المحتوى الرئيسى

كيف يعيش أصحاب الثراء الفاحش في الهند؟

02/19 20:11

هناك العديد من الاشياء التي يمكن ان تعكس الطموحات الكبيره لاثرياء الهند اكثر من مجرد امتلاك جزء من اعلي مبني في العالم.

في عام 2005، دفع رجل الصناعه الهندي بافاغوثا راغورام شيتّي، المقيم في دولة الامارات العربية المتحدة، مبلغ 45 مليون درهم إماراتي (نحو 25.12 مليون دولار أمريكى) لشراء الطابق 100 من "برج خليفة"، وهو ناطحة سحاب في دبي يبلغ ارتفاعها مثلي ارتفاع مبني "امباير ستيت" في مدينة نيويورك، اذ يبلغ الارتفاع الكلي للبرج 828 مترا.

قد لا يري اكثرنا ذلك المبلغ من المال طوال حياته. لكن ذلك لم يكن الا عمليه شراء اخري يجريها الرجل الهندي البالغ من العمر 71 عاماً. فهو يملك ويدير امبراطوريه اعمال في مجالي الرعاية الصحية والصرافه.

كتب شيتّي في رساله الكترونيه يقول في وصف برج خليفه: "انه من المعالم البديعه، ومشهور بمعماره الرائع، وذو مستوي عالمي في الرفاهيه. القدره علي شراء جزء من هذا الهيكل الفريد ليس الا امتيازاً مطلقاً، ومدعاهً لفخر عظيم. اقل ما يوصف به المنظر هو انه ساحر. باستطاعتك ان تري دبي باكملها، وكل معمارها الجميل."

شيتّي هو واحد من عدد متزايد من الهنود ممن لهم القدره الماليه الان لشراء الاماكن الفاخره والجميله. ومع ان الملايين من الهنود مازالوا يعيشون في فقر مدقع، الا ان عدد الافراد من ذوي الثراء الفاحش (ممن تصل اصول استثماراتهم الي 30 مليون دولار امريكي او تتجاوز ذلك) يتصاعد بسرعه.

ياتي تصنيف الهند في المرتبه الـ 16 علي قائمه الدول التي تضم افرادا لديهم اصول ثراء فائقه، وذلك حسب دراسه نُشرت عام 2014 من قبل مجله "كابجيمناي و ار. بي. سي. لاداره الثروات".

في عام 2013، كان البلد موطناً لـ 156 الف مليونير. ويُتوقع ان يزداد العدد في عام 2018 ليصبح اكثر من 358 الف شخص، وذلك حسب شركه "ويلث-انسايت"، ومقرها بريطانيا. وتقوم هذه الشركه العالميه بتتبع الاثر الذي تحدثه مثل هذه النخبه من الاثرياء.

يهيمن علي قائمه اثرياء الهند رجال اعمال شباب، ونخبه من العائلات الصناعيه، واصحاب المصالح التجاريه. وقد انطلقت ثروات هؤلاء، في جزئها الاكبر، بنمو راس مال الاسهم في القطاع الخاص، وتجاره المواد الاستهلاكيه، وارتفاع قيم العقارات المملوكه.

هناك تكهنات بنمو مجموع ثروه اغنياء الهند بنسبه تقرب من 44 في المئه ما بين عامي 2014 و2018. ومن المحتمل ان ترتفع لتصل الي ما يقرب من تريليوني دولار امريكي بنهايه فتره الاربع سنوات هذه، حسب "ويلث-انسايت".

لا يحرص فائقو الثراء من الهنود علي تكديس ثرواتهم فقط، وانما يعيشون ببذخ ايضاً. ومثل نظرائهم في اي مكان اخر، يعجبهم ان يتباهوا بما ينفقوه علي اشياء لا مثيل لها، والمرور بتجارب نادره في الحياه، في استعراض لثرواتهم الوفيره.

المعروف عن شيتّي ايضا ولعه بالسيارات الفاخره، ويقال انه يملك مجموعه كامله منها. وحسب مجله "فوربس"، تحوي مجموعته اسطولاً من سيارات رولز-رويس ومايباخ.

القِ نظره فاحصه علي ايه صفقه عقاريه راقيه، فربما ستجد فيها اثراً لمستثمر هندي. ان فائقي الثروه في الهند قد وضعوا ما يقرب من 44 في المئه من صافي ثرواتهم في العقارات، حسب البيانات المتوفره من "نايت فرانك".

ويتصدر اصحاب الجنسيه الهنديه قائمه المشترين الاجانب للروائع المعماريه في دبي. ويتضمن ذلك "برج خليفه" الشامخ، حسب احصائيات "قسم الاراضي" بإمارة دبي.

"يؤلف الهنود جزءا معتبراً من المستثمرين الاجانب لدينا"، ذلك ما تقوله نيفين وليام، المديره المشاركه للحسابات في شركه للعلاقات العامه تعمل لصالح شركه "اعمار العقاريه"، وهي الشركه المتعهده ببناء "برج خليفه" ذي الـ160 طابقاً.

وتضيف وليام: "ان القرب الجغرافي، حيث المسافه بالطيران هي فقط اربع ساعات، والعدد الكبير من السكان الهنود في المنطقه، اضافه الي الاواصر التجاريه القويه بين دوله الامارات العربيه المتحده والهند هي جميعاً عوامل محركه لهذا النمو."

ان الطلب علي العقارات الفاخره الاخري في دبي كبير، ويشمل ذلك عقارات "جزر النخيل" التي تعتبر اضخم جزر صناعيه، صُمِّمت علي شكل شجره نخيل.

تقول ريبيكا ريس، مديره العلاقات لوسائل الاعلام في شركه "النخيل"، وهي الشركه المتعهده ببناء هذه المجموعه الضخمه من العقارات: "يشكل المستثمرون الهنود نسبه كبيره من المستثمرين في مشاريعنا".

وتضيف: "تغطي مشترياتهم جميع العقارات المتنوعه لاطياف ’جزر النخيل‘ امتداداً من العقارات الفاخره المطله علي الشاطئ، وحتي اماكن الاقامه متوسطه-المدي ضمن تجمعاتنا السكانيه في دبي."

وبحسب وكاله "ويذريل" العقاريه المختصه ببيع وشراء العقارات بمنطقه "ميفير" الراقيه في لندن، ببريطانيا، يشكل الهنود اكبر مجموعه من المشترين الاجانب في هذه المنطقه السكنيه الراقيه، مؤلفين بذلك نسبه 25 في المئه من كامل عمليات شراء العقارات.

وتقول الوكاله ان الهنود ياتون بالمرتبه الثانيه فقط بعد المشترين البريطانيين، وهم يتقدمون بكثير علي المشترين الاسيويين ومن قاره اوروبا (19 في المئه من مجموع المشترين). اما المشترون من الروس والشرق الاوسط، فهم يشكلون نسبه 13 في المئه من مجموع المشترين لكل منهما.

وحسب هذه الوكاله، انفق الهنود في عام 2013 ما يقرب من 450 مليون جنيه استرليني (703 ملايين دولار امريكي). مقابل شراء 221 عقاراً سكنياً في قلب لندن، بما في ذلك مناطق "ميفير"، و"سانت جونز وود" و"بيلغرافيا".

وتشترك الهند بعلاقات تاريخيه مع بريطانيا، حيث كانت مستعمره بريطانيه سابقه. ويشعر العديد من الهنود بالفه طبيعيه مع تضاريسها الجغرافيه.

"يرجع استثمار الهنود في العقارات الفاخره بلندن الي العهد الادواردي، عندما امتلك بعض الامراء الاغنياء من الهنود قصوراً في العاصمه، ابرزهم الامير نظام، امير حيدراباد. فقد امتلك هذا الامير "حيدراباد هاوس" الواقع في رقم 6 بشارع "بالاس غرين" بمنطقه "كنزنغتون". كما اشتري عقارات لعائلته بمنطقه "ميفير" و"بيلغرافيا"، حسبما يوضح بيتر ويذريل، المدير التنفيذي لوكاله ويذريل، في رساله الكترونيه.

واضاف ان اصحاب المليارات من الهنود يملكون ايضاً بعضاً من اهم فنادق منطقه "ميفير".

فعلي سبيل المثال، احد معالم المنطقه هو "فندق غروفنر هاوس"، وتملكه مجموعه شركات "صحاري انديا باريوار". ويراس هذه المجموعه رجل الاعمال الهندي سوبراتا روي، الذي اشتري الفندق في عام 2010 بمبلغ 470 مليون جنيه استرليني (734.6 مليون دولار امريكي).

اما في الولايات المتحده، فان الهنود يشكلون رابع اكبر مجموعه من مشتري العقارات، بعد الكنديين والصينيين والمكسيكيين، بحسب "الرابطه الوطنيه للوسطاء العقاريين"، ومقرها في شيكاغو.

ان الرمز الدال علي ذروه المنزله المرموقه هو الطائرات الخاصه. انها من الكماليات الواجب امتلاكها بين الهنود الذين يحبون السفر. ويشكل المستهلكون الهنود نسبه 12 في المئه في السوق العالميه للطائرات الخاصه، حسب مكتب الاستشارات "فروست اند سوليفان".

واستناداً الي الاحصائيات التي وفرها "رافيندر كور"، مدير الاتصالات بالشركات في منطقه جنوب اسيا بمكتب "فروست اند سوليفان"، يملك الاثرياء الهنود ما مجموعه 142 طائره خاصه. وتتراوح اسعار الواحده منها ما بين 4.5 مليون دولار للطائرات الخفيفه، و310 ملايين دولار للطائرات الضخمه. وتتضمن قائمه مالكي هذه الطائرات نبلاء من امثال الاخوين موكيش وانيل امباني، فيجاي ماليا، لاكشمي ميتال، راتان تاتا، وغوتام سنغانيا.

تتوقع شركه "بومبارديا" لصناعه طائرات رجال الاعمال ان تسلّم 1215 طائره الي الهند في الاعوام ما بين 2014 و2033. ويقول اتيش ميشرا، المدير العام لعمليات الطيران في شركه "خطوط تاج"، وهي شركه لتاجير الطائرات في مومباي: "ان الجيل الحالي من اصحاب المليارات الهنديين يدرك تماماً منافع استخدام طائره خاصه."

"بالنسبه للافراد من ذوي القيم فائقه الثراء، الوقت له اهميه عظمي. كما توفر لهم الطائره الخاصه السريه التي يريدونها، اضافه الي المرونه لوضع جداول الاعمال الخاصه بهم."

ان احدي دلالات التفرّد المهيبه بالنسبه لاثرياء الهند هي اليخوت الفاخره. نمت السوق الهنديه للقوارب واليخوت المترفه بما يقرب من 10 في المئه خلال السنوات القليله الماضيه. ذلك ما اشار اليه تقرير لصحيفه "ايكونوميك تايمز"، وهي يوميه ورائده في مجال المال والاعمال في الهند.

وتتوافق هذه النسبه مع تكهّنات سوق المنتجات الفاخره، اذ بلغت 7.58 مليار دولار في عام 2012. ومن المتوقع ان تصل الي 15 مليار دولار في نهايه هذا العام، 2015.

ونظراً لعدم كفايه البنيه التحتيه في وطنهم، يُجبَر العديد من الاثرياء الهنود علي ترك يخوتهم الفاخره لترسوا في موانيء عبر البحار والمحيطات، بما فيها دوله الامارات العربيه المتحده، وحوض البحر الابيض المتوسط.

احدي هذه اليخوت هو "امبراطوره الهند" وهو بقيمه 90 مليون دولار لمالكها فيجاي مالّايا: احد اكبر رجال الاعمال الهنود ومالك شركه المشروبات "يو بي غروب" و"خطوط طيران كينغ-فيشر".

بطوله البالغ 312 قدماً، يعد هذا اليخت احد اضخم اليخوت في العالم. ويستعمله مالّايا لاحياء سهرات الليل التي تتبع توزيع جوائز المسابقه الكبري لسباقات الفورميلا وان؛ اذ يملك مالّايا ايضاً فريق "فورس انديا" المشارك في هذه السباقات.

قضاء العطلات بالخارج ياتي علي راس جدول اعمال الموسرين الهنود. وكغيره من اعضاء نادي الاثرياء الحصري هذا، يعمل شيتّي بجدّ ومشقه. الا انه يحب اخذ استراحه من الروتين المرهق ليقضيها في "سويسرا، والنمسا، وغيرها من بقاع الارض، حيث توجد وفره من جمال الطبيعه"، كما يقول نيكهيل كانجي، مدير موقع تنظيم السفريات علي الانترنت "ترب-ادفايزر" في الهند.

وكتب كانجي في رساله الكترونيه يقول انه يلاحظ زياده في اعداد الهنود الذي يرغبون في السفر للسياحه خارج الهند.

استناداً الي اخر احصائيه للموقع، فان 66 في المئه من الهنود رتّبوا سفرياتهم خارج الهند في عام 2014، بزياده 21 في المئه عن عام 2013.

ونشرت "كوتاك لاداره الثروات" و"ارنست اند يونغ" تقريراً تتبّعت فيه طبائع اثرياء الهند في انفاقهم علي عطلاتهم. وجاء في التقرير ان قرابه 50 في المئه منهم يستمتعون بثلاث رحلات مُترفه في العام الواحد، لينفق كل واحد منهم اكثر من 40 الف دولار سنوياً من اجل الاسترخاء.

وبينما تظل دبي وسنغافوره الاكثر شعبيه كوجهه تسوق جذابه لهم، الا ان العديد منهم يفضل قضاء العطلات في حوض البحر المتوسط، او البحر الكاريبي، حسبما لاحظته تلك الدراسه.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل