المحتوى الرئيسى

«داعش» تلوح بسكاكينها عند سفح صخرة دايان

01/30 06:49

يحاول البعض المقارنه بين متاهتنا اليوم في الشرق الاوسط، واوضاع اوروبا في العصور الوسطى. في تصوّري ان الفارق كبير في الحالتين. اوروبا كانت في ظلام، بينما نحن فوق الظلام نعيش في متاهه. سؤال اوروبا في تلك الحقبه، كان يدور حول فكره كيف نخرج من الظلام؟ بينما نحن حتي اليوم لم نطرح اي اسئله، غير تلك الاسئله التقليديه التي تبدو مزايده علي السائد، باكثر مما هي تقديم بدائل له. اوروبا في العصور الوسطي لم تتكلّم عن العدو البربري القادم من بلاد الاناضول!! لم تاتِ بسيرته علي لسانها، علي الرغم من انه كان زاحفًا يلوح بالسكاكين وسبي النساء واخذ الرجال عبيدًا.

اوروبا تكلّمت عن دوله العقد الاجتماعي.. فعن ماذا نحن تكلمنا ولا نزال نتكلم؟

بعد 25 يناير، قابلت مجموعه من الشباب.. واحد منهم سالني: نريد ان نزحف الي معبر رفح لنقوم بفتحه علي اخواننا في غزه؟ مجموعه شبابيه ثانيه تسالني: نحن في طريقنا للتظاهر عند الصخره. كانوا يتحدثون عن صخره الجينرال دايان، علي شاطئ الشيخ زويد في سيناء.. مجموعه ثالثه تقول: انها ذاهبه لتدمير الصخره من اصلها.

كانوا شبابًا يبحثون عن سؤال الوطنيه في لحظه زمنيه تجاوز فيها التاريخ ما هو وطني لمصلحه ما هو مواطني. علي المقلب الاخر، جماعات دينيه تلوّح بقبضاتها في الهواء وهي تصرخ: الاسلام جاي يا عم الحاج.. وفي كل مره كنت اقول لحالي: جميل.. هذه اسئله الوطنيه.. اسئله ذوات غارقه في الهزيمه وتبحث عن الثار.. لكن اين سؤال الثوره؟.. لا سؤال للثوره، سوي الكثير من المزايدات الراديكاليه علي السائد. دون ادراك ان السائد، لم يترك تلك المواضيع، محور المزايدات، الا بعد ان ادرك ان لا سبيل للتصدي لها. بمعني ان النظام العسكرتاري في القاهره لم يتساوم مع اسرائيل، لانه استيقظ من النوم في الصباح، فوجد ان اسرائيل تحوَّلت من شجيره صبار الي باكو من الشيكولاته. وانما لانه ادرك، بعد الكثير من التجارب والمرار، انه لا سبيل للتصدّي لها بالقوه. والعسكر لا يعرف من كلمات التصدّي للخصم سوي كلمه واحده: القوه. اسرائيل ليست هابطه من السماء ولا طالعه من جهنم، وثمه طرق متعدده للتصدي لها، لكن تلك الطرق ليست من طبيعه اي نظام عسكرتاري لا في القاهره ولا في غير القاهره. الناس لم تخرج من بيوتها يوم 25 يناير وما تلاه، لتفك الحصار عن اخوانّا في غزه.. ولا من اجل اسلام لم يذهب حتي يجيء، بل ان الناس قد تكون لا تعرف بموضوع صخره دايان من اصله، لتخرج الي الموت بصدور مفتوحه من اجل ان تهدمها.. الناس خرجت من اجل العيش والحريه.

العيش والحريه يحتاجان الي طرح سؤال يهدف الي اعاده توزيع السلطه والثروه.. لا الصراخ: صهيونيه.. صهيونيه.. كامب ديفيد.. كامب ديفيد.. صخره دايان.. صخره دايان.. سؤال يتصدَّي للمشروع الاسرائيلي بالنموذج، لا بالصراخ. نموذج المواطنه والديمقراطيه والتعدديه واحترام حقوق الانسان.

في مناخ مثل هذا من الطبيعي ان ياتي الناس بمن يتصورون انه اكثر جذريه في التصدي الي تلك الاسئله.. حسنًا، انتم تريدون هدم صخره دايان؟! انتم تريدون فتح معبر غزه؟! هذا ما تمخّض عنه جبلكم؟! اوك.. اركن انت وهو علي جنب.. وسناتي بمَن يصرخون: خيبر.. خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود.

المشكله ان الماضي لا يعود ولن يعود ابدًا.. تستطيع ان تلتفت الي الماضي لتستلهم منه العبر، لكنك ابدًا لن تعيده.. بمعني انك تستطيع ان تسال: لماذا اختلف الصحابه عند وفاه الرسول؟ وكيف حسموا خلافهم؟ وما الاسباب التي جعلتهم يحسمونه بهذه الطريقه دون غيرها؟

لكنك ابدًا لن تنجح في استنساخ سقيفه بني ساعده جديده. ولا استنساخ صحابه جُدد.. واذا حاولت، فان محاولتك لن تتمخض الا عن مخلوق مشوه مثل النعجه دولي.. مثل الخليفه بكري البغدادي.. مثل داعش .

تستطيع ان تلتفت نحو صخره دايان.. ثم تسال حالك، عن الظروف الموضوعيه التي حطت هذه الصخره فوق التل؟ وهذا يعني ان عليك ان تخلق ظروفًا موضوعيه مغايره.. عندها قد تسقط الصخره من نفسها. اما خبط راسك في الصخره، قبل ان تتغيَّر الظروف الموضوعيه التي وضعتها فوق التل، فهي الوصفه الفضلي لانتاج داعش .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل