المحتوى الرئيسى

العلاج بالقراءة: كيف تجلب الكتب السعادة؟

01/13 21:04

ليست الكتب التي تقدم المساعده الذاتيه وحدها هي التي تحسن من حياتنا ورفاهيتنا، لكن كتب القصص والروايات ايضا يمكن ان تفيد في علاج العديد من امراضنا، وفقا للكاتب الصحفي هيفزيباه اندرسون.

يري مؤلفو الكتب الارشاديه التي تقدم سبل التطوير الذاتي انه لا توجد مشكله انسانيه عصيه علي الحل، مهما صغرت او كبرت؟ فهل تريد ان تصبح اكثر لياقه، او اغني وضعا، او اسعد حالا في عام 2015؟ هناك كتب تتناول ذلك، بل هناك رفوف عديده تكتظ بمثل هذه الكتب. هل تامل في ان تزيد الكفاءه والقدره علي الحسم، وتطوير الفكر الخلاق في الاشهر القادمه؟ هناك كتب في ذلك ايضا.

ونحن نفكر في قرارات العام الجديد كما هي العاده، نتوجه افرادا وجماعات صوب كتب المساعده الذاتيه علي امل ان نعثر علي احسن وضع لانفسنا في جنبات صفحاتها. لكن الكتاب لا يحتاج الي محاضره ليترك الانطباع والاثر، فالحقيقه تتمثل في ان الادب الجيد جميعه يغيرنا.

وهناك جمله من الابحاث تشير علي نحو متزايد الي ان بوسع المرء ان يُحسن حاله من خلال مطالعه القصص والروايات، للمساعده في مواجهه تحديات الحياه. فكر في الامر كنوع من المساعده الذاتيه وليس مجرد كتب مرصوصه علي ارفف متوازيه.

لقد ثبت ان القراءه تذكي من الفكر التحليلي، وتمكننا من ان ندرك الاشياء بمنظور افضل، وهي اداه جد يسيره عندما يتعلق الامر بالسلوك المربك في غالب الاحيان لنا وللاخرين.

لكن القصص الروائيه علي وجه الخصوص يمكن ان تجعلك اكثر تمكنا، وثقه من الناحيه الاجتماعيه. في العام الماضي نشرت دوريه علم النفس الاجتماعي التطبيقي (ابلايد سوشيال سيكولوجي) بحثا اظهر كيف ان قراءه قصص هاري بوتر جعلت الشباب الصغار في بريطانيا وايطاليا اكثر استعداداً وايجابيه ازاء الاقليات المهمشه مثل اللاجئين.

وفي عام 2013، اكتشف علماء النفس في المدرسه الجديده للبحوث الاجتماعيه ان الروايات الادبيه قد عززت من قدره الناس علي تفهم وقراءه مشاعر وعواطف الاخرين.

نحن نفكر في الروايات كاماكن نفقد فيها انفسنا، ولكن عندما نخرج منها ناخذ معنا الالهام من شخصياتنا المفضله فيها. وقد كشفت دراسه في عام 2012 لباحثين في جامعه ولايه اوهايو الامريكيه ان هذه العمليه يمكن ان تغير بالفعل من سلوك القارئ.

وفي احدي التجارب، كان المشاركون الذين تماهوا بقوه مع شخصيه خياليه قصصيه تغلبت علي عقبات من اجل التصويت في احدي الانتخابات هم اكثر ميلا بدرجه كبيره للتصويت في انتخابات حقيقيه.

قد لا تعد هذه الكتب باحداث التحول المطلوب في سبع خطوات سهله، بيد ان الروايات الاسره يمكن ان تمدك بالمعلومات وتحفزك ايضا، والقصص القصيره تعد مصدر سلوي، وباعث علي التامل الذاتي، بينما الشعر يشغل اجزاء من العقل ترتبط بالذاكره.

وهنا يستطيع مؤلف ما ان يساعدك احيانا بمجرد صرف ذهنك عن مشكله ما بمعني ان يجعلك منغمسا انغماسا كليا في عالم شخص اخر ومحيطه، حتي تحدث لك عمليه تحول تعود من بعدها وقد اكتسبت طاقه جديده تجعلك اكثر عزما وتصميما.

وكما لمح ارسطو في كتابه" الكتابات الشعريه" يعد الشعر، ويتضمن هنا كذلك القصص والروايات التي يصنعها الخيال بصفه عامه، اكثر خطوره وجديه من التاريخ ذاته؛ فالمؤرخون يعنون بما حدث، بينما الروايه تتيح لنا معرفه ما يمكن ان يحدث، وتطلق العنان لمخيلاتنا، وكذلك الاحساس المصاحب لذلك بالاخلاقيات طوال المعايشه القصصيه.

واي قصه بعينها لا تحتاج الي ان تزيد من خفقان قلبك كي تعدل من مزاجك، وكما تقول مؤلفه كتاب "ثلاث عشره طريقه للنظر الي الروايه"، جين سمايلي، في كتابها: "العديد من الناس وانا من بينهم يشعرون بانهم افضل حالا بمجرد النظر الي الكتاب".

ويمكن لمعايشه تجارب ومحن شخصيه خياليه ان تفتح اعيننا علي مشاكل كنا نتجاهلها، وتثير محادثات مفيده، او تقدم حلولا لمشكله قد تبدو مخيفه او مستعصيه. وايا كانت المشكله التي تجد نفسك فيها، هناك دوما كتاب يذكرك بان اناسا قبلك عايشوها، وان الامر يتعلق فقط بالعثور علي مثل ذلك الكتاب.

هنا ياتي دور العلاج بالكتب، وقد بات هذا النوع من العلاج الذي يمارسه علماء النفس في انحاء العالم، والاخصائيون الاجتماعيون، والمعالجون من اصحاب المشوره، فضلا عن امناء المكتبات، واسع الانتشار، بل واصبح الكلمه السحريه في السنوات القليله الماضيه. وهذا ما دفع الباحثين والمدونيين علي حد سواء الي دراسه تلك الظاهره.

وفي مدرسه بريطانيه تحمل اسم "سكول اوف لايف" (او مدرسه الحياه) ويديرها الين دي بوتون في لندن، يقيم اربعه اطباء من المعالجين بالقراءه. ومن بينهم ايلا بيرثود، وسوزان الدركن التي اصبح كتابها "العلاج بالروايه: سرد من الالف الي الياء للعلاجات الادبيه" بديلا مقتصدا للاستشارات التي تلجا اليها المدارس بتكلفه باهظه.

لكن فكره الكتب كعلاج للاضطرابات العاطفيه ليست بالجديده كما قد تتصورون؛ فاليونانيون القدماء وضعوا لافتات فوق ابواب المكتبات تخبر الرواد من القراء بانهم داخلون الي مكان لشفاء الروح. وفي القرن التاسع عشر، كان الاطباء وممرضات العيادات النفسيه يقدمون للمرضي كتبا بدءاً من الانجيل الي ادب الرحلات، ومؤلفات بلغات قديمه.

واعترف قاموس دورلاند الطبي المصور لاول مره بالعلاج بالقراءة عام 1941، وعرف المصطلح الخاص بهذا المفهوم "بيبليوثيرابي" بانه "استخدام الكتب وقراءتها في علاج الامراض العصبيه"، لكن طبقاً لقاموس اوكسفورد الانجليزي ظهر المصطلح مطبوعا اول مره عام 1920، في روايه كريستوفر مورلي "المكتبه المسكونه".

والروايه هذه التي تصور عالما كان خارجا لتوه من الحرب العالميه الاولي تصور علاقه حمقاء تربط بين فتي اعلانات ووريثه لاحدي الامبراطوريات مع وجود مؤامره من جانب المانيا لتفجير موكب الرئيس الامريكي.

انها قصه تتعلق بزمانها، لكن الخلفيه التي تدور حولها عباره عن مكتبه للكتب القديمه في بروكلين تسمي "بارناسوس في البيت" والتي تظل جنه مكتبيه تفوح منها رائحه الورق والجلد القديمين، وكذلك رائحه دخان التبغ المنبعث من الغليون الذي ينفثه بطل الروايه "ميفلن" ليل نهار.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل