المحتوى الرئيسى

«رافال».. حكاية «عصفة الريح» من البداية للنهاية‎

02/15 15:11

"المصريون يضعون النهايه للعنه الرافال ويعيدون اكتشافها من جديد".. هكذا علقت صحيفه لوموند الفرنسية علي زياره وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان، الذي يحضر للقاهره، غدًا الاثنين، لتوقيع عقد يتم بموجبه بيع 24 طائره مقاتله من طراز رافال الي القاهره.

تلك الطائره ذات المحركين والتقنيات بالغه التطور والتعقيد، ولديها قدرات فائقه في التخفي من الرادارات، وكانت الرافال دخلت الخدمه في سلاح الجو الفرنسي عام 1988، ورغم تكاليف انتاجها وصيانتها باهظه الثمن، الا ان الحكومات الفرنسيه المتعاقبه كانت تصر علي اعتمادها العمود الفقري لسلاح الجوي، الذي يجب الاستمرار في تصنيعه حتي وان لم يكن هناك حاجه ماسه لكل ما به من تقنيات.

واذا كان اكثر من رئيس فرنسي فشل في بيع وتسويق الرافال خارج بلاده، بدءًا من شيراك ومرورًا بساركوزي، وحتي الرئيس الحالي فرانسوا اولاند، فان النظره الي الرافال تغيرت كثيرًا بعد ادائها المبهر في حروب: افغانستان، مالي، ليبيا، وكوت دي فوار.

خبراء عسكريون ارجعوا فشل الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في بيع الرافال لسويسرا وسنغافوره والبرازيل الي الطبيعه الجيوسياسيه لتلك الدول حيث انها لا تخوض معارك حربيه من اي نوع، بينما الحاجه للرافال تبرز في المناطق القتاليه ذات التضاريس الوعره، ورافال هي سادس طائرة حربية تنتجها مصانع "داسو" منذ نهايه الحرب العالميه الثانيه، علمًا بان الشركه تنتج موديلًا جديدًا بمعدل كل عشر سنوات او اقل.

وكانت باكوره انتاجها الطائره "اورجان" عام 1949، ثم الطائره "ميراج 3" عام 1956، ثم "ميراج 4" عام 1964، ثم "ميراج اف 1" 1973، ثم "ميراج 2000" عام 1984، وتم تصنيعها جميعًا في مصانع "مارسيل داسو" المهندس والسياسي الفرنسي مؤسس مجموعه داسو للطيران، المولود في 22 يناير 1892، وتوفي 17 ابريل 1986.

تعني الرافال بالفرنسيه "عصفه الريح" لا احد يعلم لماذا اختار مارسيل داسو هذا الاسم تحديدًا، ولكن المؤكد انه توفي بعدما اتم كل الاستعدادات لانجاز المشروع، ولم ير الرجل الطلعه التجريبيه الاولي للطائره التي كانت في 19 مايو 1991.

وكانت البدايه برغبه انجليزيه ايطاليه المانيه من جهه، وفرنسيه من جهه اخري، في ايجاد خليفه للطائره البريطانيه "تورنادو" للبعض، اما البعض الاخر فكان يريد خليفه للطائره "ميراج"، وكان العسكريون في لندن وبرلين وروما يستخدمون الطائره "التورنادو" ذات المحركين في مهام جو -ارض، وارادوا تطويرها لمهام جو-جو، بينما اصر العسكريون الفرنسيون علي تطوير طائره ثلاثيه المهام: جو-جو، جو-ارض، وجو-بحر.

استهدف الفرنسيون وقتها ان يكون لديهم طائره تحل محل السبع الطائرات الموجوده لديهم بسلاح الجو بحلول عام 2010، علي ان تشتمل تلك الطائره علي كل مزايا الطائرات السبع، وهي: جاجوار، سوبر ايتاندار، كروزادير، ميراج اف 1، وميراج 4، ونسختي ميراج 2000، مع تزويد الطائره الجديده "الرافال"، بميزه الهبوط والاقلاع فوق حامله طائرات.

في البدايه اتفق الفرنسيون والبريطانيون علي اسناد مهمه تصميم هيكل الطائره لشركه داسو، ولكن الخلاف بدا حينما اصرت لندن علي ارساء حق تصنيع الموتور لشركه "رولز رويس" الانجليزيه، بينما اعترض الفرنسيون علي استبعاد شركتهم المعروفه "سنيكما"، من هنا انفضت الشراكه بين الاوروبيين رسميًا عام 1985، وتم تدشين مشروع انتاج الرافال رسميًا في 21 ابريل 1988، بهدف ان تكون الطائره في الخدمه بعد ذلك التاريخ بعشر سنوات، ولكن داسو اعلنت انه بمقدورها ادخال اول طائره للخدمه عام 1996.

وكان الفرنسيون يستهدفون ادخال 320 طائره رافال لسلاحي الجو والبر، بدلًا من 687 طائره من طرازات مختلفه، ولكن مشروع رافال توقف فجاه عام 1995 اثر قيام وزاره الدفاع الفرنسيه بتخفيض نفقاتها عقب انهيار الكتله السوفيتيه عام 1991، ونهايه حقبه الحرب البارده، لذا تم تسليم اول نسخه من الرافال للجيش الفرنسي عام 2006، ونفس هذا التاخير حدث في بلدان اخري، حيث تاخر تسليم طائرات اف 22 الامريكيه لسلاح الجو لمده 20 عامًا، علماً بان تصنيعها بدا عام 1986، وليس ذلك فقط، بل ان الحكومه الفرنسيه خفضت عدد الطائرات من 320 الي 225 عام 2013.

النقاشات في فرنسا امتدت الي تكلفه صنع الطائره من اموال دافعي الضرائب، وبحسبه دقيقه اكدت صحيفه لوموند ان تصنيع الرافال كلف كل دافع ضرائب في فرنسا 500 يورو علي مدار 30 عامًا بواقع 16 يورو في العام، وفي المقابل عمل داخل المشروع 7000 شخص، اضافه الي 500 شركه من الباطن، بينما في الولايات المتحده فان تصنيع الطائره اف 22 كلف كل دافع ضريبه امريكي 5000 يورو علي مدار 30 عامًا، اي 10 اضعاف نظيره الفرنسي.

غياب الطلب الخارجي علي الرافال لفتره طويله، دفع الحكومه الفرنسيه الي الالتزام بشراء11 طائره سنويًا، من ناحيه للاقتناع التام بالقدرات القتاليه للطائره ذات التكنولوجيا المتطوره، ومن ناحيه اخري لحمايه الصناعه الوطنيه والحفاظ علي كبرياء فرنسا العسكري.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل