في الذكرى الرابعة للاحتجاجات: البحرين بين مطرقة «المعارضة الشيعية» وسندان «الدولة الإسلامية»

في احياء للذكري الرابعه لاحتجاجات البحرين التي اندلعت في 14 من فبراير 2011 (قتل فيها 89 مواطنًا)، استخدمت الشرطه البحرينيه قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتيه لتفريق المتظاهرين، وبذلك تتواصل صور التوتر القائم في المملكه التي يتعمق فيها الانقسام الطائفي للسنه الرابعه علي التوالي.

البحرين تلك الجزيره الصغيره التي لا يتجاوز عدد سكانها المليون وربعًا، بها تنوع طائفي اثر علي طبيعه الحكم بها، حيث يري الشيعه انهم الاغلبيه في ظل حكم سني مطلق، المعارضه البحرينيه التي توصف دائما بانها شيعيه تطالب بنظام ملكي دستوري “حقيقي”، ينتخب فيه رئيس وزراء محايد بعيدًا عن الاسره الحاكمه.

يمثل الشيعه في البحرين اغلبيه بشكل ما (حوالي 55% وفقًا للاحصاءات)، بينما العائله الملكيه تنتمي للسنه، ولكن هذا لا يعني ان المشهد السياسي في البحرين هو طائفي صرف، فهناك معارضه سنيه بشكل ما ظهرت في ذروه المظاهرات في دوار اللؤلوه، حيث شارك عدد من الشخصيات السنيه في الاحتجاجات اعتقادًا منهم ان ذلك يصب في مصلحه الجميع وليس الشيعه وحدهم. ارتدي المتظاهرون ملصقات وشارات تحمل شعار “لا سنيه، لا شيعيه، بحرينيه بحرينيه”.

ويعتقد المحللون ان تحركات المعارضه السنيه البحرينيه لم تكتسب قوه الجذب، ويبرر ذلك مدير برامج الابحاث وكبير الباحثين في معهد البحوث الاجتماعيه والاقتصاديه والمسحيه  (SESRI)جستين غينغلر بالقول ان “الحكومه البحرينيه نجحت نجاحا كبيرا في تنفير السنه العاديين من حركه الاصلاح القائمه. وفي اطار الجهود المبذوله لمنع السنه من الانضمام  لحركه المعارضه  داب حكام البحرين علي بث جو من الخوف وحتي العداء الشخصي تجاه الشيعه “الخونه” وعلاقتهم بايران التي لا تتورع عن اظهار الصراع في صوره طائفيه. فالناس الذين كانوا سابقا راضين بترك صنع القرار السياسي للنخبه الحاكمه اصبحوا اليوم ممانعين للاذعان الي حكمتهم، بما في ذلك الملك حمد نفسه.”

بينما يستبعد الكاتب يوسف البنخليل فكره وجود معارضه سنيه في البحرين، مدعيًا انها من الخدع التي يحاول البعض الترويج لها منذ ما لا يقل عن 8 سنوات بهدف تكوين صوره نمطيه بان هناك معارضه سنيه كما هو الحال بالنسبه للمعارضه الشيعيه، «الا انه من الواضح ان الادبيات السياسيه البحرينيه لم تشرح بعد ما معني مفهوم «المعارضه»، فهناك من يري ان كل من يعارض الحكومه او سياساتها فهو معارض، سواء كان هذا الاختلاف معها جزئيًا او كليًا، وفي ضوء هذا المفهوم القاصر فان جميع من في البحرين معارض لانه لا يخلو فرد او مؤسسه من مؤسسات المجتمع المدني من نقد او وجهه نظر تجاه الحكومه او سياساتها».

المعارضه في البحرين طائفيه ام سياسيه؟

علي مدار اربع سنوات، انطبعت الاحتجاجات البحرينية بانها خاصه بالشيعه في البحرين، وبينما تصر الحكومه البحرينيه علي ان تلك الاحتجاجات طائفيه بحته موجّهه ضد أهل السنة في محاوله لتاطيرها وحشد التاييد السني في مواجهتها، فكما اكد وزير الخارجيه البحريني ان “المشكله” في البحرين ليست بين حكم ومعارضه بل انها عباره عن “مساله طائفيه” بين السنه والشيعه؛ تصر المعارضه الشيعيه والمتمثله في الجمعيات السياسيه (وعد، الوفاق، المنبر التقدمي، الاخاء، التجمع القومي، التجمع الوطني) علي ان مطالبها سياسيه بحته.

يقول المعارض الشيعي ورئيس جمعيه الوفاق المعتقل حاليا لدي السلطه علي سلمان؛ انَّ اجهزه مخابراتيه تحاول حرف العمليه المطلبيه من خلال خلق مطبَّات طائفيه، وعبر افتعال الاحداث والصدامات بصور فرديه واضاف: “الجميع يعلم بان شعب البحرين شعبُ المحبه والسلام ولا يحمل الكره لاحد”.

من ناحيه اخري فان القوي الشيعيه في المنطقه وعلي راسها ايران وحزب الله لا تتوقف عن ابداء دعمها العلني للمعارضه في البحرين، بل بلغ الامر حد تهديد حزب الله بالتدخل في البحرين، مما يكسب الصراع بعدًا طائفيا ويسهل مهمه السلطه في تاطيره وفقا لابعاد طائفيه.

تسعي الحكومه البحرينيه للتاكيد علي انها ترضخ للمطالب المعارِضه التي تنادي باحداث اصلاحات وتعديلات، فقد اقدمت في 2012 علي احداث تعديلات دستوريه بناء علي توصيات حوار وطني نظم في 2011 وشاركت المعارضه في مرحلته الاولي ثم انسحبت. في الثالث من فبراير الماضي، قرر مجلس النواب البحريني المنتخب للمره الاولي في تاريخ المملكه برنامج الحكومه في خطوهٍ تعادل منح الحكومه الثقه، وذلك بموجب تعديلات دستوريه اعتمدت في 2012 بناءً علي حوار وطني.

وعقبت صحيفة الأيام البحرينية علي ذلك بان المملكه تدخل مرحله جديده تقتضي الشراكه الوطنيه والتعاون لمواجهه تحديات كبري، من بينها التهديد الامني الذي ما يزال يخيم علي البحرين، وكذلك تحدي تزايد الدين العام الذي بلغ درجه عاليه وغير مسبوقه، الي جانب المخاطر المحتمله لتراجع اسعار النفط وتاثيراتها علي الموازنه العامه للدوله.

رات المعارضه ان الاصلاحات التي قدمتها السلطه هي اصلاحات صوريه، وقاطعت جمعيه الوفاق ابرز فصائل المعارضه الانتخاباتِ البرلمانيه، في حين شارك فيها سنه، واعادت الوفاق والمعارضون الشيعه الاحتجاجات الي الشوارع وهو ما قابلته السلطه بعنف وحمله اعتقالات واسعه، وكان علي راس المعتقلين علي سلمان زعيم جمعيه الوفاق الذي احتجزته السلطات في ديسمبر الماضي.

يؤكد معارضون وحقوقيون ان البحرين تشتري سكوت الدول الكبري عن انتهاكات نظامها لحقوق الانسان من خلال تقديم نفسها كشريك امني للغرب واحد حماه مصالحه، ودليلها لذلك قبولها الدعم الذي تقدمه حكومه الولايات المتحده  للبحرين التي تستضيف مقر قياده الاسطول الامريكي الخامس، وتوقيعها عقدًا لاستضافه اول قاعدة بحرية بريطانيه في المنطقه منذ عام 1971 وتزايد توظيف الدبلوماسيّين الغربيّين السابقين في البحرين وخصوصًا البريطانيّين، كمستشارين لدي افراد الاسره الحاكمه ومؤسّساتهم.

ويقول المعارض البحريني نبيل رجب: “البحرين تشتري الصمت البريطاني من خلال تجاره الاسلحه. في العام 2013، دعا الملك حمد بنفسه رئيس الوزراء البريطاني كاميرون في داونينغ ستريت لبحث مساله بيع طائرات حربيه للبحرين. هذا بلد يعلن التزامه بالديمقراطيه ولكن تبقي رسالته رغم ذلك واضحه: المصالح التجاريه اكثر اهميه لحلفاء البحرين في الغرب من الديمقراطيه وحقوق الانسان”.

ويشدد رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان رجب، تاكيده بان القاعده العسكريه هي “مكافاه للحكومه البريطانيه ازاء صمتها عن انتهاكات حقوق الانسان في البحرين، وعلي دعمها المستمر للاستبداد والفساد في النظام”. واضاف بان “المال الذي يُدفع من قِبل البحرين لهذه القاعده هو، في الواقع، لشراء صمت الحكومه البريطانيه نظير دعمها للنظام، ووقوفها ضد نضالنا من اجل العداله والديمقراطيه وحقوق الانسان”.

ربما تكون البحرين اكثر الدول الخليجيه التي شهدت معالم لوجود تنظيم الدولة الاسلامية علي اراضيها، ظهرت اعلام “داعش” في البحرين، رفعت في اكبر مساجد البحرين «الفاتح» خلال صلاه العيد، وكذلك بعد سقوط مدينه الموصل العراقيه قبل اكثر من شهر في ايدي التنظيم، فيما يقاتل بحرينيون في صفوف التنظيم، ويظهر شريط فيديو اصدره مؤخرا تنظيم داعش، التهديد الداخلي الذي تواجهه عائله ال خليفه الحاكمه في البحرين بداخل المؤسسات الامنيه البحرينيه. وتحدث في التسجيل ضابطٌ سابق في وزاره الداخليه البحرينيه وهو يوجه الدعوه الي الضباط في الشرطه والجيش للانشقاق، ويجلس بجانبه بحريني اخر استنكر حكم ال خليفه في البحرين.