المحتوى الرئيسى

مقطع من رواية "خلف العتمة" لسليم اللوزي

01/29 13:53

يستعد الكاتب سليم اللوزي لتوقيع روايته الجديده "خلف العتمه"، ضمن فعاليات معرض القاهره الدولي للكتاب، يوم الجمعه 6 فبراير 2015، ابتداءً من الثالثه ظهرا، في جناح شركه "المطبوعات للتوزيع والنشر".

"خلف العتمه" تعد الروايه الثانيه بعد "ذبائح ملونة"، وهي روايه مفتوحه علي عوالم تمزج الواقع بالمتخيل بلغه هذيانيه وحلميه تغيب فيها المقومات الكلاسيكيه للروايه، يجتهد باحثا عن صوته الخاص في الروايه الوعره وارثها الطاغي لبنانيا وعربيا.

"الساعه السادسه صباحا. ضوء النهار يشقّ طريقه في عتمه السماء ببروده. المٌ حاد في الرقبه ايقظني. لا ازال علي الكرسي الهزّاز منذ امس. الاضواء مطفاه في البيت. هدوء حذر في الخارج، تغالبه اصوات ابواق الباصات والسيارات التي بدات يومها باكراً بين الحين والاخر. من خلف زجاج الغرفه كنت اراقب «الجرّاح» يترنّح يمينا وشمالا، يحاول عبور الشارع الفاصل بين منطقه «عين الرمانه» و«الشياح». ثيابه مبلّله ومتّسخه. اشعث الشعر. يحمل سيجارته في يمينه. يتكئ علي السيارات المركونه قرب الرصيف. بروده الليل تتبدّد مع دخول اشعه الشمس الخجوله الفضاء. يحاول عبور الشارع. يقف في منتصف الطريق. يرفع يده ويوقف سياره اتيه من البعيد. يفقد توازنه. يقرفص ويضع يديه وركبتيه علي الارض. يتقيا ما في جوفه، تتخطّاه السياره ببطء. يبصق ما بقي في فمه، ويحاول النهوض. يضع يده في قيئه فيتزحلق. يرتطم وجه بالاسفلت. يختلط الدم مع القيء. يشتم الالهه. يرتفع بوق سياره تقف امامه. لا يابه. يحاول السائق تخطيه، يعود الي الخلف ثم يوجّه اطاراته الي اليسار عبر المقود ويمضي.

يشاهد الماره «الجرّاح» يتخبّط في مكانه دون اكتراث. يقف بعد محاولات باءت بالفشل. يمسح يديه بثيابه، ويضع طرف قميصه علي جرحه النازف، ويختفي بين عشوائيه المباني الموزّعه علي طول شارع «عبد الكريم». رائحه البن تفضح استيقاظ زوجتي. في المطبخ قبّلتها علي جبينها، بعد ان القيت تحيّه الصباح: انتظرتك بالامس، لكنك تاخرت، فنمت. تاخرت في عملي، كان عليّ انجاز كثير من الاعمال. تبتسم زوجتي، فهي الوحيده القادره علي فضحي حين اكذب: عافاك اللَّه. ابتسم وانسحب الي المغسله. لحظه اختراق ذرات الماء مسامّ وجهي النائم، تذكّرت وصيه الشيخ «عبد الغفور»: «هذه المياه من الاراضي المقدّسه، والتربه ايضا. ضع فمك داخل كوبٍ واتلُ الايه القرانيه بصوتٍ عالٍ، ثم اخلط قليلا من هذا الماء مع هذه التربه، وامسح بهما وجهك ومكان قلبك». لا تزال التعويذه في جيب معطفي الذي علّقته علي مشجب المعاطف عند مدخل البيت. طعم معجون تنظيف الاسنان يلهب لثّتي ولساني. امضمض بالماء وابصق. غيومٌ رماديه استوطنت السماء ومنعت اشعّه الشمس من الاستمرار في تسلّلها.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل