبب اتخاذي هذا الاجراء، لكن رغم حسن النوايا، عندما تتجه جهودنا نحو نظام الكوتا، فاننا نخطو الي الخلف فيما يتعلق بالفرص المتساويه”.

كان هذا تعليق جورج بوش الاب، عندما اصدر فيتو ضد قانون الحقوق المدنيه في عام 1990، والذي كان يري انه يتجه نحو ترسيخ نظام الكوتا بدلًا من اعطاء الفرص المتساويه، وراي المعارضون لهذا القانون انه انتكاسه علي طريق التشريعات التي تهدف الي تحقيق المساواه، وكان مشروع هذا القانون يسعي الي زياده قدر الحمايه الوظيفيه، والذي راي حينها جماعات الحقوق المدنيه انه تم تقليصها عن طريق 6 احكام دستوريه سابقه، خصوصًا الحكم الذي ادي الي صعوبه في الفوز في القضايا التي تتعلق بفرض متطلبات وظيفيه او ممارسات لها علاقه بالتمييز العنصري.

6- فيتو كلينتون لانقاذ حياه الاف النساء

اصدر الرئيس الامريكي الاسبق، بل كلينتون فيتو ضد قانون الاجهاض عام 1996، الذي حاول الكونجرس تمريره، والذي كان ينص علي حظر عمليات الاجهاض في المراحل الاخيره من الحمل حتي لو كانت حياه الام مهدده بسببه، واوضح كلينتون رفضه للقانون قائلًا: “ان هذا ليس نقاشًا حول مشروعيه الاختيار، بل هو حول انقاذ حياه”، وحذرت الرئاسه انذاك، انها لن تمرر القانون اذا ظل علي هذا الحال بدون تعديل.

رفض القانون في عهد كلينتون، ولكن تم تمرير قانون مشابه له عام 2003 اثناء ولايه الرئيس جورج بوش.

7- فيتو كلينتون والاهتمام بمصالح الطبقه العليا!

رغم عدم اعتراض كلينتون علي مبدا تخفيض الضرائب التي استمرت لمده عشر سنوات، حيث تم جمع 792$ مليار عن طريقها، الا انه لم يكن مع تخفيضها بشكل كلي، حيث كان يري ان مشروع قانون تخفيض الضرائب الذي حاول الجمهوريون في الكونجرس تمريره، كان مبالغًا فيه، حيث كان يري الجمهوريون ان من شان هذا القانون رفع حمل كبير عن كاهل الطبقه المتوسطه الامريكيه، في حين كان كلينتون يري انها ستسبب في تقليص حجم الانفاق المطلوب في العديد من المجالات.

لم يكن الفيتو مفاجئ للجمهوريين، لكنه خدمهم بشكل اخر، حيث اظهر كلينتون علي انه غير متعاطف مع مصلحه المواطن الامريكي العادي ومحدودي الدخل، انما يهتم بالطبقه العليا فقط، لم يقتصر الاتهام علي بيل كلينتون فقط، بل لحق زوجته هيلاري فيما بعد.

8- فيتو بوش الابن ضد ابحاث الخلايا الجزعيه

“ان القانون يتعدي الحواجز الاخلاقيه، والذي يجب علي مجتمعنا احترامها، ان الاولاد والبنات ليسوا قطع غيار”.

كان هذا تعليق الرئيس السابق جورج بوش، بعدما رفض قانون تمويل بحوث الخلايا الجزعيه، وظل جورج بوش حوالي 5 سنوات في مكتب الرئاسه قبل قيامه باصدار اول فيتو، وكان اول فيتو من نصيب مشروع قانون اقره مجلس الشيوخ الأمريكي، ويسمح باستخدام الخلايا الجذعيه في الابحاث العلميه.