المحتوى الرئيسى

تحولات عائشة

02/25 05:36

عقب وفاه الرسول الكريم استقلت السيدة عائشة بالفتوي في خلافه والدها الصديق، ولما مات اقامت صاحبه الافتاء النوح والنحيب، فنهاها عمر بن الخطاب، ولما تولي الخلافه منعها هي وزوجات النبي من مغادره المدينه حتي للحج والعمره، تنفيذًا لتعليمات الرسول القرانيه، ولما كانت سنَتُه الاخيره سمح لها بالحج مع عدد من زوجات الرسول، تحت رعايه عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، لكن هذا التضييق لا يعني ان عمر انتقص من دور او مكانه عائشه، بل ميّزها بمخصصات ماليه اعلي من بقيه أمهات المؤمنين بالفي درهم، وثبتها في الفتوي كما كانت في عهد ابيها، ولما طعنه المجوسي ارسل الي عائشه يطلب دفنه الي جوار الرسول داخل حجرتها، ووافقت تقديرًا له، فقد كانت تهابه لشدته في الحق، وجاءت خلافه عثمان، وظل دور عائشه كما كان، واستمر استقلالها بالفتوي.

ولم تتيسر روايات كثيره عن تغير علاقتها بالخليفه، وكانت في العموم علاقه ايجابيه، حتي ان صاحبه الافتاء لم تتدخل في ازمه تعطيل عثمان لحد القصاص من عبيد الله بن عمر، بعد اعترافه بقتل الهرمزان وسيده اخري بلا ذنب، ولما اكثر الناس في دم الهرمزان، صعد عثمان المنبر، فخطب قائلًا: الا اني وليت دم الهرمزان وتركته لدم عمر . فقام المقداد بن عمرو، وقال: ان الهرمزان مولي لله ولرسوله، وليس لك ان تهب ما كان لله ولرسوله ، وقال عليّ لعثمان: اري ان تقتله .

لكن عثمان رفض، واخرجه الي الكوفه، حيث اقطعه موضعًا نُسب اليه كويفه ابن عمر ، بل ان عائشه روت في تلك الفتره احاديث عن الرسول تعلي من اخلاق ومقام عثمان، واشهرها قول الرسول (صلي الله عليه وسلم): .. الا استحيي من رجل، والله ان الملائكه تستحيي منه . لكن كيف انقلبت العلاقه من الود الي العداء والتحريض؟ ولم تنقل لنا روايات المؤرخين موقفًا للسيده عائشه (وهي صاحبه الافتاء) من تعطيل الخليفه الراشد الثالث لحد القصاص من ابن الخليفه الثاني، الذي اعترف بالقتل.

وحسب الرواه فقد كان حكم عثمان في هذه الفتره يمر بمرحله رخاء واسترخاء بعد تشدد الفاروق في تطبيق سياسته الراميه الي العدل الاجتماعي، ويقول ابن قتيبه الدينوري عن تلك الفتره كان عثمان احبَّ الي الناس من عمر (رضي الله عنهما)، فقد كان عمر شديدًا، ضيَّق علي قريش انفاسَها ، فلما وليهم عثمان، كان رجلًا ليِّنا، وكان يخطب فيقول: ايها الناس، اغدوا علي اعطياتكم، فياخذونها وافيه، اغدوا علي كسوتكم، فتقسم بينهم.. يا معشر المسلمين، اغدوا عن السمن والعسل.. اغدوا علي الطيب.. فلم يزل المال متوفرًا، حتي لقد بيعت الجاريه بوزنها ورقًا، وبيع الفرس بعشره الاف دينار، وبيع البعير بالف، والنخله الواحده بالف .

هكذا ادي الانفتاح العثماني الي نوع من الرخاء وبحبوحه العيش في السنوات الاولي، وكانت عائشه تخرج للحج والعمره بارادتها ومن غير الرجوع للخليفه، وكذلك بقيه الصحابه وكبار التجار الذين منعهم عمر عن ذلك في عهده، ولكن الحال لم يستمر طويلًا علي ذلك، ففي النصف الثاني من خلافه عثمان انقلبت الامور، وزادت الشكاوي، وتذمر كثيرون وبينهم عائشه، رغم ان عثمان كان يذكرهم بما هو عليه من لين، وما كان عليه عمر من شده تجبر الناس علي الطاعه، فيقول لهم: لقد عبتم عليَّ اشياء ونقمتم امورًا قد اقررتم مثلها لابن الخطاب، لانه قمعكم ولم يجترئ احد يملا بصره منه، ولا يشير بطرفه اليه، فدنتم له علي ما احببتم او كرهتم .

وينقل لنا اليعقوبي وابن اعثم ان عثمان وعائشه نشات بينهما منافره، وذلك بعد ان نقصها مما كان يعطيها عمر بن الخطاب .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل