المحتوى الرئيسى

كتاب| نساء معقدات.. عن الجنس والرقابة في هوليوود

02/22 06:37

لهذا الكتاب عنوان يحتاج الي توضيح فلسفي فوق العاده، فالمقصود به السمو فوق العادات والتقاليد، واعطاء التمرد ابعادا اجتماعيه، وليس فقط تقديمه كحاجه شخصيه او فرديه، كتاب "نساء معقدات: الجنس والقوه في هوليوود ما قبل الشفره" Complicated Women —Sex and Power in Pre-Code Hollywood، للناقد الامريكي "ميك لاسال".

الشفره هي مجموعه الخطوط والارشادات، التي حكمت انتاج الافلام في امريكا خلال فترة زمنية، حين اقرته جمعيه منتجي وموزعي الفيلم MPPDA عام 1930، وبدات تنفيذه عام 1934، وهذه الشفره تحدد بوضوح ما هو مقبول وغير مقبول اخلاقيا، لتقديمه علي الشاشه في هوليوود.

ففي فتره ما قبل الشفره، كانت الافلام تاخذ منحي غير اخلاقي في نظر بعض المحافظين، فقد راوها تروج للرذيله وتمجد العنف، وكنتيجه طبيعيه نشا عدد هائل من لجان الرقابه المحليه في الولايات الامريكيه، ما حدا بالمنتجين للمسارعه في ترتيب بيتهم من الداخل خوفا من اي تحرك حكومي في هذا الجانب.

"ميك لاسال" ناقد امريكي في "سان فرانسيسكو كرونيكل"، ومحاضر في جامعه كاليفورنيا عن حقبه افلام هوليوود ما قبل الشفره او الرقابه، والذي جاء بما يستحق ان نطلق عليه "تفجير الرقابه من الداخل"، فهو يري ان توصياتها صدرت اساسا من اجل حرمان النساء من الحياه المرحه، ومحاوله لاعاده المراه الي المطبخ.

وقال لاسال، "الرقابه معاداه للفن والمراه"، لكنه لا يخفي ان غرضه الرئيسي هو الاحتفاء بعصر لم يستمر طويلا لنساء معقدات، كالافلام الاولي لـ"مارلين ديتريتش" و"ميرنا لوي" واخريات، مقدما اعترافا يتمني الا يكون قد فات موعده لشخصيات نسائيه مستقله وقويه ظهرت في افلام هوليوود ما قبل الرقابه، حين كانت تلك الافلام مليئه بنساء ذكيات معتمدات علي انفسهن، ومستقلات اكثر من اي احد اخر، وهي فتره هيمنه النجمات ذات الطاقه العاليه والقوه غير العاديه، امثال "ماي ويست" و"جريتا جاربو" و"نورما شيرر" و"جوان كراوفورد" و"بيت ديفيس" و"كلوديت كولبيرت"، ويقدم بنفاذ بصيره مشاهد مقتبسه من افلام ما قبل الرقابه، ويعيد تقييم نساء عظيمات عرفناهم في اوائل الثلاثينيات.

في اوائل عقد العشرينيات، تلاحقت بعض الاحداث التي عجلت بفرض الرقابه، كانت هناك محاكمه لممثل الكوميديا "روسكو اربوكل" بتهمه القتل الخطا، وجريمه قتل المخرج والممثل "ويليام ديزموند تايلور"، وظهور بعض المفاجات التي تخص اسلوب حياته، ووفاه الممثل "والاس ريد"، ذات العلاقه بالمخدرات.

حدوث تلك القصص بالتوازي، وفي الوقت نفسه، شكلت هزه عنيفه لمجتمع هوليوود، جعلها تتصدر العناوين لوقت طويل، ما افرز ضجه عامه علي اسلوب الحياه الجريء داخل مجتمع وافلام هوليوود، وادي ذلك الي تكوين جمعيه منتجي وموزعي الفيلم عام 1922، وكنيه لتقديم وجه مشرق لتلك الجمعيه تولي رئاستها "ويل اتش. هيس"، الذي شغل من قبل مدير البريد الامريكي، ومدير حمله الرئيس "وارين هاردينج". وتعهد "هيس" بفرض مجموعه من المعايير الاخلاقيه علي الافلام، كانت محور عمله لما يقرب من 8 سنوات قضاها في العمل.

مع بزوغ فجر الافلام الناطقه عام 1927، كان هناك احساس عام بان السينما تحتاج لاعاده صياغه كود الانتاج، تلك الصياغه ظهرت في عام 1930، وان لم تضم بنودا ملزمه، واصطلح تسميتها بـ"شفره هيس".

لكن النقد المستمر من الجماعات المحافظه للعرقيه والعنف في الافلام الامريكيه، مارس ضغطا علي جمعيه المنتجين والموزعين لتشديد الشفره، وكانت احدي تلك التعديلات التي ادخلت عليها عام 1934، كضروره حصول الافلام علي شهاده من الرقابه قبل الافراج عنها للعرض.

كان "جوزيف برين" رئيسا لاداره شفره الانتاج في ذلك الوقت، ولان هناك اتجاه عام ناحيه تقويض الافلام، ظهرت في العام نفسه رابطه الكاثوليك للحشمه، التي وضعت قائمه بالافلام التي يجب علي الكاثوليك مقاطعتها، ما راه البعض تدعيما لدور شفره الانتاج.

تحت رئاسه "برين" اصبح تنفيذ شفره الانتاج قاسٍ وسيء السمعه، فقد حظرت الشفره وقتها الاقدام علي ذكر المخدرات المحظوره والشذوذ الجنسي، او حتي الجنس خارج اطار العلاقه الزوجيه، وكذلك الحديث عن العهر والدعاره، ووضعت بنودا قاسيه تمنع الرقص ان كان يحمل ايحاء ما، ومنع السخريه من الاديان والتجديف.

تحيه جريئه لنساء اكثر جراه

يتحدث الكتاب عن سنوات النصف الاول للثلاثينيات، بين عامي 1929 و1934، التي تفصل ما بين وصول السينما الناطقه لكامل طاقتها التقنيه، وما بين صدور الشفره الاخلاقيه، التي قننت معايير رقابيه صارمه علي هوليوود، ففي تلك الفتره كانت الشخصيات النسائيه علي الشاشه تتكلم بفظاظه، وتتبني العدوانيه والجراه الجنسيه، وتميل نحو الاستقلاليه، وتحت ضغط من الكنيسه والجماعات المحليه، جاءت شفره الانتاج، التي ظل تاثيرها حتي اواخر الستينيات.

في الواقع، يعد الكتاب تحيه جريئه لـ"جريتا جاربو" و"نورما شيرر"، اللتان تعدان النموذج الامثل، الذي استحوذ علي الكتاب بدءا من غلافه، واللتان قدمهما المؤلف علي امتداد الكتاب كرمز لتمرد المراه العاديه، وشكل من اقتباسات حوارات افلامهما ولقاءاتهما عقدا فريدا للتعبير عن مضمون الكتاب، مثل: "لقد ماتت اخلاقيات الماضي يوم ولدت"، و"لقد وضع الاستقلال الاقتصادي المراه علي قدم المساواه مع الرجل"، بل ويعلق المؤلف: "هذا ليس قولا لـ"چيرمين جريير" داعيه حقوق المراه الشهيره في السبعينيات، انما لـ "نورما شيرر" في عام 1932.

يعتقد الكتاب ايضا ان اكثر افلام نجمات العصر الذهبي اثاره وتميزا، امثال "لوريتا يونج" و"باربرا ستانويك" و"مارلين دييتريتش"، هي ما جاءت قبل صدور الشفره وليس بعدها، وذلك علي عكس الاعتقاد السائد بان شهرتهن والاعتراف بهن قد تزايد باضطراد كبير فيما بعد ذلك، حيث صنعن افلامهن الاكثر خلودا.

في تلك الافلام المبكره كن نسوه معقدات تحتفي الافلام بارواحهن الحره، ولا تعاقبهن عليها كما اصبح يحدث بعد ذلك، وبالطبع يسوق الكتاب تحليلات لعشرات الافلام، من فتره ما قبل الشفره، تبين تمجيدها لذكاء المراه وتحررها وسعيها للسعاده واستقلالها الجنسي والاسري والاجتماعي، وهي امور انتكست بشده بعد ذلك، فلم يعد مسموحا بالعري او حتي كون المراه السويه غير متزوجه علي الشاشه.

يتبقي ان نقول ان هوليوود ظلت تعمل ضمن اطار تلك الشفره الرقابيه حتي اواخر الخمسينيات، حتي بدات السينما تواجه تهديدا تقنيا كبيرا من التليفزيون، الوافد الجديد الذي جعل قسما كبيرا من المشاهدين يفضلون الجلوس امامه عن خروجهم للسينما. ومع مرور الوقت بدا بعض كبار المنتجين تحدي تلك الشفره في افلامهم، وما ان جاء منتصف الستينيات حتي بدا هجر ذلك النظام تدريجيا، الي ان تم الاستغناء عنه في عام 1967. وبدات جمعية الفيلم الأمريكيه MPAA العمل علي نظام تعيير رقابي جديد، يعتمد علي تحديد الاعمار المناسبه لدخول الفيلم، والذي ظل معمولا به حتي الان، فهو علي الاقل لا يسلب السينما انفتاحها وحريتها.

لهذا الكتاب عنوان يحتاج الي توضيح فلسفي فوق العاده، فالمقصود به السمو فوق العادات والتقاليد، واعطاء التمرد ابعادا اجتماعيه، وليس فقط تقديمه كحاجه شخصيه او فرديه، كتاب "نساء معقدات: الجنس والقوه في هوليوود ما قبل الشفره" Complicated Women —Sex and Power in Pre-Code Hollywood، للناقد الامريكي "ميك لاسال".

الشفره هي مجموعه الخطوط والارشادات، التي حكمت انتاج الافلام في امريكا خلال فتره زمنيه، حين اقرته جمعيه منتجي وموزعي الفيلم MPPDA عام 1930، وبدات تنفيذه عام 1934، وهذه الشفره تحدد بوضوح ما هو مقبول وغير مقبول اخلاقيا، لتقديمه علي الشاشه في هوليوود.

ففي فتره ما قبل الشفره، كانت الافلام تاخذ منحي غير اخلاقي في نظر بعض المحافظين، فقد راوها تروج للرذيله وتمجد العنف، وكنتيجه طبيعيه نشا عدد هائل من لجان الرقابه المحليه في الولايات الامريكيه، ما حدا بالمنتجين للمسارعه في ترتيب بيتهم من الداخل خوفا من اي تحرك حكومي في هذا الجانب.

"ميك لاسال" ناقد امريكي في "سان فرانسيسكو كرونيكل"، ومحاضر في جامعه كاليفورنيا عن حقبه افلام هوليوود ما قبل الشفره او الرقابه، والذي جاء بما يستحق ان نطلق عليه "تفجير الرقابه من الداخل"، فهو يري ان توصياتها صدرت اساسا من اجل حرمان النساء من الحياه المرحه، ومحاوله لاعاده المراه الي المطبخ.

وقال لاسال، "الرقابه معاداه للفن والمراه"، لكنه لا يخفي ان غرضه الرئيسي هو الاحتفاء بعصر لم يستمر طويلا لنساء معقدات، كالافلام الاولي لـ"مارلين ديتريتش" و"ميرنا لوي" واخريات، مقدما اعترافا يتمني الا يكون قد فات موعده لشخصيات نسائيه مستقله وقويه ظهرت في افلام هوليوود ما قبل الرقابه، حين كانت تلك الافلام مليئه بنساء ذكيات معتمدات علي انفسهن، ومستقلات اكثر من اي احد اخر، وهي فتره هيمنه النجمات ذات الطاقه العاليه والقوه غير العاديه، امثال "ماي ويست" و"جريتا جاربو" و"نورما شيرر" و"جوان كراوفورد" و"بيت ديفيس" و"كلوديت كولبيرت"، ويقدم بنفاذ بصيره مشاهد مقتبسه من افلام ما قبل الرقابه، ويعيد تقييم نساء عظيمات عرفناهم في اوائل الثلاثينيات.

في اوائل عقد العشرينيات، تلاحقت بعض الاحداث التي عجلت بفرض الرقابه، كانت هناك محاكمه لممثل الكوميديا "روسكو اربوكل" بتهمه القتل الخطا، وجريمه قتل المخرج والممثل "ويليام ديزموند تايلور"، وظهور بعض المفاجات التي تخص اسلوب حياته، ووفاه الممثل "والاس ريد"، ذات العلاقه بالمخدرات.

حدوث تلك القصص بالتوازي، وفي الوقت نفسه، شكلت هزه عنيفه لمجتمع هوليوود، جعلها تتصدر العناوين لوقت طويل، ما افرز ضجه عامه علي اسلوب الحياه الجريء داخل مجتمع وافلام هوليوود، وادي ذلك الي تكوين جمعيه منتجي وموزعي الفيلم عام 1922، وكنيه لتقديم وجه مشرق لتلك الجمعيه تولي رئاستها "ويل اتش. هيس"، الذي شغل من قبل مدير البريد الامريكي، ومدير حمله الرئيس "وارين هاردينج". وتعهد "هيس" بفرض مجموعه من المعايير الاخلاقيه علي الافلام، كانت محور عمله لما يقرب من 8 سنوات قضاها في العمل.

مع بزوغ فجر الافلام الناطقه عام 1927، كان هناك احساس عام بان السينما تحتاج لاعاده صياغه كود الانتاج، تلك الصياغه ظهرت في عام 1930، وان لم تضم بنودا ملزمه، واصطلح تسميتها بـ"شفره هيس".

لكن النقد المستمر من الجماعات المحافظه للعرقيه والعنف في الافلام الامريكيه، مارس ضغطا علي جمعيه المنتجين والموزعين لتشديد الشفره، وكانت احدي تلك التعديلات التي ادخلت عليها عام 1934، كضروره حصول الافلام علي شهاده من الرقابه قبل الافراج عنها للعرض.

كان "جوزيف برين" رئيسا لاداره شفره الانتاج في ذلك الوقت، ولان هناك اتجاه عام ناحيه تقويض الافلام، ظهرت في العام نفسه رابطه الكاثوليك للحشمه، التي وضعت قائمه بالافلام التي يجب علي الكاثوليك مقاطعتها، ما راه البعض تدعيما لدور شفره الانتاج.

تحت رئاسه "برين" اصبح تنفيذ شفره الانتاج قاسٍ وسيء السمعه، فقد حظرت الشفره وقتها الاقدام علي ذكر المخدرات المحظوره والشذوذ الجنسي، او حتي الجنس خارج اطار العلاقه الزوجيه، وكذلك الحديث عن العهر والدعاره، ووضعت بنودا قاسيه تمنع الرقص ان كان يحمل ايحاء ما، ومنع السخريه من الاديان والتجديف.

تحيه جريئه لنساء اكثر جراه

يتحدث الكتاب عن سنوات النصف الاول للثلاثينيات، بين عامي 1929 و1934، التي تفصل ما بين وصول السينما الناطقه لكامل طاقتها التقنيه، وما بين صدور الشفره الاخلاقيه، التي قننت معايير رقابيه صارمه علي هوليوود، ففي تلك الفتره كانت الشخصيات النسائيه علي الشاشه تتكلم بفظاظه، وتتبني العدوانيه والجراه الجنسيه، وتميل نحو الاستقلاليه، وتحت ضغط من الكنيسه والجماعات المحليه، جاءت شفره الانتاج، التي ظل تاثيرها حتي اواخر الستينيات.

نرشح لك

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل