المحتوى الرئيسى

الشرفى: الإقناع ضرورة لتحديث الفكر الدينى

02/10 20:59

كان معرض الكتاب علي موعد مع المفكر التونسي عبدالمجيد الشرفي، حيث التقاه جمهور المعرض في اللقاء الفكري الذي جاء تحت عنوان «التجديد في الفكر الديني»، واداره الدكتور علي مبروك.

وبدا مبروك اللقاء قائلاً: استاذنا المفكر الكبير عبدالمجيد الشرفي، له انجاز فكري متميز في مجال الدراسات الإسلامية، فهو لم يكتف فقط بما كتبه وهو في غايه الاهميه، وانما اضاف الي ذلك رعايته ووقوفه الي جوار مجموعه من الباحثين التونسين الشباب، الذين اري انهم سيلعبون دوراً كبيراً في التجديد الديني الذي نرنوا اليه جميعاً في العالم العربي والاسلامي.

واستطرد مبروك بقوله: لقد انجز الشرفي في الحقيقه الكثير، وقد ركز علي المعرفه، فلا يمكن لنا ان نتكلم عن التجديد دون ان نتسلح بادوات معرفيه تكون قادره علي ان تفتح امامنا مغاليق هذا الفكر، ولهذا السبب فهو يمثل مدرسه مميزه في الفكر الاسلامي المعاصر.

الدكتور عبدالمجيد الشرفي في بدايه حديثه قال: ان فرص اللقاء بين المثقفين العرب عادهً ما تكون محصوره ما بين المؤتمرات والمنابر الجامعيه، وقلما تتاح فرصه لقاء وحوار مفتوح بين المثقفين والجمهور وخاصهً فيما يتعلق بالامور الدينيه الحساسه كموضوع اليوم.

واوضح «الشرفي» ان المنطلقات الفكريه، التي كانت اساساً في تغير مساره الفكري، انما تعود الي مرحله دخوله الجامعه، حيث لاحظ انه هناك اختلافاً كبيراً بين الجامعات الاوروبيه في بريطانيا والمانيا وغيرها وبين جامعاتنا العربيه.

فالجامعات الاوروبيه تحتوي علي قسم للدراسات الدينيه يختلف عما هو موجود في كليات اللاهوت والجامعات الدينيه، فالجامعات العربيه عموماً تفتقر الي هذه الاقسام والدراسات في غير الجامعات الدينيه، فالجانب الديني يدرس داخل الجامعات الدينيه كجامعه الازهر في مصر والزيتونه في تونس والقرويين في المغرب.

وتابع: عندما لاحظت هذا الفراغ في جامعة تونس التي تاسست في عام 1958م حين التحقت للعمل في السلك التدريسي بها، سعيت منذ هذا التاريخ الي انشاء هذه الدراسات فكنت من الاوائل الذين ادخلوا دراسه الفكر الديني في نطاق كليه الاداب، وقد اعترض علي ذلك الكثير من زملائي من منطلق الاعتراض علي الاهتمام بالشان الديني عموماً، وهناك من ابدي ترحيبه وانطلقت التجربه ونجحت واصبحت دراسات الفكر الديني اساساً في الجامعات التونسيه.

والهدف من دراسه الفكر الديني هو التفهم والفهم الافضل لما هو في النصوص وما هو في الواقع بشكل حيادي، مع العلم بانه يصعب الحياديه في العلوم الانسانيه، وهذا احدث خلافًا كبيرًا بين ما اتبعناه وما كان متبعًا في الجامعات، فالحياديه والموضوعيه تقتضي الا افضل الفكر السني علي الفكر الشيعي من منطلق ان اغلب المسلمين من السنه، ونفس الشيء بالنسبه لحكمنا علي الخوارج، والصعوبه تكمن في كيفيه دراسه هذا الفكر الديني بموضوعيه بالرغم من اننا ورثناه.

وكانت هذه هي البدايه التي انطلقت منها، فانا لا ادعي لا الاصلاح ولا التجديد بل انا دارس وباحث، دُعيت لان اتحدث اليكم اليوم عن التجديد في الفكر الديني، وفي الحقيقه لقد ترددت في الحديث تحت هذا العنون، لانني اعتقد ان التجديد ليس مصطلحاً دقيقاً، فمن القديم ما هو صالح ومن الجديد ما هو موضه ومسايره لافكار ترتبط بمجتمعات اخري، ولذلك فانا افضل مصطلح «التحديث» عن التجديد، فالحداثه من مظاهر هذا القديم والحديث ونستشهد في هذا بما قام به عمر بن الخطاب فيما يتعلق بايه (المؤلفه قلوبهم) فبالرغم من ان هذا الموقف حدث من قرون طويله الا انه صالح الي اليوم وكذلك حينما اعترض احد شيوخ المعتزله بقوله ان الاجماع لا وجود له مع العلم بان هذا الموقف لم يوافق عليه اغلب علماء المسلمين وقتها ولكنه كان موقف تيار كامل لم يُكتب له الاستمرار.

فمفهوم الاجماع تم تحويله لتكريس فئه علي سائر المسلمين دون مستند واضح، والسؤال الان لماذا هذا التحديث وما هي ضروريته، والاجابه ان الضروره راجعه الي ان المسلم المعاصر ولنقل كذلك ان المسيحي واليهودي والبوذي المعاصرين وكل المؤمنين يريدون مواءمه بين الموروث الديني ومقتضيات العصر، فالمقتضيات الماديه لا مشكله فيها، وانما تكمن المشكله في التوافق والتاقلم بين المقتضيات المعرفيه والموروث الديني.

فمكمن المشكله في ثقافتنا الراهنه في مختلف البلاد العربيه والاسلاميه هي هذه القطيعه بين المعاصرين الذين يتحدثون بلغات مختلفه ولا يفهم احد منهم الاخر نظراً لاختلاف منطلقاتهم الدينيه والفكريه، فالمجتمعات المتقدمه حدث فيها تطوراً مبكراً، فحدث فيها تقارب فعندما يتكلم القس او الراهب في التليفزيون الالماني فان خطابه مقبول ومفهوم لدي الذين لا يشاطرونه نفس الجنسيه، فهو يتكلم بنفس اللغه المفهوميه، بينما لا يوجد هذا عندنا لاننا نتكلم بلغات مفهوميه مختلفه، وهذا ما يجعلنا نلح علي تحديث الفكر الديني، حتي لا يبقي الناس يتكلمون دون رابط بينهم.

اذاً فلا معني للتحديث في الفكر الديني اذا اقتصر علي فئه من المجتمع دون اخري، فاذا لم يشمل الاغلبيه المطلقه من المواطنين سيبقي فكراً هامشياً لا تاثير له.

ويستطرد: قد يقول قائل وما المانع من ذلك فالفكر الديني التقليدي يمكن ان يتعايش مع التطور الحديث، وهذا صحيح الي حد ما ففي المجتمع الياباني نجد ان الفكر البوذي التقليدي مازال موجوداً ومتعايشاً بالرغم من التقدم الهائل الذي تشهده اليابان، ولذلك فالمساله ستاخذ منحني اخر، من خلال السؤال هل المجتمعات في حاجه الي هذا التحديث، وهل يمكن لنا ان نستثني الفكر الديني التقليدي ونطور مجالات الحياه الاخري لان عامه الناس غير مستعده لهذه المراجعه الجديده، وهنا سنكتشف ان الفكر الذي لم يتم تحديثه هو عقبه، فهل لنا ان نتصور مجتمعًا حديثاً لا يؤمن بالمساواه بين الرجل والمراه، وكذلك الشان بالنسبه للعديد من النواحي التي يقف الفكر الديني المتزمت في طريق تحديثها.

فالتحديث هو مناعه تكسب الانسان العربي والمسلم نوعًا من النخوه والاعتزاز بالدين الاسلامي وذلك لكون المسلمين شاركوا في صنع هذه الحضاره، ولكن لا يمكن ان نجدد بدون ضوابط وشروط للتحديث، خاصه فيم يتعلق بتحديث الفكر الديني.

وتابع: كما ان لبرامج التعليم والتنشئه الاسريه والمدرسيه دوراً مهماً في تحديث هذا الفكر، فللاسف غالبيه مدارسنا هي مدارس تقليديه، لا تؤهل الشباب من الجنسين علي استقلاليه الشخصيه وعلي ان يكون لهم الحق في الخروج عن المالوف في الابداع والاكتشاف والابتكار، وانحصر دور المدرسه في الحفظ والتلقين، فنحن نركز علي التعليم الذي يهتم بالايمان الظاهري دون الاهتمام بالجوهر، فاذا لم يكن المتلقي للخطاب الديني قادراً علي التمييز بين الغث والثمين فسيكون ذلك هو بدايه طريق التطرف.

ويضيف: اذاً عندما يُطلب منا التمسك بنصوص الكتاب والسنه فنحن لا مانع لدينا من ذلك ولكن باي طريقه، فلا يمكن ان يكون ذلك بنفس طريقه القدماء، وليس هذا انكارًا للقران او السنه، لكن المساله تتعلق بكيفيه التعامل مع هذه النصوص، وقس علي ذلك مختلف ميادين المعرفه الفكر الديني، واعتقد انه حان الوقت لاتعلم من ارائكم المختلفه، لان الفكر الذي يعتمد البحث اليوم، ينبغي ان يكون مستعداً دائماً ابداً لمراجعه الثوابت، فالمعلوم من الدين تعلمناه بالتنشئه والثقافه لا الضروره، فالاستعداد للمراجعه يجب ان يكون سمه المؤمن الذي يعيش عصرًا يتغير كل لحظه حتي لا ننفصم عما يدور حولنا.

فالتحديث ليس نظرياً دون النظر للواقع العملي، ولعل ما حدث مؤخراً للطيار الاردني ماثل امام اذهاننا جميعاً، ولا احد يقبل ما حدث.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل