المحتوى الرئيسى

ثورتان بين جد وهزل - فهمي هويدي :: بوابة الشروق :: نسخة الموبايل

01/12 09:06

ما ان هدا الحديث عن ثوره السيسي علي نظامه، حتي انفتحت ابواب الجدل حول دعوه السيسي الي الثوره الدينيه. والاولي اطلق شرارتها الاستاذ محمد حسنين هيكل في حواره التليفزيوني الاخير، وهو يتحدث عن رؤيته لمصر من خلال خبره العام المنقضي وامال العام الجديد. اما الثانيه فقد القي بها الرئيس عبدالفتاح السيسي حين كان يتحدث الي علماء الازهر في مناسبه ذكري المولد النبوي.

الا ان الاولي قصد بها الاستاذ هيكل ان يوجه رساله لها خلفياتها التي اشار الي بعضها في حديث سابق، حين نبه الي صراع الاجهزه من حول رئيس الجمهورية. وحين اشار الي اهميه تعزيز الفريق الرئاسي واعاده النظر فيه. اما الثانيه فقد كانت عباره ارتجلها الرئيس السيسي، وخرج بها علي نص الكلمه التي اعدت له في المناسبه. وهو ما لاحظناه اثناء القائه لخطبته.

وفي حين اثارت دعوه الاستاذ هيكل لغطا وطنينا تابعنا بعض اصدائه في وسائل الاعلام المختلفه وسمعنا عن تفاوت اصدائه في دوائر السلطه. وفيما تابعناه وسمعناه فان الحذر كان واضحا والاستياء من جانب اصحاب المصالح كان اكثر وضوحا. كما اننا لمسنا جهدا بذل لتحرير كلمه «النظام» اريد به تخفيف اثر الدعوه التي اطلقت واستبعاد مظنه استهدافها خرائط السلطه القائمه بما قد يؤدي الي ادخال اي تعديل علي اركانها ومكوناتها.

في هذا الصدد فاننا قرانا تحليلات عده بعضها عمد الي الدفاع عن استمرار الهياكل القائمه، كي يبقي كل شيء علي ما هو عليه. اما البعض الاخر فقد اغرقنا في تحليل الفرق بين النظام كافراد وكيانات وبين «المنظومه» التي تقوم علي الافكار والرؤيه. وافهمنا اولئك المحللون بان المقصود بدعوه الاستاذ هيكل هو المنظومه بمعني الرؤيه وليس النظام بشخوصه ومؤسساته.

الشاهد ان ذلك الحوار علي اهميته لم يستمر طويلا، نظرا لحساسيه الفكره وصلتها الوثيقه باوضاع مراكز القوي في السلطه. من ثم فقد تم اختصار حلقاته وطي صفحته. وفي النهايه وجدنا ان الامر لم يؤخذ علي محمل الجد، حتي لم يعد للدعوه ذكر الان.

الامر اختلف مع فكره الثوره الدينيه التي ارتجلها الرئيس السيسي اثناء خطابه. ذلك انه ما ان اطلقها حتي هرول الجميع لتفعيلها والاحتفاء بها، وتحويلها الي شعار ومنعطف مهم في مسيره الازهر وتاريخ الفكر الديني.

بكلام اخر فانه حين تعلق الامر بالحوار الجاد في السياسه فان الكلام كان حذرا ومبتورا وتم اختصاره وتجاوزه بسرعه. اما حين تعلق بالدين، ولو علي سبيل المصادفه، فقد اخذ الجميع راحتهم فيه حتي تطوع كل صاحب راي في الاسهام بدلوه لتحقيق الثوره المنشوده. ولم يقف الامر عند حدود تقليب صفحات الماضي واستحضار تاريخ الثورات الدينيه في العالم، لكننا في «الزفه» طالعنا خلاصه للكتاب ترجم حديثا الفه باحث ايراني مقيم في فرنسا اسمه داريوش شايجان كان سؤال الغلاف الذي تخيره عنوانا هو «ما هي الثوره الدينيه»، وانطلق فيه من اعلام افلاس الفكر الديني الاسلامي وفشله في التفاعل مع العصر.

الازهر من ناحيته سارع الي الاستجابه لدعوه السيسي، فتحدث وكيله الشيخ عباس شومان عن توجهات اصدرها الامام الاكبر احمد الطيب، لوضع خطط عاجله لتنفيذ ما طلبه الرئيس. خصوصا في مجال اصلاح مناهج التعليم الديني وتطوير الخطاب الديني، مضيفا انه تم تشكيل لجان برئاسته لاستكمال عناصر تصحيح الخطاب الديني «بما يقوي روح الانتماء للوطن، ويعكس صوره مشرفه للاسلام في العالم الخارجي».

بنفس السرعه اعلنت دار الافتاء عن تبنيها لدعوه الرئيس، فذكرت انها وضعت خطه مكثفه لنشر «الثقافه الافتائيه الصحيحه» والتوسع في اول مرصد «فتاوي التكفير» ومقولاته لمواجهه الافكار المتطرفه، ذلك الي جانب الاعداد لاطلاق اول قناه علي اليوتيوب للدفاع عن سماحه الاسلام واعتداله، والي جانب مشروعها لاعداد دورات تدريبيه للمبعوثين لاعدادهم للمهمه التي يقومون بها في بلدانهم، فان دار الافتاء ستبدا خدمه جديده بتدشين دار الافتاء المتنقله التي ستجوب محافظات مصر لارشاد المسلمين والرد علي استفساراتهم المتعلقه بامورهم الدينيه.

لم يتخلف وزير الاوقاف عن الركب، ذلك انه ما ان اطلق الرئيس دعوته حتي عقد الوزير اجتماعا عاجلا مع مساعديه لوضع الخطط اللازمه للنهوض بمسئوليات الثوره المنشوده، علي ان تقوم المساجد بدورها في هذا الصدد، سواء من خلال اعداد دورات تثقيفيه للائمه او توجيه الخطباء لايصال الرساله الي جماهير المصلين خصوصا في ايام الجمع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل