المحتوى الرئيسى

هل يستطيع الإنسان الآلي أن يكتب رواية؟

01/28 21:51

قد يبدو لنا الامر مجرد خيال علمي عندما نعلم ان الباحثين يعملون علي استخدام الذكاء الإصطناعي لتاليف روايات وقصص قصيرة. لكن هل ستكون هذه الروايات علي مستوي من الجوده يدفعنا لقرائتها؟

لطالما خلب الذكاء الاصطناعي الباب مؤلفي القصص الخياليه وروايات الخيال العلمي منذ امد بعيد. ولم تخل اعمال كتاب كبار مثل ارثر كلارك، ووليام غيبسون، وايان بانكس من الحديث عن الذكاء الصناعي، ولكن سرعان ما تحولت هذه الرؤي المستقبليه الي حقيقه.

وتنبا راي كيرزويل، مدير قسم الهندسه بشركه "غوغل" الامريكيه، بان اجهزه الكمبيوتر ستكون اكثر ذكاء من اي انسان بحلول عام 2029.

ويعتقد ستيفن هوكينغ وإيلون ماسك، مؤسسا شركتي "باي بال" و"تيلسا"، ان كيرزويل محق في رايه. وفي بدايه هذا العام، كان هوكينغ وماسك من بين الموقعين علي خطاب مفتوح يدعو الي تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، وذلك في ضوء التهديد الذي يشكله ما يسمي بالانفجار المعلوماتي.

قد لا يكون لدي مؤلفي الروايات، علي الاقل، ما يخشونه، او قد تعتقد انت ذلك. في روايه جورج اورويل "1984"، يقرا "العمال" كتبا انتجتها اله، لكن تلك الاله لن تستطيع ان تحل محل الكاتبه الكنديه مارغريت اتوود، علي سبيل المثال.

وفي النهايه، فاننا نتجه للاعمال الادبيه لكي نعمق فهمنا للحاله الانسانيه، كما يستمد العمل الادبي سحره من الخبرات الحياتيه والعاطفيه التي عاشها الكاتب، بالاضافه الي ابداعه بالتاكيد.

وحتي لو تطورت الحواسيب لتكون قادره علي معرفه مذاق الطعام بالنسبه للطفل او الاحساس باول شعاع للشمس في فصل الربيع بعد شتاء طويل، فانها لن تكون قادره علي ادراك تلك الاحاسيس مثل البشر.

ونتيجه لكل ذلك، لن يستطيع اي روبوت ان يجاري كاتباً قصصياً، وهل حقا يمكنه ذلك؟

يري كيفين واريك، استاذ علم المستقبليات، ان اجهزه الكمبيوتر ستكون قادره علي ذلك قريبا. وعلي المشككين في ذلك ان يتذكروا ان واريك تنبا بظهور الطائرات بدون طيار.

وبالفعل، هناك انظمه برمجيه قادره علي القاء النكات والمغازله، كما يمكنها ان تؤلف قطعاً موسيقيه (خمسه الاف قطعه خلال فتره الصباح، اذ يقوم برنامج التاليف "ايمّي" بذلك) وابتكار قطع فنيه صوريه.

ونجح بعض هذه البرامج في كتابه قطع شِعريه، او ما شابه ذلك، منذ عام 1983 عندما الّف برنامج يدعي "راكتر" كتاباً تجريبياً باسم "لحيه الشرطي نصف ناميه".

ويمكن لبعض الاجهزه ان تكتب روايات كامله – الا انه لن يروق لك قراءتها في الزمن المنظور.

هناك حالات تجعلنا التكنولوجيا اكثر تكاسلا، اذ تقوم بالتصحيح الاملائي نيابه عنا، وتنبهنا بالاخطاء التي نرتكبها في اسلوب الكتابه، مثل تكرار الكلمات، لكن التكنولوجيا تتعلم منا ايضا، وخير مثال علي ذلك جهاز يطلق عليه اسم "وات اف ماشين" (اله ماذا لو).

وهذا الجهاز من ابتكار مجموعه من الخبراء العالميين في مجال التعلم الالي والبحث عن المعلومات علي شبكه الانترنت وابتكار الاساليب الروائيه والمجازيه والفكاهيه، علي راسهم سيمون كولتن من كليه غولدسميث بجامعه لندن.

يعمل الجهاز عن طريق ابتكار سيناريوهات بمختلف الاشكال الابداعيه، وبانماط ادبيه تتراوح ما بين نمط والت ديزني الي نمط فرانز كافكا، وكل ما عليك هو اختيار الاسلوب الادبي، وبضع تفاصيل اخري من قائمه معدّه سلفا، قبل ان يصدر الجهاز محاولاته الابداعيه.

ما يقوم به هذا الجهاز حاليا هو ضرب من المحاوله والخطا، فعند اختيار نمط كافكا علي سبيل المثال كاسلوب للتاليف، تميل النصوص التي ينتجها الجهاز الي محاكاه نمط كافكا في الكتابه الي حد ما.

لكن الجهاز يتعلم، وهو يستخدم الاستحسان البشري كدليل. وعباره "ماذا لو" المفضله لدي باحثي كليه غولدسميث لا زالت تستخدم حتي الان في اختبار قدرات ذلك الجهاز.

"يبدو الامر وكان هذه قصه قصيره، مع بعض الفكاهه والتطور غير المتوقعٍ للاحداث. لو صدرت هذه الفكره من طفل مثلا، فسنكون سعداء بذلك.

وبينما يتطور جهاز ’ماذا لو‘ نحو الافضل، نامل ان يسهُل استخدامه لكلمه ’خيالي ‘في برمجته الداخليه،" ذلك ما كتبه كولتن في رساله الكترونيه كتبها بالاشتراك مع المساعده في البحث ماريا تيريزا رودريغز.

ويضيف الباحثان ان احد التحديات الكبيره هي تعليم الجهاز كيفيه فهم ما يثير الاهتمام من وجهه نظر خياليه.

بدا داريوش كاظمي البرمجه علي حاسبه الرسوم البيانيه منذ كان صبياً في المدرسه، ثم اصبح مبرمجاً محترفاً لالعاب الفيديو خلال مرحله العشرينيات من عمره.

وقضي السنين القليله الماضيه في تطوير برمجيات غريبه وفلسفيه، مثل جهاز "يو مست بي"؛ وهو روبوت يعرض اسطرٍ قليله يمكنك ان تختار من بينها، ثم تترك الفرصه للجهاز ليكمل تاليف قصه ما.

يعد كاظمي من المولعين بالروائي توماس بينتشن، كما انه من صاحب فكره برنامج يطلق عليه اسم "الشهر الوطني للاستحداث الالي للروايات" – وهو محاكاه تكنولوجيه لمبادره "الشهر الوطني لكتابه الروايات" في الولايات المتحده الامريكيه.

اقترح كاظمي البدء في ذلك البرنامج عبر حسابه علي موقع تويتر في عام 2013، وشهد البرنامج بعدها انطلاقه سريعه.

وتقوم الفكره علي مشاركه المستخدمين بروايه يزيد عدد كلماتها عن 50 الف كلمه، مع وضع الكود الرقمي الذي استُخدم لاستحداث تلك الروايه.

يتطلب عمل ذلك البرنامج مستويات متنوعه من المشاركه البشريه، ويعترف كاظمي ان انجح هذه المحاولات هي تلك يساهم فيها البشر بقدر كبير.

احدي هذه الروايات المفضله لدي كاظمي هي روايه "ذا سيكر" (او الباحث) التي نشرتها مستخدمه تسمي "ثرايث-دوتد، والتي تحكي قصه روبوت يحاول التعلم من خلال اللجوء الي موقع "ويكي هاو" الشهير (لتعلم كيفيه عمل الاشياء) علي الانترنت، لكي يتعلم كيف يصبح اكثر شبها بالانسان.

يقول كاظمي: "لا اظن اننا سنري شيئاً اشبه بروايه ’موبي ديك‘ الشهيره، ولكني اعتقد اننا قد كتبنا رموزاً حاسوبيه تستطيع حقاً ان تولّد روايات خياليه ممتازه.

انا متحمس فعلاً للروايات التي يشارك في تاليفها البشر والرموز الحاسوبيه معا. سيكون ذلك مبهجاً جدا."

لكن حتي الان لم يتصل اي مؤلف روائي محترف بكاظمي، وقد اتصل به بعض الاطفال الذين يطلبون منه رموزا رقميه تساعدهم في كتابه واجباتهم المنزليه.

حالياً، يكمن التحدي الحقيقي الذي يواجه مطوِّري البرمجيات في طول الروايات. "عندما تصل حاجز 3000 كلمه، تبدا مشقه كبيره في الحفاظ علي تركيز القرّاء،" حسبما يقول كاظمي، ويؤيده في ذلك البروفسور ورويك.

لكن هناك عقبات كثيره لا زالت تحول دون وصول اجهزه الروبوت الي مستوي جوائز البوكر للروايه.

علي سبيل المثال لا الحصر، لا تعد الروايات الاليه التي تنتجها الاجهزه قادره علي التعامل مع الشخصيات التي تختفي من السرد لتظهر مره اخري بعد 78 صفحه لاحقه من الروايه مثلا. كما انها لا تستطيع ان تمزج، بشكل مقنع، التفاصيل الحسيه في الروايه دون ان تعود الي بنك للمعلومات.

ومع ذلك، يصرّ ورويك علي ان مثل هذه الروايات سوف تصل الي ذلك المستوي يوما ما، ويضيف: "ان لم يحدث ذلك خلال السنين العشر القادمه، فذلك سيدهشني حقاً."

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل