المحتوى الرئيسى

مالي بين طبول الحرب ومائدة التفاوض

01/28 14:41

بينما تتجه المنطقه شيئا فشيئا نحو حرب يدفع لها الافارقه ويدعمها الفرنسيون، تبدو حكومه مالي -التي وافقت علي نشر قوات افريقيه علي اراضيها بعد طول تردد- راغبه في الحوار الي درجه الاصرار، ومصممه علي منحه فرصه اخيره قبل اندلاع حرب متوقعه.

الرئيس المالي الانتقالي ديونكوندا تراوري جدد دعوته للحوار مع المجموعات المسلحه التي تحكم سيطرتها علي ثلثي البلاد، قائلا في خطاب متلفز عشيه الذكري الثانيه والخمسين لاستقلال بلاده، "ما دمنا نستعد للحرب فسنخوضها اذا لم يبق لنا خيار اخر، لكننا نؤكد مجددا هنا ان خيارنا الاول يبقي الحوار والتفاوض"، مؤكدا ان "خيارنا الثاني يبقي الحوار والتفاوض، وخيارنا الثالث يبقي الحوار والتفاوض".

وتابع الرئيس المالي "ادعو المجموعات المسلحه الناشطه في شمال بلادنا الي الموافقه علي سلوك طريق الحوار والتفاوض بشكل صادق وبناء".

وتبدو لهجه الرئيس المالي منافيه في الظاهر لما يجري من تحضيرات وترتيبات مكثفه لشن حرب علي المجموعات المسلحه المسيطره علي الاقليم، ولكنها مع ذلك قد تكون جزءا من الشق السياسي والاعلامي لهذه الترتيبات المتسارعه.

لم يكشف الرئيس المالي عن الاسس ولا عن المواضيع التي يفترض ان يتناولها هذا الحوار، ولكنه مع ذلك شدد علي ضروره ان يتم تحرير المناطق المحتله عبر التفاوض او القوه.

وقد بادرت الحركه الوطنيه لتحرير ازواد الي التعبير عن استعدادها للحوار مع مالي، مؤكده في بيان لها انها لن تقبل ما تحاول حكومه مالي القيام به من التفاوض "مع الجماعات الارهابيه التي تحركها اجنده خفيه وغامضه، ولم يسبق ان عبرت عن ايه مطالب حقيقيه"، مشدده علي ان هذه الجماعات ليست طرفا في النزاع القائم بين الازواديين ودوله مالي.

اما حركه انصار الدين التي تسيطر مع حركه التوحيد والجهاد علي كل مناطق الاقليم الازوادي، فقد رحبت بالدعوه الي اي حوار ينبني علي اسس موضوعيه ومنصفه وقابله للتطبيق.

وقال القيادي فيها والمتحدث باسمها في مدينه تمبكتو سندا ولد بوعمامه في اتصال مع الجزيره نت، انهم يرحبون باي حوار موضوعي "شريطه ان لا يكون هدفه الخوض في خيارات غير قابله للنقاش، مثل تطبيق الشريعه الاسلاميه" في اقليم ازواد.

واكد ان "لا مشكله" لحركته في "اي حوار صادق وبناء"، خصوصا ان للمشكله الحاليه ابعادا متعدده ومتشابكه، وان الشعب الازوادي عاني خلال فتره الحكم المالي من الاهمال والتهميش وسلب الحقوق وغياب البرامج التنمويه والخطط الاقتصاديه، علي حد قوله.

واستغرب ولد بوعمامه ما يسميه تناقض النبره التي يتحدث بها الرئيس المالي مع تلك التي يتحدث بها وزيره للدفاع، فالاخير يهدد بالتدخل العسكري والاول يدعو للحوار، مشيرا الي ان الاخطر هو ان قرار الحكومه الماليه ليس في يدها وانما بيد اطراف اقليميه ودوليه ظلت خلال الشهور الماضيه تدفع نحو خيار الحرب لاسباب يختلط فيها الخاص بالعام.

وقال ان حركته لم تلمس حتي الان اي مؤشرات علي جديه دعوات الحوار التي ما زالت في طورها الاعلامي والدعائي دون ان تترجم الي اتصالات مباشره او عروض محدده، مبديا تخوفه من ان يكون الامر مجرد محاوله التفافيه تقوم بها الطبقه الحاكمه في مالي، او محاوله لاظهار ان هناك طرفا (هو مالي) متمسكا بالحوار وغير راغب في الحرب، وهناك طرفا اخر (هو المسيطر علي الاقليم) يرفض الحوار ويصم اذانه عن كل دعواته الصادقه.

وحول ما اذا كانت حركه انصار الدين ستقبل التفاوض علي عوده الحكم المالي الي اقليم ازواد، قال ولد بوعمامه انه "لا خيار لدي الازواديين في تطبيق الشريعه، في حين ان الدوله الماليه دوله علمانيه لا تحكم بشرع الله، والحكم العلماني يتناقض تماما مع الحكم الاسلامي الذي يتمسك به الشعب الازوادي".

ويقول الكاتب والخبير في شؤون المنطقه سيدي اعمر ولد شيخنا في حديث مع الجزيره نت ان دعوات الرئيس المالي الي الحوار غير صادقه، ولا تعبر عن نيه لديه او لدي حكومته او لدي حلفائهم في فتح حوار مع الحركات المسيطره علي الاقليم، وانما هي اساسا "لذر الرماد في العيون وابراء ذمه الدوله الماليه امام مواطنيها قبيل انطلاق الحرب".

ويضيف ان تراوري يحاول ايضا من خلال تلك الدعوات اللعب علي وتر التناقضات داخل المجموعات ذات النفوذ في الاقليم، بدليل ان الحركه الوطنيه لتحرير ازواد اعلنت موافقتها علي الحوار، وان زعيم حركه انصار الدين اياد غالي صاحب العلاقات المعروفه مع الجزائريين والبوركينابيين بدا هو الاخر ياخذ مسافه من بعض حلفائه في الاقليم.

ويجزم ولد شيخنا بان اي مفاوضات او حوار لن يتم بين الماليين وخصومهم المسيطرين علي ثلثي الاراضي الماليه لان الماليين مصرون علي استعاده اراضيهم، ولان المجموعات المسلحه مصممه علي ان ما تقدم هو مشروع دوله اسلاميه لا مرد له، مما يعني ان الحرب قادمه لا محاله.

ويري الخبير ان دعوه الرئيس المالي للحوار ليست خيارا تكتيكيا لتقويه نظام حكمه، بل هي جزء من الترتيبات الاستراتيجيه للحرب التي لم تعد فقط قرارا للنخبه السياسيه والعسكريه الماليه، وانما باتت توجها وخيارا لحلفائهم الافارقه وداعميهم الفرنسيين والاميركيين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل