المحتوى الرئيسى

مترجم: لِمَ لا يفهم “الروبوت” التهكم؟!

02/15 20:37

بالتاكيد الذكاء الاصطناعي والخوارزميات قادره علي القيام بعمليات مبهره كقدره الحواسيب علي الفوز الكاسح لكل مسابقات الجيوباردي، او حتي حساب ثابت أرخميدس – باي π- بدرجه مذهله، وصولًا لقدرته علي كتابه جميع كلمات اي لغه سريعًا وبدون التسبب في مُتَلاَزِمَهُ النَّفَقِ الرُّسُغِيّ (اعتلال بالعصب المتوسط في الرسغ نتيجه الاستخدام المفرط للحواسيب، اهم اعراضه الم وتنميل في الاصابع).

 لكن بعيدًا عن عالم الرياضيات، كثيرًا ما يبدا الذكاء الاصطناعي بالتخبط والتعثر، ولعل ابلغ مثال علي ذلك مجإل ألتواصل الانساني، فهو يعتبر مجال اكثر دقه وحساسيه. لذا تجد قدره الإنسان الألي علي فهم الدعابه او التهكم معاقه للغايه لدرجه تجعل منها نكته في حد ذاتها.

 يقول الكاتب انه مؤخرًا واجه مشكله مع تطبيق سيري Siri – انتاج شركه ابل- اذ تَعَثَر التطبيق في طلب اغنيه، فما كان منه الا ان عبر عن ضيقه فقال للبرنامج في تهكمٍ لاذعٍ: “سيري، انت رائع!”.

فكان رد التطبيق “اخجلتني” كما لو ان كلامه كان من قَبيلِ المديح او المجامله. سيري لم يفهم التهكم في كلمات الكاتب.

مثل ذلك الجهل من جهه التطبيق هو احد امثله انظمه الدردشه الربوتيه والتشغيل الصوتي التي تعمل كاحد المُلهِيَات، وفي نفس الوقت كمساعده رقميه لا يمكن الاستغناء عنها، لكنها ايضًا ضعيفه جدًا فيما يتعلق بفهم الكوميديا او الدعابه.

الذكاء الاصطناعي بين الخيال والواقع في فهمه الدعابه

 يتساءل الكاتب هل يمكننا التوقع بان الذكاء الاصطناعي سيكون قادرًا علي فهم التهكم ابدًا؟ اذا ما نظرنا للامثله من الخيال العلمي سنجدها محيره .فعلي سبيل المثال في فيلم “Her”، تعتبر سمانثا – التي قامت بدورها سكارليت جوهانسن- ذكاءً اصطناعيًّا اكثر انفتاحًا وحيويه من رفيقها البشري. وفي فيلم ستار ورز، يستطيع “ارتو ديتو” التعبير عن الاستهزاء اللاذع حتي ولو عن طريق الصفارات فقط، وليس الكلمات.

بعيدًا عن الخيال العلمي، يعتقد نوا جودمان – استاذ مساعد بجامعه ستانفورد ومتخصص في علم النفس والكمبيوتر واللغويات- ان البشر في حاجه اولًا لتحديد وترسيخ فهمهم للتهكم فيقول: “قبل ان تبرمج حاسبك لعمل شيء رائع، عليك ان تفهم بدايهً ما هو ذاك الشيء الرائع بالاساس”، فما نحن الا في بدايات فهم حقيقه الفوارق الدقيقه بين انواع التواصل المختلفه.

“قبل ان تبرمج حاسبك علي عمل شيء رائع، عليك ان تفهم بدايهً ما هو ذاك الشيء الرائع بالاساس”.

وتتفق معه في ذلك اليزابيث كامب – استاذ مساعد بجامعه روتجرز متخصصه بفلسفه اللغه والعقل- اذ تعتقد ان التهكم عمليه معقده جدًا وخادعه، تقول: “هناك العديد من الجوانب والمشكلات التي تحكم التهكم، فعلي سبيل المثال هناك الديناميه الاجتماعيه وديناميكيه السلطه، وكلاهما هو بالتحديد ما يصنف السخريه باعتبارها في صميمها امر بشري”.

يفسر غودمان وكامب ذلك بان السياق المحيط بالسخريه هو الذي يحقق الهدف الوظيفي منها. اما بالنسبه للالات، يشكل افتقادها لهذا الااطار العميق من التجارب السابقه والاحاسيس الضمنيه المصاحبه لكل موقف وتجربه عائقًا. يعتقد غودمان ان نقل هذا المستوي من المعرفه بداخل انسان آلي يتطلب ما هو اكثر من مجرد كتابه بضعه اسطر من التعليمات البرمجيه اللاذعه، ولهذا السبب نفسه لا نصادف روباتات تقوم بالمغازله او تفهم تعابير المبالغه او الاطناب.

ويضيف غودمان ان الانظمه التي تجمع بين الذكاء الاصطناعي والكوميديا موجوده بالفعل لكنها بدائيه، “فهي اما تتعرف علي او تنتج ردود افعال محدوده جدًا اعتمادًا علي نماذج مسبقه”. ولهذا قد يخبرك الانسان الالي نكته مره ما، ولكن في المره التاليه التي سيخبرك دعابه ستكون مجرد كلمات خاليه من اي فكاهه. تمكنت بنيت تسور – باحثه وتقوم بدراسات ما بعد الدكتوراه في جامعه هارفارد وجامعات نورث ايسترن ومتخصصه بعمليات معالجه اللغات الطبيعيه وعلوم الشبكات- من بناء خوارزميه قبل عده سنوات تهدف للتعرف علي التهكمات حيث تستطيع الكشف عن “السخريه” في استعراضات الكتب علي موقع امازون والتغريدات، ويستطيع التطبيق تعلم تحديد انماط معينه في النصوص والسياق، لكن للاسف لا يمكنه اطلاق الدعابات.

تقول ميسي كامينغز – استاذ مساعد بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا متخصص في دراسه تفاعل الانسان مع الانظمه المختلفه– انه من المستبعد امكانيه صناعه روبوت “ساخر” بالتكنولوجيا المتاحه اليوم “فهي ما تزال حتي الان تعاني من صعوبه في فهم بعض الاوامر المحدده والواضحه جدًا، ناهيك عن فهم الفوارق والاختلافات الدقيقه التي تعتمد عليها السخريه والتهكم في الاساس. فروبوت قادر علي السخريه هو بمثابه “الكإس إلمقدس” الذي لا يمكن العثور عليه. بالامكان تعليم الروبوت اي كلمه منطوقه في العالم، لكن “السخريه والتهكم” لا يعتمدان علي الكلمه وانما النبره واللهجه وتعابير الوجه والايماءات، فهي تتضمن العديد من الاشارات غير اللفظيه.

وقد نوهت كامينغز – بتهكم- انه ربما مهندسو البرمجه ليسوا الانسب لتفكيك عناصر التهكم والدعابه بهدف تحويلها الي رموز للبرمجه في اشاره منها لانهم قد يفتقدوا لحس الدعابه من الاساس. لذا، ربما عليهم الاستعانه في ذلك بالكوميديين (فنانين وكُتَّاب …الخ)، فكما تقول: “نحن بحاجه الي التفكير اكثر في كيفيه جعل هذه العمليه اكثر تعاونيه بين انواعٍ مختلفهٍ من الباحثين”.

“نقل هذا المستوي من المعرفه بداخل انسان الي يتطلب اكثر من مجرد كتابه بضعه اسطر من التعليمات البرمجيه اللاذعه”.

يقول الممثل الكوميدي جون لوتز – احد كتاب برنامج Late Night with Seth Meyers ومسلسل 30 Rock- انه متقبل تمامًا، ومنفتح علي فكره التعاون بين المبرمجين والكوميديين الانِف ذكرها. وعلي سبيل الدعابه والمبالغه يقول: “اعرف ان العالم يطالب بشده بتصنيع روبوت- لوتز 4000، ومن انا لاحرمهم من هذا”. اضافه الي تهكمه قائلًا: “الذكاء الاصطناعي بالفعل يُعرَض علي التليفزيون وفي وقت الذروه – وقت العرض من الساعه الثامنه مساءً الي الحاديه عشره- اذ يقوم بيل اورايلي يقوم باداء رائع”؛ بيل اورايلي هو مقدم احد البرامج الساخره المشهوره في امريكا. فعلي سبيل المثال لو استطاع اي روبوت من قراءه التهكم والسخريه في السطورالقليله السابقه، فعلي الارجح سيتلوها حرفيًّا. بينما يعتقد الممثل الكوميدي كيث اُول – يمثل دور في مسلسل 30 Rock- ان الروبوتات لا تحتاج لتعلم السخريه اوالتهكم. فهي بالفعل غزت العالم كله ونجحت في القضاء علي التفاعل البشري؛ فما الذي تحتاجه اكثر من ذلك. فعلي سبيل المثال يقول اُول انه يومًا ما كان يقف في طابور ليحضر كوب قهوه، واذا بالجميع يستخدم هاتفه. بمثل هذا المعدل المتدني من تواصل البشر مع بعضهم البعض، لم تعد الروبوتات بحاجه لتمييز السخريه في حديث البشر.

 يقول كامينغز طالما ان وجود روبوتات بهذه الحيويه وبدرجه من الوقاحه تمكنها من ابداء السخريه والتهكم يبدو امر بعيد المنال، فعلي الاقل هل يستطيع العلماء التنبؤ بميعاد وجودهم مبدايًّا. حاليًا، نحن ابعد ما يكون عن امكانيه خلق ذكاء اصطناعي لديه القدره علي ابداء السخريه والتهكم وفهم المفارقات، بل وفهم اي نوعٍ اخر من الفروقات الدقيقه بين انواع التواصل. اما من الناحيه الاكاديميه ربما يصبح ذلك مكننًا بعد حوالي 20 عامًا علي الاقل.

بينما يبدو جودمان اقل تفاؤلًا، فهو ليس مرتاحًا لفكره وضع تاريخ محدد، الا انه لا يعتقد ان ذلك النوع من الروبوتات سياتي فجاه بدون سابق انذار، فهو حتمًا سياتي في اعقاب روبوتات اكثر تطورًا وذكاءً مما لدينا الان.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل