المحتوى الرئيسى

ما بين «سيريزا» و«القوات الشعبية».. المعارضة فى السلطة

01/27 17:03

هذه لحظه نادره في التاريخ الحديث، فاز حزب «سيريزا» ذو التوجه اليساري الراديكالي باغلبيه المقاعد في البرلمان اليوناني، مما يعني انه سيشكل الحكومه منفردا، هذه هي المره الاولي الذي يصل فيها اليسار الراديكالي الي السلطه في اليونان منذ ستين عاما، وتحديدا منذ الحرب الأهلية اليونانية الدمويه بين الشيوعيين والوطنيين، التي استمرت نحو ست سنوات وانتهت بهزيمه فادحه للشيوعيين.

هي بمثابه ثوره جاءت ناعمه عبر صناديق الاقتراع، نجح سيريزا في الوصول الي الحكم باجنده راديكاليه للغايه، الخروج من منطقه اليورو، التحفظ علي الديون الاوروبيه وسياسه التقشف التي فرضتها اوروبا علي اليونان بعد ازمتها الاقتصاديه الطاحنه، امال عريضه وواسعه بين الجماهير التي باتت في الشوارع حتي الصباح. وصل المعارضون الي السلطه.. والان هل تصبح الاحلام والشعارات قابله للتطبيق؟!

يحيلنا السؤال الي تجربه فريده شهدها الوطن العربي، تجربه وصول الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، او الاتحاد الاشتراكي، الي السلطه في المغرب في حكومه التناوب عام 1998.

عام 1956 بعد استقلال المغرب، اندلعت الخلافات بين القوي الوطنيه التي حاربت الاستعمار حول السؤال الكبير: كيف نسير هذا الوطن الجديد الذي امتلكناه؟ وانقسم حزب الاستقلال الجامع لكل الوطنيين الي يمين راسمالي يدعمه الملك، ويسار راديكالي انفصل لاحقا لينشئ الاتحاد الوطني للقوات الشعبيه. رفضوا ان يطلقوا علي انفسهم حزبا، هم تجمع للعمال والفلاحين وافراد جيش التحرير في اتحاد واحد ينادي بمغرب يساري راديكالي، وينادي باقتطاع الاراضي من كبار الملاك، وانشاء تعاونيات زراعيه، وفي النفوس تضمر الضمائر الغاء الملكيه بالطبع.

مات الملك محمد الخامس عام 1961، لياتي بعده ابنه الحسن الثاني والصراع المكتوم اصبح صارخا، عام 1963 اعلن الملك عن اكتشاف مؤامره ضده يقودها الاتحاد الوطني، القي القبض علي قيادات الحزب، وحكم علي 9 منهم بالاعدام، اما زعيم الحزب المهدي بن بركه فقد فر الي فرنسا قبل ان يختطف عام 1965 ويختفي الي الابد. وفي الاساطير الشعبيه قيل ان راس المهدي بن بركه حُملت حتي وُضعت علي مادبه عشاء الحسن الثاني.

الحزب الراديكالي لم يكن بالحزب الهش، كان لدي رموزه قبول واسع وعريض من الجماهير، في الجاره الجزائر المتخاصمه مع المغرب، بني الحزب قواعد عسكريه، سنسقط الملك بقوه السلاح ! لعشر سنوات كامله ظلت كوادر الحزب علي ارض الجزائر تتدرب وتعد العده لاسقاط النظام بالقوه، بعد عشر سنوات جاءت اللحظه المنتظره، اخترقت ميليشيات الحزب الحدود الجزائريه المغربيه لتنفذ خطتها، لكنها فوجئت بقوات الجيش تنتظرها في كل اماكن عبورها. كان التنظيم مخترقا، وقمع التمرد باسرع ما يكون، حكم علي المئات من المقبوض عليهم بالاعدام، والقي الاف من مؤيدي الحزب في السجون، وعاش المغرب عهدا عصيبا من القمع في ما عرف بسنوات الرصاص.

عام 1998، كان الحسن الثاني يدرك ان الاجل قد دنا، فلم يرد ان يورث الصراع لابنه، وفي خطوه مفاجئه استدعي رئيس الحزب عبد الرحمن اليوسفي من منفاه في فرنسا، ليصبح رئيسا للحكومه. عاد اليوسفي في استقبال جماهيري حافل، رقصت الجماهير في الشوارع كما رقص اعضاء سيريزا ، لكنه لم يدركوا وقتها بانها كانت رقصه النهايه. لقد ادرك الحسن الثاني ان المعارضه تستمد قوتها فقط من كونها معارضه، من الشعارات البراقه، الان جمره السلطه في ايديكم فلتمسكوا بها، واكتشفت الجماهير ان الشعارات تبقي فقط مجرد شعارات، كان فشل الحزب ذريعا، والشعبيه التي صاحبته اربعين عاما لم تحتَج الا الي اربعه اعوام لتضيع، اعتزل اليوسفي الحياه السياسيه الي الابد عام 2002، ونفي نفسه في منزل لا يغادره الا نادرا، اليوم اصبح ترتيب الحزب في البرلمان السادس من بين الاحزاب المكونه للبرلمان المغربي، بلا شعبيه حقيقيه سوي حفنه من المخلصين القدامي.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل