المحتوى الرئيسى

هى مصرُ.. فلا تنسَوْا | المصري اليوم

02/21 21:51

لم تكُن مصر يومًا رمْلا، ولا بدوًا، ولا ارضًا قاحلهً جرداء. ولا مجرَّد دولهٍ من دول العالم، تمتازُ بموقعٍ جغرافي عظيم وحسب، بل كانت دوما اُمَّا للبلاد، كما يقول الاسلاف، مدفوعٌ عن اهلها الاذي والشر، ومُعافاه من الفتن، ومحفُوظه في كتاب الله، فمن ارادها بسوء قصمه الله، وكبَه علي وجهه، لانَّها بلدٌ مباركٌ لاهله فيه، فهي في التواره «مصر خزائن الارض كلها»، وكانت قبل ذلك الاغني بلدًا في الشرق القديم، خزائنها ملاي بالذهب، وكانت تبسطُ نفوذَها وهيبتَها بالمنزلهِ التاريخيهِ، والمكانهِ السياسيه.

فهذا بلد احتفي الهتُه القُدماء بالحدائق في السكن والقبر، وقد اخذ المصريُّ المعاصرُ فكره الزراعه امام المقابر من اجداده، وما دُور اخناتون وحتشبسُوت ورمسيس وتُحتمس وغيرهم من الالهه والحكَّام، وكذا من المصريين كافه، علي اختلافِ طبقاتهم، الا شاهد علي جِنان وبساتين مصر، ولذا لم يكن مُفاجئًا ان يخُصَّ الله مصر في قرانه الكريم، وان يحُضَّ الناس علي دُخُولها امنين.

وحتي لا يقع احدٌ تحت طائله النسيان، اذْ قد يكونُ السَّهوُ والنسيانُ عمْدًا، وقد يكون – ايضًا – تناسيا، مع معرفه الحقيقه، وقد يكونُ هناك جهلٌ من «الاخر»، ايًّا كان هذا الاخر قريبًا او بعيدًا، حبيبًا او عدوًّا.

فالتاريخ لا يكذبُ، والحقائق لا تُضلِّلُ، وليس علي المرء الا ان يذكِّر، وان يحرُثَ المحرُوث، ويعيد ما فات الي الواجهه، ويقول: «سنقرئك فلا تنسي»، كي يعرفَ السَّاهي والناسي والغافلُ والمُقصِّرُ: من تكونُ مصرُ؟، واذا استعرتُ كلام الطُوسي «597- 672 هجريه – 1201 – 1274 ميلاديه» حول النسيان من انه ذهابُ المعني عن النفس بعد ان كان حاضرًا لها،... «فانا اقرِّرُ وقائعَ تاريخيهً واحداثًا، مخافه ان ينسي القريبُ قبل الغريب مكانه مصر في ما هو مُقدَّس، خُصُوصًا في القران والسنه، ولن اذهبَ ابعدَ من ذلك؛ لانه معرُوفٌ ومتداولٌ، وهناك مئات الكتب العربيه والاجنبيه التي تقول ذلك، ويُقرهُ المُؤرخُون واهلُ المعرفه والعلم.

هذا بلدٌ تجري الانهار من تحته، وكان يومًا ما ينتج ما يكفي نفسه ماكلا وملبسا «كتان مُطرز من مصر هو شراعك» سفر حزقيال (27: 7)، وسيبقي الي يوم الدين، كانهُ فردوسٌ باقٍ، غير مفقُودٍ كعاده الفراديس الغابره، وما كان لبلدٍ كمصر يشير الله تعالي اليه صراحهً «... وهذه الانهار تجري من تحتي افلا تبصرون».

وكلنا يعرفُ ان مصر قد جاء ذكرها في القران الكريم في ثمانيه وعشرين موضعا، خمسه منها بصريح اللفظ، في سوره البقره 61، وسوره يوسف21 و99، وسوره يونس 87، وسوره الزخرف 51، وتسعه عشر ما دلت عليه القرائنُ والتفاسيرُ. وقد ذكرت مصر ستمائه وثمانين مره في الكتاب المقدس، ويذكُر الكندي (185 هـ/ 805 ميلاديه - 256 هـ /873ميلاديه) قولته الشهيره من ان «لا يعلم بلد في اقطار الارض اثني الله عليه في القرانِ بمثل هذا الثناء، ولا وصفهُ بمثل هذا الوصف، ولا شهد له بالكرم غير مصر، ولا غرو تكون بما وصفها الخلاق العليم مثابه للناس وامنا، وتكون الحاضره وما سواها بدوا، الم يعلن ذلك في قرانه علي لسان يوسف فيما روي عن يعقوب وبنيه،....».

ولما جاء العرب الي مصر، تحت مُسمَّي «الفتح العربي لمصر» سنه 641م قال عمرو بن العاص (592م - 682م)، مقولته الشهيره والتي ارسلها الي الخليفه الثاني عمر بن الخطاب في وصف مصر، واثْبِتُ منه مقاطع: «مصرُ تربهٌ غبراءُ، وشجرهٌ خضراء، طولها شهرٌ وعرضها عشرٌ، يكتنفها جبل اغبر، ورمل اغفر، يخط وسطها نهر ميمون الغدوات، مبارك الروحات، يجري بالزياده والنقصان كجري الشمس والقمر، تمده عيون الارض وينابيعها، حتي اذا اصلخم عجاجه، وتعاظمت امواجه فاض علي جانبيه، فلم يكن وصول بعض اهل القري الي بعض الا في صغار المراكب وخفاف القوارب وزوارق النهر كانهن في المخايل ورق الاصائل، فاذا تكامل في زياده نكص علي عقبيه كاول ما بدا في جريته وطما في درته فعند ذلك يخرج القوم ليحرثوا بطون اوديته وروابيه، يبذرون الحب ويرجون بذلك الثمار من الرب، فاذا احدق الرزق واشرق، سقاه الندي وغذاه من تحته الثري، فعند ذلك يدر حلابه ويغني ذبابه، فانما هي يا امير المؤمنين دره بيضاء، واذا هي عنبره سوداء، واذا هي زبرجده خضراء، ثم اذا هي ديباجه رقشاء فتبارك الله الفعال لما يشاء، الذي يصلح هذه البلاد وينميها ويقر قطاها، ان لا يقبل قول خسيسها في رئيسها، ان لا يستادي خراج ثمره الا في اوانها، وان يصرف ثلث ارتفاعها في عمل جسورها وترعها فهكذا تقرر الحال مع العمال في هذه الاحوال تضاعف ارتفاع المال والله تعالي يوفق في المبتدا والمال».

اما ما رُوي عن الرسول محمد بن عبدالله، صلي الله عليه وسلم، في ذكر مصر، قوله: (ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرًا فان لكم منهم ذمه ورحما) رواه مسلم.

و قوله (اذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير اجناد الارض، قال ابوبكر لم يا رسول الله؟ قال لانهم وازواجهم في رباط الي يوم القيامه).

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل