المحتوى الرئيسى

زلزال فرنسا وإعصار الإساءات

01/14 16:12

اقرا ايضا: فليسعد النطق ان لم تسعد الحال جدليه السياسي والديني بين البؤس والياس( 5/5) جدليه السياسي والديني بين البؤس والياس (4 ـ 5) جدليه السياسي والديني بين البؤس والياس (3/5) جدليه السياسي والديني بين البؤس والياس (5/2)

الازمه نوعان، عابره، ومتكرره، وإداره الأزمات المتكرره  تطرح علي مستوي الفكر السؤال البدهي للازمه، لماذا…..؟   وكيف.......؟

وقبل ان تهدا عاصفه الجرم المسيئ  بما سيتركه من اثار وتداعيات واستعمال وتوظيف جدير بنا ان نطرح علي انفسنا وعلي من نعيش معهم في مجتمع المهجر ونشاركهم الوطن والمواطنه والوطنيه سؤال الازمه  لماذا....؟ وكيف.....؟ 

وسؤال الازمه يتصل مباشره بعلاقه الشرق بالغرب ورؤيه الغرب للدين عمومًا وللاسلام علي وجه مخصوص. وهو سؤال مركب من تساؤلات طرح بعضها في استحياء وخجل، وبعضها الاخر كان جريئًا وجسورًا في مناقشه تلك العلاقه، وكان في مقدمه ما طرح من تلك التساؤلات :  "لماذا يصرون علي الاساءه الينا في اعز ما نملك....؟

الم يتحدث العالم عن ضروره التعايش والحوار وقبول الاخر.....؟  

  فلماذا يجرحون مشاعرنا ويطعنون في ديننا...؟

 وهل هي ـ علي المستوي الثقافي ـ حربٌ صليبيه  جديده  كما قال قديما جورج بوش يستخدم فيها القلم بدلا من المدفع، والصوره بدلاً من الطائره، والكلمه بدلا من الصاروخ....؟ ويكون احتلال العقول والمشاعر بديلاً عن احتلال المدن والقري وحرب الشوارع....؟

 وربما كان من المناسب ان نجيب عن السؤال الاول فقط.. لماذا....؟  وان نرجئ السؤال    الثاني   "وكيف؟" لمقال اخر.

  والاجابه الخطا عن تلك الاسئله تخلق بيئه مواتيه للكراهيه والتعصب، وربما العدوان والعنف، ولذلك كان علي العقلاء ان يهتموا باجابه السؤال وان يتحري الجميع في الاجابه عنه المنهجيه  والعلميه والموضوعيه بعيدًا عن كلمات المجامله التي تشكل في معالجه الازمه مجرد التخدير،  لكنها لا تتناول اصل الداء ولا تتعرض له.

ومن هنا تقتضي المنهجيه العلميه في الاجابه عن تلك الاسئله متنًا وشرحًا، متنًا يلخص ويضغط ويختصر ظواهر  العنف واسبابه ،وشرحًا يستفيض ليكتشف سر الاساءات ونماذجها في طبيعه العلاقه بين الشرق والغرب، او بين ثقافتين وحضارتين التقيا وتشابكا وتعانقا وتشاكسا. 

ومن المعروف ان الحضاره الماديه الغربيه قد استفادت من التراث الثقافي والعلمي للحضاره الاسلاميه وبخاصه في الاندلس، وقد حاولت الحضاره الماديه الغربيه وهي في اوج قوتها ان تهضم وتذيب خصائص ومقومات الحضاره الاسلاميه ولكنها لم تستطع رغم ان الاخري كانت قد فقدت دولتها وابوتها السياسيه وتعيش حاله من التراجع والاستلاب ،الا انها وبرغم جراحها فقد تابت واستعصت واحتفظت بخصائصها ورفضت الذوبان .وربما كان شرح العلاقه اكبر من ان تستوعبه مقاله صحفيه او حتي كتاب واحد لانها محصله تراكميه ورصيد قرون من الاشتباكات والصراع الطويل .

 ولقد لاحظ الباحثون في اوروبا وامريكا وكثير من البلدان الاخري ان لدي الغرب كمراكز للقرار منظومه اعلاميه ترتبط في اغلبها بالهوي السياسي وتتعمد تشويه الاخر المسلم وتصوره علي انه الجحيم بعينه ، وتحط من قدره، وتحاول اشاعه الخوف منه وتلصق به ابشع الاتهامات، ولا تكف عن الهجوم عليه، واستعداء الشعوب ضده ، وكما يتضاعف خوف المسلمين علي دينهم بعد كل هجوم، يكون كذلك خوف الغرب منه كلما ظهرت قدره المسلم  علي التمسك به واصراره علي تطبيقه والالتزام به والتضحيه من اجله ، ذلك بالاضافه الي معرفه دوائر البحث هناك بقدره الاسلام ذاته كمنهج علي ان يفرض نفسه كبديل حضاري وكمنافس اقتصادي يتحدي بخطوره وجساره اذا توفرت له البيئه الحاضنه.

وفي استراليا هيئات مسؤوله عن حمايه المجتمع من الحرائق كونت خبرتها عن طريق العلم والتجربه ، وهذه الجهات لها دور كبير في حمايه استراليا من الحرائق ، ومن مهامها انها عندما تعلم باحتمال ارتفاع في درجات الحراره  وهبوب العواصف تصدر تعليماتها للناس بالامتناع عن اشعال النيران لانها قد تتسبب في حرائق ربما تكلف المجتمع الكثير من الضحايا في الارواح والممتلكات ، ومن ثم فلا يجوز لعابث متهور ان يسخر من تلك التوجيهات ويعمد الي اشعال النار وسط العواصف . 

المجتمع هنا له دور كبير في منع هذا العابث والضرب علي يديه حتي لا يؤذي المجتمع كله بانحرافه السلوكي .

ومن المعروف للباحثين ان العقائد بصوره عامه تشكل في الوجدان لدي اصحابها مناطق شديده الحساسيه وسريعه  الاشتعال، لانها مغلفه  بالعواطف ،والعواطف كما يقولون قواصف وعواصف واحيانا نواسف .

ومن ثم فالعقائد بهذا التوصيف تشكل محميات طبيعيه لا يجوز الاقتراب منها او اقتحامها علي اصحابها والا حدث الحريق:  

وظهور الجرم المسيء بشقيه والذي شكل زلزالا في فرنسا له دلاله خاصه لا تخطئها عيون الباحث.  

فشقه الاول كان عدوانا ارهابيا صارخا علي صحيفه امعنت في تعنتها واصرت علي التعدي والتجاوز  والعدوان علي عقيده 1.6 مليار مسلم في .العالم وفي اكثر من مره  رغم كل الاحتجاجات .

والشق الثاني كما قال فاعله "كوليبالي" الذي قام باحجتاز الرهائن انه فعل ذلك انتقاما لما تقوم به اسرائيل تجاه الفلسطينيين ، ولما قامت به فرنسا في بلده الاصلي “بالي”   

 ومن الطبيعي ان يكون من حق فرنسا وطنا وحكومه  ان تحمي نفسها من خطر الارهاب الذي اشعل غضب كل الشعوب بهذا العدوان علي شارلي ايبدو 

صحيفه شارلي ايبدو التي حظيت بتاييد العالم بعد الحادث كانت قد تعودت من قبل علي تجاهل كل العواصف وكل الغضب ففعلتها في السبيعينات حين سخرت من شارل ديجول بعد موته فهب المجتمع والدوله معترضا فطردت الصحفي صاحب السخريه من عمله . وعرفت الصحيفه ان لحريتها سقفا محددا يجب الا تتجاوزه والا ،  وعلياثر ذلك  اغلقت ابوابها وبيعت بثمن بخس ، ثم عادت للظهور مره اخري في ثوب جديد، وكررت التجربه الخاطئه مره ثانيه فتعرضت لنجل ساركوزيه وعرضت باصوله اليهوديه فاتهمت بمعاداه الساميه واعتذرت وطردت الصحفي الذي فعل ذلك وادركت مره اخري ان لحريتها سقفا محددا يجب الا تتجاوزه والا .

غير انها تجاهلت ذلك كله واوغلت في التعدي والتجاوز والعدوان علي النبي محمد صلي الله عليه وسلم ولم تعبا بغضب 1.6 مليار مسلم ونشرت رسومها المسيئه اكثر من مره بحجه حريه التعبير ، ولجا بعض الفرنسيين الي القضاء ليمنع الصحيفه من استفزاز المسلمين واثاره الكراهيه ،ولكن القضاء انتصر للصحيفه بذات الحجه “حريه التعبير” وكان الحوادث السابقه بشارل ديجول وابن ساركوزيه لم تكن من قبيل حريه التعبير !  

هنا تبدو الانتقائيه في التعامل مع المبدا الواحد بازدواجيه المعايير مثيره للسخريه ، ومستفزه للمشاعر ، ومستهينه بعقل القارئ وذكائه حين تصب الزيت علي النار في وقت ترتفع فيه حراره الغضب وتشتد فيه العواصف بحروب عبثيه تاكل الاخضر واليابس وتكلف الدول مئات الالاف من القتلي والضحايا في كل بقاع الارض وفي المنطقه العربيه بالذات . 

في مواجهه ظاهره العنف والارهاب التي وقعت في فرنسا اختلطت فيها دماء الضحايا المسلمين الفرنسيين بدماء غيرهم من الفرنسيين ولم يفرق الارهاب بين مسلم وغير مسلم ، ومع ذلك تتكررالاخطاء ويتم التركيز علي ديانه الجاني بينما الضحيه لا يتحدث احد عن دينه .

في جرائم باريس قتل الشرطي احمد مرابط، وهو مسلم مخلص لدينه ولقيم فرنسا ولم  يشفع له دينه ،  وقدكان القاتل والمقتول مسلما ايضا، فلماذا يتم  التركيز علي ديانه الجاني بينما يغض الطرف عن دين الضحيه وقد مات وهو يدافع عن حريه التعبير في صحيفه تهين دينه ونبيه وثقافته ، اليست هذه ازدواجيه اخري في المعايير تمارس عن اصرار وقصد . 

و هناك ضحيه مسلم اخر داخل الصحيفه، وهو الجزائري مصطفي اوراد، ثم كان هناك العامل المسلم "لسانا باتيلي" في المتجر اليهودي الذي قام باخفاء 6 من الزبائن اليهود في ثلاجه لحوم وحماهم من القتل وحفظ حياتهم وتواصل مع الشرطه عبر هاتفه المحمول وكان دوره مهما في عمليه اقتحام المتجر، وبسبب انسانيته لم يمس هؤلاء اليهود باي اذي  والمفارقه انه من مالي نفس البلد الذي يتحدر منه الخاطف كوليبالي. 

"لسانا" قال عن نفسه انه مسلم مؤمن ويصلي والهجوم يؤلمه جدا وعلاقته باليهود جيده جدا، وهو حزين علي مقتل زميله اليهودي يوهن كوهن.؟.

والسؤال لماذا يتم التركيز علي ديانه الجاني ولا يشار الي ديانه الضحايا …اليست هذه ازدواجيه في المعايير تشعر المسلم بانه مستهدف لمجرد ديانته ولانه مسلم ؟ 

ويستمر الاصرار علي  المعالجه الخاطئه في اطار ثلاث مسارات كلها خطا وتؤدي الي مزيد من التعاطف مع الجناه ومزيد من اثاره الكراهيه واشعال الحريق .

المسار الاول : هو اصرار الصحيفه علي اصدار 3 مليون نسخه من الصور المسيئه في تحد صارخ لمشاعر المسلمين في العالم، الامر الذي يولد نوعا من التعاطف والتماس العذر للجناه في جنايتهم لدي كثير من شرائح الشباب الذين هم بعيدا عن الاستقطاب ، كما يولد خيبه الامل لدي كل من يتطلعون الي السلام  والامن وحمايه مكتسبات  التعدديه الحضاريه والثقافيه والتعايش السلمي والعلاقات الانسانيه المحترمه بين شتي الاجناس.

 المسار الثاني : هو الحشد الاعلامي الخاضع والموجه بالهوي السياسي حيث يحشد للادانه والتظاهرات ويستحضر من ذاكرته كل ما يثير الكراهيه ويزيد من حجم الغضب في نفوس شعوب الغرب لتبرير هجوم اليمين المتعصب ومراكز القرار علي المسلمين وعلي الاسلام ارضا وشعوبا ودينا وهويه ، ويلاحظ هنا ازدواجيه المعايير بين مواطن مسلم لا ذنب له تتعرض مساجده لاكثر من 50  حاله اعتداء بينما تستدعي قوات الجيش لحمايه المعابد والمدارس اليهوديه .!!!

اما المسار الثالث : فهو الحشد الامني عن طريق الملاحقات وسن ترسانه جديده من القوانين تعمل علي تقويه الاقوي وهي اجهزه الامن والاستخبارات ، واضعاف الاضعف وهو المواطن في مواجهه الدوله .

المسارات الثلاثه تصب كلها وبزخم شديد في صالح الارهاب وتساعده ليتحول من ظاهره الي ايديولوجيه ، وتحول فعله  وممارسته من جريمه  ارهابيه سيئه السمعه الي متعه وشهره وشهوه عند ممارسيه لانه-في نظرهم - يمكنهم من الثار والانتقام من عدو يستبيح دينهم وارضهم ، كما ينقل الارهاب  من بيئه محدوده الي وباء عابر للقارات يضرب في كل مكان ،وتكون النتيجه ان يتحول الارهاب الي وطن يحتضن ويُصَنِّعُ  ويَُصِّدر .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل