المحتوى الرئيسى

حمدين صباحى يكتب لـ«الشروق» عن: دماء شيماء وشهداء سيناء القتل جزاء من يشهر السلاح.. ودماء الجنود وأصحاب الرأى سواء

01/31 10:44

«بيت المقدس» عصابه من اللصوص تسرق دماءنا وارواحنا وتحرف ديننا

دم شيماء الممتزج بدماء شهداء سيناء يفطر قلوبنا لكنه يستنهض عزائمنا

تسليم الرئيس السيسي بنفسه عقود تمليك الارض الي اهالي سيناء سيكون «ضربه معلم» ضد الارهاب

مصر تزف اخلص جنود جيشها وشرطتها بعد ان حصدتهم يد الغدر والخسه الذين يتواطئون علي الدم بسبب اختلاف الراي لن يجدوا من يدافع عن دمهم عندما يحصدهم الرصاص نفسه غدا

كل الدواعش عملاء للصهاينه ويوجهون سلاحهم لصدور العرب ولا يخجلون من مقاومه حزب الله للعدو الحقيقي

لن ننجح في اجتثاث الارهاب بدون مواجهه سياسيه وثقافيه واقتصاديه الي جانب «العسكريه»

25 يناير.. اكتملت اربع سنوات ولم تكتمل الثوره

مرت الذكري علي ميدان التحرير فوجدته خاليا مهجورا!

هل تخيلت مجرد تخيل ان يحل موسم الحج فاذا الحرم المكي خالٍ من الحجيج؟! والكعبه المشرفه وحيده بلا طائفين ولا داعين ولا متعلقين بالاستار، وما بين الصفا والمروه خاوٍ من الساعين لا يلوح فيه سوي السراب، ولا تسمع الا اصداء صرخات عطش سيدنا اسماعيل ولهفه امنا هاجر تستنقذ الوليد، وتردد دعوات سيدنا ابراهيم «رَّبَّنَا اِنِّي اَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَهَ فَاجْعَلْ اَفْئِدَه مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي اِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ» (37) ابراهيم.

هل تخيلت، مجرد تخيل، ان يحل عيد ثوره 25 يناير؛ فاذا ميدان التحرير مهجور صامت خالٍ من الشعب؟! وان الكعكه الحجريه تتوسط الميدان وحيده، لا يطوف بها الملايين يهتفون بالعيش والحريه، ولا يحوطها عشاق العداله الاجتماعيه والكرامه الوطنيه ولا يعلوها الحالمون بوطن ترفرف فوقه رايات العدل والمحبه؟!

وان الصمت يخيم علي الميدان الذي ايقظ صوته الدنيا كلها وهو يهتف: الشعب يريد.. امام عالم مبهور بالمصريين يجترحون المعجزه و«الساحر الادمي يستدرج شمسه من مدارات الغروب».

وان تكبيرات جامع عمر مكرم، واجراس كنيسه قصر الدوباره؛ لن توشحا زغاريد الوداع لشهيد تلفه مصر بدمعها وعلمها، وهو ينتقل من جنه الميدان الي جنه السماوات العلي «يا شايلينكم علي الاكتاف / بننعي دمكم بهتاف/ وندعي لكم/ غموس الناس وعيشها الحاف/ ودرس العربي في الارياف/ بيدعي لكم/ وكل قلم نقص في القسم/ وكل علامه مش في الجسم/ وكل ظلومه ما اتظلمتش/ وكلمه حق ما تكتمتش/ وارض المعتقل لما هتفضي اكيد هتدعي لكم».

هل تخيلت ان الملايين التي اثبتت ان اراده الشعب من اراده الله، والتي تمكنت من اقامه جمهوريه ميدان التحرير الفاضله علي مدي ثمانيه عشر يوما مجيده، كل يوم منها بالف مما تعدون، واسقطت مبارك الي الدرك الاسفل من تاريخ مصر، ثم احتشدت بنفس الروح؛ فاسقطت مرسي الي الهاويه نفسها. والتي عمدت بدم شهدائها وجرحاها ميدان التحرير، وباركته قدسا لاقداس الثوره، ونادت علي كل حالم بالحريه ان يمم وجهك شطر ميدان التحرير؛ فيمم الاحرار اينما كانوا وجوههم شطره.

هذه الملايين هي الشعب صانع الثوره، وقائد الثوره، وصاحب الثوره.

هل تخيلت ان يمنع صاحب الثوره من دخول ميدان الثوره في عيد هذه الثوره؟!

وهل رددت الشطر الرائج «عيد بايه حال عدت يا عيد»؟

هل تخيلت ان جمعا قليلا من فتيات وفتيه ورجال هذا الشعب وهذه الثوره لم يُمكّنوا من وضع باقه ورد علي ارض ميدان التحرير المقدسه؟ وان الشرطه المدججه بالسلاح قد لاقت وردهم بالرصاص؟!

شيماء الصباغ من الجيل الذي خلق جنه ميدان التحرير، فلما خرج منها لم يخرجها منه، حملها في قلبه اينما ذهب، كما يقول الامام علي بن ابي طالب، وحلم بان تمتد لتسع كل شبر في مصر، ومرت عليه السنوات الاربع يلفحه صهد جحيم الثوره المضاده، وتتابع الخيبات، وقله الزاد، فيحتمي بجنته في قلبه، ويحلم ويسعي.

تحب الشعر والناس، وترتبط بالعمال ونساء الاحياء الفقيره، وتجمع الموروث الشعبي، وتبني بيتا سعيدا مع زوجها المحب، ووحيدها بلال ذي السنوات الاربع، وتدعو ان تكون ايامه احسن من ايامها.

تراها في الصوره بجوار حلمي شعراوي وقاده التحالف الاشتراكي، اجيالا تتعاقب وتتواصل في حب مصر، يصطفون هادئين مسالمين في ميدان طلعت حرب يرفعون لافته وباقات ورد، ثم ياتيها الرصاص دون انذار..

« كل شيء تحطم في لحظه عابره ..

كنت اغفر لو انني مت ما بين خيط الصواب وخيط الخطا.

لم اكن غازيا ، ارض بستانهم لم اطا.

لم يصح قاتلي بي: انتبه.

لم يكن في يدي حربه او سلاح قديم

لم يكن غير غيظي الذي يتشكي الظما»

اثبت تقرير الطب الشرعي ان وفاه شيماء نتجت عن طلقات خرطوش اصابتها من علي بعد ثلاثه الي ثمانيه امتار، وجاءتها من الخلف.

تقول دماء شيماء: «ان سهمًا اتاني من الخلف؛ سوف ياتيك من الف خلف».

لقد شهدتم خرطوش الشرطه يقصف ورد الثوره.

استشهدت شيماء.. كان انبثاق دمها خطا فاصلا بين القبح والجمال، بين الخير والشر، بين الحق والباطل. يؤذن بساعه المفاصله. بهذه القطرات من دم شيماء فاض الكوب، ولم يعد في قوس الصبر منزع.

مصرع شيماء الصباغ يصبغ المشهد، ويلون الهواء بقوس قزح، قانٍ كالدم، زاهٍ كالشهاده، صادق كطلوع الفجر، ومؤلم كطلوع الروح.

دمها يعيد كل الدماء قبلها، وبعدها، لصداره المشهد، ويعيد لها الاعتبار.

دمها يقول لمن يسمع! دمها يكتب لمن يقرا!

تقول دماء شيماء: ارفعوا الغشاوه عن عيون تعامت، وعقول تغابت، فانكرت دما لشهداء لانهم لم يكونوا من نفس الفكر او الراي. لا تمييز في الدم، لا تمييز في حق الحياه؛ دم المصريين سواء كانوا مدنيين او جنود جيش او شرطه، دم اصحاب الراي السلميين سواء، يسارًا او يمينًا، ناصريين او ليبراليين، او اشتراكيين او اسلاميين، مسلمين او مسيحيين، لا ايديولوجيا للدم، لا حزبيه في الدم، لا راي في الدم.

للدم لون واحد وهويه واحده.

الفارق الوحيد في الدم؛ هو بين السلميين والمسلحين. من اشهر السلاح او ارتكب عنفا لا يوقفه الا القتل، فقد احل بسلاحه دمه، كما استحل دم سواه.

تقول دماء شيماء: لا تفرقوا بين دمي ودم سندس، التي استشهدت قبلي بيوم، ولا دم الذين استشهدوا في المطريه بعدي بيوم، ولا الذين استشهدوا بعدي بايام قليله علي ارض سيناء ولا كل الذين استشهدوا قبلي طوال اربع سنوات، اختلفوا ما شئتم في الراي، لكن توحدوا في الدم؛ لان دمنا واحد.

الذين يتواطئون علي الدم بسبب اختلاف الراي؛ لن يجدوا من يدافع عن دمهم عندما يحصدهم الرصاص نفسه غدا.

دفقه هائله من الدم المصري الزكي تصعد من ارض سيناء لتمتزج بدماء شيماء، وتفطر قلوبنا وتستنهض عزائمنا.

انهالت طلقات مدافع «الهاون» علي كمائن الجيش والشرطه في العريش، وتفجرت سياره مفخخه في مقر الكتيبه 101.

اكبر عدد من الشهداء يصعدون معا الي السماء منذ كرم القواديس قبل اشهر ثلاث.

في ليل الخميس الفائت نزفت مصر دما غاليا، وزفت عرساناً جدعاناً جدداً من اجمل واطيب شبابها، من اصلب واخلص جنود جيشها ومجندي شرطتها.

لكل منهم احلامه واماله، واهل طيبون في بلده طيبه علي امتداد الدلتا والصعيد.

حصدتهم يد الغدر والخسه، واعلنت جماعه «انصار بيت المقدس» مسئوليتها.

«والذي اغتالني ليس ربا ليقتلني بمشيئته

ليس انبل مني ليقتلني بسكينته

ليس امهر مني ليقتلني باستدارته الماكره

... والذي اغتالني محض لص»

نعم محض لص.. فليست جماعه انصار بيت المقدس الا عصابه لصوص يسرقون دمنا وارواحنا، ويسرقون ديننا يحرفون كلمه عن موضعه، ويستخدمونه لاستحلال دم حرمه الله، ويسرقون حتي الاسم الذي ينتحلون، فبيت المقدس بريء منهم لانهم لم يوجهوا طلقه واحده الي صدور الصهاينه الذين يدنسونه، ويهددون القدس ويحتلون فلسطين ويقتلون الفلسطينيين، ويهددون كل عربي ويتحدون كل مسلم ومسيحي.

اللصوص الارهابيون والصهاينه المحتلون حلفاء وشركاء. الارهابيون من بيت المقدس الي داعش وكل الدواعش عملاء للصهيوينه من حيث يعلمون او لا يعلمون؛ لان سلاحهم موجه لصدور العرب لا الي صدور العدو الصهيوني المحتل؛ ولان جهادهم يفتت الارض والدوله والشعب في بلاد العرب؛ ولان فكرهم الطائفي الظلامي ودولتهم الدينيه العنصريه هو التبرير الذي تطلبه الصهيونيه لدولتها الدينيه العنصريه.

ويسرقون مصطلح الجهاد وهو بريء من لصوصيتهم، لو كانوا مجاهدين لجاهدوا لتحرير فلسطين وبيت المقدس، لا للغدر بجيش مصر كنانه الله في ارضه، واستنزاف مصر قلب العروبه وحضن الاسلام.

الا يخجل هؤلاء اللصوص وهم يشهدون حزب الله يوجه سلاحه المقاوم في الوجهه الصحيحه ببساله وجساره الشجعان، ويقتل الجنود الصهاينه في عمليه مزارع شبعا؟! هذا هو الفارق بين من يقاتل العدو ومن يخدم العدو، بين جهاد المقاومين الذي يستحق الدعوات والتاييد الشعبي، وبين ارهاب اللصوص الذي يستجلب اللعنات والرفض الشعبي.

المصالح المشتركه التي تجمع الظاهره الارهابيه في الوطن العربي بكل تنظيماتها وامتداداتها وبين دوله العدو الصهيوني تدعونا للتفكير بجديه في حقيقه الروابط بين جهاز الموساد الصهيوني وهجوم الخميس الغادر في العريش وسائر ظواهر الارهاب في سيناء وعلي امتداد مصر.

تقول دماء شهداء سيناء: وان طالت الحرب علي الارهاب فسوف ندحره مهما كانت تضحياتنا ليطمئن الوطن، ولكي ننتصر نحتاج الي مراجعه جاده لفلسفه وخطط مواجهه الارهاب. المواجهه الامنيه والعسكريه ضروريه لكنها بدون مواجهه شامله سياسيه ثقافيه اقتصاديه لن تنجح في اجتثاث الارهاب.

وفي سيناء لابد من اصلاح عميق لعلاقه الدوله بكل اجهزتها مع اهل سيناء، تنهي كل اثر للتمييز، وتحترم نضالهم الوطني الطويل، وتقر بحقوقهم في تملك الارض والبيوت، وتجعلهم اصحاب المصلحه الاولي في اقتلاع الارهاب من ارضهم، المواجهه الشعبيه للارهاب في سيناء وبايدي ابناء سيناء ضروره للنصر الحاسم عليه.

لو ان الرئيس السيسي اجتمع باهالي سيناء، ووزع عليهم بنفسه عقود تمليك الارض لكانت «ضربه معلم» للارهاب تفوق ايه ضربه امنيه.

تقول دماء شهداء سيناء: رصاص الجيش والشرطه ينبغي ان يصوب الي صدور الارهابيين الذين قتلونا، لا الي صدور اهلنا المسالمين من بنات وشباب مصر الذين ايدونا ودعمونا، وعلي الشرطه ان تراجع نفسها وتصحح اخطاءها، وان تقتص من المجرمين لا الابرياء، من اللصوص «جماعه بيت المقدس» لا من احرار وشباب الثوار، ومن الشهيده شيماء التي يمتزج دمنا بدمها الان.

وتقول دماء شيماء وشهداء سيناء: الارهاب عدو الحياه، وعدو الحريه، وعدو العداله. الارهاب عدو الشعب، وعدو الدوله، وعدو الثوره. الارهاب سلاح جماعات التكفير، التي تتاجر بالدين، وتغتال الابرياء من المدنيين ومجندي الجيش والشرطه، وتنشر الخوف في ربوع مصر.

وبدلا من ان تقتص منهم الداخليه؛ فان بعض ضباطها يغتال الابرياء المسالمين، ويهدر دماء اصحاب الراي، ويقوض الدستور والقانون وهيبه العداله.

ونحن الشعب، نحن المسالمون، لا نرفع سلاحاً، نرفع الورود، والاحلام، والشارات، واللافتات، واعلام مصر، نحن ضحايا الارهاب من ناحيه، وضحايا عنف الشرطه من الناحيه الاخري، ودمنا يراق من الطرفين.

ان شرطه تقتل شباباٍ يحمل الورود؛ لن تفلح في القضاء علي الارهاب، شرطه لا تحترم القانون؛ لن يحترمها الشعب، شرطه تتجبر علي الشعب؛ لن يساندها الشعب، شرطه لا تحاسب مجرميها علي جرائمهم؛ تفقد قيمتها امام الناس.

الشرطه ليست قبيله يتواطا شرفاؤها علي جرائم فاسديها، ويخفي عقلاؤها اخطاء سفهائها. انها هيئه مدنيه مملوكه للشعب، وما لم يتم اصلاحها، واعاده هيكلتها، وتدارك نقائصها، ورفع كفاءتها المهنيه، ومحاسبه مخطئيها حساباً صارما شفاف معلنا؛ فلا تنتظروا نصرا علي الارهاب، ولا احتراما لحقوق الانسان، ولا هيبه للدوله. لا هيبه لدوله قمعيه، بل خوف لا يبني الانسان ولا الاوطان، وقد جربناه ودفعنا ثمنه فادحا حتي اسقطناه.

تقول دماء شيماء: غابت العداله الانتقاليه التي طلبناها، فتواصل شلال الدم المصري، لو لم يفلت المجرمون من العقاب، ما تجرءوا علي ارتكاب المزيد من الجرائم، الحكمه هي حقن الدم بالقصاص العادل، لا اهدار المزيد من الدم بالافلات من العقاب.

لا يحقن الدم الا العدل. «وَاتَّقُوا فِتْنَهً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّهً وَاعْلَمُوا اَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» (25) الانفال.

وعندما كانت روحها مع ارواح كل الشهداء، ترفرف علي ميدان التحرير، كانت تعرف ان ثمانين من شباب الثوره، اضيفوا الي السجناء، بينهم «جميله» ورهين المحبسين «محمد دومه» الذي ضحي ببصره في الثوره، ورمته الداخليه الي محبسه الثاني في ذكراها الرابعه.

كان جمال مبارك يغادر السجن عائدا للتمتع بما نهب من قوت الغلابه، بينما فوج جديد من عشاق الوطن يلقي الي برد الزنازين، وبرود النكران، مع المئات من شباب الثوره، وضحايا القبض العشوائي في مظاهرات الطلاب واحتجاجات الاخوان ومحيطها، وضحايا قانون التظاهر الذي لا يتفوق علي ظلمه الا غباؤه.

هل سمعتم دماء شيماء؟ هل قراتم دماء شيماء؟

هي الصوت الانقي، والنص الاصدق، في الذكري الرابعه لثوره لم تكتمل.

لكن البعض لا يسمع ولا يقرا، ولا ينسي شيئاً، ولا يتعلم شيئاً.

المسئوليه امام الشعب لا تقف عند الوزير والحكومه، فالشعب لم ينتخب الوزير ولا الحكومه؛ وانما هي مسئوليه رئيس الجمهوريه؛ لانه الوحيد الذي انتخبه الشعب، وكلفه بصون حقوقه في الحياه الامنه، والالتزام بالدستور والقانون، واقامه العدل.

لم نسمع كلمه من الرئيس المنتخب تتجاوب مع دماء شيماء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل