المحتوى الرئيسى

بالصور.. آثار الدرب الأحمر "في مهب الريح"

02/26 21:01

لا يزال الصمت يُهيمن علي الحكومه المصريه، وعلي راسها وزاره الاثار، لتقف عاجزه عن حمايه اثار مصر الاسلاميه العريقه، المتواجده بمنطقه الدرب الأحمر، الامر الذي يجعلها مهدده بان تتحول الي كومه تراب، بعد ان اصبحت في مهب الريح.

فعلي الرغم من ان حي الدرب الاحمر يُعد من اقدم مناطق القاهره التاريخيه، حيث يضم ما يقرب من87 اثرًا اسلاميًا، فضلاً عن احتوائه علي جامع الأزهر، ويحتوي علي العديد من المساجد التي تجعل المنطقه فريده من نوعها اذا اهتم بها المسئولون، ومنها: مسجد المارداني، وبوابه المتولي، ومسجد جانم البهلوان، وتكيه وسبيل السلطان محمود، وعدد من الاسماء التي تجعلك تشعر بالفخر بمجرد ذكر اسمائها فقط دون ان تراها.

ولكن الوضع علي ارض الواقع يشعرك بالمزيد من الحزن والقلق لكثره الاثار المهمله والمهدده بالكثير من المخاطر المحيطه، او السرقه لعدم اهتمام وزاره الاثار او وزاره الاوقاف، اضافه الي تشييد الابنيه بشكل بشع بجوار المساجد والاثار مباشره؛ مما يهدد بالهدم لكثره الحفر، او صعوبه الرؤيه من الاساس.

 تكيه وسبيل السلطان محمود "مبّوَله" 

تكيه وسبيل "السلطان محمود خان" من الاثار الاسلاميه التي ترجع للعصر العثماني، ويقعان بشارع "بورسعيد"، او شارع الخليج المصري سابقًا، وانشاه السلطان محمود بن مصطفي خان، احد سلاطين الدوله العثمانيه.

ويرجع تاريخ الاثر لعام 1164 هـ، و1750 م، بحيث يضم تكيه للدراويش والصوفيه، والسبيل للمياه، وكتًاب لتحفيظ الاطفال القران الكريم، ومن المفترض انه يستخدم في الوقت الحالي كمقر تفتيش اثار منطقه جنوب القاهره.

لايعرف الكثير من الاهالي بمنطقه الدرب الاحمر، او بالشارع الموجود به الاثر، اوحتي سكان البيوت المواجهه له، او اصحاب المخازن والورش داخل الاثر نفسه، تاريخ هذه الاثار، او الزمن الذي يرجع اليه، او حتي اسم هذه التكيه والسبيل، ولايعرفون حتي ان اسمها سبيل او تكيه.

يشهد السبيل والتكيه حاله من الاهمال الشديد، مثل جميع اثار الدرب الاحمر بالمنطقه، وينتشر حول المبني الاثري عدد من اكوام القمامه، طرف السبيل والتكيه، ويستخدم عدد من الماره التكيه والسبيل لقضاء حاجتهم طرف ووسط السبيل.

ونظرًا لاستخدام غرف التكيه كمخازن لمحلات البقاله القريبه من السبيل والتكيه، وورش للسيارات، فتجد ان المكان يمتلئ بكميه شحم سيارات، وعدد من اطارات السيارات، و"صنايعيه" يعملون في سياراتهم امام الورش جانب ووسط السبيل والتكيه.

 حمام "الامير بشتاك" لم يتبقَّ الا الواجهه 

يقع "حمام بشتاك" بشارع سوق السلاح بحي الدرب الاحمر، انشاه الامير "سيف الدين بشتاك الناصر" في العصر المملوكي عام 742هـ ــ 1341م، ويعتبر اقدم "سونا" شعبي في مصر.

وظل يستخدم لسنوات طويله، الا انه لم يتبقَّ منه الا الواجهه فقط حاليا، بعد ان تم غلقه منذ فتره كبيره، بالتزامن مع كميه الاهمال، والابنيه الجديده حوله، حتي اصبح عباره عن واجهه فقط ومكان مهجور.

يوجد الكثير من الشروخ باركان الحمام مما جعله لا يصلح للاستعمال، او الزياره من الاساس.

وانتشر الباعه الجائلون حول الحمام الاثري، فمنهم من استخدم عربه حمل عليها الخضراوات لبيعها، لتتحول المنطقه الاثريه من الخارج الي سوق لبيع احتياجات اهل المنطقه.

 شيشه علي باب مسجد "جانم البهلوان" 

بناه الامير جانم البهلوان، بشارع السروجيه، سنه 883هـ (1478م) في ايام السلطان الاشرف قايتباي، وجعله مدرسه لتدريس المذاهب الاربعه، وبه قبره، وتعلوه قبه مرتفعه.

يتكئ علي واجهه المسجد، عدد كبير من الباعه الجائلين، يفترشون الارض، غير مكترثين لقيمه الاثر، او حتي حرمه المسجد.

وقال مواطن يسكن في منزل مقابل للمسجد: "اشاهد اعمال الترميم منذ ولادتي، دون اي جديد، او ملامح تعبر عن وجود امل في افتتاح المسجد بعد الانتهاء من ترميمه في القريب العاجل.

واكد ان المسجد مغلق منذ فتره كبيره، ويتمركز علي بابه عدد من الاشخاص من المفترض ان يكونوا حراسا من قبل وزاره الاثار لعدم تكرار سرقه الاثار الاسلاميه، مشيرًا الي ان هؤلاء الاشخاص دائمو  تدخين السجائر والشيشه.

مسجد " الطنبغا  المارداني" معرض للانهيا ر

ومن اكثر الاثار المهدره بالمنطقه، مسجد "الطنبغا المارداني" بشارع باب الوزير "التبانه"، تم انشاؤه في العام 740هـ/ 1339-1340م، علي يد الامير علاء الدين الطُنبُغا بن عبد الله المارداني، الساقي المعروف بالطنبغا المارداني، احد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، ترقي في القصر السلطاني، وعينه السلطان في وظيفه الساقي، وهو المسؤول عن مدّ السماط “المائده” وتقطيع اللحم وتقديم الشراب للسلطان.

وكان المسجد منبرًا للعلم، وغنيا بالزخارف والنقوش النادره، والايات القرانيه المرسومه، لكنه تعرض لعمليات سرقه متتاليه، تملا اركانه، والاعمده التي تحمل المسجد، به عدد كبير من الشروخ، تجعلك تشعر ان المسجد سينهار حالًا، وانت تنظر اليه.

فمن الخارج علي احد جوانب المسجد، يوجد "عربه فول" واثنان من الباعه الجائلين، وبجوارهم عدد من الادوات المستخدمه في عملهم، وعدد من الزبائن؛ مما يجعل المنظر العام للمسجد اكثر تشوهًا، اضافه الي اكوام من القمامه، قريبه من الارض، تحوط بالمسجد.

وداخل المسجد يوجد مساحه كبيره تكاد تكون مهجوره وعديمه الاهتمام، فارغه تمامًا، ويوجد بها مجموعه من الاشجار، والمساحه المخصصه للصلاه لا تتعدي الخمسين مترًا، وتضم عددًا قليلاً من المصلين.

ويظهر محراب المسجد في حال سيئه للغايه، ومعرض للانهيار الجزئي في اي لحظه، والذي يمكن ان يؤدي الي اصابه الامام او المصلين في اي وقت.

"باب زويله" ساحه للباعه الجائلين

"باب زويله" او "بوابه المتولي"، هو احد ابواب القاهره القديمه، ويشتهر بكونه الباب الذي تم تعليق رءوس رسل هولاكو قائد التتار عليه حينما اتوا مهددين المصريين، واعدم عليه ايضًا السلطان "طومان باي" عندما فتح سليم الاول مصر وضمها للدوله العثمانيه، وتم انشاء الباب في العام 485‏هـ، ‏1092‏م.

عندما تمر وتنظر لمكونات الباب تشعر بانك رجعت لسنوات قديمه، وكانك داخل الزمن القديم بكل جوانبه، وتري كل شيء قراته بالكتب او سمعت به يجري امامك حاليًا، ولكنك تستيقظ من احلامك علي الفور عندما تسمع صوت "كلاكسات" سيارات الاجره الصغيره" السوزوكي"، امام الباب، والازدحام الذي ليس له اي سبب، فضلاً عن كميه الباعه الجائلين التي تجعل المنظر غير لائق بالاثار الاسلاميه الموجوده.

اهالي الدرب الاحمر يطالبون بـ"متحف مفتوح"

قال محمد احمد، 30 سنه، ان الاهالي في المنطقه يتعاملون مع الاثار الموجوده علي انها مباني عاديه، ويلقون القمامه في محيطها، دون مراعاه لحرمتها، مشيرًا الي انه من الضروري ان يتم توعيه الاهالي اولًا حتي يحافظوا علي الاثار ويعملون علي عدم اهمالها.

واوضح احمد ان الاهالي هم السبب الاول في اهمال الاثار بالمنطقه، ثم بعد ذلك المسئولون وعدم النظر من الاساس لهذه الاثار، مشيرًا الي ضروره غلق المنطقه بالكامل ووضع خطه يمكن من خلالها اقامه متحف مفتوح داخل المنطقه، يضم جميع اثار الدرب الاحمر، والتي يمكن ان تبلغ 100 اثر، ونقل الكتله السكانيه الي منطقه اخري، وتوفير مساكن مناسبه للاهالي.

فيما اكد رائد جلال، احد شباب المنطقه، وصاحب صفحه" اثار الدرب الاحمر" علي موقع التواصل الاجتماعي " فسبك" ان وزير الاثار يَعتبر وجود الاثار الاسلاميه في شارع المعز فقط، ولا يتحدث عن جميع اثار الدرب الاحمر، رغم عراقتها وكثرتها بالمنطقه.

واكمل رائد، ان "حمام بشتاك" كان عباره عن "مقلب" قمامه كبير، منذ فتره زمنيه قليله، الا ان المسئولين قاموا بتنظيف القمامه فقط حول الحمام، دون وضع خطه للترميم، مضيفًا ان المنزل الملاصق للاثر، كان عباره عن مقلب للقمامه ايضًا، وتم ازالته منذ فتره زمنيه قليله، وتم بناء منزل حديث يغطي تمامًا علي الحمام، ويمنع الرؤيه عنه.

وداخل مسجد "الطنبغا المرداني" اشتكي لنا احد المصلين، سرقه حشوات جانبي المنبر، علي مدار يومين او ثلاثه ايام متتاليه، دون تدخل من المسئولين.

وقال ان المسجد يعاني هذه الحاله من الاهمال منذ فتره زمنيه كبيره جدًا، ولا يهتم به اي مسئول، وان المسجد يمثل تاريخًا كبيرًا من العصور القديمه، ولابد الاهتمام به.

مدير الدرب الاحمر: نحتاج تمويلا لترميم المنطقه

قال الدكتور سعيد حلمي، مدير عام منطقه اثار جنوب القاهره، والمسئول عن منطقه الدرب الاحمر، ان المنطقه تعتبر من اهم مناطق الاثار الاسلاميه، ولكن حظها السيئ انها تجاور مناطق صناعيه زاحفه اهمها "الازهر، والغوريه".

واوضح حلمي ان اعمال الترميم في منطقه الدرب الاحمر، كانت دائره علي قدم وساق قبل ثوره 25 يناير، ولكن الاعمال تاثرت بشكل كبير، وتوقفت تمامًا بعد الثوره، مثل العديد من الجهات، خاصه بعد تدهور السياحه، والموارد السياحيه.

واشار حلمي الي ان بطء عمليات الترميم للاثار، ياتي بسبب الحاله السيئه للمنطقه نفسها، والشوارع التي يوجد بها هذه الاثار، مشيرًا الي ان هناك اثرا يحتاج الي تغيير البنيه التحتيه للشارع باكمله، كما حدث مع مسجد "جانم البهلوان" وتم تغيير نظام الصرف الصحي باكمله بشارع السروجيه.

واكد حلمي انه يوجد عدد من الخطط والامال والطموحات للنهوض بالمنطقه، منها جعل شارع "باب الوزير"امتدادًا لشارع المعز، وشارع "الخياميه" امتدادًا لشارع "الغوريه"، مشيرًا الي ان الخطط والدراسات الخاصه بترميم المنطقه موجوده بالفعل في قطاع الاثار، وجاهزه للتنفيذ، ولكن لا توجد مصادر تمويل لهذه المشاريع للبدء في التنفيذ بشكل عاجل.

واضاف حلمي ان هناك عددا كبيرا من المشاريع نفذت بالفعل بالتعاون مع مؤسسه "اخاخان"، وجهاز "القاهره التاريخيه"، ومركز "البحوث الامريكيه"، قائلًا: "نحاول التنسيق مع جهات يمكن ان تقدم منحا لتنفيذ هذه المشاريع وترميم المنطقه بتعليمات من الوزير".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل