الملك الراحل كشف القناع عن وجه الفقر

لا يزال السعوديون يتذكرون الزياره الشهيره التي قام بها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز الي الاحياء الفقيره في جنوب العاصمه الرياض، وما مثلته من كشف رسمي لقناع الفقر في دوله تصنف من الدول الغنيه علي المستوي العالمي.

عمليا، مثلت برامج الدعم للاسر السعوديه احد ابرز برامج التنميه الاسريه في عهد الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، فقد تحول الدعم المالي للاسر المحتاجه التي ترعاها وزارة الشؤون الاجتماعية عبر وكاله الوزاره للضمان الاجتماعي من دعم سنوي الي دعم شهري مباشر، تحصل عليه الاسر والافراد المسجلون في قوائم الضمان الاجتماعي. تنوع الدعم وزاد، كمًا وكيفًا، فقد ضم الي قائمه الاسر المحتاجه الي الدعم والرعايه الاسر التي تتلقي دخلا منخفضا. وبحسب خبير اقتصادي فان الاهم من كل ذلك هو وضع استراتيجيه وطنيه لمكافحه الفقر، والمناداه بـ«التنميه المتوازنه» التي كانت من انجازات الملك الراحل.

وبحسب التقديرات فان عدد الاسر المستفيده من الضمان يبلغ نحو 903.771 اسره، فيما يتجاوز اجمالي استحقاقاتها الشهريه 1.223 مليار ريال، في حين بلغ عدد السيدات المستفيدات من الضمان 483.289 سيده، اغلبهن من المطلقات والارمل اللاتي وفر لهن الضمان الاجتماعي دخلا شهريا منتظما.

في هذا الصدد، يقول الدكتور احسان بوحليقه، عضو مجلس الشوري الاسبق والخبير الاقتصادي، ان «رؤيه الملك عبد الله لمكافحه الفقر كانت رؤيه استراتيجيه من منطلق التركيز علي المواطن تعليما ودخلا، والعنايه بمنخفضي ومعدومي الدخل. وقد اهتم بذلك عبر محورين: الاول ضخ مزيد من الاموال في مؤسسات واجهزه الدعم المباشر للمواطنين مثل صندوق التنميه العقاريه وبنك التسليف والادخار ودعم برامج وكاله الضمان الاجتماعي. والمحور الثاني عبر توفير برامج للسكن، وانشئت لذلك الهيئه العامه للاسكان التي تحولت الي وزاره الاسكان والتي خصصت لها عند انطلاقها مبالغ ضخمه لتحقيق الاهداف التي كان يرجوها الملك الراحل».

ويعود الدكتور احسان بوحليقه الي الزياره الشهيره للملك الراحل - كان وقتها وليا للعهد - والتي قام بها الي الاحياء الفقره في العاصمه الرياض في عام 2002، وما جسدته تلك الزياره «من ازاله للقناع عن وجه الفقر في السعوديه، حيث كان من القضايا المسكوت عنها، فقد كانت هذه الزياره وما تلاها من مبادرات قادها الملك عبد الله (رحمه الله) انجازا يسجل للملك». واضاف «في عهد الملك عبد الله وضعت استراتيجيه لمكافحه الفقر، ووضع صندوق خيري وطني لدعم هذه الاستراتيجيه ولمنح الاسر المحتاجه موارد ماليه والعنايه بابنائها من ناحيه التعليم وضروره تاهيلهم تعليميا حتي يسهموا في رفع مستوي اسرهم وكذلك ابتعاثهم، اضافه الي البرامج الاخري مثل دعم الاسر المنتجه، فالمبادرات التي اطلقها الملك عبد الله (رحمه الله) في هذا الاتجاه كانت تشكل في مجملها استراتيجيه وطنيه لمكافحه الفقر ورفع مستوي دخل الاسر السعوديه عبر وسائل مباشره وغير مباشره للحد من مخاطر الفقر».

واضاف «لقد ذهب الملك الي كل المناطق في الشمال والجنوب، وزار بؤر الفقر، واكد في كل خطاباته علي التنميه المتوازنه، وتم تضمين عباره (التنميه المتوازنه) للخطه الخمسيه التاسعه كهدف تسعي الحكومه لتحقيقه، فبعد ان كانت التنميه طوال السنوات الماضيه في محور واحد وتتركز علي خط واحد وسط وشرق وغرب، اصبح لزاما العنايه بالاطراف والشمال والجنوب».

ويؤكد انه «من سمات (التنميه المتوازنه) رعايه الاسر المحتاجه في مختلف المناطق، فقد يحتاج تنفيذ مبادره التنميه المتوازنه عده سنوات، لذلك لا بد من تلافي نشوء بؤر واحزمه للفقر ومكافحتها، وان تتابع وكاله الضمان الاجتماعي هذه المواقع وتزيد من التركيز عليها». ويصف هذا الاجراء بالمهم لكنه الخطوه الاولي.. «اذ لا بد من وجود مبادرات لحل المشكله من جذورها ودراسه اسباب نشوء هذه الظاهره».

ويقول الخبير الاقتصادي ان وفره الموارد الماليه التي وجهت الي البرامج والجهات التي توفر الدعم للاسر مثل وكاله الضمان الاجتماعي جعلتها توسع من دائره الاستحقاق لتنتقل من رعايه معدومي الدخل فقط الي رعايه منخفضي الدخل ايضا، بينما اصبحت المخصصات شهريه. ويتابع «اصبحت وكاله الضمان الاجتماعي تبحث عن المستحقين، وتوسعت برامج الرعايه والدعم التي تقدمها للمستفيدين من الدعم الشهري الذي تخلص كثيرا من التعقيدات البيروقراطيه وتحول من الاقتصار علي الاعانه الموجهه (الموسميه)، الي تغطيه بعض المصاريف مثل (الفواتير) او توفير (المستلزمات المدرسيه للابناء)».