الدواعش والتتار وتاريخ من الجهل | المصري اليوم

انتصر الدواعش للجهل والجهلاء. اقتحمت جيوشهم معاقل المكتبات الخاصه والعامه والجامعيه في مدينة الموصل واحرقوها، انتصر الدواعش علي الفكر والاداب والعلوم والفنون، ودواوين الشعراء والروايات كما انتصر اجدادهم التتار من قبل. الغزو والاستيلاء علي حق الغير، وهدم الحضارات عشقهم كعشق السبايا الشقراوات والحور العين البكاري. انقضت جحافل الشر علي تراث العراق وتاريخه، فاوسعتهما سحلا وقتلا. ما تبقي من اشلاء المعركه احرقوه في الميادين العامه، وما عصي حرقه علي النار كان مصيره صناديق القمامه، ولا عزاء للعلم والعلماء. قالوا: ان بكاء اهل الموصل كان مسموعا، كان اعلي من لغه التهديد بقتلهم اذا اعترضوا علي الحرق والغزو. الحاضرون اشاحوا بعيونهم عن حرق تراثهم وتاريخهم وحضارتهم، من الظلم ان يشاهد الاب اغتصاب ابنته.

تعالوا نسافر الي الماضي نقابل التتار، اولاد عمومتهم علي مشارف بغداد، نرقب ما فعلوه فيها بالامس البعيد. كم كان قريب الشبه بما فعلته داعش بالموصل في الامس القريب!. لا يعرف التاريخ دينا للتتار، هولاكو ابتدع دينا خليطا من كل الاديان، سجله في كتاب (الباسق) قريب الشبه من دين الدواعش، كلاهما برائحه شواء لحوم البشر، ولونهما بلون دماء المظلومين. التتار خليط من بدو الصين وبدو منغوليا، خرجوا من بلادهم قاصدين تدمير العالم. اجتاح التتار في طريقهم لبغداد من ناحيه الشرق بلادا اسلاميه ومسيحيه، لا فرق في القتل بينهما، وكذلك الدواعش يقتلون. اجتاحوا بلاد الخوارزميين واقليم كازاخستان ومدينه بخاري وسمرقند وتبريز ونيسابور. التتارالهمج يحرقون ويدمرون ويبيدون الامم في طريقهم وياخذون الاسري معهم دروعا بشريه. حاصر «هولاكو خان» قائدهم مدينه بغداد.

انضمت الي جحافل التتار فرقتان من المسلمين (العزيز بن الناصر الايوبي من دمشق)، وفرقه (بدر الدين لؤلؤ من الموصل) حتي يبدو الامر وكانه تحرير ارض الخلافه من العباسيين، الخيانه ارث الاجداد. دوله الاناضول (تركيا حاليا) تفتح حدودها للتتار ليهاجم بغداد من الشمال، وكذلك يفعلون. الخليفه المستعصم يهدد التتار بويل الله وانتقامه اذا وطئت اقدامهم ارض الخلافه، الخليفه ينتظر الملائكه تدافع عن ملكه، ينافقون في العباده ويتكاسلون في العمل. ملائكه الخالق لا تمد منافقي العباده ولا تعين كسالي العمل. الخليفه العباسي لا يعرف ان وزيره ابن العلقمي وكاتم اسراره قد باعه للتتار كما باعه امراء الموصل ودمشق ودوله الاتراك.

التتار في اجتياحهم بغداد يقتلون اكثر من مليون عراقي، وكذلك يفعل الداعشيون. العراق من تاريخ الحجاج حتي البغدادي لا يرتاح من ظلم حكامه او من خيانه بعضه! يقول ابن كثير: ان العلقمي وزير المستعصم اخر الخلفاء العباسيين، جاء في غفله من امره، يراسل العلقمي التتار من خلف ظهر خليفته، هدفه انهيارالخلافه العباسيه (يزعم بن كثير ان العلقمي شيعي المذهب). العلقمي يقنع الخليفه بتخفيض عدد الجند الي عشره الاف، ويوغر صدر الخليفه علي معارضيه فيعذبهم وينكل بهم. لا يجد الخليفه ظهيرا من شعبه في صد عدوان التتار.

اقنع العلقمي الخليفه بالصلح معهم، ومقابلتهم علي مشارف بغداد، والتوقيع علي وثيقه الصلح. يقبل الخليفه الصلح منكس الراس. يصر هولاكو ان يخرج الخليفه اليه بصحبه رجاله من الوزراء والعلماء وكبار رجال الدوله. الخليفه يخرج برفقه كبار رجاله. هولاكو يصدر امرا بدخول الخليفه بصحبه البعض منهم ويساق باقي الرفاق الي الذبح. يجر جنود التتار الخليفه امام اعين الناظرين ليشهد مقتل ولديه، وسبي اخوته البنات. الخليفه يدلهم علي كنوز العباسيين، حتي اذا انتهي، لفوه في سجاده وداسته خيول التتار، امتزجت حمره السجاده بحمره دمه.