المحتوى الرئيسى

لقاءات رسمية بين خصوم ليبيين لأول مرة بحثًا عن تحالف واسع ضد المتطرفين

02/06 03:06

يبدو ان الحوار الذي ترعاه الامم المتحده في جنيف بين الليبيين يسير في طريق، والاجراءات العمليه لبناء الدوله ومحاربه الارهاب تسير في طريق اخر مختلف.

وبعيدا عن الجهود التي يقوم بها المبعوث الخاص للامين العام للمنظمه الدوليه، برناردينو ليون، تشهد خارطه الصراع الليبي تحولات جوهريه، تتركز في انعقاد حلقات اتصال رسميه، ولاول مره، برعايه القاهره، بين عناصر من الدوله الجديده التي يقودها برلمان طبرق المنتخب من الشعب، واطراف من نظام العقيد الراحل معمر القذافي، بعد ان فشل قاده الميليشيات المتطرفه في ان يستقطبوا لصفهم اي عناصر من النظام السابق الذي حكم ليبيا لمده 42 عاما.

وبعد اشهر من الرسائل المباشره وغير المباشره بين زعماء سياسيين من المحسوبين علي «ثوره فبراير»، التي اسقطت حكم القذافي، ووزراء سابقين عملوا مع العقيد الراحل، يمكن القول ان الكفه رجحت لصالح فريق فبراير «المدني» الذي حاز الاغلبيه في انتخابات البرلمان الاخيره، لتزيد بذلك عزله المتطرفين والمتحالفين معهم من قاده «الاخوان» وقوات «فجر ليبيا» الذين ينتمي معظمهم لمدينه مصراته الواقعه علي بعد نحو 200 كيلومتر الي الشرق من العاصمه طرابلس.

ومن المعروف ان ليبيا اصبح فيها ثلاثه فرق.. منها فريقان مما يسمي «فبراير»، وهما فريق المتطرفين بقياده جماعه الاخوان المسلمين من جانب، والفريق المدني ممثلا في البرلمان المدعوم من الجيش الوطني من جانب اخر. ويتقاتل هذان الفريقان منذ اكثر من سنه علي السلطه دون امل في حسم الصراع سريعا.

ويقول احد القاده العسكريين المخضرمين، والذي كان يعمل لسنوات في الجيش ايام حكم القذافي، ان الطرف الذي يكسب ود رجال القبائل والعسكريين من النظام السابق يمكنه الفوز في هذه المنافسه الدمويه.

ويضيف احد المسؤولين المصريين ممن كانوا مكلفين بمراقبه الاوضاع في هذا البلد المجاور، ان قوات ما يسمي «فجر ليبيا» التي يقودها «الاخوان»، والمحسوبه علي مصراته، بعثوا برسائل لرجالات من نظام القذافي ممن يقيمون في كل من القاهره وتونس والجزائر، من اجل عقد تحالفات معهم، الا ان هذه المحاولات التي استمرت لعده اشهر وصلت الي طريق مسدود وباءت اخيرا بالفشل، ليحل محلها تحالف اخر بدا يؤتي اكله، تحت رعايه مصريه، لجمع قيادات من البرلمان والحكومه المنبثقه عنه والتي تعمل من مدينه البيضاء، والجيش الذي يقوده خليفه حفتر، مع زعماء سابقين من نظام القذافي.

وتضم اللقاءات، التي جري جانب كبير منها في مصر خلال الايام القليله الماضيه، فاعلين من البرلمان الذي يراسه المستشار عقيله صالح، وكذا ضباطا من رئاسه اركان الجيش، وعددا من الوزراء والقاده العسكريين السابقين المحسوبين علي عهد القذافي، من بينهم، علي الاقل، ثلاثه وزراء وثلاثه برتبه لواء.

وتقول مصادر مصريه علي علاقه بهذه اللقاءات انها تاتي في اطار محاولات القاهره للم شمل الاخوه في ليبيا في حربهم ضد المتطرفين، وان هذا لا يتعارض مع مساعي الامم المتحده لاجراء حوار بين الخصوم الليبيين.

ومع هذا شارك في اللقاءات التي جرت بمصر قيادات لديها العديد من التحفظات علي اجراء حوار جنيف، بل لديها تحفظات علي رعايه الامم المتحده للحوار بين الليبيين اصلا، حتي لو عُقد في الداخل الليبي. ويقول احد القاده القبليين من المحسوبين علي القذافي، بعد ان شارك بمصر قبل يومين في لقاءات مع قاده من برلمان طبرق المعترف به كممثل للشرعيه في ليبيا، ان «حوار جنيف هش ولا يعول عليه.. وفيه انحياز للمتطرفين الذين يقتلون الليبيين كل يوم».

ورفضت قبيله «ورفله»، احدي اكبر القبائل الليبية، المشاركه في الحوار الذي يرعاه «ليون». بينما افاد زعماء قبائل اخرون، من بينهم مولاي قديدي اما جنيدي يخلاص، رئيس المجلس الاعلي للطوارق في ليبيا، بانهم لم يتلقوا دعوه من الامم المتحده للمشاركه في الحوار. وقال احد زعماء قبيله التبو، وهي واحده من القبائل التي تتميز بوجود قوي في البلاد، ان الامم المتحده تجاهلت، من الاساس، توجيه دعوه لاي من ممثلي القبيله للمشاركه في الحوار لـ«سبب غير مفهوم»، رغم قول الامم المتحده انها حريصه علي اشراك كل الاطراف.

ومن جانبه، يقول قديدي، في مقابله مع «الشرق الاوسط» حين زار القاهره اخيرا: «نحن مع الحوار، لكن لم يدعنا اليه احد حتي الان». ويضيف احد قاده التبو، والذي يعمل كمستشار رفيع المستوي في برلمان طبرق: «لقد تجاهلتنا الامم المتحده، ولم تتصل بنا للمشاركه». ويؤكد محمد الورفلي، رئيس اللجنه القانونيه بالمجلس الاعلي للقبائل الليبيه، في لقاء مع «الشرق الاوسط»، انه «غاب عن الجوله الاولي من حوار جنيف قاده وزعماء يملكون القدره علي تغيير الواقع علي الارض، وحضره مجموعه من الشخصيات التي لا تمثل اي قوه تذكر في ليبيا».

وتشترط قوات المتطرفين عقد جلسات الحوار في الداخل الليبي. ولا يتفق مع هذا عدد من زعماء القبائل المحسوبه علي نظام القذافي، لانه يتم تحت تهديد السلاح، مع ملاحظه ان قوات المتطرفين اصبحت تنظر بقلق لما تقوم به القاهره من محاولات للتوفيق بين زعماء البرلمان والجيش الوطني من جانب، وزعماء من القبائل والجيش متهمين بانهم محسوبون علي نظام القذافي من جانب اخر. ولهذا يبدو ان ضغوط المتطرفين بدات تتجه الي القائمين علي حوار جنيف للحصول علي مكاسب «وهو امر مقلق للكثير من الليبيين»، كما يذكر مصدر في الجيش الليبي.

لكن بعثه الامم المتحده في ليبيا تؤكد، من جانبها، انها وجهت دعوات للمشاركه في الحوار للقبائل وللبلديات، بلا تفرقه. ويسعي «ليون» الي وقف لاطلاق النار بين الفرقاء اولا، قبل نقل الحوار الي الداخل الليبي. ويري «ليون» ان مهمته صعبه، وان الليبيين عليهم ان يبذلوا جهدا مضاعفا لانجاح الحوار لانه الفرصه الاخيره لانقاذ الدوله من الفشل.

الا ان احد قاده الجيش يقول ان وقف القتال في حد ذاته يعد حلما بعيد المنال، لان المتطرفين يسعون بشكل محموم لتعزيز قدراتهم سواء باحتلال مناطق جديده او من خلال السيطره علي المناطق النفطيه، كما يجري من حرب مستعره حاليا في «الهلال النفطي الغني، ولذلك نشعر بان المطالبه بوقف الجيش لعملياته تهدف الي تخفيف الضغط علي هؤلاء الارهابيين».

وينظر هذا القائد العسكري الي ما تقوم به الامم المتحده، ويعلق قائلا ان المنظمه الدوليه لا تستطيع فرض وقف لاطلاق النار علي قوات المتطرفين التي «هي في الحقيقه بلا ضابط ولا رابط.. تعمل، بتنسيق من اعلي، بقياده جماعه الاخوان، وتعمل علي الارض كمجموعات متفرقه وكانها بلا قياده، وتحاول استغلال حوار جنيف لالتقاط الانفاس واعاده الضرب من جديد بمساعده ممولي الارهاب في منطقه الشرق الاوسط».

ومن جانبه، يقول احمد قذاف الدم، ابن عم العقيد معمر القذافي، والمنسق السابق للعلاقات المصريه الليبيه، لـ«الشرق الاوسط»، ان الحوار الذي يجري الان (في جنيف) يُدعي اليه، للاسف، من يحملون السلاح.. «وانا اتساءل: هل يريدوننا ان نحمل السلاح ليستمعوا لصوتنا؟».

وحصلت «الشرق الاوسط» علي معلومات تفيد بان قاده من المتطرفين مما يسمي بـ«قوات فجر ليبيا» اجروا لقاءات سريه مع عدد من زعماء الدوله الليبيه المنتمين لعهد القذافي والمعتقلين في سجون الميليشيات في كل من مصراته وطرابلس، في محاوله لعقد صفقه معهم بشان المستقبل، بشرط ان يعلنوا الولاء لحكومه المتطرفين التي تديرها جماعه الاخوان في طرابلس بقوه السلاح، الا ان رجال القذافي في السجون رفضوا الصفقه.

وفي المقابل، بدا من خلال المقابلات التي جرت في القاهره خلال الايام الماضيه ان رجال القذافي يجنحون الي التحالف مع الجناح المدني لتيار «الفبرايريين» (اي الموالين لثوره 17 فبراير) ممثلين في برلمان طبرق، وفي رئاسه اركان الجيش بقياده كل من اللواء عبد الرزاق الناظوري واللواء خليفه حفتر، لكن بشروط معينه بعضها قابل للتحقق مثل الغاء قانون العزل السياسي الذي الغي بالفعل قبل يومين، وكذلك العفو العام، والبعض الاخر صعب المنال في الوقت الحالي، مثل التخلي عن القسم بالولاء لـ«فبراير» لكل من يريد الانخراط في العمل في الدوله، وغيرها من التفاصيل الخاصه بالرتب العسكريه وتقاسم السلطه مستقبلا.

وشارك في اخر اللقاءات التي عقدت في مصر بين «تيار فبراير المدني»، ورجال منتمين لعهد القذافي، اثنان من القاده الكبار في البرلمان، وثلاثه من القاده في رئاسه اركان الجيش. اما الطرف الاخر، اي زعماء العهد السابق، فكان من بينهم المهندس «ع.ك» وكان وزيرا ايام القذافي، واللواء «م.س» القائد العسكري السابق بالمنطقه الليبيه الغربيه، و«م.ج.ع»، وكان مسؤولا كبيرا في المؤتمر الشعبي العام (البرلمان ايام القذافي) و«ع.ش»، وكان يشغل موقعا مهما في هيئه الاستثمارات الليبيه في النظام السابق.

ويحظي معظم رجال القذافي بتاييد من القبائل التي لم تشارك في «ثوره فبراير»، كما ان لهم علاقات لافته بزعماء النازحين الليبيين الفارين من الاقتتال بين جناحي فبراير، وغالبيتهم موجود في مصر وتونس والجزائر. ويعيب هذا الفريق علي الامم المتحده الانحياز للفبرايريين، خاصه بعد ان قال بيان البعثه الامميه في ليبيا ان مباحثات الحوار بين الخصوم «ستسترشد بمبادئ ثوره 17 فبراير». ويقول احد كبار القاده الليبيين السابقين: «لقد اسقطت البعثه الامميه من حساباتها مليوني مهجر علي الاقل من انصار القذافي في الخارج».

وفي المقابل، ووفقا للمصادر الليبيه، يمكن للقاءات القاهره ان تعضد حوار جنيف، حتي لو جري نقله الي ليبيا، لكن في الشق الخاص بعزل المتطرفين.. «وهو امر يبدو ان بعض الاطراف الدوليه لا تحبذه، مثل بريطانيا والولايات المتحده الاميركيه».

ومن بين من تلقوا دعوه للمشاركه في حوار جنيف ورفضوا تلبيتها محمد الورفلي، ابن قبيله الورفله، وهو من مدينه بني وليد التي تعرضت للغزو علي يد الميليشيات المتطرفه مرتين، في 2011 و2012. ويقول الورفلي: «تلقيت دعوه لحوار جنيف.. لم تكن بصفتي رئيس اللجنه القانونيه في المجلس الاعلي للقبائل الليبيه، بل علي اساس انني انتمي الي مدينه بني وليد وانني من قبائل ورفله».

ويضيف: «علي المستوي الشخصي انا غير مقتنع بالحضور للقاء جنيف.. لعده اسباب.. الاول ان هذا اللقاء تحضره اطراف ايديها ملوثه بالدم الليبي دون ان تقدم اي اعتذار، او اي خطوه تفيد بان هذه المجموعات نادمه علي ما فعلته بالليبيين (منذ احداث 2011 وما بعدها). والسبب الثاني انه لم يكن هناك جدول اعمال مطروح واضح المعالم في حوار جنيف.. حوار يغلب عليه الطابع البروتوكولي اكثر من اي شيء اخر. النقطه الثالثه ان الجانب الاساسي في لقاء جنيف هو تشكيل حكومه موسعه، اي جمع حكومه طرابلس مع حكومه البيضاء. وهذه النقاط الثلاث لم تكن ولن تكون همي انا كمواطن ليبي مهجَّر».

وتشعر غالبيه القبائل التي يصنفها رجال فبراير علي انها كانت منحازه للنظام السابق بالغبن والعزله، ويقول ممثلون عنها ان الامم المتحده شاركت في اللقاء حين وضعت الالتزام بمبادئ فبراير شرطا للتباحث في مساله الحوار بين الليبيين في جنيف، رغم ان تلك القبائل تشكل قوه عدديه لا يستهان بها في ليبيا.

ومن بين هذه القبائل، في المنطقه الغربيه من البلاد، قبائل النوايل، والمحاميد، ووريمه، والصيعان، والاصابعه، والعجيلات، وورشفانه، وورفله، وترهونه، وغيرها. وفي الجنوب هناك قبائل المقارحه، والتبو، والطوارق، وسوكنه، وهون، وزله. وفي الوسط توجد قبائل سرت، وفي الشرق هناك اكثر من نصف القبائل لم تكن مع «ثوره فبراير».

ويضيف الورفلي: «انظر للمهجرين الليبيين.. عددهم مليونان وكسور. ولو افترضنا ان كل مهجر له اخ او قريب واحد فقط داخل ليبيا مؤيد مثله للنظام السابق، فانت هنا امام اكثر من اربعه ملايين ليبي، بينما عدد السكان يبلغ نحو سته ملايين نسمه. اذن ثلاثه ارباع الليبيين كانوا مؤيدين للقذافي. انا شخص واحد مؤيد ومقيم في المهجر وعندي في الداخل ثلاثون من اقاربي مؤيدون مثلي».

ويري احد زعماء القبائل الليبيه غير المشاركه في حوار الامم المتحده ان السبب في عدم التعويل علي الحوار يرجع الي ان الطريقه التي يتبعها «تريد ان تضع العربه امام الحصان.. طرح مساله تشكيل حكومه موسعه كان ينبغي ان ياتي بعد التوافق علي خارطه طريق للخروج من الازمه اولا، مثل الحكومه اللبنانيه التي انبثقت عن مؤتمر الطائف بين الاطراف اللبنانيه. وقتها اتفقت الاطراف اللبنانيه علي خارطه طريق اولا، ثم شكلت بعد ذلك حكومه موسعه تمثل كل اطراف الصراع».

ومنذ سقوط طرابلس والعديد من المدن الليبيه الاخري في ايدي المتطرفين تحاول الكثير من القبائل المحسوبه علي القذافي الناي بنفسها عن الاقتتال الجاري بين طرفي «ثوره فبراير»، لكن طول امد الازمه والحروب اصبح يؤثر علي الحياه اليوميه للجميع، وفي كل المناطق. ويقول محمود الجبري، وهو ناشط ليبي: «نحن اليوم لسنا امام قضيه سياسيه، بل قضيه حياه. المواطن البسيط غير امن.. عمليات التهجير للخصوم تجري علي قدم وساق حتي اليوم، والناس لا يجدون غاز الطهي، والكهرباء تقطع عده ساعات يوميا. الحياه اصبحت قاسيه علي الجميع، وحين بدات الامم المتحده الدعوه للحوار يبدو انها لم تضع هذا في الحسبان، لانها ركزت علي عقد لقاءات بين شخصيات لا علاقه بها بالواقع اليومي ولا قدره لها علي وقف الاقتتال والتشريد».

وعلي سبيل المثال قامت معظم القبائل منذ سقوط طرابلس بتشكيل مجلس اعلي للقبائل. ويقول رئيس اللجنه القانونيه بالمجلس، وهو من قبيله ورفله: «بمجرد وصول الدعوه لي لحضور حوار جنيف اتصلت بالمجلس الاجتماعي لقبائل ورفله، وعرضت عليه الدعوه التي وصلتني، فرفضها، وقرر عدم المشاركه في جنيف، لعده اسباب منها ان ورفله صدر بحقها قرار رقم 7 الصادر من المؤتمر الوطني الليبي (البرلمان السابق الذي كانت تهيمن عليه جماعه الاخوان وحلفاؤها من المتطرفين) في شهر اكتوبر (تشرين الاول) 2012 باقتحام مدينه بني وليد من طرف الميليشيات وجري تشريد اهاليها وقتل العديد من الناس، وهناك المئات ما زالوا يقبعون في سجون الميليشيات جراء هذا القرار».

ويضيف الورفلي انه «من بين اسباب عدم المشاركه ايضا ان الاطراف التي تشارك في لقاء جنيف هي اطراف منتقاه، وهي اطراف لا تملك القوه الفاعله علي الارض. كما ان قبائل ورفله ما زالت ترفض ان تشرف الامم المتحده علي اي عمل يتعلق بليبيا علي اساس ان الامم المتحده كانت سببا في الاحداث التي مرت بها البلاد من خلال القرارين رقمي 1970 و1973 (بالتدخل الدولي عن طريق حلف الناتو في ليبيا) والتي ادت الي ما نحن فيه اليوم».

وقال «المجلس الاجتماعي لقبائل ورفله» ان اي شخص منها يذهب لحوار جنيف سوف يعلن المجلس براءته منه ويرفع الغطاء الاجتماعي عنه. ويشعر العديد من ابناء القبائل بالمراره من التداعيات التي اعقبت سقوط نظام القذافي وانتشار الفوضي في البلاد، وتحول عده مدن الي معاقل للمتطرفين. ويطالب البعض الامم المتحده، قبل ان تدعو للحوار، بان تعتذر للشعب عما حل ببلاده من خراب.

وعلي سبيل المثال يقول الورفلي: «علي الامم المتحده ان تعرب عن اسفها للشعب الليبي، وما الحقته بالبلاد من دمار للبنيه التحتيه وحل لمؤسسات الدوله وتدمير الجيش. هنا يمكن الحديث مع الامم المتحده. لكن ان يجري حرق الاخضر واليابس تحت مظله الامم المتحده، ثم تتحول بعدها الي سائق سياره اسعاف ومطافئ لمعالجه الجرحي واطفاء حريق شب هنا او شب هناك، فقبائل ورفله ترفض هذا».

ومن جانبه، يؤكد قذاف الدم، في رده علي اسئله «الشرق الاوسط»، ان الصراع في بلاده «لم يعد علي سلطه، وانما علي بقاء وطن، وعلينا جميعا ان ننحني امامه ونقدم تنازلات، فالوطن للجميع، وانا ادعو لحراك جديد يؤدي الي حوار موسع علي غرار مؤتمر الطائف بعد الحرب الاهليه اللبنانيه.. بحيث لا يتم اقصاء احد، ويتم تحت رعايه الامم المتحده، وفي مكان محايد.. نقرر فيه جميعا شكل الدوله وعلمها ونشيدها ودستورها.. ونختار مجلس وزراء محايدا بالاتفاق، ليشرف علي انتخابات حره.. وتُسلَّم كل الاسلحه للقوات المسلحه والشرطه، ونُسقط جميعا الحق العام، وليطالب من يريد بالحقوق الخاصه وفقا للقانون في الدوله الجديده».

ويضيف: «اما الحوار الذي يجري الان فهو، للاسف، يُدعي اليه من يحملون السلاح.. وانا اتساءل: هل يريدوننا ان نحمل السلاح ليستمعوا لصوتنا ونحن الاغلبيه والرقم الصعب في المعادله؟ اننا، وحتي هذه اللحظه، نتصرف بمسؤوليه وطنيه في لحظه فارقه في تاريخ الوطن، ويشاركني في ذلك اغلبيه الوطنيين الاحرار. وستخرج ليبيا قريبا بيد ابنائها.. فدوله الباطل ساعه».

ومن المعروف ان هناك قبائل اصبحت مشرده بالكامل.. وجري تهجير سكان من بلداتهم في «العزيزيه» و«السواني» و«المعموره» و«الناصريه» و«الحاته». وكل هؤلاء من المنطقه الغربيه من البلاد، ولا يوجد ممثلون لهم في الحوار، ومنها قبائل النوايل والعجيلات والاصابعه والزنتان.

ويقول عبد الله الترهوني، احد مشايخ ترهونه، لـ«الشرق الاوسط» ان «المشاركين في الحوار شخصيات سياسيه لا تملك رصيدا مجتمعيا ولا ميليشيات مسلحه، ولا اي قوه علي الارض، وبالتالي الحوار يشبه الظاهره الصوتيه لا اكثر ولا اقل». ويضيف: «ليست القبائل الرئيسه فقط التي لم تنخرط في حوار جنيف، بل ان اطرافا فاعله علي الارض وتملك قوه مسلحه ما زالت بعيده عن طاوله الحوار».

واهم هذه الاطراف «الجيش الوطني» الذي يخوض «معركه الكرامه» في المنطقه الشرقيه وما يجاورها وفي المنطقه الغربيه، خاصه في مناطق الوطيه والعجيلات ورقدالين والزنتان وكيكله وغيرها. وهناك ايضا «الجماعات المتطرفه والجهويه» الموجوده في صبراته ومصراته وبنغازي ودرنه، وتسمي في بعض الاحيان بـ«الدروع» وفي بعض الاحيان بـ«فجر ليبيا» وفي احيان اخري بـ«الشروق» وما الي ذلك من مسميات.

وبينما تجري الامم المتحده محاولاتها لراب الصدع بين الليبيين، وبغض النظر عن الملاحظات والانتقادات لطريقه السير في هذا المسعي، تبدو اللقاءات بين التيار المدني من «قاده فبراير» وزعماء من نظام القذافي والقبائل الكبيره، والتي عقدت في القاهره، لافته للنظر كونها تمس بشكل مباشر القوي الرئيسه التي يمكنها لعب دور في تحقيق الاستقرار في ليبيا.

لكن سيكون هناك العديد من الملفات التي تحتاج الي الحسم قبل ان تظهر نتائج «التفاهم بين خصوم الامس». ويشير احد المصادر الي ان بعض الخطوات التي جري اتخاذها بالفعل تسببت في غضب نحو 25 نائبا في برلمان طبرق من المحسوبين علي قوي المتطرفين. ويضيف: «مثل هؤلاء كانوا في السابق يسعون للتحالف مع انصار القذافي، وحين فشلوا وخسروا الاغلبيه في البرلمان الجديد اصبحوا يرفضون اي مصالحه يتبناها نواب التيار المدني مع قيادات من النظام السابق».

وحاول احد قيادات قبيله ورشفانه، وهي من القبائل الكبري في ليبيا ايضا، والمحسوبه علي القذافي، اتخاذ خطوات عمليه للوقوف الي جانب برلمان طبرق علانيه، لكن جري التنبيه عليه من عده قبائل اخري بضروره التاني قبل «الارتماء في احضان هذا البرلمان مجانا».

وسبق لزعماء من قبيله القذاذفه الاعتراف بالبرلمان، لكن ما زالت توجد تحفظات علي مسلك الحكام الجدد خاصه اولئك الذين يجهرون بالعداء للنظام السابق، ويخشون تقديم تنازلات عن بعض شعارات وممارسات «فبراير». ووفقا للمصادر المصريه، تحاول القاهره جسر الهوه بين الاطراف الرئيسيه، من اجل تشكيل «جبهه ليبيه خالصه» تكون قادره علي فرض الاستقرار والتخلص من «دوله الميليشيات والمتطرفين».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل