المحتوى الرئيسى

التهامي في حوار سابق : حياتي مليئة بالأقدار .. وعزام راهنني على «دولة العرب»

02/21 12:08

حيثما يحل المستشار والشاعر الكبير محمد التهامي في اي بلد عربي تجد ترحابا منقطع النظير، لم لا وهو صاحب الكلمات التي ساندت الثورات العربية جميعها ضد الاحتلال منذ منتصف القرن العشرين وحتي اليوم ..

رحل صاحب شعار “انا مسلم” الذي انطلق صوته من المخيم ينادي ليوقظ العرب لنصره الاقصي.. ناجي الاله وكتب الاشواق العربيه كما غني للعاشقين ..

وفي حوار اجراه مع “محيط” منذ اربع سنوات، يمنحنا الشاعر قطرات من رحيق العمر بدء بارتباطه بسيره عنتره وذكرياته مع اسبانيا التي عمل فيها ضمن وفد الجامعة العربية، وحنينه للمحاماه ، وسخريته من الهوان امام كيان مثل اسرائيل .. لينتهي المطاف بالانسان الذي امضي رحله طويله يؤكد انه كان يري دائما حكمه الله فيها ..

محيط : ما ابرز الاحداث التي ساهمت بتكوينك ؟ 

- منذ ولدت يتصارع عنصران في اعماقي؛ العنصر المادي الحياتي الذي يقوم علي الفكر، والعنصر الثاني هو موهبه الشعر .

ومنذ طفولتي وانا اجد جميع المحيطين به يشهدون بذكائي ونبوغي الدراسي، اما الوالد فكان دائم قراءه القران وكان رجلا يمتاز بالقوه البدنيه والثراء ولكنه كان يستخدم قوته للخير .

وكان ابي مغرما بسيره الفارس العربي عنتره بن شداد؛ حتي اننا كنا نشاهد في دولاب الوالد بالقريه سيره من عشرين جزء لعنتره بن شداد ، وبعد ان كبر الوالد وضعف بصره اصبح يطلب من ابنه – وهو انا – ان اقرا له هذه الاجزاء واعيدها عليه، فترسبت في نفسي معاني العروبه والشعر

وصارت في اعماقي فكره ان الانسان له رساله في الحياه يضحي في سبيلها دون انتظار مردود، كما كان عنتره يضحي من اجل تحرير العبيد ، وبالتالي استطاع والدي من خلال سيره عنتره ان يصوغ نفسيه ابنه طيله حياته دون ان يدري.

كانت المسافه بين بيتنا وبين المدرسه الابتدائيه بكفر مصيلحه بالمنوفيه حوالي 3 كيلو مترات وكنت قد اصبحت مغرما بالقراءه بنهم، اقرا وانا اسير او اجلس وفي اي مكان، وجاء ترتيبي الثاني علي القطر المصري.

واذكر انه في 1939 كان الدكتور طه حسين قد نقل من الجامعه للوزاره، فاقام مسابقه في الأدب العربي لطلبه الثانويه جائزتها مجانيه الجامعه، ولم تكن مجانيه مثل الان، وكنت احد العشره الاوائل الذين يمتحنهم طه حسين، وحصلت علي الدرجات النهائيه، ولكني لا انسي ان طه حسين سالني اذا كنت قرات “الايام”، فقلت نعم ولكنها لم تعجبني لان كاتبها وضع الحديث علي لسان طفل وبالتالي سيترك في القاريء اشياء سلبيه، منها كراهيه هذا الطفل او طه حسين لشيخه لانه كان يناديه بعاهته “يا اعمي” ، ومع ذلك رحب طه حسين بالنقد واوصاني بدراسه الاداب، فقلت انني اريد دراسه الحقوق – وكانت كليه مرموقه يخرج منها معظم الوزراء- فقال: ويل للقضاء من محامٍ مثلك .

تخرجت من جامعه فاروق 1947 وهي جامعه الاسكندريه الان، وحاولت ممارسه المحاماه ، كما كنت منضما للحزب الوطني وكان يتمتع باحترام وشعبيه كبيره حينذاك ، وجئت للقاهره فنصحني البعض بالعمل في الصحافه بدلا من المحاماه، وبالفعل عملت بصحيفه “الاساس” التابعه للحزب السعدي، وكان انيس منصور يعمل فيها يترجم قصص بالصفحه الادبيه، وانا كنت اتولي القسم القضائي بالجريده.

ثم تعرفت بالزعيم الكبير عبدالرحمن عزام واقترح علي العمل بالامانه العامه للجامعه العربيه بالقاهره، وبالرغم من اني كنت قد رتبت نفسي للعمل بالنيابه ، الا انني وافقت علي الاقتراح وعملت بها اكثر من اربعين عاماً.

ومن افضل الاشياء التي اسعد حينما اتذكرها انني كنت رئيس مكتب الاعلام بالجامعه العربيه في مدريد باسبانيا، وقد تمكنت بصلتي بالاسبان هناك من تحويل المكتب لبعثه دبلوماسيه يراسها سفير، ولولا توقيع السادات لمعاهده كامب ديفيد وانهيار الجامعه العربيه حينها لكنت قد واصلت العمل هناك.

محيط : هل ندمت علي ترك المحاماه والتفرغ للشعر ؟ 

- ندمت في احيان كثيره بالفعل؛ فانا لا اعتبر الشعر مهنه ولا ميزه ، وكنت احن للمحاماه ولكن اشياء كثيره تحدث جعلتني اتاكد ان قدر الله اختارني لهذا الاتجاه ، ولكني عرفت ايضا ان الشعر المر فيه اكثر من الحلو، وخاصه انني لا توجد قضيه عربيه الا ولي فيها شعر؛ فقد كتبت في فتره الثوره الجزائريه ” القاك يا بطل الجزائر .. القاك مرفوع الجبين مخضب الجنبين هادر / القاك تقتل او تموت وانت في الحالين ظافر / اني وراؤك يا اخي فاضرب فليتك لا تحاسر” .

وفي السودان كتبت ” عانقته .. وارتحت في احضانه / وسالته عنه وعن سودانه / فاجابني عنه بريق عيونه .. ثم انهمار الدمع من اجفانه/ من يا اخي يرضي فراق حبيبه .. ولا يهتز فيه شعوره”

وفي اول ثوره لليمن كتبت ” اسمتعمو ما هزني .. اسمعتمو / اني سمعت سلاسلا تتحطم / ورايت شعبا ماردا في قمقم يصحو .. فيُحطم في يديه القمقم / الناس والارض الطليقه تحتهم نشوي .. وفوقهم تغني الانجم / هذا انتصار الشعب .. ان شعوبنا مهما استمر كفاحها لا تهزم” .

وكنت مجنونا بالعروبه والوحدة العربية، ولذلك اسعد ايام حياتي هي ايام الوحده بين مصر وسوريا، وكتبت فيها اشعارا كثيرا، ففي الذكري الاولي للوحده قلت قصيده منها : ” تعالوا نذكر النصر .. ونسعد مره اخري / ونذكر حينما ثرنا .. واطلعنا لنا فجرا / وحين صحت لنا الدنيا .. فصرنا الدوله الكبري “

محيط : بحكم عملك في اسبانيا.. كيف وجدت نظرتهم للعرب ؟

- لا انكر ان بعض الاسبان يحبون العرب جدا، والعرب لا يفهمون الاسبان، وحتي انا كشاعر لم اجد نفسي متحمسا ابدا لكتابه اي شعر في الاثار العربيه باسبانيا مثل اشبيليه او قصر الحمراء ، لانني احكم عقلي في الموضوع، فكل من كتبوا عن الاثار العربيه باسبانيا من شوقي لعزيز اباظه لنزار قباني يتباكون علي المجد الاسلامي الضائع هناك

اما انا فاشاهد اننا نفقد القدس وفلسطين كلها فعلا الان ، فلماذا احزن علي ضياع الاندلس ولا انفعل بهول ما يحدث في فلسطين.

وحين كنت اعمل بمكتب الجامعه العربيه بمدريد كان السفير متحمسا للعروبه، وكان القنصل المصري هو المستشار احمد هيكل الذي اصبح وزيرا للثقافه فيما بعد، وقد فكرنا في اعداد مؤتمر لحوار المسلمين والمسيحيين في “بلاط الشهداء” باسبانيا الذي قيل ان عدد الشهداء فيه في المعركه المسماه باسمه والتي هزم فيها المسلمون وصل عشره الاف في 732م.

وبالفعل تم اللقاء وحضره مندوب البابا من روما والبدر فرانكون مسئول بالكنيسه هناك وقال حديث طويل لتنقيه شوائب العلاقه ، وبالنسبه لي فقد قدمت دراسه لتنقيه مناهج التدريس بالمدارس الاوروبيه مما يسيء للاسلام، فلاتزال الشتائم علي النبي صلي الله عليه وسلم يحفظها التلاميذ هناك ويمتحنون فيها، ويتهمون النبي بانه مثلا “زير نساء او تاجر رقيق” وحاشاه، وحدثت وعود كثيره بان تتغير هذه التشوهات من المناهج ولم يحدث الي الان !!

ولهذا علينا ان نتصل بالحكومات الغربيه وخاصه المانيا وايطاليا ونفهمهم انه لابد من تغيير ما يشوه الحقائق.

محيط : وما رايك في اداء الجامعه العربيه حاليا ؟ 

- الامر مؤسف بالطبع ، والمؤسف اكثر اننا نفاوض الان في الولايات المتحده الامريكيه اليمين الاسرائيلي المتشدد بزعامه نتانياهو .

وحينما قبلت ان اعمل بالجامعه العربيه كان عبدالرحمن عزام يراهنني اننا في عشر سنوات سنعمل دولة عربية واحده من المحيط للخليج، هذا الحديث كان في 1948 ، ثم ضمن وفد الجامعه العربيه صعدنا فوق هضبه الجولان السوريه، واحضروا لنا مكبرات ننظر منها ، وراينا بحيره طبريه وحولها سهل الحوله، وحينما نظرنا رايناها مليئه بالاسرائيليين علي شواطيء مقامه ومازالت الي الان ، فاستنكرت ذلك، فرد عزام : قل لامريكا تعطينا ما تعطيه لاسرائيل وسوف نحولها لاجمل من ذلك

تمر السنوات وياتي عبدالخالق حسونه ليقول لي: اتمني الا تنفك الجامعه العربيه !  والحقيقه ان العالم كله يحاربنا طالما نحارب اسرائيل، فبريطانيا اعطت اليهود وعد بلفور فوجدت اسرائيل، وفرنسا اعطتهم القنابل الذريه ، وامريكا هي ما تعطيهم كل شيء الان .

ولي قصيده اقول فيها للفلسطينيين : ” خلق الجبن لليهودي اصلا .. فاضربوه فقد عرفتم خصاله / انهم ما اتوا بشيء جديد .. انهم في يد المسير اله ” .

محيط : عرفت بالقصيده القوميه.. ماذا عن الكتابات الذاتيه ؟ 

- بالفعل اشتهرت بذلك ، حتي هجاني عدد من الشعراء، ولكن الحقيقه ان لي اشعارا ذاتيه وخاصه ولكني لم اكن اهتم بها كثيرا، وقد جمعتها في ديواني العاشر ” اغاني العاشقين ” ومنها قصيده اقول فيها لحبيبتي : ” والتقينا ، لا تسلني كيف .. لكنا التقينا / هي نفسي, هي ذاتي .. ما افترقنا منذ كنا ” / مدّت الدنيا متاهات واوهاما علينا .. وطوانا ظلها الخداع ، حينا فانطوينا / ثم طاف الحب نورا وانطلاقاً فاهتدينا .. وطوينا الدهر ، والدنيا .. وعدنا فالتقينا ” .

محيط : يثير بعض المثقفين جدل انتماء المصريين للفراعنه او للعرب .. ما رايك ؟ 

- هناك من يقسم سكان مصر لاقباط ومسلمين، وهذا خطا كبير، لان الحقيقه ان مصر بها “مصريين” ، فمنذ قرن ونصف جاء الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه بجيشه المكون من 3000 الاف جندي لفتح مصر

وكانت الديانه السائده للمصريين الارثوذكسيه ويضطهدهم المسيحيه الكاثوليكيه التي دان بها الرومان الذين هجموا علي مصر وعاصمتهم بالاسكندريه، وقد طرد الكاثوليك الارثوذكس حتي الصحراء، وعمرو بن العاص حينما دخل الاسكندريه هزم الرومان ولكنه جلب الارثوذكس من الصحراء مجددا لانه يعرف انهم مواطنين.

وبعد ان عاش المسلمون في مصر اسلم كثير من سكانها، ثم هاجر الي مصر كثير من القبائل العربيه وهؤلاء يتصاهرون ويتناسلون في مصر، الي ان نتج عنهم المصريين الذين يعيشون حاليا، فلا تستطيع ان تعرف هل جدك الكبير مسيحي ام مسلم الا نادرا .

وحاليا تثار هذه الدعاوي بسبب ضغوط امريكا التي تفعل المستحيل لتقسيم العرب ومطالبات اقباط المهجر، واؤكد لهم انهم يجهلون التاريخ ففي معركه العبور الشهيره كان قائد الجيش الثاني عزيز غالي وهو مسيحي، وتحت امرته اكثر من 100 الف مسلم .

محيط : هل تقرا الشعر العامي ؟

- نعم ، ولكني اؤمن بالشعر العربي الفصيح لانه يوحد بين العرب، ولكن هذا لا يعني ان يكون هناك عراك بين الشعر الفصيح والعامي .

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل