المحتوى الرئيسى

الملك سلمان أنقذنى من عقوبة الجلد! | المصري اليوم

01/30 21:23

الرجل «موقف»، والثبات عليه يتطلب قناعه عقليه بصواب موقفه، وقوه روحيه يستعين بها علي المشككين في الموقف، وفي السياسه لا توجد مواقف ثابته فهي متغيره من سطح صفيح ساخن يصل حد الغليان الي درجة الصفر من البروده يصل حد الصقيع والتجمد، والقيم الكبيره كثيراً ما تكون من شيم النفوس الكبيره رغم ان للسلطه بريقاً يعمي الابصار كثيراً، وللسلطه فعل السحر في تغيير النفوس، ولكن بعض الناس في قمه السلطه لا يتغيرون مثل سوار الذهب «السوداني» وزايد بن نهيان «الاماراتي» وعدلى منصور، والسيسي - حتي الان - وسلمان بن عبدالعزيز الذي اعرفه شخصياً منذ ان كان «اميراً» للرياض، وسلمان هو الاقرب في المملكه الي رجال الاعلام في الوطن العربى، وما من رجل اعلام دخل السعوديه الا ويعرفه امير الرياض، وقد تعرفت علي «الامير» سلمان من خلال شقيقه الامير بدر بن عبدالعزيز، نائب رئيس الحرس الوطني وقتئذ، وقد التقيت «الامير» سلمان ثلاث مرات.

■ المره الاولي: العدل الممكن

بترتيب خاص بين قياده الحرس الوطني واماره الرياض - ابان مناسبه «الجنادريه» المهرجان التراثي الثقافي السعودي- تمت زياره لاحد لقاءات امير الرياض سلمان بن عبدالعزيز وناس الاماره من الشاكين والشاكرين، وطلب الامير بدر ان نذهب نحن الاثنان «يوسف ادريس وانا» الي هذه الاصطباحه، وكلف جلال معوض - الاذاعي الكبير - بالاطمئنان علي وصولنا، وكانت تربط جلال معوض صلات عميقه ببدر بن عبدالعزيز، اتذكر عباره للامير بدر قالها لنا: «ستكتشفون ديمقراطيه وعداله لها طعم اخر»، ودخلنا القاعه الكبري في اماره الرياض نجلس كضيوف علي مقربه من الامير الذي تحول الي «اذنين مصغيتين» للانين والشكوي، بصبر يشكو منه الصبر، وفي السعوديه فقر لا يلمحه الزائر السائح ولكنه فقر لا يصل الي حد العدم، وجاء رجل تدل ملامحه علي البشر، جلس امام الامير سلمان شاكياً باكياً، وفتح احد معاوني الامير ملفاً وهمس في اذنه: «ضبط هذا الرجل يسرق البضاعه من المحال العامه» وساله الامير «كم مره سرقت؟» قال الرجل «5 مرات طال عمرك»، عاد الامير يقول «عندك استعداد تتوب يا بوي؟» قال الرجل: «بدي بيت وشغل» قال الامير لمعاونه: بيت وشغل، لكن معاون الامير سلمان اوضح: «نراقبه سموك لما يتوب» قال الامير: «هذا الرجل لن يتوب عن السرقه الا اذا وفرنا له سكناً وعملاً، وساعتها اذا ضبط سارقاً دخل السجن لاصلاحه»، تهامسنا يوسف ادريس وانا، قلت: «اسلوب تحويل الشر الي طاقه خير» قال يوسف بثقه وعيناه تلمعان: «شيئان يمنعان الجريمه عند الانسان السوي: ضمان اللقمه وضمان العمل».

جاءت حاله اخري لامراه تشكو زوجها للامير «لانه لا ينفق عليها» وهي تطلب الطلاق، وقال الامير: بتنكدي عليه كل يوم؟ قالت بخجل من وراء نقابها: «بيصرف علي ضرتي اكتر» قال الامير موجهاً الكلام للزوج: العدل مقابل الحياه معك، حتي الشرع يفتي بذلك. قال الزوج: لن تصل الي هنا شاكيه يا طويل العمر.. وانصرفا، كان تعليق يوسف ادريس: «الطلاق علي حافه الظلم».

■ المره الثانيه: العتاب الحميم

كانت المره الثانيه التي اري فيها الأمير سلمان بن عبدالعزيز.. في القاهره، كنت قد كتبت عنه كلمات في باب سماعي الذي اكتبه ومازلت في صباح الخير، من بين ما كتبت «انه امير تغلب عليه صفه الفرسان، فهو فارس عربي شكلاً وموضوعاً»، لا اتذكر سبب لقاء «الامير سلمان» بـ28 كاتباً من مختلف الاتجاهات، كان اللقاء في قاعه رسميه امنه، جلسنا نسال «سلمان عبدالعزيز» وهو يجيب، وبالعوده الي قصاصات اوراقي عن المناسبه سجلت علي لسانه بعض افكاره، منها «مخططات الغرب عدائيه تجاه العرب» واتذكر ان سؤالي للامير سلمان، كان «خطا من في فهم الاسلام؟ خطا الغرب ام خطا الامه العربيه؟ وقال الامير بحسم: «خطا الامه الاسلاميه التي لم تستفد من ادوات التكنولوجيا لتوصيل صحيح الاسلام»، ومن افكاره «تهميش اراء الشباب حتي الغاضبه منها ليس صحياً»، ومن افكاره «ان بناء جيل جديد من القيادات امل اي مجتمع متطور»، واضاف: اؤمن للشباب بنيه تحتيه راقيه توفر لهم التجارب الرائده».

فيما بعد كان للامير سلمان بن عبدالعزيز «مركز الامير سلمان للشباب» واطلق استبياناً لاستطلاع راي الشباب السعودي في كل امور المملكه، وانتهي الاجتماع الذي استمر ساعتين ونصفاً، واثناء الخروج ذهب البعض- وانا منهم - يصافح الامير، الذي انتحي بي في ركن هادئ وقال: «اشكرك علي ما كتبت عني، ولكن لابد من تصحيح» وبدهشه سالته «هل وقعت في خطا»؟ قال: هذا «ما هو عتاب، انما تصحيح معلوماتك»، واصغيت. قال الامير سلمان: «انت قلت عليّ من باب الاشاده - ان لي زوجه واحده فقط والحقيقه غير ذلك، وتعلم ان الاسلام يبيح التعدد»، قلت: نعم افهم ما تقول، عاد يقول ضاحكاً: «علي طريقتك التليفزيونيه اسمح لي اصحح لك».

■ المره الثالثه: انقاذ من عقوبة الجلد

كنت قد كتبت مقالاً في «العالم اليوم» بعنوان «تربيه دادات» اثار غضباً ولغطاً، تناولت فيه قضيه استخدام العماله الاسيويه كمربيات في البيت الخليجي، وقلت ان الاطفال في البيت الخليجي يتاثرون بثقافه مختلفه عن ثقافتهم وطقوس اخري غير الطقوس العربيه وعادات وتقاليد اخري غريبه عن البيت السعودي والخليجي عموماً، وقد تشيع هذه العماله فساداً ما بسبب رخص اجورها، حتي ان اسره ما في بلد عربي تناقلت الايدز من خادمه اسيويه، وقلت: لابد من التحذير الشديد للبيت العربي من هذا الخطر الوافد. بعد نشر المقال الذي اصاب كبد الحقيقه وربما ازعج البعض، هاتفني الامير طلال بن عبدالعزيز، العقل السعودي المتفتح قائلاً: «تحذيرك في مكانه»، ووصف المقال بانه «تربوي»، لكن البعض لم يرق لهم «اهتمام كاتب مصري بشؤون البيت الخليجي السعودي» وكتب عبدالله الجفري- الكاتب السعودي من اصول يمنيه- مقالاً ضدي شخصياً، ووصف المقال بانه «اهانه للبيت السعودي»، وطالب الجفري في مقال اخر بعنوان «امنعوه من دخول بلادنا»، وكانت النتيجه ان طالبت احدي الهيئات في الرياض بجلدي 41 جلده عقاباً لي علي «اهانه المراه السعوديه» وانا الذي انطوي علي احترام كبير للبيت السعودي ولاسرتي علاقات وثيقه باكثر من اسره سعوديه، ومن فرط اللغط الذي احدثه المقال، خرجت مجله سعوديه نشرت صورتي علي غلافها ورسمت باللون الاحمر (x).

فما كان من الاعلامي الكبير عماد الدين اديب، صديق ايام الاحلام الاولي، الا ان دعاني لبرنامجه الشهير علي شاشه اوربيت علي الهواء للرد علي العقوبه بالجلد، وعلي من اطلقوا صيحه «امنعوه من دخول بلادنا»، ولم اتردد في الذهاب لعماد اديب لسببين، الاول: قناعتي بما كتبت، خصوصاً اني علي علم بتجاوزات خادمه فلبينيه كانت تعمل في بيت الدكتور احمد شفيق، وانتبهت د. الفت السباعي للاخطاء، السبب الثاني: ان المقال المنشور في جريده ضمن مؤسسه يملكها الاستاذ عماد اديب، ذهبت وظهرت علي الشاشه وواجهت من يرفض ما كتبت جمله وتفصيلاً، ومن يؤيد الراي ويكتم اسمه، ومن يدافع عن وجهه نظري ومنهم سعوديات مثقفات حصينات، يومها قلت ان الخادمه الاسيويه قد تقيم علاقات مع اولاد سيد البيت وتخفيها عن العيون، وتكلم في البرنامج سفير سابق عن مغامرات اسيويه حسناء مع ازواج في بيوت اشتغلت فيها حتي قامت - بعد افتضاح امرها - السفاره التابعه لها بترحيلها الي بلادها، كان عماد اديب - باقتدار - يدير دفه الحوار ويعطي مساحه من الهواء قناه سعوديه لمن وقفوا ضدي ومن وقفوا معي بلا انحياز. قبل انتهاء البرنامج بدقائق حدث اتصال تليفوني مفاجئ من الرياض فاذا به «سمو امير الرياض» يطلب سفري بعد يومين ولقاءه شخصياً، وكانت هذه اول «اشاره» رداً علي صيحه «امنعوه من دخول بلادنا» وصفعه للغلاف الذي شطب صورتي. بعد البرنامج طلب عماد اديب الامير سلمان الذي حادثته وشكرته علي موقفه الشجاع، فقال: «لا تنزعج من صحيفه اساءت لك فهي لا تعبر عن وجهه نظر رسميه سعوديه». ذهبت صباح اليوم التالي للحصول علي تاشيره دخول للسعوديه وسافرت بتذاكر السعوديه واستقبلت من اداره المراسم والتشريفات، وبعد يوم من اقامتي جاءني من اصطحبني الي مكتب الامير سلمان في اماره الرياض، وحول فناجين القهوه العربيه المره كان حوارنا وسمعته يقول: «الاراء نسبيه يا اخ مفيد والكل يستقبلها حسب مفهومه»، ويقول: «الحقائق دائماً صادمه»، ويقول: «سلاحك القوي كصاحب قلم قناعتك بالراي»، ويقول: «للصحافه امراض منها الاثاره» ويقول: «لا احد يمنعك من مجيئك الينا». لاحظت خلال المناقشه ان عدسات التليفزيون السعودي تسجل اللقاء كخبر لنشاط الامير اليومي واستقبالاته، وداعبني الامير سلمان بقوله: «الان باستقبالك في بلادنا لن تنفذ فيك عقوبه الجلد»، سالته لم العقوبه يا سمو الامير؟ قال سلمان بن عبدالعزيز: «لانك في اعتقادهم اسات الي البيت السعودي مع اني اري المقال تحذيراً للبيت الخليجي من الاسراف في استخدام العماله الاسيويه دون اشراف»، خرجت من اماره الرياض سعيداً وقد تغير المناخ تماماً، واتصل بي في الفندق رئيس تحرير المجله اياها، وطلب ان اذهب اليه لفنجان قهوه قائلاً: «صافي يا لبن» فقلت: «مش حليب يا قشطه».

من جهه اخري، كنت فخوراً بعقل سعودي هو احد اعمده الحلم السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، الرجل الذي يملك مساحه للفهم وتربطه علاقات متميزه مع كل او معظم كتّاب الوطن العربي وصحفييه.

■ سيلفي مع ابن الامير سلمان

وفي حفل انيق دعيت فيه من سفير المملكه في مصر الذكي احمد قطان احتفاءً بوزير السياحه السعودي «محمد بن سلمان» وعندما جمعتني فرصه اللقاء به قلت له امام السفير السعودي: «ان لوالدك موقفاً حضارياً معي لا انساه»، كان هذا والامير سلمان ولي عهد المملكه، واذا بالامير الوزير يفاجئني وهو يقول: «نتصور معاك سيلفي لاريه الصوره».

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل