المحتوى الرئيسى

جماعة العدل والإحسان تتحدّى السلطة المغربية

01/21 14:08

لا تكاد حدّه الصراع بين الدوله المغربيه وجماعة العدل والاحسان الاسلاميه المحظوره تتراجع قليلاً، حتي تعود الي سابق توترها. تتهم الجماعهُ المعارضهُ نظامَ الحكم بعدم تفويت ايّه فرصه او مناسبه للتضييق عليها والحدّ من حريه نشطائها دون استغلالها، في محاوله منه لاخراس صوتها الرافض قبول اللعبه السياسيه بشكلها الحالي.

في احد اخر بياناته، شجب المجلس القطري للدائره السياسيه للجماعه “انفراد المؤسسه الملكيه بكل مرافق الدوله وقراراتها، واحتكار ثروات البلاد، واضعاف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والحقوقيين والاقتصاديين، بما يزيد من تمييع الحياه السياسيه وتازيم المشهد الاقتصادي وتهديد مستقبل البلاد وعرقله التنميه”. كذلك انتقد التعاطي الرسمي بخصوص ملف الصحراء الغربيه… في بيان واحد كاد ينتقد جميع سياسات المملكه.

وكان سحب اسماء عدد من الاعضاء المنتمين الي الجماعه من قائمه المشاركين في عمليه الاحصاء السكاني العام، في اغسطس الماضي، قد شكّل اخر فصول الصراع الممتد منذ سنوات الثمانينيات بينها وبين الدوله. اعتبرت الجماعه المعارضه الاكثر تنظيماً وقدرهً علي الحشد، والتي اسسها الشيخ الراحل عبد السلام ياسين، ان حرمان اعضائها المشاركه في عمليه التعداد السكاني، برغم قبول اسمائهم في البدايه، ما هو الا دليل علي سياسه الدوله الهادفه الي التضييق علي المنتسبين اليها.

وقال عضو الامانه العامه للدائره السياسيه للجماعه، عمر احرشان، لرصيف22: “اعتدنا هذه التصرفات الشاذه، والخاسر الاكبر من الاقصاء هو نزاهه الاحصاء. فهذا السلوك كشف خضوعه لحسابات سياسيه كان في غني عنها لان الاحصاء في كل العالم عمليه تقنيه حياديه لا تخضع لهكذا حسابات سياسيه وحزبيه ضيقه”.

بسبب اقصاء اعضائها عن الاحصاء الذي انتهي في سبتمبر الماضي ولم تصدر نتائجه حتي الان، تضع الجماعه “علامات استفهام علي استقلاليه المندوبيه الساميه للتخطيط المشرفه علي الاحصاء والتي بدت كانها ملحقه بوزاره الداخليه”، بحسب احرشان.

ويلفت عضو الامانه العامه للدائره السياسيه للجماعه الي ان “هذا المستجد يؤكد ان سياسه اقصاء العدل والاحسان قائمه اساساً في منهج السلطة السياسية بسبب طبيعتها الامنيه وطابعها المنغلق والمتخوف من نشر اي معلومه. فالحاكم يظنّ ان الانفراد بالمعلومات هو الذي يعطيه قوه وتحكماً في باقي الفاعلين”.

في المقابل، قلّل الصحافي والباحث المتخصص في شؤون الجماعات الاسلاميه، منتصر حماده، من اهميه ما حصل. وقال لرصيف22: “لسنا بالضروره امام رسائل سياسيه. لقد سمحت الدوله بتولي قياديين في الجماعه مناصب جامعيه. وهنالك العديد من اعضاء الجماعه في بعض المؤسسات الدينيه، علي غرار باقي الفاعلين الاسلاميين، من التيار الاخواني والسلفي علي السواء. واذا صحّ الحديث عن اقصاء اعضاء من جماعه العدل والاحسان من مجريات الاحصاء، فذلك من باب ضمان عدم تاثيرهم علي مضامين الاستمارات التي يُشرفون علي ملئها”.

يُضاف هذا الخلاف الي سلسله من الافعال وردود الافعال التي طبعت سنوات من الصراع. ويبقي ما يعرف اعلامياً بـ”حرب الشواطيء” اشهر تجليات هذا الصراع. فكل سنه، تتجدد محاولات اعضاء الجماعه الإسلاميه اقامه مخيمات صيفيه اسلاميه خاصه بهم تحترم مقتضيات الشريعه والهويه المغربيه، غير ان هذه المحاولات تواجه قرارات تقضي بمنعها، وذلك منذ ان قرر وزير الداخليه الراحل احمد الميداوي، سنه 2000، منع “المصايف الاسلاميه”.

يومذاك، اعلن الوزير انه “ليس من حق اي احد ان ينصب نفسه وصيّاً علي العقيده الاسلاميه” وانه “لا وجود لشواطئ اسلاميه واخري غير اسلاميه”. واعتبر انه “لا يمكن لاي احد ان يفرض علي الاخرين فهمه وتاويله الخاص للشريعه الاسلاميه واحكامها” متّهماً الجماعه بحشر الاطفال والسيدات و”شحنهم بافكار منحرفه”. اما الجماعه فتري ان من حقها التخييم بالطريقه التي تفضلها وتتهم الدوله بمحاوله فرض نمط ثقافي وسياحي وحيد ومعزول.

الي “المصايف الاسلاميه” الخاصه بالجماعه، تطفو الي السطح ازمه سنويه اخري هي ازمه “الاعتكاف في المساجد” خلال شهر رمضان. فبينما تفرض الدوله المغربيه شروطاً تنظم عمليه الاعتكاف بالتنسيق مع السلطات الامنيه وتشترط لذلك ارسال طلب مكتوب والتحقق من هويه طالبي الاعتكاف، تعتبر الجماعه ان هذه الاجراءات المتشدده متعمده وتستهدف حق اعضائها في اداء هذه الشعيره الدينيه وتكرس احتكار الدوله للشان الديني.

وتتهم العدل والاحسان الاجهزه الامنيه بالعمل علي تشويه صوره الجماعه في اوساط المجتمع المغربي، عبر تلفيق ملفات وقضايا خيانه زوجيه لعدد من اعضائها. وكانت اخر تلك الحالات اعتقال احد اعضاء الجماعه في مدينه الخميسات بتهمه خيانه زوجته وتسريب شريط فيديو يظهر عمليه الاعتقال، قبل ان يتمّ الافراج عنه. وسبقتها حالات مشابهه تبقي اشهرها: حاله المنشد الشهير رشيد غلام، وحاله القياديه هند زروق قبل سنتين في فاس، كما برزت اخيراً قضيه الشاعر منير الركراكي، عضو مجلس ارشاد الجماعه، الذي يحاكم بسبب كتابته قصيده شعريه يتضامن فيها مع عدد من معتقلي الجماعه في فاس.

علي هذه الممارسات، علّق عمر احرشان قائلاً ان المتتبع للنتائج النهائيه لهذه الملفات سرعان ما يتاكد له انها مفبركه. وقال: “ملف الفنان رشيد غلام انتهي بصدور حكم نهائي ببراءته مما لفق له، وهذا هو حال كل الملفات الاخيره مثل الخميسات ومراكش. ما يدفعه هؤلاء الاخوه هو ضريبه الانتماء الي الجماعه وضريبه كونهم معارضين حقيقيين للنظام السياسي في المغرب”. واكد ان “استهداف الجماعه بهذه الملفات سببه محاوله النيل من صدقيتها لدي الشعب”. ولكن، في رايه، “دائماً تاتي النتائج عكسيه” و”لو كانت هذه السلطه حريصه علي الاخلاق لتصدّت لاوكار الدعاره ولما افرجت عن المدانين باحكام قضائيه بسبب جرائم اغتصاب اطفال”.

اما الباحث منتصر حماده فقد راي ان هذه الاعتقالات “معضله اخلاقيه تعني الجماعه بالاساس والدوله بدرجه اقل. فالجماعه توهم الراي العام بان جميع اعضائها يكادون يكونون طهرانيين ومعصومين من التورط في زلات اخلاقيه تندرج في اطار الطبيعه البشريه. في حين توظّف الدوله بعض هذه الحوادث لنقد مشروع الجماعه”.

تجدر الاشاره الي ان الجماعه المحظوره شكلت احد ابرز مكونات حركه “20 فبراير” التي مثلت النسخه المغربيه لـ”الربيع العربي” وقادت حمله مقاطعه للاستفتاء علي التعديلات الدستوريه التي اعلنها الملك نهايه 2011. فهي ترفض الاعتراف بشرعيه النظام الملكي وتنتقد تفرّد الملك بالسلطه والقرارات والثروات، كما تري ان الوضع الحقوقي في المغرب متردٍ وان هناك تضييقاً كبيراً علي حريه التعبير والراي.

وتتميز العلاقه بين جماعه العدل والاحسان وحزب العداله والتنميه الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي بجفاء يعتبر امتداداً لصراع ايديولوجي طويل بين التنظيمين. هذا الجفاء يجد جذوره في الافتراق العقائدي بين الجماعه بصفتها حركه صوفيه متوغله في السياسيه وبين حركه التوحيد والاصلاح، الجناح الدعوي لحزب العداله والتنميه. وتختلف رؤي وتصورات كل من الحركتين للشان العام. فبينما تؤمن العدل والاحسان بفكره “القومه” (الثوره) لتحقيق التغيير السياسي، يتبني حزب العداله والتنميه فكره الاصلاح من الداخل.

نرشح لك

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل