بعد تسريبات السيسي، ما هي قصّة التسريبات الأشهر حول العالم؟

علي مدي شهور ماضيه، واصلت قنواتٌ فضائيه مناهضهٌ للنظام المصري الحالي، بثَّ تسريبات صوتيه للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسى ومقربين منه، حين كان علي راس الجيش قبل ان يصل الي كرسي الرئاسه.

اخر هذه التسريبات كان ما نشرته قناه «مكملين» يتحدث فيها السيسي ورئيس مكتبه عباس حلمي واللواء محمود حجازي الذي يشغل الان منصب رئيس الأركان؛ عن طلب دعم مالي خليجي، معللًا ذلك بان مصر تواجه ازمه، ودول الخليج لديها «فلوس زي الرز».

في دول مختلفه من العالم حدثت تسريبات كبيره لوثائق ومستندات اكثر تاثيرًا ربما من تاثير تسريبات السيسي، فماذا حدث؟ وهل تم اكتشاف من وراء التسريبات؟ وماذا كان رد فعل المسؤولين عليها؟ هذا ما سيتعرَّض له هذا التقرير.

1-وثائق ويكيلكس: تجسس علي التجسس

ويكيلكس، منظمه صحفيه غير هادفه للربح تقوم بنشر وثائق من مصادر غير معلنه، الموقع الذي اثار ضجَّه عالميه بعد ان قام بتسريب الاف من الوثائق السريه. تاسس عام 2006، وهو شبيه بموسوعه ويكيبيديا. عام 2009 نشر الموقع حوالي 573 الف رساله حكوميه تخص احداث سبتمبر 2001. وفي عام 2010 نشر وثائق تخص وزاره الدفاع الامريكيه، من بينها وثيقه تتحدث عن خطوره ويكيلكس علي الجيش الامريكي. طالت التسريبات وزاره الخارجيه الامريكيه ايضًا، فحسب تقرير لبي بي سي، فقد سرب الموقع نحو ربع مليون وثيقه دبلوماسيه الي الاعلام. وتعد هذه التسريبات الاكبر لوثائق سريه في الولايات المتحده.

لم تنكر الحكومه الامريكيه صحه الوثائق المسربه، فقد اكدت لبي بي سي ان الوثائق حقيقيه، واعلنت وزاره الخارجيه الامريكيه قطع اتصال شبكه الكومبيوتر بينها وبين وزاره الدفاع كاجراء احتياطي. وراحت تتصل بحلفائها من الدول لتلافي الاثار المحتمله للتسريبات. ثم قامت وزاره الدفاع بتشكيل فريق من 120 شخصًا لتقييم العواقب المحتمله لنشر ويكيلكس حوالي 400 الف وثيقه تخص الحرب علي العراق.

شعر الاسترالي جوليان اسانج مؤسس الموقع انه قد تتم ملاحقته، وتمكن من اقامه علاقات قويه مع حكومه الاكوادور، التي صرحت بانه يمكن لاسانج ان يضمن اقامه امنه لديها، ويتمكن من نشر وثائقه بكل حريه، وقام اسانج باجراء حوار صحفي مع رئيس الاكوادور رافائيل كوريا، اثني خلاله الاخير علي ويكيلكس.

اثناء وجوده في بريطانيا، صدرت بحق اسانج مذكره اعتقال دوليه بتهمه التحرش بامراتين في السويد، في الوقت نفسه كان ملاحقا من قبل الشرطه البريطانيه لمخالفته شروط الافراج بكفاله.

اختار اسانج اللجوء الي سفاره الاكوادور طالبا اللجوء السياسي لعلمه انه لو تم القبض عليه في لندن سيتم تسليمه للسويد والتي ستسلمه بدورها الي الولايات المتحده الامريكيه، حيث يواجه هناك عقوبات قد تصل الي الاعدام. ولا زال يبحث عن طريقه ينتقل بها الي الاكوادور دون ان يتم القبض عليه.

برادلي ماننج، الجندي الذي قام بتسريب مئات الالاف من الوثائق العسكريه الي ويكيلكس، حكم عليه في اغسطس 2013 بالسجن 35 عاما، قبلها باسبوع قدم اعتذارًا عن تصرفه وعن “النتائج غير المتوقعه” التي حدثت. مؤكدا انه كان يسعي لفتح نقاش بشان السياسه الخارجيه للولايات المتحده.

2-تسريبات السلطه الفلسطينيه “لقد كانت حقيقيه بالفعل”

علي غرار طريقه ويكيلكس، اطلقت شبكه الجزيره موقعا يسمي «الشفافيه» الذي يقوم علي فكره مشابهه، حيث يسمح للمصادر بارسال الوثائق التي بحوزتهم، ليقوم الموقع ببحثها والتاكد من صحتها.

ابرز ما نشره الموقع هو مجموعه تصل الي1700 وثيقه في يناير عام 2011، عباره عن وثائق ومراسلات دبلوماسيه بين دائره المفاوضات الفسلطينيه والكيان الصهيوني والاداره الامريكيه، تظهر ما وصفته الجزيره انه تنازل عن حق العوده، واستعداد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التنازل عن اراضي المستعمرات في القدس الشرقيه، كما تظهر الوثائق علم عباس نيه الكيان الصهويني الهجوم علي قطاع غزه عام 2010.

“في الاغلب هي حقيقيه. ولكن السؤال هو كيف تقرؤونها؟”    *صائب عريقات متحدثا عن الوثائق.

لم ينف الرئيس محمود عباس صحه الوثائق، بينما اعتبر ان الجزيره خلطت بين المقترحات الفلسطينيه والاسرائيليه، اما ياسر عبد ربه رئيس اللجنه التنفيذيه لمنظمه التحرير الفلسطينيه فاعتبر ان الجزيره تلاعبت بالوثائق واقتطعت منها.

وزير الخارجيه الاسرائيلي ليبرمان استغل الفرصه للهجوم علي حكومه اولمرت التي سبقته، اذ لم تستطع التوصل الي اتفاق سلام مع الفلسطينين رغم “التنازلات السخيه”.

لم تكشف الجزيره عن مصادر الوثائق ولا الطريقه التي حصلت بها عليها نظرًا لما وصفته بـ «حساسيه التسريبات». كنتيجه لتسريب الوثائق من مكتبه، استقال صائب عريقات رئيس دائره المفاوضات من هذا المنصب، مهاجما الجزيره التي وصفها بانها اخرجت الوثائق عن سياقها.

3-ادوارد سنودن: تسريبات من داخل النظام

انه الشاب الثلاثيني الذي لم يكمل تعليمه الثانوي، تنقل من وظيفه لاخري، وبسبب مهارته في البرمجه والانترنت تعاقد كعميل مع وكاله الامن القومي الامريكيه. عرف سنودن الكثير من الاسرار نتيجه لوظيفته الحساسه، لكنه لم يكن يرضي عن التنصت علي المواطنين في امريكا وخارجها، فطلب اجازه مرضيه ثم ارسل تفاصيل برامج المراقبه الي صحيفتي «الجارديان» البريطانيه، و«الواشنطن بوست» الامريكيه. وحسب تقارير صحفيه فان وكاله الامن القومي الامريكي تستخدم البرنامج في التجسس عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وبالتعاون مع شركات كبري مثل مايكروسوفت.

“سنودن لديه معلومات تكفي لالحاق الضرر بالحكومه الامريكيه في دقيقه واحده اكثر مما سببه اي شخص اخر علي الاطلاق، ويجب علي الحكومه الامريكيه ان تتضرع كل يوم وتبتهل الا يحدث شيء لسنودن لانه اذا حدث له شيء فسوف تتسرب كل المعلومات وقد تكون اسوا كابوس لها.”     *صحفي الجارديان جرينوولد، في تصريحات نقلتها رويترز.

الغت الولايات المتحده جواز سفر سنودن، ولا يعرف بالتحديد كيف غادر الي هونج كونج. لم تفلح الجهود المكثفه التي بذلتها امريكا لتسليم الصين لسنودن، وسمحت له الاخيره بالسفر الي روسيا بعد ان رات انه ليس لديه ما يمنعه من السفر.

طلب سنودن حق اللجوء من الاكوادور التي سبق ومنحته لجوليان اسانج مؤسس ويكيلكس، لكنه اخيرا حصل علي لجوء دائم في روسيا في يوليو2014. بعد لجوء مؤقت حصل عليه في نفس الشهر قبلها بعام. وبسبب هذه الخطوه الغي الرئيس اوباما اجتماعًا مقررًا بينه وبين بوتين.

في وقت واجهت فيه الكنيسه حرجًا بسبب فضائح جنسيه يتهم فيها رجال دين بالاعتداء علي اطفال عام 2012، نشرت الصحافه الايطاليه وثائق قالت انها تكشف عمليات فساد، الوثائق تحدثت عن حمله ضد الكاردينال “تارسيسيو بيرتوني” وزير خارجيه الفاتيكان، وعن تنافس علي عضويه المجمع الذي سيختار خلفا للبابا بنديكتوس السادس عشر.

ابدي البابا حزنه اثر ازمه التسريبات، لكنه اتهم بعض وسائل الاعلام بتضخيم الامر. واعترف “جابرييلي” كبير الخدم البابوي بتسريب الوثائق، معللا تصرفه بالمساعده في الكشف عن الفساد، فحكم عليه بالسجن ثمانيه عشر شهرًا، وحكم علي صديقه خبير الكومبيوتر بالسجن شهرين مع ايقاف التنفيذ بتهمه تعطيل التحقيقات وتغيير اقواله اكثر من مره.

لكن بعض المراقبين شككوا في ان يكون جابرييلي قد عمل وحيدا لتسريب هذه الوثائق، وانه ربما تم التضحيه به للتغطيه علي تورط شخصيات كبيره في الفاتيكان، حسب تقرير لرويترز.