المحتوى الرئيسى

الزيادة السكانية: أزمة مصر الوجودية

01/24 16:11

مترجم عنEgypt’s Quiet Existential Crisis: Overpopulation

نُشر هذا المقال للمره الاولي في موقع البنك الدولي

تواجه مصر عددًا من التحديات، ولكن هناك تحديا علي وجه الخصوص نادرًا ما تتم مناقشته: وهو الزيادة السكانية الكبيره. كان لدي مصر قبل عقدين من الزمان نظام جيد لتنظيم الاسره، الا ان الارتفاع الكبير مؤخرًا في عدد السكان يمثل ازمه يمكن ان تكون ذات ابعاد كارثيه بكافه المقاييس.

فمنذ قيام ثوره عام 2011، ازداد عدد السكان 3 ملايين نسمه، ليصل مجموع تعداد السكان الي 80.7 مليون نسمه، ووفقًا للتقديرات فمن المرجح ان يتضاعف تعداد السكان الي 160 مليون نسمه بحلول عام 2050. ومع ما تعانيه مصر من نقص في الطاقه والمياه والقمح، فضلا عن تضاؤل احتياطيات العمله الاجنبيه وارتفاع معدلات البطاله، فان الوضع يمكن ان يؤثر تاثيرًا كبيرًا في الشعب المصري. ومن ثم، فلماذا لا نري ضجه حول الموضوع؟

ذكرت صحيفه الجارديان البريطانيه في مقال لها ان الحد من الزياده السكانيه في مصر كان ناجحًا نسبيًا خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، “ولكنه بدا في التراجع عما هو محدد في الاجنده المقرره خلال السنوات الاخيره من حكم حسني مبارك ـ وتم تجاهله الي حد كبير خلال فتره الفوضي التي تلت ابعاده عن السلطه في عام 2011″.

وقد نجحت سياسه تنظيم الاسره القديمه في خفض معدل الخصوبه الكلي في البلاد من 5.3 طفل لكل امراه في عام 1980 الي 3.4 في عام 1998، واخيرا الي 2.8 في عام 2011، وهو ما يمثل انخفاضًا ملحوظا عن فتره الستينات من القرن الماضي عندما كانت نسبه عدد الاطفال لدي معظم الاسر المصريه، احصائيا، 7.2.

وفي حين القي البعض علي المرحله الانتقاليه الصعبه التي شهدتها البلاد منذ عام 2011 بمسؤوليه غياب المناقشات العامه حول هذه المساله، فقد واصلت الحكومة المصرية تمويل البرامج التي تركز علي تنظيم الاسره الطوعي.

ان مصر بحاجه الي استراتيجيه جديده لنزع فتيل قنبلتها السكانيه الموقوته. وهناك دروس يجب تعلمها من المنطقه، حتي ولو كانت من بلدان لم تتفق معها مصر دائمًا في وجهه النظر.

كيف تعاملت ايران مع الزياده السكانيه

ربما يمكن ان تكون برامج ايران للحد من الزياده السكانيه بمثابه مثال لكيفيه مكافحه مخاطر الزياده السكانيه. ففي السنوات الاولي من عهد الجمهوريه الاسلاميه، شجع ايه الله الخميني الناس علي ان تكون لديهم عائلات اكبر عددًا. ولكن بعد انتهاء الحرب العراقيه الايرانيه في عام 1988، ادرك النظام الايراني انه من الضروري اعتماد سياسات لوقف المضاعفه السريعه لتعداد سكان البلاد الي حوالي 120 مليون نسمه. وقد شرح مقال نشرته صحيفه لوس انجلوس تايمز كيف شهدت ايران اكبر واسرع انخفاض تم تسجيله علي الاطلاق فيما يتعلق بمعدلات الخصوبه، من نحو سبع ولادات لكل امراه الي اقل من ولادتين حاليا في غضون نحو 30 عامًا. فمن خلال الفتاوي الشرعيه، اتاح الخميني وسائل منع الحمل مجانا “في العيادات الحكوميه، بما في ذلك الالاف من المراكز الصحيه في المناطق الريفيه [:] وروج العاملون الصحيون لوسائل منع الحمل كوسيله للمباعده بين الولادات والمساعده علي الحد من وفيات الامهات والاطفال. وتم الزام الازواج الراغبين في الزواج بتلقي المشوره بشان تنظيم الاسره”. كما وفرت الحكومه ايضًا اجراء عمليات ربط او قطع الحبل المنوي.

وانخفض معدل الخصوبه في ايران انخفاضًا كبيرًا جدًا الي حد ان حكومه احمدي نجاد قررت في عام 2011 الغاء نظام تنظيم الاسره في ايران، وتقديم حوافز ماليه لتشجيع الاسر الايرانيه علي انجاب المزيد من الاطفال. ورغم هذا التغيير الجذري في نهج الحكومه، فان العديد من الايرانيين كانوا متشككين بشان ان انهاء نظام تنظيم الاسره المجاني في البلاد من شانه ان يؤثر في عدد الاطفال الذي ستقرر معظم الاسر الايرانيه انجابه. وكان هناك عامل اخر اثر في معدل الخصوبه في ايران: وهو الاستثمار في التعليم. فمن عام 1976 الي عام 2011، تضاعف معدل الالمام بالقراءه والكتابه بين الشباب في البلاد الي 98 في المائه.

وفي ظل كون الايرانيين قد اصبحوا اكثر تعليمًا مما كانوا عليه قبل 35 عامًا، فيبدو انهم كانوا قادرين علي اتخاذ قرارات مستنيره بشان حجم اسرهم. واصبحت هناك موازنه بين مناشدات الحكومه للاقبال علي التناسل والانجاب مقابل التحدي المتمثل في تربيه والانفاق علي اسره كبيره العدد في وقت يسود فيه التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي.

ويبدو ان التعليم كان احدي اكثر الادوات فاعليه فيما يتعلق بتنظيم الاسره.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل