المحتوى الرئيسى

بالصور: لـ''السرطان'' وجع.. يخففه هؤلاء

02/04 17:54

كتبت– يسرا سلامه واشراق احمد:

لا يتوقف مرض السرطان عن تاكل خلايا جسد حامليه، غير ان وطاه علي الروح تحل بالجسد المنهك بالمرض، الذي لا يهتم صاحبه بيوم عالمي تحيي فيه مؤسسات ذكراه، بتوعيه عن الداء الذي يلتهم الملايين، وياخذ ما يقارب من 100 الف مصري سنويا، اغلبهم من الفقراء والباحثين عن علاج تخلو جيوبهم من ثمنه، فلا يبقي الا الروح المستعصي ان يلتهمها ''سرطان''، ومعها رفاق يسيرون طوعا، ما بين اهل وغرباء اكسبهم معايشه الطريق الطويل ود القريب، يقصدون تقليل ثقل الالم علي اصحاب الرحله الشاقه، فيما يجدون احيانا ان العليل هو من يهون عليهم، يتركون بداخلهم اثر لا يزول. في اليوم العالمي للسرطان يروي رفقاء مرضي السرطان عن بهجه الامل في شفاء، ودعم نفسي لم يُنس فضله، ووطاه الالم في درب العلاج، وحين الرحيل.

صله الدم هي الرفقه الاقرب لمريض السرطان بطبيعه الحال، ينقلب الحال ولا يعود لسابق عهده خاصه عند الفقد، لكن البعض يتمسك بقوته، بابتسامه لم تفارق حديثها، هي ميراث ''ايمان سامي'' عن اخيها ''محمد''، اخذت تسترجع ايام مرافقتها له، طيله ثلاثه اعوام، منذ 2011 حين تم اكتشاف مرضه، وحين حلت اللحظات الاخيره. بعد مرضه باتت الفتاه العشرينيه امًا له بعد ان كانت ''تافهه ماليش غير حياتي'' حسب قولها، تغيرت حياه ال ''سامي'' برحيل الابن بعد عام واحد من رحيل والدته جراء المرض ذاته، لكن ظل التفاؤل الموصوف به ''محمد'' وصيه بلا كلمات لا يجوز مخالفتها.

''احنا اكتشفنا محمد'' هكذا كان حال ''ايمان'' واسرتها الصغيره، مناغشه الاخوه بين المناكفه والعراك لاخذ ''الكمبيوتر'' كان ملخص علاقه الشقيقه الكبري باخيها، لكن رفقه المرض مكنتها من رؤيه شخص اخر؛ متفائل، محبوب، لا يستسلم ولو لمرض ''كان بيتعامل انه عنده شويه برد''، ففي المقابل استمدت الاسره منه الامل، فتجنبوا التعامل معه بمنطق ''الشفقه'' الرافض بشده له، حتي في احلك المواقف التي كان يلح في طلب المسكن بكثره مما قد يعرضه للخطر، استطاعوا ان يحتووا المه ''كنا بنضحك عليه ونديله الجلوكوز مش المسكن وكان بيهدي بعدها''.

اصدقاء واسره يداومون علي التواجد في المستشفي، يظنون انهم يهونون علي ''محمد''، فيما كان هو مَن يفعل بابتسامته ومزاحه الدائم، وتحديه للمرض بحرصه علي المذاكره وخوض الامتحانات، لتحقيق حلمه في ان يكون بين المختارين لمنحه جامعيه للاوائل، كان محمد يدرس اللغه الايطاليه ''ومن الاربعه الاوائل في سنه اولي فكان لازم يحافظ علي مستواه عشان المنحه''، وبلغت قوته الي الهروب من المستشفي من اجل التواجد باحداث محمد محمود، فضلا عن كونه لم يفوت مشاركه بمسرح الجامعه.. يناجي صاحب الـ21 عاما ربه، يحدثه بصوت مسموع ''اللهم لا اعتراض بس انا يارب غلبان وماذتش حد''، لكن كحال ''محمد''، الذي لم يكن للحزن ان يتملك منه وهو الرافع شعار ''انا متفائل''، فسرعان ما تبتسم الاخت الكبري عملا بالوصيه>

''احمد الشامي''.. كسر الياس بالبهجه 

اكثر من عام ونصف، ومنذ سبتمبر 2013 ، كان ''احمد الشامي'' طالبا بكليه الحاسبات والمعلومات، حين اتخذ خطوات بطريق التطوع، في فريق يسمي ''تحقيق الاماني''، يوفر الدعم لاطفال مرضي السرطان، بتحقيق امنياتهم، بالعاب او زيارات، علها تكتب لهم طريق الشفاء.

فرحه راها ''الشامي'' علي وجوه الاطفال، تحسن بدا في بعض الحالات ازاء ما يقدمه فريق تحقيق الامنيات، مما جعله يتمسك بالنشاط التطوعي، الامل الظاهر في عيونهم اعطاه احساس ''ان احنا اللي محتاجين العلاج مش هم''.

زيارات دوريه لمرضي السرطان يقوم بها الفريق، اربعه مستشفيات بالقاهره يتركز فيها المرضي وهي مستشفي 57357، الدمرداش، معهد ناصر، معهد الاورام، حوالي ساعه يستعد الفريق بها قبل الزياره، بكل الادوات التي يحتاجها الاطفال، سواء كراسات للتلوين او لعب او وعرائس ملونه، ''الفكره مش بس لعب.. احنا بنحاول نحبب الاطفال في مكان العلاج، وان المستشفي ترتبط في ذهنه بمكان ممتع مش بالالم بس''.

الدعم النفسي الذي يحصل عليه الاطفال لا يخفف الم المرض فحسب، وانما يفتح باب في الشفاء الكامل، من خلال الالعاب والمسرح، فعدد من الحالات قال عنها الاطباء انها ميؤوس منها تحسنت حالتها بمساعده الدعم، يتذكر ''احمد'' الصغيره ''مريم''، قبل ثلاث سنوات دفع الطبيب بورقها الي اهلها، بعد ان توقف جسدها عن الاستجابه للعلاج، ليقدم لها فريق تحقيق الامنيات اقصي دعم ممكن، وتم شفائها وانضمت للفريق كمتطوعه في الاسكندريه، وهي ابنه الثالثه عشر عاما.

''كل الامنيات ممكن تتحقق للاطفال، الا امنيه واحده.. ان ربنا يشفيهم''.. يحكي ابن الفريق بالم عن الرغبه التي تخرج عن ارادتهم وتتردد في عيون الصغار واحيانا السنتهم، فاصعب الامنيات نجحوا في تحقيقها حال امنيه ذلك الطفل في ان يركب قطار.

12 متطوع دائم وما يقارب 140 اخرين يزيد او يقل عددهم بكل زياره هو ما يعتمد عليه فريق ''الامنيات''، يتمني المتطوع بالفريق ان يزيد الدعم المادي والمعنوي لعلاج مرضي السرطان، فرغم علاج بعض الحالات علي نفقه الدوله، الا ان الكثير خاصه بالاقاليم يحتاج لهذا الدعم، حيث يصرف فقر اهل المرضي في كثير من الاحيان عن العلاج.

اصدقاء مرضي السرطان باسيوط.. العلاج والدعم في مستشفي

من الرفقه ما يجمع بين الحسنيين؛ مداواه المرض، والاعانه عليه، وهو ما تطلبه الوضع بصعيد مصر، حيث معهد جنوب مصر للاورام باسيوط، والذي يستقبل كل اهالي الصعيد، ممن يعانون السرطان، ''اصدقاء مرضي السرطان باسيوط'' هو الحل الذي وجده عدد من اطباء المستشفي بمشاركه الراغبين في خوض هذا الطريق، لمساعده غير القادرين علي تحمل تكاليف العلاج، محمد ابو المجد؛ رئيس اداره الجمعيه، وهو بالوقت ذاته جراح للاورام، كان اول نائب تخصص في علاج الاورام بعد فتحه في جامعه اسيوط، وعمل بالمعهد المنشا عام 1998، لم يبرح دياره، ومعاناه اهلها مع المرض، رغم قله الامكانيات.

بعدد سنوات عمر المريض مع الداء يرافقه الطبيب ''مدي الحياه'' حتي يتاكد شفاءه التام، الذي يؤكد استاذ الجراحه ان نسبته كبيره لو تم اكتشاف المرض مبكرا، الحاله النفسيه للمريض العامل الاول الذي يرعاه طبيب الاورام ''لان مريض السرطان يحتاج معامله خاصه كانه طفل.. لا يحتمل زعيق واوامر كتير'' فكم من حاله شهد تحسنها بفضل ذلك، متذكرا الرجل الذي جاء له قبل 8 سنوات ويعاني جلطه سرطانيه وهي من الحالات الصعبه التي تصل للياس منها، فطالبه الذهاب الي القاهره لتوافر الامكانيات لكنه رفض، وبعد محاولات اقناع وجده بعد ذلك بسنوات، ياتيه عارضا عليه الاشعه وقد تجاوز مرحله الخطر.

لحظه اكتشاف المرض هي الاصعب خاصه، مع بسطاء القوم من قري الصعيد، البعيدين عن الاضواء، لذا طبيعه المريض شيء مهم ان يعرفه ''ابو المجد'' من الاهل قبل التصريح بنوع المرض، فمن لديه ايمان قوي وثبات لا خوف عليه، بينما مَن يؤثر عليه الافصاح بالسلب يخبره الطبيب ان ما يعانيه ''حاجه خفيفه''.

في حدود ما لدي الطبيب من امكانيات يتعامل، لا سبيل للتوقف حتي وان فعلت اهم الاجهزه المعاونه في العلاج، حال جهاز الاشعه المتوفر بالمعهد، الذي تعطل بعد 17 عاما من العمل، وكذلك الجهاز المتوفر بمستشفي جامعه اسيوط، ولا يوجد غيره ''وده معناه ان تلت العلاج متوقف'' حسب قول ''ابو المجد''، ومع ذلك خلال عام فقط من بدء الجمعيه، يواصل الاطباء والمعاونون لهم تخصيص ما يستطيعون توفيره، ومعاونه المرضي في حدود التبرعات ''الضعيفه''، وعدم توافر ميزانيه حكوميه تدعم المكان، من دفع تذاكر الكشف، والادويه، والاشاعات، وما ملكت قدرتهم من شراء اجهزه يحتاجها المعهد، لكن ذلك ياتي مقابل زياده في عدد المرضي يبلغ 3 الاف شخص كل عام حسب قول استاذ جراحه الاورام.

ما بين 30 -50 الف متردد علي معهد جنوب مصر للاورام، ياتون من كافه ارجاء الصعيد، يتابعون علاجهم، ينتظر افراد الجمعيه مريض جديد يقدموا له يد العون، يرافقونه، عزائهم في كلمات مثل ''احنا بس بنحب نيجي عشان نشوفكم'' كما تقول ''غاده'' المتحدث الاعلامي للجمعيه، وذكري من غادر المستشفي لحظه زيارته لالقاء التحيه، وشفاء يحدث بعد اراده الله، وعلي يد طبيب ارتبط بمريض فصار كانه احد افراد عائلته، حال الطفله "ِشيماء'' ذات الـ8 سنوات، التي ما ان تقبل علي ''ابو المجد'' حتي يذوب شوقا للقاء، فتلك الصغيره، التي تلقفها وهي ابنته 8 شهور، ليستاصل عنها ورم خبيث بالكبد، تواصل علاجها، فالدعم والحب مع التكاتف للوقايه من هذا المرض الخبيث هو امل الطبيب في كل لحظه.

الديب.. عين علي المريض واخري علي المنظومه الصحيه

في رحله العلاج، اثر ''محمد الديب'' ان يكون وسيطا، يضع قدم المريض علي بدايه الطريق، يحاول بكل ما اوتي من قوه ان يكون ظهرا، فيما يستند هو علي عباره يعض عليها بالنواجذ ''انجو بنفسك تنجو الامه''؛ هي الحصن الحامي له حين يدب الياس في نفسه، طيله قرابه 3 اعوام منذ عودته الي مصر، وانخراطه بمجال الخدمه المجتمعيه خاصه فيما يتعلق برعايه اصحاب الامراض المستعصيه ومن بينها السرطان، وهي ما دفعه لخوض هذا الطريق، في مساعده المرضي من المحتاجين، او مَن انهك تكاليف المرض قدرته الماليه، لتوفير اماكن العلاج. حالات عديده تابعها ولازال يفعل الصيدلي المقيم في الاسكندريه مما جعله عين تري وقلب يحمل شيء من ماسي رفاق رحله ذلك المرض.

لم يمر الكثير من الوقت ليتاكد ''الديب'' ان المريض ''مسكين'' ليس لظروفه الصحيه، لكن لمنظومه الرعايه الصحيه المضطر للتعامل معها، والتي يصفها بـ''الضحاله'' لدرجه ''انها حاجه تكسف'' حسب وصفه، ابتداءً من تحرير الادويه واسعارها، والهيكل ذاته، فتواجده بدول الخليج لفتره بلغت 16 عاما، جعلته يطلع علي كيان صحي مختلف، من المفترض الا يكون بعيد عن مصر.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل