المحتوى الرئيسى

مواقف رافضة لحركة بيغيدا: لا تسامح مع أعداء التسامح

01/20 13:26

"هل تعلم انَّ الله يدعو اليهود في التوراه لاستعباد شعوب الارض؟" – يعود هذا الاقتباس الي يوليوس شترايشر مؤسس وناشر صحيفه "دير شتورمر" المعاديه للسَّاميَّه في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين.

كان الحديث في تلك الفتره عن "استيلاءٍ يهوديٍ علي الاراضي". واليوم يطلُّ هاينتس بوشكوفسكي رئيسُ بلديَّه نويكولن من مكتبه علي شارع كارل ماركس، فلا يري "سوي نساءٍ محجباتٍ"، اضافهً الي "محاوله استيلاءٍ تدريجيٍ علي الارض من قِبَلِ المتعصِّبين دينيًا وغايتهم اقامه نظامٍ اجتماعيٍ يختلف عن ذاك النظام الذي نسميه الديمقراطيه الغربيه". لكنْ عندما سال اعضاءٌ من منظمه الشباب الاشتراكي المشاهَ في منطقه نويكولن عن اقتباسات بوشكوفسكي المريبه هذه، رجَّح كثيرون انَّها تعود الي احد سياسيي حزب "ان بي دي" الالماني اليميني المتطرف.

قبل مائه عامٍ اتـُّهِمَ اليهودي بانَّه يريد تدمير "مجتمعنا"، واليوم يُتـَّهم المسلم بذلك. كتب يوليوس شترايشر عن اليهود: "لا يوجد شعبٌ اخر لديه مثل هذه النبوءات. وليس من شان ايِّ شعبٍ اخر انْ يقول بانَّه شعبٌ مختارٌ لافناء شعوبٍ اخري ولهدم عاداتها وتقاليدها".

نقرا اليوم مثل هذا الكلام العنصري عن المسلمين، حيث يُحوَّلون الي كبش الفداء ويُحمَّلون مسؤوليه كلِّ المشاكل. يكتب هنريك م. برودر في صحيفه "دي فيلت" مثلاً: "لقد حوَّلوا منطقه نويكولن الي اسلام اباد، ولن تمضي خمسه اعوامٍ اخري الا وسوف يحدث الشيء ذاته في مدينه دريسدن.

سابقًا، كان يُقال انَّ الاجرام يجري في عروق اليهودي. واليوم يُعتبرُ الشبابُ اولو الاصول العربيه التركيه مجرمين بالفطره ويوصفون بانَّهم يشكِّلون خطرًا علي "الغرب". حيث يري الحاخام دانيال التر من الجاليه اليهوديه في برلين انَّ منطقه نويكولن "منطقهٌ محظورهٌ" علي اليهود، لانَّ المسلمين يشكِّلون خطرًا عليهم بحسب رايه. وقد كان يوزيف غوبلز قد اثبت طبيعه اليهود العدائيَّه من خلال مثال هيرشل غرينزبان، هذا الارهابي اليهودي المتديِّن كان قد اغتال دبلوماسيًا المانيًا في باريس سنه 1938، وعندما تحتاج الكاتبه والصحافيه اليس شفارتسر المعاديه للمسلمين تبريرًا لـ "نقدها" تشير اليوم الي الرجلين اللذين قتلا رسامي كاريكاتير ابرياء في باريس.

اعتماد الشيطنه برنامجًا: "اناسٌ علي شاكله تيلو زاراتسين او اليس شفارتسر ساهموا في اتاحه القبول بالافتراء علي اقليهٍ دينيهٍ وثقافيهٍ وتشويه صورتها في المانيا بعد ثمانين عامًا علي المحرقه".

نحن، مئات اليهود في نويكولن، نري هذه الامور بشكلٍ مختلفٍ تمامًا. بالتالي نشات مبادرتنا، "مبادره سلام-شالوم" التي اسَّسناها سويهً مع جيراننا المسلمين والوافدين بغيه مواجهه التحريض المعادي للمسلمين ولتحقيق تعايشٍ سلميٍ في منطقه نويكولن البرلينيه وابعد من ذلك.

هاينتس بوشكوفسكي، وهنريك م. برودر، والحاخام دانيال التر واخرون كثر، علي شاكله تيلو زاراتسين او اليس شفارتسر، ساهموا في اتاحه القبول بالافتراء علي اقليهٍ دينيهٍ وثقافيهٍ وتشويه صورتها في المانيا بعد ثمانين عامًا علي المحرقه. اما حركه "بيغيدا" فتستغل هذا الظرف السانح الذي لا تُعتَبرُ فيه التصريحاتُ المعاديهُ للمسلمين عنصريهً من وجهه نظر الراي العام الالماني.

تسامح مع الشيطنه في الفضاء العام

التغاضي عن الافتراء والشيطنه في الخطاب العام يؤدِّيان الي العنف بسرعه. تـُوثَّقُ انشطهٌ معاديهٌ للاسلام في المانيا بشكلٍ شبه يوميٍ، حيث تُحرق مساجد، ويُعتدي علي مواطنين مسلمين في رابعه النهار. والامر مشابهٌ في دولٍ اوروبيهٍ اخري او لعله في بعضها اكثر سوءًا: ففي السويد وحدها اُشعلت النيران في ثلاثه مساجد في الاسابيع الاخيره.

بيد انَّ المشاركين في مسيرات حركه "بيغيدا" يؤكِّدون علي انَّهم مسالمون، او هذا ما يكتبونه علي يافطاتهم علي الاقل. وعندما يتعرض المهاجرون بعد مظاهرات "بيغيدا" في دريسدن وغيرها من المدن الالمانيه للاعتداء، تزعم الحركه بانَّه لا شانَ لها بهذه الاعتداءات.

يبدو هذا الموقف مالوفًا بالنسبه لي، فقد كتب يوليوس شترايشر شيئًا من هذا القبيل سنه 1943: "لم اكتب خلال الاعوام العشرين ولا مره واحده انَّه علينا انْ نضرم النار في بيوت اليهود او انْ نضربهم حتي الموت. ولم ننشر دعوهً كهذه علي صفحات شتورمر بتاتًا".

المال الذي تؤدي اليه شعارات ومظاهرات من يسيرون خلف حركه "بيغيدا" ينبغي انْ يكون واضحًا لهؤلاء، فالامر لا يتعلق بالاسلام، كما لا يتعلق بالضروره بالمسلمين، والا لما تظاهروا ضد اللاجئين عمومًا، وليس كلُّ هؤلاء مسلمين. الامر يتعلق بالاشاره الي "الاخر" وبجعله غريبًا. واليهودي كان هذا الغريب حتي وقعت المحرقه، وهو اليوم الوافد والمسلم و "ذو البشره الملوَّنه".

ليسوا اجانب وانما المانٌ بالاختيار

مهمَّتنا ايقاف الحملات المعاديه للمسلمين والمعاديه للمهاجرين والوافدين في الحيز العام. لنْ نتركَ لهم مدننا. ولا تسامح مع عدم التسامح.

تحرُّكٌ يمينيٌّ عرقيٌّ شعبويٌّ ضبابيٌّ: "كان يُقال في السابق انَّ الاجرام يجري في عروق اليهودي. واليوم يُعتبرُ الشبابُ اولو الاصول العربيه التركيه مجرمين بالفطره ويوصفون بانَّهم يشكِّلون خطرًا علي الغرب".

يمكن ان تتمثَّل الخطوه الاولي في اعتراف السَّاسه اخيرًا بانَّ معاداه الاسلام شكلٌ من اشكال العنصريه، الا انَّ معظم صانعي القرار في المانيا ما زالوا بعيدين كلَّ البعد عن ذلك. ثانيًا، يجب علي المحررين الصحفيين الا يسمحوا بمشاركاتٍ ذات مضامين معاديهٍ للمسلمين. وحبذا لو كان هناك رفع حساسيه (تجاه موضوع معاداه المسلمين) مشابه للمعمول به فيما يخص موضوع معاداه السَّاميَّه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل