المحتوى الرئيسى

ما الذي يعنيه قرار النهضة مشاركتها في حكومة تونس؟

01/12 16:13

انعقد نهايه الاسبوع المُنقضي مجلس شوري حركة النهضة (حزب محافظ ذو خلفيه اسلاميه) في دورته الرابعه والثلاثين، وكان من ابرز قراراته اقرار مبدا المُشاركه في الحكومه القادمه، وهو ما عبّر عنه في النقطه الرابعه من بيانه الختامي والتي تقول "استعداد الحركه المبدئي للمشاركه في الحكومه اذا تلقت عرضًا رسميًا وافضت المشاورات الي توافق حول برنامج الحكومه واولوياتها".

قرار ياتي علي خلفيّه المُشاورات التي انطلق فيها الحبيب الصّيد، المُكلّف بتشكيل الحكومه، والتي قابل فيها اغلب الاحزاب ومن بينها حركه النهضه، وحسب الكواليس يبدو ان الصّيد عرض رسميًا علي حركه النهضه المشاركه في الحكومه التي يعمل علي تكوينها خاصه وهي صاحبه الكُتله البرلمانيه الثانيه في البلاد.

قرار حينما نستقرا ظروفه واستتباعاته علي الحراك السياسي في تونس نستنتج ما يلي:

صدور هذا القرار في اليوم الاول من مُداولات الشوري (يوم السبت) يُحيل علي وجود راي عام داعم لهذا التمشّي في مشهد غاب عن دورات الشوري الاخيره، اذ عاشت حركه النّهضه مُؤخرًا نقاشات حاده صُلب هياكلها حول المسار السياسي الذي عقُب الانتخابات التشريعيّه الاخيره .

تصويت بالاجماع يمكن قراءته علي انه انتصار لطرح رئيس الحركه ومن يلتقي معه بخصوص تموقع حركه النهضه في منظومه الحكم علي طرح اخر دفع نحو التموقع الصريح في المُعارضه وتجنب الدخول في اي مسار سياسي يقوده حزب نداء تونس باعتباره واجهه جديده للنظام القديم.

بالرجوع قليلاً بالاحداث الي مرحله الانتخابات الرئيسيه، نجد ان حركه النهضه اختارت الوقوف علي الحياد في العلاقه بالمُترشّحين ولم تتماه مُؤسساتها مع المزاج الداخلي العام الذي كان يُؤيد الدكتور المُنصف المرزوقي، الرئيس المُتخلّي، وهو ما جنّبها غضبه كلا المترشحين، ويبدو انها اليوم تجني ثمار ذلك الموقف.

في ذات السياق، ارتكزت السياسه الاعلاميه النهضويه في مرحله ما بعد الانتخابات اساسًا علي مُعطي التذكير بما وعدت به اثناء حملتها الانتخابيه بانها لن تحكم وحيده في حال فازت وبانها تعتقد بان ثقل المسؤوليه يستوجب حكومة وحدة وطنية ذات اسناد سياسي واسع وتحظي بدعم اوسع طيف ممكن من الاحزاب والمُنظمات الوطنيه، كما تحاشت حركه النهضه الدخول في اي مناكفات اعلاميه رغم محاولات استدراجها من بعض قيادات نداء تونس الرافضه لتشريكها في الحكومه، وحافظت علي هدوء يبدو انه كان وراء حاله التفاعل الايجابي بين اصحاب القرار في الحزبين (نداء تونس وحركه النهضه).

بعد اقرار المبدا، ينتظر الحركه شوط اخر من المُحادثات حول شكل الحكومة وبرنامجها، علمًا وانها عبرت عن تصور مبدئي يقضي بتحييد وزارات السياده، يبدو انه سيكون احد شروطها للانضمام لها (الحكومه).

اُعتبر تقديم حبيب الصيد ليُكَلف بتشكيل الحكومه من طرف نداء تونس خطوه للامام نحو تشكيل حكومه وحده وطنيه/ ائتلاف وطني، خاصه مع استثناء الطيب البكوش، امين عام الحزب، رغم دعمه من طرف جزء هام من قيادات الصف الاول.

استثناء البكوش علي ما يبدو، رغم ما سببه من تصدع داخلي داخل نداء تونس، كان استجابه للفيتو الذي رفعته حركه النهضه في وجه مسار تكليفه، خاصه مع عدائيته التي تجلت في تصريحاته الاخيره والتي دعا فيها الحركه الي الاكتفاء بموقع المعارضه.

علي عكس حركه النهضه التي يبدو انها تجاوزت ازمتها الداخليه في علاقه بالمسار السياسي ما بعد الانتخابات، انفرط العقد في نداء تونس واندلعت ازمه حقيقيه علي خلفيه ما ذهب اليه الباجي قائد السبسي من فرض تقديم شخصيه من خارج الحزب لترؤس الحكومه وايضًا من استبعاد اعضاء الكتله النيابيه من قائمه المرشحين لتقلد حقائب وزاريه في الحكومه القادمه، وخاصه من قرار تشريك حركه النهضه في الحكومه القادمه، اذ يري مراقبون بان اقدام الحبيب الصيد علي عرض المشاركه علي حركه النهضه لا يتعلق باجتهاد من الاخير وانما هو محض ترجمه لتصور شيخ النداء لمنظومه الحكم القادمه.

الصراع في نداء تونس، الذي تنبانا به منذ اعلان نتائج الانتخابات، لا يعسر تجميع المعطيات حوله خاصه وانه يبث مباشره في وسائل الاعلام وعلي الصفحات الرسميه في مواقع التواصل الاجتماعي الراجعه لقيادته؛ خميس قسيله مثلاً اعتبر مؤخرًا بان مستشاري الرئيس الجديد محسن مرزوق ورافع بن عاشور يمثلان خطرًا علي تونس وبانهما سيعيدان ممارسه الطرابلسيه (عائله زوجه الرئيس المخلوع بن علي الذين افسدوا واستغلوا نفوذهم لتكوين ثرواتهم الطائله).    

في ذات السياق، وفي تضارب مع توجه الباجي قائد السبسي ودائرته داخل نداء تونس، هاجم عبد العزيز القطي (قيادي في نداء تونس وعضو كتلته البرلمانيه عن ولايه اريانه) بيان حركه النهضه وكتب في تغريده نشرها علي صفحته في الفيسبوك "بعدما صرّح به فتحي العيادي رئيس مجلس الشورى حول قرار قبول المشاركه في الحكومه وتحييد وزارات السياده، فانني اعتبر هذا التصريح تطاولاً علي اراده الشعب التونسي واستهزاء بنتائج الانتخابات ووقاحه سياسيه لا مثيل لها"، واضاف "من صالح النهضه مسانده الحكومه القادمه والتي ستكون خارجها، ووزارات السياده ستؤول لمن اعطاه الشعب اﻷولويه وان تنتظر نتائج التحقيق في مقتل الشهداء لطفي نقض، شكري بلعيد ومحمد البراهمي، خاصه بعد ايقاف النهضوي عبد الكريم لعبيدي، وفتح ملف مقتل سقراط الشارني، ملف الرش في سليانه، ملف السفاره اﻷمريكيه، ملف عدم القاء القبض علي ابو عياض في اربعه مناسبات، ملف الوثيقه المسربه حول اغتيال البراهمي وملف الامن الموازي والتدريبات المشبوهه في وزاره الداخليه".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل