المحتوى الرئيسى

أقدم حفريات للثدييات تكشف عن تنوع مذهل

02/23 19:00

يشير اكتشاف حفريات لحيوانين، احدهما كان يعيش في الاشجار والاخر كان يقطن في باطن الارض، الي ان الثدييات الاقدم علي وجه البسيطه كانت تتمتع بتنوع احيائي مثير للدهشه.

وقد عاش هذان الحيوانان المنقرضان – وهما في حجم حيوان شبيه بالفار- قبل نحو 160 مليون عام، اذ سكن احدهما فوق الاشجار، بينما حفر الاخر لنفسه جحورا في جوف الارض.

وكشفت الحفريات التي عُثر عليها للحيوانين النقاب عن تنوع بيئي هائل كان سائدا بين ما يُعرف بالحيوانات الثديية المبكره، وهو تنوع يضارع ذاك السائد بين الثدييات الحديثه.

وحدد علماء في الولايات المتحده والصين طبيعه الكائنين اللذين تعود اليهما هذه الحفريات، وقالوا انهما لم يكونا معروفين من قبل، وينتميان لمجموعه من الكائنات الثدييه المنقرضه التي تمت بصله قرابه للثدييات الحاليه.

واُطلق علي الحيوان المنقرض الذي كان يقطن فوق الاشجار اسما علميا هو (اغيلودوكودون سكانسوريوس)، اما الاخر الذي يشبه حيوان الخلد، ويعيش تحت الارض فاُطلق عليه اسم (دوكوفوسور براتشيداكتيلس).

ويمثل هذان الكائنان نوعين جديدين من الكائنات التي تنتمي لرتبه من الثدييات تُسمي (دوكودونت). وتضم هذه الرتبه مجموعه كائنات منقرضه تعد بمثابه اسلافٍ للثدييات المبكره، ولكن لا توجد هناك كائنات حية تنحدر منها في الوقت الراهن. وقد عاشت تلك الكائنات جنبا الي جنب مع الديناصورات في ما يُعرف بحقبه الحياه الجيولوجيه الوسطي او عصر الميزوزوي.

ويشكل الاكتشاف الاخير احدث دليل يشير الي وجود تشابهات ما بين الثدييات الحديثه وتلك المنقرضه، وذلك فيما يتعلق بتركيبها الجيني، وكذلك قدرتها علي التكيف مع المواطن البيئيه المتنوعه.

في واقع الامر، تتمتع الثدييات الحديثه بقدر غير عادي من التنوع. لكن الجدل ظل قائما حول ما اذا كان ذاك الضرب من التنوع ساد كذلك في فتره مبكره، كتلك التي كانت تعيش فيها الكائنات الثدييه المنقرضه التي تمت بصله قرابه للثدييات الحاليه ام لا.

ويقول د.غي تشي لو الباحث بقسم التشريح والاحياء العضويه في جامعه شيكاغو "قبل حلول عام الفين، كان يُعتقد بشكل عام انه لم يكن بوسع الثدييات التي كانت تعيش في العصر الميزوزوي ان تحظي بالتنوع بقدر كبير في اطار نظام بيئي تهيمن عليه الديناصورات."

وشارك "لو" في اعداد الاوراق البحثيه التي تحلل المعلومات الخاصه بحيواني (اغيلودوكودون) و(دوكوفوسور) المنقرضيّن. لكنه يقول ان الحفريات التي كُشف عنها النقاب خلال السنوات القليله الماضيه رسمت صوره مختلفه.

ويوضح بالقول "خلال السنوات العشره او الخمسه عشره الماضيه، عثر علماء الحفريات علي (بقايا) العديد من ثدييات العصر الميزوزوي، التي تتمتع اجزاء في اجسامها بقدره علي التكيف البيئي والوظيفي، بشكل مثير للاهتمام للغايه."

وتشير الدراسه الجديده الي ان الكائنات التي تنتمي الي رتبه الدوكودونت تكيفت مع عدد متنوع للغايه من البيئات، من قبيل السكن فوق الاشجار وتحت الارض، علي الرغم من المنافسه التي كانت تلاقيها من الديناصورات.

وفي دراستين منفصلتين، نُشرتا بمجله (ساينس) العلميه، حدد باحثون من جامعه شيكاغو الامريكيه وزملاء لهم من متحف التاريخ الطبيعي في العاصمه الصينيه بكين، طبيعه الحيوانين المنقرضيّن، اللذين عُثر علي حفريات تخصهما مؤخرا.

فقد عكف فريق بحثي علي دراسه الحفريات التي تم حفظها في متحف التاريخ الطبيعي ببكين منذ عام 2013.

وكشفت الحفريات التي عُثر عليها لحيوان (اغيلودوكودون سكانسوريوس)، وهي تعود للعصر الغوراسي الاوسط وحُفظت علي نحو لافت للنظر لمده 165 مليون عام، عن العديد من التحورات التي شملها الهيكل العظمي لهذا الحيوان للتكيف مع طبيعه العيش فوق الاشجار.

فقد كانت مخالب هذا الحيوان، وهي مقوسه علي شكل قرون، مثاليه لمساعدته علي التسلق، كما ان قواطعه تحورت لكي تقرض وتنخر لحاء الشجره، ليتغذي الحيوان علي العصاره الموجوده فيها.

ويوفر ذلك الدليل الاقدم من نوعه علي وجود مثل هذا النمط من التغذيه بين الحيوانات الثدييه المنقرضه التي تمت بصله قرابه للثدييات الحاليه، وهو نمط نراه في الثدييات الموجوده في عالمنا الان، خاصه بين بعض انواع ما يُعرف بـ"قرده العالم الجديد"، وهي القرده الموجوده في وسط امريكا وجنوبها وكذلك في مناطق من المكسيك.

وتتطابق مواصفات هيكل هذا الحيوان مع الحيوانات المتسلقه، من حيث النسب الخاصه باطرافه والمرونه التي يحظي بها رسغه ومفاصل المرفق والكاحل لديه، وهي كلها تحورات تستهدف اكسابه قدره اكبر علي الحركه.

وقدر الباحثون ان الطول المفترض لحيوان (اغيلودوكودون سكانسوريوس) كان يبلغ نحو 14 سنتيمترا (5.5 بوصه) من الراس وحتي الذيل.

اما الحفريات الخاصه بحيوان (دوكوفوسور براتشيداكتيلس)، التي تعود للعصر الغوراسي المتاخر وظلت محفوظه لـ 160 مليون عام، فتشير الي ان الهيكل العظمي لهذا الحيوان المنقرض والنسب القائمه بين اطرافه كانت تشبه كثيرا تلك التي يمتلكها حيوان "الخلد الذهبي" الموجود في عصرنا الحالي، والذي ينتمي الي فصيله (تشريسوتشلوريدا).

وقد كان لهذا الكائن المنقرض اصابع شبيهه بالجاروف واضراس عريضه قصيره، ما يشير الي انها كانت قد تحورت لتتكيف مع نمط الحياه تحت سطح الارض. ووفقا للدراسه، تشكلت انماط بعض سمات الهيكل العظمي لهذين الحيوانين المنقرضيّن بفعل جينات تم التعرف عليها لدي حيوانات تعيش في العصر الحالي.

فعلي سبيل المثال، تشابه الاصابع القصيره والعريضه للـ"(دوكوفوسور) كثيرا، تلك الاصابع المتحوره الموجوده في حيوانات الخلد الذهبي، والتي تشكلت بفعل التركيب الجيني لهذا الحيوان.

كما ان بنيه الضلوع والعمود الفقري لحيواني (دوكوفوسور) و(اغيلودوكودون) تعبر عما يُعرف بـ"انماط تطوريه"، تشكلت بفعل جينات تم رصدها كذلك لدي حيوانات تعيش بيننا في الوقت الحاضر. ويشير ذلك الي ان بعض الاليات الخاصه بالجينات التي رُصدت لدي حيوانات عصرنا الراهن، كانت فاعله منذ فتره طويله سبقت ظهور الثدييات الحاليه.

وجاءت النتائج الاخيره بعدما شهد عام 2006 اكتشاف حفريات تخص حيوانا يشبه القندس ويعوم في الماء وينتمي الي جنس يضم ثدييات مبكره شبه مائيه كانت تعيش قبل 164 مليون عام. وقام بتحديد طبيعه هذا الحيوان المنقرض د.لو وزملاؤه.

وكانت هذه الحفريات ذات طبيعه مفاجئه، اذ انها مثلت تحديا للتصور الذي كان قائما وقت اكتشافها، بان الثدييات لم تكن في غابر الازمان سوي حيوانات بدائيه تقتصر حياتها علي العيش فوق سطح الارض.

نرشح لك

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل