مأرب: «عرش بلقيس» خال من السياح.. ومنبع للنفط والغاز حيث السلاح خير رفيق
تقترب الاصابع نحو الزناد في محافظه مارب (شمال شرقي اليمن)، التي تشهد توترات امنيه بسبب التهديدات التي اطلقتها جماعه الحوثي (انصار الله)، باجتياح المحافظه الغنيه بحقول النفط والغاز، وتغذي البلاد بالطاقه الكهربائيه والبنزين والغاز المنزلي، وهو ما وضع المحافظه علي صفيح ساخن، قد ينذر بحرب مقبله تفتح معها ابواب الجحيم علي البلاد والشعب، ولن يكون من السهل اغلاقها او التحكم في تداعياتها، كما يقول المراقبون.
«الشرق الاوسط» قامت بزياره لرصد الاوضاع الامنيه في محافظه مارب وما تمثله ثرواتها من اهميه للبلاد، وتسلط الضوء علي «مطارح قبائل مارب» التي تشهد استنفارا قتاليا لمواجهه الحوثيين.
مع الدخول الي عمق المدينه عبر شارع صنعاء الذي يقسمها نصفين، يمكن مشاهده مظاهر السلاح بين سكانها من ابناء المنطقه، فالكلاشنيكوف كما يقولون الرفيق الدائم لهم، لا يختلف في ذلك الصغار والشباب وكبار السن. بعضهم يحمله خشيه من الثار الذي ينتشر بين القبائل، والبعض يحمله من باب الزينه والفخر.
تفتقد مدينه مارب البنيه التحتيه التي تتناسب مع كونها مدينه، وتتناسب مع ثرواتها النفطيه والغازيه والزراعيه، فلا وجود لمشاريع استراتيجيه فيها، مثل الجامعات والمدارس النموذجيه والطرق السليمه، اضافه الي غياب المعاهد الفنيه التي تستقطب شبابها، مما يفرض عليهم تكبد عناء السفر الي العاصمه صنعاء للالتحاق بمعاهد فنيه هناك، اما الخدمات السياحيه من فنادق ومطاعم فهي متواضعه وسيئه، والسبب هو توقف الحركه السياحيه في المحافظه منذ عام 2007 حتي اليوم، جراء العمليات الارهابيه التي كانت تستهدف الوفود السياحيه، لذا اصبحت المناطق الاثريه، كعرش بلقيس وسد مارب، خاويه علي عروشها رغم انهما من اشهر المعالم الاثريه علي مستوي العالم، وينتميان الي العصور القديمه للحضارات العربيه قبل الميلاد، وتقول السلطات المحليه ان حركه السياحه توقفت منذ وقت طويل، وبحسب محافظ، مارب الشيخ سلطان العراده، في حديث لـ«الشرق الاوسط»، فان الحركه السياحيه رغم اهميتها للدخل القومي للبلد اصبحت شبه منعدمه في اليمن ككل، وليس في مارب فقط، بسبب عدم اطمئنان السياح للامن والاستقرار في البلد بشكل عام، اما عن غياب البنيه التحتيه لمحافظه مارب يقول المحافظ ان ذلك يرجع لتجاهل السلطه المركزيه لهذه المحافظه، اضافه الي اختلاف ابناء المحافظه، وعدم سعيهم نحو المطالب العامه لمحافظتهم، فعند بروز اي خلافات بينهم تتحول المطالب العامه الي مطالب خاصه، ويوضح العراده ان اهم المشاكل التي تعاني منها مارب هي: «ضعف التنميه والبنيه التحتيه، وضعف الجانب الامني الذي لم يصل الي الدور المطلوب منه». ويضيف: «اذا لم يقترن الامن بالتنميه، فلا يمكن الوصول الي مستويات التطور والتنميه، كما ان الاحزاب اخفقت في توجيه الناس نحو النظام والقانون، ودورها في المجتمع لا يزال دون المطلوب».
التجول في مدينه مارب لا يستغرق بضع دقائق نظرا لكونها صغيره المساحه، فشوارعها لا يزيد عددها عن اصابع اليد، اما حركه السكان فهي قليله، فالمدينه بحسب الاحصاءات الرسميه تضم 30 الف نسمه، جزء كبير منهم ينتمي لمحافظات اخري، خاصه من محافظة تعز، ومع انتصاف الشمس في كبد السماء وقت الظهيره يبدا رجال وشباب المدينه بالاحتشاد الي اسواق القات في شارع صنعاء، وهو من اهم شوارعها التي تشهد ازدحاما للناس، يلي ذلك المحلات التجاريه والمطاعم التي تمتد علي شارع 26 سبتمبر الرئيسي الذي يمكن وصفه بانه الشارع التجاري الوحيد في المدينه، وبجواره يمتد شارع المحافظه الذي يحاذي المجمع الحكومي للمحافظه، ويدير فيه المحافظ سلطان العراده المعين من رئيس الجمهوريه عام 2012، شؤون السلطه المحليه والمكاتب التنفيذيه الحكوميه، كما يحوي المجمع سكنا للمحافظ واذاعه محليه، وبالقرب من المجمع يقع القصر الجمهوري المحصن بوحدات عسكريه واليات ثقيله تابعه للجيش، ويضم عده مبانٍ يستخدمها رئيس الجمهوريه عند زيارته للمحافظه.
تقع محافظه مارب ضمن اقليم سبا، بحسب تقسيم الدوله الاتحاديه، ويضم اضافه اليها محافظتي البيضاء والجوف، وسمي الاقليم بهذا الاسم نسبه الي حضاره سبا القديمه، التي تعود لعصور ما قبل الميلاد، تبعد مارب عن العاصمه صنعاء، 173 كلم تقريبا، من جهه الشمال الشرقي، ويشكل سكان المحافظه ما نسبته 1.2 في المائه من اجمالي سكان الجمهوريه، يقدر عددهم بـ300 الف نسمه ومعدل نمو سكاني 2.72 موزعين علي مناطق قبليه ابرزها: عبيده، جهم، مراد، الجدعان، الاشراف، ال عقيل، ال ابو طهيف، بني جبر، حريب.
تمثل محافظه مارب اهميه قوميه للبلاد منذ عام 1986، وهو تاريخ بدء انتاج النفط، حيث ترفد البلاد باكثر من 70 في المائه من احتياجاتها من مشتقات الوقود البنزين والديزل والكيروسين، اذ تنتج نحو 70 الف برميل من النفط يوميا، اضافه الي ان 10 محافظات تعتمد عليها لتزويدها بالطاقه الكهربائيه. تتصل مارب بست محافظات تحيطها من كل الاتجاهات وهي: الجوف من الشمال، ومحافظتا شبوه والبيضاء من الجنوب، ومحافظتا حضرموت وشبوه من الشرق، ومحافظة صنعاء من الغرب.
يمر الطريق الرابط بين العاصمه صنعاء ومارب من مناطق قبليه متداخله فيما بينها، تنتمي الي 3 محافظات، هي صنعاء، ومارب، والجوف، ويستغرق السفر اليها بالسياره ساعتين، تتوزع بين جنبات الطريق، الذي تم شقه منذ الثمانينات علي نفقه دوله الامارات، المرتفعات الجبليه، لتختفي رويدا.. رويدا، كلما اقتربنا من محافظه مارب، التي تتوزع تضاريسها الجغرافيه بين الجبليه والسهول الصحراويه.
بعد الخروج من البوابه الشماليه الشرقيه للعاصمه صنعاء، تختفي النقاط التابعه للجيش والامن، لتظهر نقاط جماعة الحوثيين (انصار الله)، الذين ينتشرون علي طول الطريق في مناطق (بني حشيش ونهم والفرضه ومفرق الجوف)، حيث تنتهي حدود سيطرتهم الميدانيه، وتتوسط نقاطهم التي كان الجيش يتمركز عليها قبل سيطرتهم علي صنعاء في سبتمبر (ايلول) 2014. برميل مليء بالاحجار، تعلوه قطعه قماشيه عليها شعار الحوثيين، ويدير هذه النقاط مسلحون اغلبهم من صغار السن، بينما يختبئ جزء منهم بالمتاريس المطله علي الطريق العام، وبعضها قريب من معسكرات ما كان يُعرف بالحرس الجمهوري سابقا، كما هو الحال في منطقه محلي وفرضه نهم.
Comments