المحتوى الرئيسى

مترجم: الدين ليس العدو

01/13 22:07

مترجم عن Religion Is Not the Enemy

لقد كان من المفهوم ان يكون واحد من اوائل الناس الذين قاموا بالتعليق بعد مذبحه «تشارلي ابدو» هو سلمان رشدي، الرجل الذي امضي سنوات حياته متحديًا تهديدًا بالقتل برعايه الدوله بدافع فعل يُعتبر من الكفر.

علي الرغم من ان رشدي ليس واحدًا من كتابي المفضلين، الا انني دائمًا ما اعجبت بموقفه الصارم دفاعًا عن حريه التعبير، واشعر بالسعاده ان الحكومه البريطانيه كان لديها الشجاعه للدفاع عن حقوقه.

ومن نفس المنطلق، لا اعترض باي طريقه علي حقه في اطلاق التصريحات عن الحادث، علي الرغم من انني اجد نفسي ارفضها بقوه. اليك ما قاله:

الدين، شكل من اشكال حماقات العصور الوسطى، وعندما يجتمع مع الاسلحه الحديثه فانه يصبح تهديدًا حقيقيًا لحرياتنا. هذا الاستبداد الديني تسبَّب في طفره قاتله في قلب الاسلام، ونحن نري اليوم باعيننا النتائج الماساويه لذلك في باريس.

اقف بجوار تشارلي ابدو، كما يجب علينا جميعًا القيام بذلك؛ للدفاع عن فن السخريه، الذي طالما كان قوه للحريه وضد الطغيان وخيانه الامانه والغباء.

«احترام الدين» اصبحت عباره رمزيه تعني «الخوف من الدين». الاديان، مثل جميع الافكار الاخري، تستحق النقد، والسخريه، ونعم، عدم احترامنا الذي لا يعرف الخوف.

ليس لدي اي مشكله علي الاطلاق مع الجمله الاخيره. لا اعرف كيف يمكن ان تمتلك مجتمعًا حرًا اذا لم تسمح بامكانيه عدم الاحترام. اذا كان بامكان اي شخص منا قطع الحديث بزعم باننا تعرضنا للاساءه او الالم بسبب شيء قاله شخص اخر، فاننا لن نتحدث علي الاطلاق. لذلك فنحن متفقون في هذه النقطه.

لكن الكلمات الاولي لتصريح رشدي هي التي تزعجني. «الدين». كل الدين. ليس ايمانًا محددًا (الذي سيكون تعميمًا ضخمًا في حد ذاته)، ولكن اي شخص مؤمن.

اعتقد ان البعض سيقول ان هذا الزعم الجامح مقيدٌ بهذه العباره الغريبه «عندما يجتمع مع الاسلحه الحديثه»، ولكن لا اعتقد انني ساهتم بذلك.

تشير عباره «شكل من اشكال حماقات العصور الوسطي» الي ان فكره الاعتقاد الديني هي صميم المشكله بالنسبه لرشدي. اذا كنت مقتنعًا ان جميع الاديان شكل من اشكال الحماقه، لا يمكنك بالتاكيد توقع اجراء محادثه عقلانيه معهم. وفقًا لهذا الراي، فان المؤمنين من اي نوع هم مجرد مجانين.

من المحتمل ان «الدين» الذي يقصده رشدي هو مرادف دبلوماسي لـ «الاسلام». علي كل حال، فالمهاجمون، الذين ادعوا الولاء لتنظيم القاعده، اختصوا «تشارلي ابدو» بوضوح لرسوماتها الكاريكاتوريه المسيئه الي الاسلام.

مع ذلك، فالقاء اللوم بشان الهجوم علي جميع المعتنقين لمجتمع ديني باكمله يضم اكثر من 1.7 مليار شخص يبدو وكانه تعدٍ للحدود. لقد استنكر العديد من المسلمين حول العالم عمليه القتل، وادانت الجامعه العربيه ومجموعه كامله من الحكومات ذات الاغلبيه المسلمه الحادث. ووصفت جامعه الازهر، ابرز المعاهد التعليميه للاسلام السني، الحادث بانه «عمل اجرامي».

هذا لا يعني عدم وجود الكثير من المشكلات في اجزاء مختلفه من العالم الاسلامي اليوم. فمشكله عدم التسامح تجاه الاراء المخالفه كما تتجلي، علي سبيل المثال، في قوانين التكفير المتعصبه والمؤسفه؛ تعد مشكله كبيره (حاول فقط بناء كنيس في الرياض لتتاكد من هذا).

ولكن من السهل للغايه القاء اللوم بشان كل هذا علي ما يزعم بكونه «اسلامًا» موحدًا. لقد قرات تعليقًا من امريكي محافظ يقول ان «عدم التسامح بشان حريه التعبير امر متاصل في الاسلام التقليدي»، علي الرغم من انني اتوقع ان تعريفه لـ «التقليدي» لا يغطي الفترات التي كان العالم الاسلامي يتمتع بازدهار ثقافي واستطلاع حر اكثر من نظيره المسيحي.

في الواقع، يمكن للمرء ان يجادل بنفس السهوله ان الامراض الراسخه في اماكن مثل باكستان، او المملكه العربيه السعوديه، او ايران تتعلق بالسياسه الحديثه بنفس القدر الذي تتعلق به بالقران، وهو كتاب، كما يشير فريد زكريا، وهو علي حق، لا يستخدم كلمه «التجديف».

ربما يمثل هذا صدمه، ولكن علي مدار حياتي قابلت الكثير من المسلمين، ولم يعبر اي منهم عن اهتمامه بقتلي بسبب معتقداتي. ربما هم لا يفهمون «الاسلام التقليدي».

اذن، ماذا عن الزعم الاكبر لرشدي، ان الدين في حد ذاته نوع من انواع المرض العقلي الذي يمكن ان يصبح «تهديدًا حقيقيًا لحرياتنا» في اي لحظه؟ هذه وجهه نظر يبدو انها تزداد شعبيه بين اتباع المفكرين الالحاديين مثل «ريتشارد دوكينز» و«سام هاريس»، اللذيْن يفخران بامانتهم الواضحه واستعدادهم البطولي للتخلص من ركائز «الاعتقاد غير العقلاني». (دوكينز خرج الي مواقع التواصل الاجتماعي كما هو متوقع لالقاء اللوم بشان الهجوم علي جميع المسلمين في كل مكان).

تكمن مشكله مثل هذه الحجج في ان صفوف المتدينين تضم اشخاصًا قاموا بخير عظيم للبشريه. لا نستطيع ان نفهم حمله مارتن لوثر كينج السلميه من اجل العداله دون ان نفهم خلفيته كواعظ مُعمد، واعدم النازيون القس اللوثري ديتريش بونهوفر لانه استنكر الهولوكوست وتذمر من اجرام نظام هتلر. البوذيون المتحمسون مثل اونج سان سو كيي والدالاي لاما، كرسوا حياتهم دفاعًا عن حقوق الانسان. والراهب جريجور مندل كان مؤمنًا بانه يخدم الله بوضع اسس علم الوراثه الحديثه. الحائزتان علي جائزه نوبل مؤخرًا، الايرانيه شيرين عبادي واليمنيه توكل كرمان، تذكراننا ان المسلمين يمكنهم ان يكونوا نشطاء مدنيين رائعين ايضًا.

ولا يضمن كون الفرد ملحدًا انه سيكون صاحب سلوك جيد. الجرائم «الجهاديه» بشعه، ولكن حتي القاعده و«داعش» يجب ان يقطعوا طريقًا طويلًا قبل ان يصلوا الي عدد القتلي المذهل الذي تسبَّب فيه علمانيو القرن العشرين مثل ماو وستالين وبول بوت، الذين ذبحوا مجتمعين عشرات الملايين من البشر. (هتلر، الذي يجب ذكره، كان يحلم بولعٍ باليوم الذي يتمكن فيه من شنق البابا في ساحه القديس بطرس).

اكثر نظام غير متسامح في العالم اليوم هو كوريا الشماليه تقريبًا، حيث ان اي مواطن يلمح بايمانه باي شيء سوي سلاله «كيم» سيكون مصيره الاعدام او قضاء وقت طويل في المعتقل.

المشكله الحقيقيه ليست الدين، وانما هي فشل نفسي اعمق، يصيب البشر من كافه الاصناف، اصحاب الديانات او غيرهم.

انه يسمي «التعصب»، وهو صفه مخيفه لاحاديه الافق يمكن ان تؤدي بالذكي والمتعلم الي الاعتقاد بان وجهات النظر التي يحملونها يمكنها ان تكون عذرًا لاي شكل من اشكال الوحشيه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل