المحتوى الرئيسى

معرض «التقدم السريع».. محطات وأسماء لمعت في سماء الفن السعودي

02/04 02:20

انطلقت في جده الدوره الثانيه من معرض «21.39» الذي يقيمه المجلس الفني السعودي الاسبوع الماضي وسط زحام شديد وحضور كثيف من مختلف اطياف المجتمع. المعرض اختار هذا العام ان يقدم نظره شامله لتطور الفن السعودي منذ بدايات البعثات الدراسيه التي شهدت سفر فنانين شباب للخارج لدراسه الفن في الستينات من القرن الماضي وحتي الوقت الحالي الذي يشهد فيه المشهد الفني حركه دائبه نشطه.

الجوله داخل المعرض مختلفه عن المعتاد في المعارض السابقه، التركيز هنا علي التوثيق وعلي وجود الصور الفوتوغرافيه التي تؤرخ لمواقف وشخصيات مؤثره في المشهد الفني السعودي. وعبر القاعات الممتده يمكننا رؤيه اعمال لفنانين من جيل الستينات والسبعينات، تلتها اعمال لفنانين معاصرين. بشار الشروقي، منسق المعرض، يشير الي ان المعرض يعد بمثابه «مشروع بحثي»، ويضيف: «استطيع القول انه يعد بدايه للبحث في تاريخ الفنون في السعوديه، منذ التاسيس مرورا بالبنيه التحتيه». المعرض يحمل عنوان «التقدم السريع» وهو ما يبدو اشاره الي الانطباع الموجود حاليا حول الفن السعودي المعاصر الذي بدا وكانه منبعث من فراغ، يقول الشروقي: «لماذا التقدم السريع؟ عندما نتحدث عن قصه الفن في السعوديه يعتقد المتلقي اننا نقصد الحركه الفنيه ما بعد عام 2008، ولكن ما نحاول ان نحققه هنا هو القول بان هناك الكثير من الاحداث قبل ذلك التاريخ ومثلت الاساسات للحركه المعاصره».

قد تثير فكره التاريخ للحركه الفنيه المخاوف بان يكون المعرض جافا واكاديميا وهو ما ينفيه الشروقي بقوله: «لا نكتب تاريخا هنا وانما نكتب قصه من شانها اثاره التساؤلات وبدايه حوار. المشكله امامنا هنا ان هناك فراغات في قصه الفن السعودي، فعلي سبيل المثال الكثيرون يتحدثون عن قريه المفتاحه في ابها وتاثيرها علي جيل كامل من الفنانين المعاصرين، ولكن مهما بحثت لن تجدي معلومات مكتوبه او علي الانترنت حول تلك القريه. كل ما نعرفه عنها يتمثل في جمله التقي الفنان البريطاني ستيفن ستابلتون مع الفنان احمد ماطر والفنان عبد الناصر الغارم في قريه المفتاحه وشكلوا سويا مبادره (ادج اوف ارابيا) للفن السعودي المعاصر التي قدمت عددا من المعارض العالميه في لندن وبرلين وفينيسيا.

وبهذه الخلفيه نحمل معنا فكرا وتطلعا لمعرفه مراحل اوليه من تاريخ الفن السعودي نبداها مع الشروقي في عام 1960 حيث انطلقت بدايات البعثات الدراسيه لمصر وايطاليا وحملت شبابا سعوديا يحلم بدراسه الفنون». يشير الشروقي الي ان الهدف من ارسال هؤلاء الشباب للدراسه هو الاستفاده منهم في تعليم الفنون للاجيال القادمه بعد عودتهم. في الصاله الاولي نري اعمال عدد من اوائل خريجي البعثات منهم الفنان ضياء عزيز ضياء الذي درس في أكاديمية الفنون بروما في عام 1969، تعرض بعض اعمال الفنان ضياء في دواليب عرض مخصصه للوثائق، نري فيها شهادات دراسيه وصورا فوتوغرافيه للفنان وايضا بعضا من اللوحات (البورتريه) التي رسم فيها زوجته وشهاده الجائزه التي حصل عليها وصوره له مع زوجته وهو يحمل الجائزه. نعرف من الشروقي ان الوثائق المعروضه هنا كلها نسخ اصليه من ارشيف الفنان الذي حرص علي الاحتفاظ بكل اوراقه ورسوماته في ارشيف منظم ودقيق.

الفنانون العائدون اتخذوا مواقعهم لدي عودتهم في معهد المعلمين (اسس عام 1965) لتدريب جيل اخر من المعلمين، وحسب الشروقي فقد نتج عن تلك الخطوه المهمه تخريج 10 دفعات من المعهد قبل ان يغلق ابوابه. من مقتنيات خريجي المعهد نري الدبلوم الذي حصل عليه الفنان محمد الرصيص، هناك ايضا قائمه الدرجات التي نري من خلالها التخصصات التي درسها الطلاب في المعهد وتضم التصوير الفوتوغرافي والنجاره والنحت والتخطيط المعماري وغيرها. مع تخريج اول دفعه من المعهد في عام 1969 تم ارسال اول مجموعه من مدرسي الفنون للتدريس في دبي.

مع عوده الفنانين من بعثاتهم بدات نتائج الدراسه الفنيه واثر الاحتكاك بثقافه مختلفه يظهر، وبدات المعارض الفنيه في مدينه جده، ففي عام 1965 اقام الفنان عبد الحليم رضوي معرضه الاول في نادي البحر الاحمر بجده، لم يشهد المعرض اقبالا من الجمهور، فحسب روايات الكثيرين لم يحضر سوي 10 اشخاص، ولكن مع انتقال المعرض للعرض في شركه «ارامكو» بالمنطقه الشرقيه حقق المعرض نجاحه المنتظر واصبح مثلا يحتذي لكل الفنانين.

في عام 1968 حدثت قفزه اخري في عالم الفن اذ اقامت الفنانتان صفيه بن زقر ومنيره موصلي معرضهما الفني الاول، حيث قدما دليلا للمعرض باللغتين العربيه والانجليزيه وحظي المعرض برعايه ملكيه من الامير مشعل بن عبد العزيز الذي حضر الافتتاح، ونري امامنا دليل المعرض وصورا فوتوغرافيه للافتتاح ونماذج من الاعمال الفنيه التي عرضت فيه. هناك ايضا دفتر الزوار وقصاصه من صحيفه «المدينه» تحمل مقالا للكاتب علي حافظ حول المعرض.

ولئلا ننسي الغرض الرئيسي من المعرض يشدد الشروقي علي رؤيته «هذا ليس معرضا للفنانين واعمالهم بل هو يقدم احداثا وتاريخا وما ترينه حولك من اعمال فنيه تعرض ليست بصفتها كابداع فني وانما هي امثله علي تلك الاحداث والمحطات».

تتوالي المحطات بعد ذلك فنري صور للفنان رضوي وهو يرسم في احد شوارع مدريد، يشير الشروقي الي ان رضوي عاد الي مدريد في عام 1974 بعد ان اغلق المعهد الذي اقامه وتخرج فيه الفنانون ضياء عزيز ضياء وطه صبان، واثناء اقامته في مدريد للدراسه العليا حصل رضوي علي جائزه في بينالي اسبانيا.

يمر المعرض علي مراحل مهمه في تاريخ الفن السعودي ومع عام 1972 نري دور محمد سعيد فارسي امين مدينه جده الذي اولي اهتماما خاصا بالفنون ما زلنا نري اثره في شوارع جده وميادينها، دور د. فارسي كان مهما لاثبات دور الرعايه الفنيه، يقول الشروقي ويشير الي صوره للفنان العالمي سيزار مع د. فارسي، مضيفا ان خطه فارسي في وضع منحوتات لفنانين عالميين الي جانب اعمال لفنانين سعوديين في كورنيش وميادين جده كان لها اثر عميق في دعم الفن السعودي.

يشير الشروقي ايضا الي انشاء اول مبني مخصص للمعارض في السعوديه وهو مبني الحارثي (جده دوم) حيث اقام الفنان عبد الحليم رضوي معرضا لاعماله.

قصه الرعايه الفنيه تدخل فصلا جديدا مع قيام الخطوط العربية السعودية باقامه مسابقه «ملون» في عام 1992 التي تطورت فيما بعد لتصبح بينالي جده الذي قدم في عمره القصير برامج مهمه ومحاضرات وفعاليات. ولكن بعد توقف البينالي في عام 2003 اصبح هناك تساؤل عن الفراغ الذي تركه والذي يجب ملؤه.

نري حولنا اعمالا مبكره للفنان ايمن يسري والفنانه شاديه عالم ضمن معرض اقامه بيت التشكيليين في عام 1993. اللوحات المعروضه اعارتها مؤسسه المنصوريه للاميره جواهر بنت ماجد للمعرض.

من اهم المنشات المؤثره في الفن السعودي، داره صفيه بن زقر، والتي تعد من اهم المتاحف في المملكه ومحطه يتوقف عندها زوار البلاد. وتمثل داره صفيه بن زقر ومؤسسه المنصوريه امثله علي المجهودات الفرديه التي يحتاجها العالم الفني. تقدم المنصوريه الدعم والرعايه للفنانين وتقوم بطباعه الكتب وهو امر مهم في عمليه التاريخ كما يؤكد الشروقي. وكمثال علي المجهود الذي تقوم به المؤسسه يشير الي صفحات مكبره من كتاب «جنيات لار» للاختين شاديه ورجاء عالم.

في رحله الفن السعودي يجب التوقف ايضا عند الدور الذي لعبته قريه المفتاحه في ابها والتي انشاها الامير خالد الفيصل عندما كان اميرا لمنطقه عسير. من تلك القريه ظهرت عده اسماء لمعت في سماء الفن السعودي المعاصر ومنهم احمد ماطر وعبد الناصر الغارم وابراهيم ابو مسمار واروي النعيمي. نري صورا فوتوغرافيه واعمالا فنيه نفذت في استوديوهات الفنانين في المفتاحه. يشير الشروقي الي ان القريه كانت مركز فنيا شهدت الي جانب المعارض الفنيه والعروض المسرحيه ايضا محاضرات لكبار الفنانين منهم محمد السليم والرضوي واحمد باقر من البحرين.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل