المحتوى الرئيسى

توغو.. مياه البحر تزحف على القرى الساحلية

02/20 11:56

اجزاء كبيره من القري الساحليه اختفت، منذ استقلال توغو عن فرنسا في 1960.. انجراف جرّاء العوامل الطبيعيه ادّي الي تاكل السواحل مقابل تقدّم مياه خليج غينيا في المحيط الاطلسي، لتزحف الامواج  تدريجيا علي اليابسه، فتلتهم الجدران والنبات والسكان، مخلّفه وراءها مشرّدين بلا ماوي، بحسب شهادات متفرّقه للاناضول.

ووفقا لما صéرح به للاناضول "باكاتامب شانيبي"، المتخصّص في مساله تاكل السواحل بوزاره البيئه في توغو، فقد "تراجعت اليابسه، في 2012، بـ 12 مترا لحساب البحر"، وذلك في بعض المناطق الساحليه. وبين 2013 و2014، سجّل تراجع بـ 20 مترا، بل وصل الي 25 مترا، وخصوصا علي مستوي منطقه دويفيكوبي- باغيدا الشاطئيه.

ورغم الجهود المبذوله من قبل الحكومه التوغوليه لاحتواء ظاهره تاكل السواحل، الاّ انّ الشهادات المتفرّقه التي جمعتها الاناضول لم تخل من ذكريات حزينه تدفّقت من الافواه مسترسله لتروي احزان سكّان كانوا الي وقت قريب ينعمون بالاستقرار في منازلهم، غير انّهم اضطرّوا الي الهروب خشيه ان يبتلعهم البحر، وحتي الكمّ القليل منهم ممّن ما يزالون يرابضون في بيوتهم، يرمقون صبيحه كلّ يوم، امواج البحر، يقيسون مدي ارتفاعها، خشيه ان تحوّل حياتهم الي شظايا من الذكريات ومنازلهم الي اكوام من الفضلات.

"باسكال سومي كوسي"، شيخ توغولي في الستّين من عمره، وهو اب لعائله، مقيم في قريه "دويفي كوبي" التابعه لـ "باغيدا" الواقعه علي بعد 10 كم من العاصمه لومي، لكنّه وجد نفسه، فجاه، بدون ماوي.. لم يكن الامر هيّنا علي رجل مثله ان يستيقظ ليجد نفسه علي قارعه الطريق بمعيه ابنائه.. وبحديثه للاناضول، طفت الذكريات الاليمه الكامنه في نفسه الي السطح من جديد.

قال يروي حكايته مع البحر: "وصلت الي باغيدا في عام 1975. في تلك الفتره، كان منزلي بعيد عن الشاطئ بحوالي كيلومتر واحد، لكن سرعان ما زحف البحر، لتصبح مياهه علي بعد اقلّ من 300 متر، فتجرف معها منزلي وجميع المنازل المجاوره له"، مضيفا انّ "حوالي 200 الي 300 منزل دمّرتها مياه البحر منذ وصولي الي ذلك المكان".

وغير بعيد عن المكان، وتحديد علي بعد 5 امتار من حافه بحر "دويفي كوبي"، ما تزال اثار الدمار الذي لحق البيوت التي كانت منتصبه في ذلك المكان في 2012، بارزه للعيان.. حفرتان عميقتان بدا من الواضح انهما كانتا اثنين من الابار التي يحفرها السكان في منازلهم حين كانت ماهوله من اجل التزوّد بالمياه. واضافه الي ذلك، كان المكان يضم "المدينه الصغري" للبلده، والتي كانت، قبل عامين، تشكّل ركنا مليئا بالحيويه والصخب، يقصده السياح من شتي انحاء البلاد والعالم للاستمتاع وقضاء العطل، بحسب ما رواه احد سكان القريه ويدعي "وولامز".

"كنت بعيدا، قبل ان يقوم البحر بطردي"، يتابع الرجل التوغولي صاحب الـ 40 عاما، "بل انّ مياهه ما تزال تتبعني الي هنا، وان قررت الانتقال الي مكان اخر، فستتبعني حتما.. مالذي فعلته لها؟".

ظاهره تاكل سواحل توغو ليست حديثه، بحسب ما اكّده زعيم قريه "توغبي دويفي"، والذي اوضح، في تصريح للاناضول، انّ "هذا الكابوس انطلق منذ 1968، وبلدتي اختفت تماما في البحر، والقريه التي اقيم فيها حاليا، تعدّ مملكتي الخامسه، مضيفا انّ "حوالي 2 الي 4 كم من اراضينا التهمها البحر".

اكثر من 50 عائله استيقظت ذات يوم من عام 2012، علي اصوات هدير البحر الغاضب، ليحمل معه كلّ ما يملكون، وليجد افرادها انفسهم مجرّدين من كلّ ممتلكاتهم، وهو ما اجبر الحكومه علي ايوائهم في احدي المدارس، قبل ان تتكفّل بدفع ايجار بيوت خصّصتها لهم في وقت لاحق. وبانقضاء الوقت، اضطرّ جميع هؤلاء الناس للعوده الي قراهم ومساكنهم التي لم يتبقّ منها سوي الانقاض. ولمواجهه اوضاعهم الصعبه، قاموا ببناء ما يشبه المنازل باستخدام الطوب والقماش المشمّع، فكانت النتيجه تجمّعا سكنيا فوضويا يفتقد لادني مقوّمات ايلحكياه.

 وبحسب "شانيبي"، فان ظاهره تاكل السواحل تجد جذورها في اعمال التهيئه المقامه في السواحل او في بعض المناطق الخلفيه للشاطئ، ومن بين هذه الاشغال هناك "السدّ الذي قمنا بتشييده مثل سدّ اكوسومبو علي نهر فولتا، والذي يشكّل انسدادا بوجه الرواسب القادمه من الشمال، اي من حوض هذا النهر. فتلك الرواسب تعلق في السدّ، وتعجز عن تزويد الساحل".

"لدينا بنيه تحتيه مشيّده علي طول الساحل، وهي ايضا من العوامل التي تساهم في عرقله عمليه عبور الرواسب، والتي تحدث، في الاحوال العاديه، من الغرب نحو الشرق، في خليج غينيا. لكن، وفي كلّ مره يشيّد فيها سدّ، ينجم عن ذلك عرقله عبور او نقل الرواسب، وهذا ما يقود، بشكل الي، الي حصول نقص في كميه الرواسب، وهو ما يتمّ تعويضه عبر تقدّم البحر، والذي يكتسح السواحل عبر نقل الرمال".

وفي السياق ذاته، قال زعيم القريه الاكثر تضررا من هذه الظاهره، انّه اقترح علي الحكومه نقل سكان "دويفي كوبي" الي بلده "اغباتا"، الواقعه في ضواحي العاصمه لومي، غير انّه لا يزال في انتظار ردّ علي مقترحه.

وتعقيبا عن الجزئيه الاخيره، قال خبير وزاره البيئه التوغوليه المختص في مساله تاكل السواحل، انّ حكومه بلاده بصدد تنفيذ عدد من المشاريع، عن طريق وزاره البيئه والموارد الغابيه، بهدف ابطاء زحف البحر، بينها "مشروع حمايه ساحل انيهو".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل