المحتوى الرئيسى

بوب مارلي.. أيقونة السلام والموسيقى الخالدة

02/06 17:53

عندما يذكر اسم بوب مارلي، تسترجع الاذهان شكل ذلك الجامايكي الاسمر ذو الجدائل الطويله علي المسرح وهو يغني رائعته اغنيه No Woman, No Cry.

ولكن بوب مارلي لم يكن فقط مجرد مغني موسيقي الـ"ريجي" (Reggae) قادم من بلاد فقيره، بل كان ايقونه للحريه والسلام والمساواه في كل مكان فاينما تذهب تري صورته علي قمصان الشباب والفتيات علي خلفيه بعلم جامايكا كرمز للسلام والحريه والمساواه، وهو ما حرص مارلي علي تطبيقه علي ارض الواقع من خلال موسيقاه.

منذ سبعين عامًا في السادس من فبراير من عام 1945، وُلد روبرت نيستا "بوب" مارلي في سانت ان في دوله جامايكا للضابط البحري البريطاني، نورفالك مارلي، وام جامايكيه، سيديلا بوكر، وكانت في الثامنه عشر من عمرها.

سمي بوب مارلي اولا بنيستا روبرت مارلي ولكن تم تقديم وتاخير اسميه الاول والثاني لاحقًا والتحق بمدرسه ستيبني الابتدائيه في سانت ان.

في عام 1955، توفي ابيه عن عمر يناهز السبعين وكان مارلي في العاشره فقط.

احد اصدقاء مارلي في المدرسه ويُدعي نيفيل ليفينجستون (سمي لاحقًا باسم باني ويلر) بدا بعزف الموسيقي مع مارلي في المدرسه حتي تركها الاخير في عمر 12 عامًا وانتقل للعاصمه كنجستون.

من الجدير بالذكر، ان والد مارلي طلق والدته لاحقًا والتي تزوجت من والد صديقه باني، ثاديوس ليفينجستون، وانجبا اختًا لباني ومارلي تسمي بيرل.

ادي عيش مارلي وباني سويًا في ترينشتاون بالعاصمه كنجستون لتعميق الرابط الموسيقي بين الرجلين بجانب الاستماع لموسيقي الار اند بي والتي كانت تذيعها الاذاعات الامريكيه انذاك.

كانت بدايات مارلي الموسيقيه في عام 1962 حيث كان في السابعه عشر من العمر وقام انذاك بتسجيل اربع اغاني وهم "Judge Not"و "One Cup of Coffee" و "Do You Still Love Me?" و "Terror" في استديو المنتج المحلي، ليزلي كونج وتم اذاعه الاغاني بواسطه شركه التسجيل الجامايكيه، بيفرليز، تحت اسم مستعار وهو بوبي مارتيل.

في عام 1963، قام مارلي بجمع كل من باني ويلر وبيتر توش وجونيور بريثوايت وبيفرلي كيلسو وتشيري سميث وكونوا فرقه البكاؤون الغنائيه او The Wailers.

اصدر البكاؤون اغنيه Simmer Down او "اهدا" في عام 1964 حيث احتلت الصداره في جامايكا وباعت 70 الف نسخه وادي هذا لان يتعاونوا مع موسيقيين مشهورين من جامايكا مثل ايرنست رانجلين وجاكي ميتو ورولاند الفونسو.

في عام 1966، اصبح البكاؤون ثلاثه فقط بعد رحيل كيلسو وبرايثوايت وسميث، وفي نفس العام ايضًا تزوج مارلي وانتقل للعيش في ولايه ديلاوير الامريكيه.

و علي الرغم من النجاح المحلي الجيد الذي حققته الويلرز، الا انها لم تستطع الاستمرار فقد كان دخلها المادي من التسجيلات في ذلك الوقت تافهاً، فوضع الفنانين وقتها لم يكن ممتازا، ولذلك اضطر ثلاثه من اعضائها الي الهجره الي امريكا بحثاً عن فرص افضل لكسب العيش.

في السيتينات من القرن العشرين، قام مارلي، المسيحي مولدًا، باعتناق ديانه الراستافاريه وهي الديانه التي تقبل الامبراطور هيلا سيلاسي الاول، الامبراطور السابق لاثيوبيا، كتجسيد للرب والذي يطلقون عليه اسم (جاه).كما يراه متبعو تلك الديانه كجزء من الثالوث المقدس بوصفه المسيح المذكور في الانجيل، وقام مارلي باطاله جدائله من اجل ذلك.

من الجدير بالذكر ان مارلي قد تم تعميده الي المسيحيه قبيل وفاته بواسطه كبير قساوسه كنيسه اثيوبيا الارثوذكسيه، ابونا اسحاق في جامايكا في عام 1980.

يكمن سر نجاح بوب مارلي الساحق في بساطه كلماته واهميه الرساله التي تنشرها: التمرد علي الظلم، العداله، الحريه، السلام، محاربه الفقر، والحب بكل انواعه. ولم يكن ذلك كلاماً مجانيا رخيصاً يقال في اغنياته فقط، بل عملاً متحققاً ايضاً علي ارض الواقع.

تعاقد بوب مع المنتج "لي بيري" الذي استطاع بفراسته ان يلمح النزعه التمرديه في اغاني الويلرز التي توقع لها النجاح. ونتج عن هذا التعاون انجح الاغاني التي اصدرتها الويلرز مثل: "روح ثائره" Soul Rebel و"فاس صغير"Small Axe. وهكذا واصلت الفرقه نجاحها داخل جامايكا ولكنها بقيت مجهوله عالميا.

في عام 1972، قام بوب مارلي بالتوقيع مع شركه تسجيلات سي بي اس في لندن ورافق المغني الامريكيجوني ناش في جوله في السويد حيث استطاع بوب ان يوقع عقداً لاحياء حفله في لندن.

عندما ذهب بوب الي لندن كان هاجس العالميه يشغل تفكيره وهذا ما دفعه لدخول مكتب شركه "تسجيلات الجزيره" Island Records في لندن وطلب مقابله مالكها كريس بلاكويل، وهو جامايكي من اصل بريطاني. كان بلاكويل علي معرفه بسمعه بوب في جامايكا وبعد اخذ ورد، فاجا بلاكويل بوب بصفقه تعتبر نادره في ذلك الحين: يدفع بلاكويل للويلرز مقدماً 4000 جنيه استرليني لاصدار البوم واحد بواسطه اجهزه الشركه الحديثه، وعندما تنتهي الويلرز من تسجيل الالبوم تستلم 4000 جنيه اخري. وكانت هذه الصفقه بدايه الطريق نحو العالميه.

وهكذا خرج البوم "اَمْسِك النار" Catch a Fire الي النور في 1972، وتم تسويقه بصوره محترفه فتم تغليفه جيداً، وتم الاعلان عنه بكثره. نجح الالبوم في لفت الانظار الي موسيقى الريجي في بريطانيا، ولكنه لم يحقق تفوقاً عالميا ملحوظاً الا بعد حين.

وفي 1973، قامت الويلرز بزياره بريطانيا ـ بترتيب من بلاكويل ـ وقدمت 31 حفله حيث وكان الاقبال عليها رائعاً. وفي اكتوبر 1973 زارت الويلرز امريكا وفي جدولها 17 حفله.

وفي نهايه 1980، اصدرت الويلرز البومها "" Burnin الذي ضم الاغنيه الشهيره "انا قتلت الشَّريف " I Shot The Sheriff ذات المغزي السياسي التي لاقت نجاحاً كبيراً. وفي 1974، واصل بوب العمل بقوه حيث اصدر البوم "رعب انيق" Natty Dread الذي ضم اغنيته الرومانسيه "لا تبكي يا امراه No Woman No Cry"" والتي تم اختيارها في المركز 37 من افضل 500 اغنيه في التاريخ بواسطه مجله رولنج ستون.

في عام 1975، خرج من الويلرز اثنان من اعضائها (بيتر توش وبوني ويلر)، وانضمت اليها ريتا، زوجه بوب، لتصبح واحده من المغنيات الثلاثالشهيرات في كورال الويلرز ذوات الاصوات الرائعه: مارسيا غريفيثس، جودي موات، وريتا مارلي بالطبع. كما انضم للفرقه ايضاً عازف الغيتار ال اندرسون؛ وواصلت الويلرز في نفس العام القيام بالحفلات العالميه خاصه في بريطانيا واصبح اعضاؤها نجوماً عالميين واعظم نجوم جامايكا بدون منازع.

وفي عام 1976، اصدرت الويلرز البوم "اهتزاز رجل الرستفاري" Rasta man Vibration الذي حقق مبيعات قياسيه. وحصلت الويلرز في نفس العام علي لقب "فرقه العام" التي تمنحها مجله رولينغ ستونز العريقه، وتم تتويج بوب مارلي كاعظم "نجم غنائي" في العالم الثالث.

عام 1977، ومن بريطانيا، اصدرت الويلرز البومها الاشهر "خروج" Exodus الذي تصدر المبيعات في بريطانيا، وبقي في قائمه الالبومات الاكثر مبيعاً لمده 56 اسبوعاً متواصلاً. كما حقق الالبوم انتشاراً كبيراً في امريكا خاصهً بين السود. وعززت الويلرز بواسطه هذا الالبوم نجوميتها عالميا.

كان عام 1978 حافلاً. فقد اصدرت الويلرز البومها "كايا" Kaya. وفي نفس العام، تسلم بوب ميداليه السلام من الامم المتحده في نيويورك لدوره في نشر السلام عبر الفن. واصدرت الويلرز البومها "بابل عبر الباص" Babylon By Bus.

عام 1979، اصدرت الويلرز البوم "نجاه" Survival الذي خصصه بوب من اجل الدعوه الي الوحده الافريقيه، وواصلت الويلرز فيه جولاتها العالميه.

وفي ابريل 1980، سافر بوب والويلرز الي زيمبابوي ليقدموا حفله ضمن مراسم الاحتفال باستقلال تلك الدوله الافريقيه. لقد كان ذلك تشريفاً كبيراً لبوب شخصيا، واعترافاً بالدور الانساني والتحرري الذي يقوم به.

وفي مايو 1980، اصدرت الويلرز البوم "ثوره" Uprising الذي لاقي نجاحاً عالميا كبيراً خاصهً اغنيه "اغنيه التحرير" Redemption Song المؤثره التي اصبحت مع اغنيه "انهض.. قاوم" Get Up, Stand Up الثوريه المتمرده نشيداً عالميا لكل التوّاقين للحريه. وفي نفس العام، واصلت الويلرز حفلاتها العالميه وحققت رقماً قياسيا في عدد الحضور الذي بلغ مائه الف مشاهد اجتمعوا في ملعب كره قدم في ايطاليا.

استمر نجاح تسجيلات الويلرز، وقُدِّرت مبيعاتها عندما توفي مارلي في عام 1981، بـ 190 مليون دولار كما تُقدر الان مبيعات تسجيلات بوب مارلي منفرده بنصف مبيعات "جميع" موسيقي الريجي في الولايات المتحده.

بِيع من البوم بوب مارلي " اسطوره " Legend لوحده اكثر من 20 مليون نسخه اي ما يعادل 180 مليون دولار وذلك حصيله البوم واحد في الولايات المتحده فقط. يقول منتج اعماله كريس بلاكويل ان مبيعات تسجيلات بوب بلغت 300 مليون نسخه حتي عام 2000، وهو رقم خرافي لمغنٍ من العالم الثالث توفي قبل ربع قرن مما يجعله من اكثر الفنانين مبيعًا في التاريخ.

كان مارلي ايقونه لها تاثيرها العميق علي الموسيقي والمجتمع، فبحلول الالفيه الثالثه، وصفته جريده نيويورك تايمز بانه "اكثر فنان تاثيراً في النصف الثاني من القرن العشرين"، واختارت الـبي بي سي اغنيته الشهيره "الحب للجميع" One Love نشيداً لنفس المناسبه، وربما كان الشرف الاهم وغير المتوقع هو ما جاء من مجله "تايم" التي وصفت البومه الشهير "خروج" Exodus بانه "البوم القرن".

كما مُنح في عام 2001 جائزه جرامي الموسيقيه الرفيعه عن نتاجه الابداعي مدي الحياه. ونُقش اسمه في جادَه مشاهير هوليوود في مدينه لوس انجلوس الامريكيه في عام 2001 مع نجوم هوليوود. وبالرغم من الاختلاف الكبير بين موسيقي الريجي الهادئه نوعاً ما، وموسيقى الروك اند رول الصاخبه وذات الشعبيه الساحقه في الولايات المتحده، فقد تم ضم بوب مارلي الي متحف مشاهير الروك اند رول في الولايات المتحده في عام 1994، وذلك اعترافاً بعبقريته الموسيقيه.

بينما كان مارلي يلعب كره القدم عام 1977، اصيب اصبع قدمه بجرح تم علاجه ولكنه لم يلتئم. اكتشف فيما بعد التشخيص الصحيح انه مصاب بنوع من سرطان الجلد تحت ظفر اصبعه مما استوجب بتر الطرف المصاب، لكن معتقدات مارلي الرستافاريه منعته من ذلك.

واثناء وجود الويلرز في امريكا سنه 1980، لتقديم حفلتين في صاله الماديسون سكوير جاردن في نيويورك، وخرج بوب يوم 21 سبتمبر ليمارس رياضه الجري حول المنتزه الرئيسي في نيويورك، فسقط فاقداً الوعي بعد ان تغلغل السرطان في جسده.

عاش بوب بعدها سته اشهر انهك فيها السرطان جسده المتعب حتي فتك بمعدته، ثم احدي رئتيه، واخيراً وصل الي دماغه، قبل ان يتوقف قلبه في احد مستشفيات ميامي الامريكيه في 11 مايو 1981 عن عمر يناهز السادسه والثلاثين عاماً.

و قد مُنح بوب وساماً رفيعاً من بلاده قبل شهر من وفاته تقديراً لدوره في نشر السلام والحريه داخل وخارج جامايكا.

"حيثما ذهبت، وجدت بوب مارلي رمزاً للحريه"، رئيس منظمه العفو الدوليه جاك هيلي.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل