المحتوى الرئيسى

زقزوق بالمعرض: «ابن خلدون» تسبب في نفي محمد عبده 5 سنوات

01/31 13:35

محمود حمدي زقزوق: حيثما توجد مصلحه العباد فثم وجه الله

لم نتزحزح كثيرًا عن فكر ظلامي رفضه رائد النهضه

احذر من ثقافه الارهاب الفكري من منطلق من ليس معي فهو ضدي

بناء المراكز البحثيه افضل من برامج الإعجاز العلمي في القرآن

تجديد الفكر الاسلامي يجب ان يسبق تحديث الخطاب الديني

ما جاء في القران لا يتعارض مع العقل.. وكلاهما منحه من الله

الازهر سبق جامعات المانيا بمئات السنين في ” الحريه الاكاديميه”

كان العالم الجليل الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الاوقاف الاسبق وعضو المجلس الأعلى للشئون الاسلاميه ورئيس الجمعية الفلسفية المصرية، ضيف اللقاء الفكري بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.

قدم اللقاء الذي جاء تحت عنوان” محمد عبده وعقلانيه الخطاب الديني”، بالقاعه الرئيسيه بمبني الصندوق الاجتماعي للتنميه، الدكتور”مصطفي لبيب” استاذ الفلسفة الإسلامية، مشيرا الي اننا بحاجه الي ان نستمع الي الدكتور زقزوق ليُحدثنا عن رائد التنوير والاصلاح الامام “محمد عبده”.

قائلا: كم كان موفقًا ان تختار الهيئه المصريه العامه للكتاب، الامام محمد عبده ليكون شخصيه المعرض هذا العام؛ فلماذا لا نستعين بارائه وافكاره في ظل الظروف التي نعيشها الان.

واضاف: الامام محمد عبده هو باعث الفكر الفلسفي الاسلامي في مصر، وزقزوق هو الرباط بين الفكر الديني الاصولي، والفكر الفلسفي الاسلامي المعاصر.

وقد بدا د. زقزوق اللقاء بقوله: “انا سعيد جدًا لكوني متواجد بينكم اليوم في اول ايام معرض القاهره الدولي للكتاب، للحديث عن شخصيه رائد الفكر والتنوير في القرن العشرين الامام محمد عبده، الذي بعث روحًا وفكرًا جديدًا ليس في مصر وحدها بل في كل مكان حل فيه في مصر وبيروت وباريس .

ولد عام 1849م بقريه محله نصر بمركز شبراخيت بمديريه البحيره، كما كان يطلق عليها وقتئذ، لاسره ميسوره الحال وبدا تعليمه في كتاب القريه الي ان انتهي من حفظ القران الكريم في سن 15 عامًا.

وكعاده اهل القري في هذا الوقت، ارسله والده الي الجامع الاحمدي بطنطا لاستكمال دراسته، وكان الجامع بمثابه معهد ديني، وهنا كانت الصدمه الاولي في حياه محمد عبده، حيث فوجيء اثناء شرح درس النحو علي يد الشيخ الكفراوي بان الشيخ يقوم باعراب “بسم الله الرحمن الرحيم” حرفًا حرفًا، مما اصابه بالدهشه وجعله يقرر علي الفور العوده الي القريه والابتعاد عن هذا النمط من التعليم الذي رفضه عقله.

وتفاجا والده بذلك وامام ضغط والده عليه هرب محمد عبده الي احدي القري المجاوره التي كان يسكن فيها خال والده الشيخ درويش خضر والذي كان احد اقطاب الصوفيه في هذا الوقت - والذي ترك اثرًا صوفيًا كان من الملامح الرئيسيه في شخصيه محمد عبده- ومكث معه الشيخ درويش اكثر من اسبوع لاقناعه واثنائه عن قرار ابتعاده عن التعليم بالجامع الاحمد.

وبالفعل وصل الشيخ الي ما كان يصبو اليه.. ولقد حكيت لكم هذه القصه لكي نعرف لماذا فكر محمد عبده في التجديد واصر عليه.

وبعد عامين قضاهما في الجامع الاحمدي انتقل الي الجامع الازهر، والازهر كان هو المدرسه الام وحلم الجميع، وكانت الدراسه فيه لها اسلوب مختلف تمامًا؛ فكان بامكان الطالب تسجيل اسمه وان يذهب للدراسه مع الشيخ الذي يريده والمذهب الذي يختاره، واتذكر انني عندما كنت في المانيا وجدت هناك ما يطلق عليه نظام الحريه الاكاديميه، وهنا ادركت ان الازهر قد سبق جامعات المانيا وغيرها بمئات السنين في تطبيق هذا النظام.

حيث كان لكل استاذ او كل شيخ مذهب رواق وعمود يجلس الي جواره ويلتف حوله طلابه ومريدوه، وفي احدي المرات وانا القي محاضره في احدي الجامعات الالمانيه، والتي كانت تحتفل بمرور مائه عام علي انشائها، دار حوار بيني وبين احد اساتذه هذه

الجامعه الذي قال لي: لقد عرفنا مؤخرًا ان لديكم الجامع الازهر والذي يعد اقدم من جامعتنا بمئات السنين، وقد كان هذا القول بمثابه نيشان وضعته علي صدري ومصدرًا للفخر والاعزاز.

واثناء دراسه محمد عبده في الازهر تصادف مجييء جمال الدين الافغاني الي مصر، وبدا في تدريس العلوم العقليه والفلسفيه الحديثه وذاع صيته واصبحت سيرته علي السنه طلاب ومشايخ الازهر، وهنا وجد الشاب الثائر محمد عبده ما كان يحلم به، وبدا يحضر جلسات جمال الدين الافغاني، وفي هذه الاثناء قام احد الاشخاص باخبار والده بان ولده ترك علوم الدين ليدرس علوم الضلال والهلاك، وعلي الفور ركب والده القطار وحضر الي

مصر لينقذ ولده من الخطر المُحيق به، استطاع محمد ان يُقنع والده باهميه العلوم العقليه وانها تعضد العلوم الدينيه، وافلت محمد من مصيده اعدائه هذه المره.

من هنا كان محمد عبده يزداد اصرارًا يومًا بعد اخر، علي ضروره الاصلاح والتجديد، حيث كانت تعود العلوم الدينيه التي تُدرس في الازهر الي قرون طويله، ولم تطلها يد التطوير او التجديد علي الاطلاق.

فكما قال رسولنا الكريم” ان الله يبعث علي راس كل مائه عام لهذه الامه من يُجدد لها دينها”، فالتغير والتجديد هو سنه من سُنن الله في خلقه، فخلايا جسم الانسان تقريبًا تتغير كل عشر سنوات الا خلايا المخ، وقد يتزامن في المائه عام ثلاه او اربع مصلحين فليس شرطًا مصلح ومُجدد واحد.

كان”محمد عبده”، يفكر بعقله دون ان يُقلد احدًا لذلك عندما عمل في حقل التدريس بدا يدرس لطلابه في مدرسه العلوم - كليه العلوم بعد ذلك- مقدمه”إبن خلدون”، والتي اثار تدريسها سخطًا لدي سلطات الاحتلال الانجليزي، مما ادي الي نفي محمد عبده الي

قريته ثم الي بيروت لمده قاربت من خمس سنوات.

ومن بيروت سافر محمد الي شيخه الافغاني بناء علي طلب الاخير، وشاركا سويًا في اصدار مجله”العروه الوثق” والتي لم تدم سوي ثمانيه اشهر بسبب منع قوي الاستعمار في مصر وغيرها من دخول المجله للبلاد الاسلاميه، وكان يري عبده ان ناخذ من كل

بلد عربي واسلامي ثلاثه من الشباب ليتم غرس قيم وثقافه التغيير فيهم ثم يعودوا الي بلادهم ليتولوا مهمه مقاومه المستعمر بالعلم والفكر والعمل، ولكن هذه الرؤيه لم تجد قبولاً لدي الافغاني والذي وصف عبده بالمثبط للهمم، ففي الوقت الذي كان الافغاني يري حتميه التغيير السريع، كان عبده يري ضروره التاني والعقلانيه في العمل علي التغيير.

ويري محمد عبده ان العقل هو افضل نعمه انعم الله بها علي الانسان وعلينا ان نصون هذه النعمه ونعمل علي تجديد افكاره، وكان عقل محمد عبده دائمًا ثائرًا مع الاتسام بالعقلانيه، ولا عجب في ذلك حيث تمرس في الحياه واحتك بالعديد ممن عاصروه وان

كان قد تاثر الي حد كبير بافكار ورؤي واتجاهات الافغاني، وقد عمل محمد عبده علي ان يغرس هذا الغرس في تلاميذه، فعندما عاد من باريس الي بيروت مره اخري وبدا في تدريس دروسه قام باصدار كتابه المشهور “رساله التوحيد” والذي ترجمه الي الفرنسيه انجب تلاميذه من بعده الشيخ مصطفي عبدالرازق والذي نال شرف كونه اول من حصل علي الاستاذيه في الفلسفه الاسلاميه.

وكان يري محمد عبده في برنامجه الاصلاحي ان العقل لابد ان يُمكن ولكن بعد ان نزيل العقبات من طريقه، وكانت العقبه الاولي في التقليد الاعمي، ويُشير زقزوق فنحن نسير كالقطيع اذا مارسنا التقليد دون ان نحاول ان نكيفه وننقحه ليتناسب مع موروثنا الثقافي

والديني والاجتماعي، فالذين يصرون علي هذا التقليد هم كالانعام، وحتي لا نظلم الانعام كما قال المولي عز وجل ” بل هم اضل سبيلا من الانعام”.

اما العقبه الثانيه فهي الثقافه السيئه، فهي مخدر يصل بصاحبه الي الهلاك، وما اكثر الخرافات والاشياء التي لا منطق لها والتي تنتشر بيننا الان ولا صله لها لا بالعقل ولا بالمنطق. وقد ايد حجة الإسلام الشيخ الغزالي رحمه الله رؤي محمد عبده في هذا الشان بقوله ان من يُقلد اعمي ولا خير فيه.

وكان لزامًا علي الامام محمد عبده بعد ان سار علي هذا الموروث ان يضع بديلًا، وكان بديل التقاليد والثقافه السيئه العلم النافع والقيم السمحه التي حلت محل هذا الغثاء، وكان محمد عبده يعيب علي فقهاء عصره انهم كانوا يردوا علي الفتاوي التي كانت ترد اليهم بعد الرجوع الي كتب مضي عليها مئات السنين دون دراسه جيده وربط فتاواهم بالواقع حتي لا يتعارض ذلك مع العقل، فمن غير المعقول ان يتعارض ما جاء بكتاب الله مع العقل الذي منحه الله للانسان وكلاهما منحه من العلي القدير.

واري اننا لم نتزحزح كثيرًا عن هذا الفكر الظلامي الذي كان يرفضه الامام محمد عبده حتي هذه اللحظه الا في حالات معدوده منها علي سبيل المثال ما حدث مع الامام المراغي وهو احد تلاميذ الامام محمد عبده والذي كان يشغل منصب شيخ الجامع الازهر في عهد الملك فاروق، ووقتها تم تشكيل لجنه لوضع قانون الاحوال المدنيه، وكانت اللجنه في حيره بشان التوفيق ما بين النصوص الدينيه والقوانين المدنيه.

وهنا طمانهم الشيخ المراغي بقوله: ” ضعوا ما لا يتعارض مع مصالح العباد واتركوا لي التشريع الديني”، وقال مقولته المشهوره: “حيثما توجد مصلحه العباد فثم وجه الله”، وكان محمد عبده يقول انه لا خصومه بين الاسلام والعقل الانساني ومن يدعون الخصومه هم الجهلاء والمغرضون، فالاسلام اطلق للانسان حريه الاراده والفكر ومعني ذلك ان من يملاون الفضائيات الان ويكفرون هذا ويحقرون من ذاك ويقولون ان هذا في الجنه وهذا في النار لا علاقه لهم بالاسلام، واولئك هم المقلدون الذين يهتمون فقط بالشكل “الجلباب واللحيه” دون النظر الي الجوهر، وعلينا جميعًا ان نحارب مثل هؤلاء، وكما قال الامام محمد عبده ان العقل هو اساس معرفه الله عز وجل، فبالاستدلال والقياس المنطقي تستطيع ان تري دلائل قدره الله عز وجل في كل شيء حولك، فحق محاسبه العباد جميعًا هو حق من حقوق الله عز وجل لا سلطه لاحد فيه .

وتابع زقزوق: نحن الان مشغولون بالهامش وتركنا الاساس، يجب ان نطور ونجدد الفكر الديني قبل ان نجدد الخطاب الديني، فالدين يحث علي الجد والاجتهاد، ففي فترات التراجع الحضاري للمسلمين كان هناك اتجاهًا قويًا لاغلاق باب الفكر والاجتهاد، وفي هذا الشان يقول محمد عبده ان فرص اللاحقين افضل بكثير من فرص السابقين، وذلك بسبب ما نعيشه الان من تطورات هائله.

وقد تاثر محمد عبده في ذلك بفقه الائمه الذين سبقوه وخاصه الامام الشافعي الذي غّير فتاواه من العراق الي مصر مراعاه منه للظروف التي استجدت علي تواجده في مصر، واتذكر انني عندما طرحت هذا الامر منذ عشرين عامًا علي عدد من اصدقائي في كليه الشريعه ونصحتهم بضروره ان يتم تدريس ماده تحت اسم (فقه الواقع) كان هذا مسار دهشه وسخريه البعض وقتها، ولكني فرحت كثيرًا عندما اهتدوا وقرروا مؤخرًا تدريس ماده جديديه تحت اسم “فتاوي معاصره” ، فيجب علي المفتي ان يراعي في فتاواه كل هذه الامور قبل اصدار الفتوي.

وكان محمد عبده دامًا مايُردد، ان الانسان مفكر مختار، وان الفكر الصحيح يوجد بالشجاعه، و الشجاعه هنا مقسومه الي شقين الشق الاول هو الشجاعه في رفع القيود والتقاليد القديمه، والشق الثاني ان اضع القيد الجديد الا وهو الفكر السليم، ويؤيد الامام الغزالي عبده في هذا السياق بقوله” ان العقل والشرع لا يتعارضان ابدًا،

فالعقل كالاثاث والشرع كالبناء، ولن يغني اثاث اذا لم يقم بناء.

وتابع زقزوق القران الكريم اعطانا الطريق السليم لبناء الحضاره، فعندما خلق الله عز وجل الكون وعلم ادم الاسماء، واعطاه مفاتيح العلم كان الهدف هو ان يفتح ادم وذريته من بعده المغاليق وفتح المغاليق لا ياتي بالكسل والتواكل ولا بالسحر والشعوذه؛ بل ياتي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل