المحتوى الرئيسى

محمد حبيب يكتب : الخداع والكذب يتصدران أدوات الإخوان

02/09 16:22

في هذه المذكرات المفصله بشكل استثنائي، يرصد الدكتور محمد حبيب صعود وهبوط جماعة الاخوان المسلمين، حيث دون في قصاصات محاضر اجتماعات مكتب الإرشاد الذي كان يتراسه، قبل ان يتولي مرشد الجماعه الحالي محمد بديع مهامه كمرشد ثامن للاخوان نهايه عام 2009.

جمع محمد حبيب تلك القصاصات ووثق عشرات الروايات التي تحكي كيف »صعدت الجماعه الي الهاويه«، في مذكرات نعرضها هنا في حلقات، النائب السابق لمرشد الجماعه، فتح في تلك المذكرات خزائن اسراره، وكشف المستور الذي لم يكن يطلع عليه احد الا الصف الاول من القيادات، بمن فيهم اعضاء مجلس شوري الاخوان، ومسؤولو المكاتب الاداريه للجماعه في المحافظات.

عدد من خوارج الجماعه كتبوا عن التنظيم والياته، لكن لم تتح لهم كل الحقيقه، فالتنظيم الحديدي للجماعه لم يكن يسمح للاعضاء اياً كان ترتيبهم بالمعرفه، اما حبيب فقد ظل الرجل الثاني في الجماعه لمده 6 سنوات، مرت من تحت يديه خلالها كل القرارات، وحضر كل الاجتماعات، ورصد الصفقات والاتفاقات، لذا فمذكراته تختلف لانه كان في بؤره دائره اتخاذ القرار داخل الجماعه.

يقول حبيب في افتتاحيه مذكراته: ان المسارعه الي كتابه تاريخ جماعه الاخوان المسلمين، خصوصاً من هؤلاء الذين عايشوا احداثه، هي اهم وسيله للمحافظه علي ذاكره الشعب المصري والشعوب العربيه والاسلاميه تجاه الجماعه، وكي تكوّن رصيداً تستفيد منه الاجيال المقبله، من هنا كان حرصي علي كتابه تاريخ الاحداث والوقائع، خصوصاً تلك الفتره من عام 1985 حتي عام 2010..

وهي فتره مهمه في حياه الجماعه، وقد عايشتها وكنت شاهداً عليها، بل كنت احد مفرداتها ومكوناتها، يدفعني الي ذلك حرصي علي تسجيل الاحداث بكل تفاصيلها وقبل ان يسقط من الذاكره بعض اجزائها. في الفصل الاول من المذكرات، تناول نائب المرشد السابق بايجاز »البناء الداخلي للجماعه« فكراً وتنظيماً، وهنا نعرض البناء التنظيمي ليتعرف القارئ الي ترتيب الهرم الداخلي للجماعه.

يقول محمد حبيب: قام مؤسس الجماعه حسن البنا بتشكيل تنظيم هرمي، يبدا بالاسره، فالشعبه، فالمنطقه، فالمكتب الاداري علي مستوي المحافظه، وانتهاء بمكتب الارشاد علي مستوي مصر، وقد حدث بعد ذلك تطوير في هذا البناء، فتمت اضافه القطاع ليشمل عده محافظات، وفي نهايه السبعينات تم وضع اسس التنظيم الدولي..

وفي منتصف الثمانينات تم تحويل اسم مكتب الارشاد في مصر الي مكتب تنفيذي، اسوه بما هو متبع في بقيه الدول، حتي يبقي الاسم مقصوداً به مكتب الارشاد الدولي فقط، الا انه تم العدول عن ذلك.

الاسره الاخوانيه: هي الوحده البنائيه الاولي في الاخوان، وتتكون من خمسه افراد ولهم مسؤول يطلق عليه »النقيب«، وقد يكون افراد الاسره من الاخوان العاملين، او المنتظمين او المنتسبين او المؤيدين.. الخ.

الشعبه: وتتكون من ثماني اسر اخوانيه، (لا يقل عدد افرادها عن 40)، ويقوم هؤلاء الاربعون - الذين يمثلون الجمعيه العموميه للشعبه - بانتخاب مجلس إدارة لها من بينهم، (كما يختارون عدداً معيناً لتمثيلهم في مجلس شوري المنطقه)،.

المنطقه: وتتكون من شعبتين فاكثر، ويتم اختيار مجلس اداره لها بالانتخاب من الجمعيه العموميه للشعب، وتتسمي باسم المنطقه الموجوده بها، كما تقوم الجمعيه العموميه لكل منطقه باختيار عدد معين من اعضائها لتمثيلها في مجلس شوري المحافظه.

المكتب الاداري: ويشمل كل المناطق والشعب او كل الاخوان الموجودين داخل المحافظه، ويسمي المكتب باسم المحافظه، وفي حاله المحافظات الكبيره ذات الكثافه الاخوانيه العاليه، تقسم المحافظه الي مكتبين اداريين او اكثر، فيقال: مكتب اداري شرق القاهره، ومكتب اداري جنوب القاهره، وهكذا.

القطاع: تقسم الجماعه مصر الي سبعه قطاعات جغرافيه هي: قطاع جنوب الصعيد، ويشمل مكاتب اداريه (اسوان، وقنا، وسوهاج، واسيوط)، قطاع شمال الصعيد ويتضمن مكاتب اداريه (المنيا، وبني سويف، والفيوم)، قطاع القاهره الكبري ويضم مكاتب اداريه (جنوب القاهره، وشرق القاهره..

ووسط القاهره، وشمال القاهره، والجيزه، والقليوبيه)، قطاع شرق الدلتا ويشمل مكاتب اداريه (سيناء، بورسعيد، الاسماعيليه، والسويس)، وقطاع وسط الدلتا (الدقهليه، الشرقيه، المنوفيه، الغربيه)، وهكذا.

المكتب التنفيذي »الارشاد«: هو اعلي سلطه تنفيذيه في تنظيم الاخوان المحلي، ويطلق عليه في مصر - مجازاً - مكتب الارشاد، ويتكون من 16 عضواً، عدا المرشد، 14 عضواً منهم في مصر والاخران من الخارج.

مجلس الشورى العام: يتكون من نحو 108 اعضاء، منهم اعضاء مكتب الارشاد، ومسؤولو المكاتب الاداريه، اضافه الي 15 عضواً يقوم مكتب الارشاد بتعيينهم، اما الباقون فيتم اختيارهم من مجالس شوري المحافظات وفق نسب معينه تتوقف علي الكثافه الاخوانيه في المحافظات.

التنظيم الدولي: لان الاخوان يوجدون في دول كثيره من قارات العالم في شكل تنظيمات محليه، لها تقريباً نفس البناء الفكري والتنظيمي والاداري، فقد سعت قيادات الجماعه في منتصف السبعينات من القرن الماضي، الي ان ينظمها عقد واحد، اولاً: لتحقيق مزيد من وحده الفهم والحركه، ثانياً: للتنسيق والتعاون فيما يتعلق بالقضايا الكبري.

مجلس الشوري الدولي: يتكون من 33 عضواً، وله ان يضم بالتعيين عضوين اخرين ليصبح 35 عضواً، 8 منهم من اخوان مصر، والباقون موزعون علي اخوان الدول الاخري طبقاً لكثافتهم في هذه الدول.

مكتب الارشاد الدولي او العام: يتكون من 13 عضواً، عدا المرشد العام، 8 منهم من البلد الذي فيه المرشد، والباقون من دول اخري، ومدته 5 سنوات، وهي متزامنه مع مجلس الشوري الدولي، ويتابع المكتب نشاط الاخوان في التنظيمات المحليه، ويراقب اداءها.

في ثمانينات من القرن الماضي شاع علي السنه الاخوان شعار »علانيه الدعوه وسريه التنظيم«، ومرجع هذا الشعار ما كانت تعانيه الجماعه من تضييق وملاحقه، علي اعتبار ان الجماعه »محظوره« قانوناً، فضلاً عن انها تشكل تنظيماً سرياً علي خلاف احكام الدستور والقانون.

وتبعاً لذلك، كانت فرصه نظام الحكم انذاك كبيره في اصطياد الجماعه وتوجيه اتهامات كثيره لها، خصوصاً في تلك الفترات التي كانت تواكب الانتخابات النيابيه، حيث يتم الضغط عليها، ليس بهدف عدم خوض الانتخابات، ولكن لتقليص عدد المرشحين منها لاقل عدد ممكن.

ازاء هذا الوضع، اقترح البعض شعاراً اخر هو»علانيه الدعوه ودقه التنظيم«، لكن الحيله ما كانت لتنطلي علي نظام الحكم، صحيح اننا طرحنا شعاراً اخر، لكن بقي الوضع علي ما هو عليه، وصحيح ايضاً ان لقاءات مكتب الارشاد كانت معروفه، زماناً ومكاناً، وكل ما يجري فيها كان مرصوداً ومراقباً، لكن هذا شيء والتنظيم شيء اخر.

في كثير من الاستدعاءات التي كانت تتم لافراد الاخوان للقاء ضباط مباحث امن الدوله، كان الاخوان ينكرون كل شيء، والشيء كان يحدث مع نيابه امن الدوله، هذا علي الرغم من ان ضباط امن الدوله كانوا يعرفون الكثير عن الاخوانا.

كان الهدف دائماً وابداً هو المحافظه علي التنظيم، فهو الوعاء الوحيد القادر علي حمل الفكره، والمنهج، والوسائل، فضلاً عن تحقيق الاهداف، وبالتالي، لا باس من المراوغه، والخداع، والكذب، والاستهبال.

وقد افرز هذا التضييق الذي مارسه نظام الحكم من ناحيه، والمحافظه والحرص علي التنظيم من جانب قيادات الجماعه من ناحيه اخري عما يلي: 1) عدم تدفق او سيوله المعلومات من اعلي الي اسفل، والاكتفاء باقل القليل منها، مخافه تسربها او جزء منها لامن الدوله..

وبالتالي جهل معظم الافراد بما يجري علي مستوي القيادات. 2) عدم مساءله او محاسبه القيادات علي اي تصرف او تصريح يصدر منها مخالفاً للتوجهات العامه للجماعه. 3) ترحيل او تاجيل المشكلات التي تعانيها الجماعه، وهو ما ادي الي تراكم الكثير منها بدرجه اثرت سلباً علي اداء الجماعه. و4) الانفصام بين القمه والقاعده.

كان من نتيجه ذلك كله، ان تحولت الجماعه الي كتله شبه صماء، تحركها القياده انا شاءت، وفي اي اتجاه تريد، وللحرص علي التنظيم وسلامه وصحه المعلومات التي تصله من القياده، كان هناك ما يعرف بـ »وحده المصدر«، بمعني ان يتلقي رؤساء المؤسسات الاخوانيه معلوماتهم من مصدر واحد فقط.

صحيح، كان يحدث ان تتعدد المصادر، بين الامانه من جانب واعضاء مكتب الارشاد المشرفين علي القطاعات والاقسام من جانب اخر، وهو ما سبب في بعض الاحيان بلبله واضطراباً، لذلك تم الاتفاق في نهايه الامر علي ان تكون الامانه هي المصدر المعتمد للمعلومات، وبالتالي انفردت الامانه بمخاطبه الاخوان علي مستوي كل المؤسسات.

الذي حدث مع الدكتور محمود عزت، الذي تولي موقع الامين العام، خصوصاً في الفتره (2004ـ 2010) التي كان فيها عاكف مرشداً، شيء مختلف تماماً عما كان مفروضاً، وقد لوحظ عليه ما يلي:

ا) تدخله الشديد في كل صغيره وكبيره تخص عمل مؤسسات الجماعه، وهو ما ادي الي ارباكها.

ب) استلاب سلطه مكتب الارشاد في اصدار تكليفات، حتي لبعض اعضاء المكتب، وذلك من وراء مكتب الارشاد ذاته.

ج) نقل معلومات الي مؤسسات الجماعه لم يتم الاتفاق عليها في مكتب الارشاد.

د) بعث رسائل الي اخوان مصر في الخارج دون علم مكتب الارشاد.

وقد واجهت الدكتور محمود عزت بكل هذه المخالفات، فاعترف بالبعض وانكر البعض الاخر، ولما تكرر الامر، اضطررت الي ابلاغ المرشد العام الاستاذ عاكف بما يرتكبه الرجل من مخالفات، والتحذير منها ومن اثارها الخطيره علي الجماعه، لكن المرشد ـ للاسف الشديد ـ تصور ان المساله شخصيه.

ومضت الامور علي مدار 6 سنوات من مصيبه الي كارثه، وعندما بدا الكل يشكو، ساعتها قال الرجل: وماذا افعل؟!

من خلال محمود عزت، تحولت الجماعه الي تنظيم سري، تاتمر كل عناصره باوامره، خصوصاً المكاتب الاداريه واعضاء مجلس الشوري العام.

مصطفي مشهور هو احد رجال النظام الخاص، ورغم ذلك كان اكثر الاخوان مشاوره لاخوانه، وقد تولي منصب المرشد العام نحو 7 سنوات، في الفتره بين عامي 1996 و2002، لكن دوره في الجماعه كان بارزاً اً في حياه المرشدين:

عمر التلمساني في الفتره بين عامي 1975 و1986، ومحمد حامد ابو النصر في الفتره بين عامي 1986 و1996. وقد عرف عن مشهور قدرته الفائقه في مجالات: تجنيد الافراد وربطهم بالجماعه، فهو يعد المؤسس الثاني لجماعه الاخوان بعد حسن البنا.

تمويل الجماعه لغز يستعصي علي الحل

ظلت الجماعه محظوره لعقود طويله، ولم تحاول قياداتها توفيق اوضاعها - كجمعيه - طبقاً للقانون، حتي لا يتم التعرف الي افرادها او اعدادهم او منهجهم او استراتيجيتهم في الحركه..

وبالتالي تسهل متابعتهم وملاحقتهم وربما القاء القبض عليهم واسناد قضايا لهم، علي انهم يمثلون تنظيماً غير شرعي او جماعه مؤسسه علي خلاف الدستور والقانون، وقد ظل الوضع المالي للجماعه سراً لا يطلع عليه احد ولا يعرفه سوي افراد محدودين داخل الجماعه، علي اعتبار انه احد الاسباب الرئيسه لوجود تنظيم.

وتعتبر الاشتراكات الشهريه لاعضاء الجماعه هي الممول الرئيسي لها، هذا عدا ما يمكن ان يقدمه الاعضاء، خصوصاً الاثرياء او الميسورين منهم من تبرعات او هبات، وفي حاله ما اذا كانت الجماعه مقبله علي خوض انتخابات برلمانيه، تزداد قيمه الاشتراكات - ربما الي الضعف - لتغطيه الحملات الانتخابيه..

والحقيقه انه لا توجد شركات مملوكه للجماعه، او حتي مملوكه للجماعه لكن باسماء افراد، الشركه الوحيده المملوكه للجماعه - ومعروف اسماء المشاركين باسهم فيها - هي دار التوزيع والنشر الاسلاميه، لكن هناك بالطبع شركات مملوكه لافراد من الاخوان، وهذه ملكيه خاصه بهم..

ولا علاقه للجماعه بها، ويعتبر المالكون لهذه الشركات من المصادر المهمه التي تمد الجماعه بالمال، خصوصاً ايام الانتخابات، من المؤكد انه لا توجد دول او مؤسسات او هيئات خارجيه تمد الجماعه بالمال، كما لم يصل رصيد الجماعه يوما ًما - حتي خروجي منها اخر ديسمبر 2009 - لاكثر من بضعه ملايين من الجنيهات، ومن المجالات التي يتم الصرف فيها:

1) الاعانات التي تصرف لعائلات المحبوسين احتياطياً، او المحكوم عليهم، وقد يتم هذا لاشهر او لسنوات.

2) نفقات سفر اعضاء الجماعه لحضور لقاءات التنظيم الدولي.

3) اقامه المخيمات او الرحلات او المؤتمرات، في الداخل او الخارج.

4) رواتب الموظفين والعاملين، وكذلك المتفرغين من الاخوان في اعمال دعويه.

قضي الدكتور محمد السيد حبيب، كاتب هذه المذكرات، 40 عاماً داخل صفوف جماعه الاخوان، منها 25 عاماً عضواً بمكتب ارشادها الذي التحق به عام 1985، وخرج منه مطلع 2010، بعد »اسقاطه« في انتخابات داخليه اثارت عاصفه من الجدل نهايه 2009.

بحكم موقعه كنائب اول لمرشد الجماعه، اطلع الدكتور حبيب علي ادق تفاصيل واسرار التنظيم، من علاقه الاخوان بنظام مبارك الي اتصالاتهم مع الاميركيين، كما وقف علي مصادر تمويل الجماعه، التي وصفها بانها سر لا يجوز حتي للاعضاء الاطلاع عليه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل