المحتوى الرئيسى

{الشرق الأوسط} في موسم الجوائز‬«5»: مفاجآت ليلة «غولدن غلوبس»

01/11 01:54

ها هي اللحظات المنتظره تقع هذا المساء عندما تنطلق حفله تسليم جوائز «غولدن غلوبس» مبثوثه من الساعه الثامنه علي شاشه «NBC» كما جرت العاده منذ سنوات كثيره. بعد اسابيع من التوقعات وارتفاع بورصات الافلام ونجومها وانخفاض بعضها، ها هي الحفله تنطلق بزيها الرسمي الكامل: كاميرات المحطه المذكوره ستسبح فوق الجالسين في القاعه الكبيره مستعرضه العدد الكبير من الحضور. النجوم سيصعدون المنصه للتحدث الي الجمهور مازحين وجادين والجوائز ستعطي تبعا لتصويت صارم اعتادته «جمعيه هوليوود للمراسلين الاجانب» منذ ان خرجت من ازمتها مع بيا زادورا في الثمانينات.

* بيا زادورا؟ من هي؟

* في عام 1982 وجدت ممثله مغموره اسمها بيا زادورا نفسها في مواجهه ممثلات جديرات في سباق غولدن غلوبس لافضل وجه واعد (وهي مسابقه تم التخلي عنها لاحقا) امثال كاثلين تيرنر عن فيلم «سخونه جسد» واليزابث ماكوفرن عن «راغتايم». ايامها كانت متزوجه من الملياردير الاسرائيلي موشالم ريكليس وحسب روايات غير مؤكده، فان هذا لم يرضَ ان تخرج محبوبته من دون جائزه ما دفعه الي شراء ذمم عدد كاف من صحافيي الجمعيه، فاذا بالجائزه تذهب الي بيا زادورا، التي كانت بالتاكيد تفتقر الموهبه ولم تكن افضل اداء من اي ممثله منافسه.

هذا اصاب، انذاك، سمعه الجمعيه وجائزتها بالصميم ونشر سحابه من اليورانيوم الملوث فوقها الي سنوات كثيره. وبل هناك من يرغب، والي اليوم، العوده الي مثال زادورا كلما اراد التشكيك باهميه الجمعيه وما تقوم به. لكن للواقع، فان الجمعيه افاقت من تلك الصدمه وانتبهت الي دورها الجدي الذي تقوم به والي انها لا تستطيع ان تسمح بتكرار ذلك المنوال. ومن مطلع التسعينات علي الخصوص والي اليوم وهي تسير علي خط مستقيم ونتائجها محاطه بالدرجه القصوي من السريه ذاتها التي تحاط بها جوائز الأوسكار. ومع قيامها كل عام بتوزيع هبات ماليه علي مؤسسات سينمائيه (الاكاديميه، الارشيفات القوميه) او اجتماعيه (الجامعات، مؤسسات الرعايه الاجتماعيه المختلفه) وتحولها الي حدث اساسي في موسم الجوائز وصناعه التسويق لم يعد بالامكان غض النظر عنها او قيامها هي بغض النظر عن انجازاتها.

* مثل كل مره، فان اخر المسابقات التي ستعلن نتائجها هذه الليله في حفل لوس انجليس هي مسابقه الافلام الدراميه. هنا، كما في «البافتا» و«الاوسكار» وسواها، يبقي الفيلم هو مسك الختام بالمعني الكامل للكلمه. مغلفات المسابقات الاخري تفتح والفائزون بها يعلنون، لكن مسابقه الفيلم هو مثل تتويج كل شيء.

وهناك في الواقع جمع كبير من الافلام المتنافسه: هناك 5 افلام في الدراما وهي «صبا» و«فوكسكاتشر» و«لعبه المحاكاه» و«سلما» و«نظريه كل شيء».

5 افلام في الكوميديا والاستعراضي وهي «بيردمان» و«ذا غراند بودابست هوتيل» و«داخل الغابه» و«فخر» و«سانت فنسنت».

5 في مسابقه الانيماشن وهي «بيغ هيرو 6» و«كتاب الحياه» و«بوكسترولز» و«كيف تدرب تنينك 2» ثم «The Lego Movie».

هناك 5 اخري في مجال الفيلم الناطق بلغه غير انجليزيه وتتكون من «فورس ماجوري» (سويد)، «ايدا» (بولاند)، «ليفيثيان» (روسيا) و«تنجارينز» (استونيا) و«محاكمه فيفيان امسالم» (اسرائيل).

حين ياتي الامر الي المخرجين، فان 5 من المخرجين هم الذين يتسابقون حسب لوائح «غولدن غلوبس». وغالبا، كما هو حال هذا العام، فان المرشحين لـ«غولدون غلوبس» افضل مخرج هم من العاملين في السينما الاميركيه وليسوا من خارجها والا لتم ضم مخرجين اخرين جديرين بالفوز مثل بافل بافليكوفسكي عن «ايدا» واندريه زيفغنتسف عن «ليفياثان».

في هذه القائمه نجد وس اندرسون عن «ذا غراند بودابست هوتيل» (المندرج في قسم الكوميديا) وافا دوفرناي عن «سلما» (في قسم الدراما) ورتشارد لنكلتر عن «صبا» (قسم الدراما ايضا) واليخاندرو غوانزاليس اناريتو عن «بيردمان» (قسم الكوميديا) ثم ديفيد فينشر، المخرج الوحيد الذي لم يصل فيلمه «فتاه مختفيه» الي عداد التنافس بين الافلام.

اذا ما استثنينا الافلام الكرتونيه المتحركه، فان الافلام المتنافسه الاخري منقسمه، اسلوبيا، الي فئتين: فئه ذات اسلوب سرد تقليدي، واخري ذات اسلوب سرد مختلف. الفريق الثاني اقل، لكن حظوظه تبدو الاقوي وهو يشمل «صبا» و«بيردمان» و«ذا غراند بودابست هوتيل» و«ايدا».

الي جانب ان اسلوب العمل في كل واحد من هذه الافلام يحمل بصمه ذاتيه استثنائيه، فان كل واحد من هذه الافلام لديه، ضمن هذا الاسلوب العام، قضيه، وربما مشكله، مع مبدا الحكايه ذاتها؛ حيث العقده لا تستولي علي السرد بل تتبعه.

* لفهم ذلك، تكفي المقارنه بين «صبا» و«فوكسكاتشر» المتنافسين في السباق ذاته (افضل فيلم درامي). كلاهما جيد بامتياز، لكن الاول يتبع حكايه تقع علي امتداد سنوات من دون ان يضطر لتغيير ممثليه، بينما الثاني، يسرد الحكايه في وضعها التاريخي (التسعينات) من دون تفاوت زمني او مكاني.

ما قام به رتشارد لينكلتر، صاحب «صبا» هو انه صور بطله عندما كان ولدا صغيرا سنه 2002، ثم صوره في مرحله متوسطه كان الصبي ايلار كولتران قد اصبح ولدا، ثم سنه 2013 وقد اصبح فتي مراهقا.

مخرج اخر كان اتي بـ3 ممثلين وانجز الفيلم في 3 اشهر، لكن لينكلتر مارس التصوير علي امتداد 12 سنه بمجموع 45 يوما، بذلك اتاح لنفسه ولفيلمه التنفس طبيعيا. ولينكلتر لم يكن بذلك خرج عن معالجاته، فسلسلته المعروفه بـ«قبل»؛ وهي «قبل الشروق» (1995)، و«قبل الغروب» (2005)، ثم «قبل منتصف الليل» (2013)، علي حكايه واحده حول علاقه عاطفيه انطلقت من سنه 1995 واستكملت في عام 2013، وقد تستمر لما بعد.. ودائما مع الممثل نفسه ايثان هوك (الذي شارك في افلام اخري للمخرج من بينها «صبا») بذلك لم تعد الغلبه لعقده او حبكه، بل لمعايشه زمنيه علي نحو ما حققه المخرج ذاته في فيلم «صبا».

الي اي حد سيتدخل كل ذلك في توجيه الاصوات الي «صبا»، فالافلام المتنافسه في قسم الدراما تكاد تكون متساويه في حسناتها ومزاياها. «سلما» رائع في رصده القضيه العنصريه التي يتناولها، و«فوكسكاتشر» ممتاز في تحليله لشخصياته الثلاث، و«نظريه كل شيء» يجاوره في رصد العلاقه بين رجل ذي متطلبات خاصه وزوجته، في حين ان «لعبه المحاكاه» قوي في تعامله مع شخص واحد. وهو ما يدلف بنا الي ملاحظتين رئيسيتين نضيفهما الي الملاحظه السابقه حول الاسلوب وتغليب الموقف علي الحبكه.

كل هذه الافلام، ما عدا «صبا»، قائم علي استيحاء شخصيات حقيقيه وكل هذه الافلام (بما فيها «صبا») تدور في رحي الامس اساسا.

«لعبه المحاكاه» عن عالم الحسابات الذي اسهم بهزيمه هتلر عندما استعانت به الاستخبارات البريطانيه لفك الرموز المعقده التي تستخدمها قياده الجيش النازي في الاربعينات. و«سلما» ياتي بعده زمنيا اذ تقع احداثه في الستينات ايام مارتن لوثر كينغ، كما يؤديه ديفيد اويلاو بجداره. و«نظريه كل شيء» عن العالم سيتفن هوكينغ، و«فوكسكاتشر»، يتجاوران اذ يدوران في الثمانينات. اما «صبا» فهو يشمل سنوات متنقله من التسعينات الي اليوم.

* بعض ذلك التقسيم وارد في مسابقه افضل فيلم كوميدي او موسيقي ولو علي نحو متارجح، فـ«كبرياء»، مثلا، هو عن حركه مثليه شاركت في المظاهرات التي ايدت عمال المناجم في الثمانينات. و«بيردمان» في الزمن الحاضر، لكنه يتميز بالاسلوب غير التقليدي الذي يسرد المخرج ايناريتو حكايه الاسره من خلاله. وفي حين ان «سانت فنسنت» اقل خيالا واكثر التصاقا بالزمن الحالي، الا ان المد الخيالي يزداد في الفيلمين الاخرين «داخل الغابه»، وهو فانتازيا شامله لاساطير وحكايات معروفه من نمط «سندريلا» و«ليلي والذئب» و«ذا غراند بودابست هوتيل» الذي هو اكثر الاعمال جميعا تميزا من حيث تصميمه الفني والانتاجي، وهو ايضا خيالي صرف تقع احداثه في بلد غير واقعي وفي زمن يتوسط الحربين العالميتين، لكنه زمن منضو تحت رايه الفانتازيا لحد يبدو كما لو انه لم يكن موجودا بالفعل ايضا.

اما الافلام المتباريه في سباق «افضل فيلم اجنبي» فالاختلافات بينها شاسعه: من دراما المحاكم في «محاكمه فيفيان امسالم» الي دراما الموقف المتازم في «فورس ماجوري» ومن حكايه ايدا، المراه التي اكتشفت انها ليست كاثوليكيه كما اعتقدت، بل يهوديه وضعها والداها عند باب بيت الرهبان لتجنيبها الموت خلال الحرب، الي حكايه ايفو، ذلك المزارع الذي تعصف به رياح عاتيه مصدرها ما كان يحدث في استونيا خلال مطلع التسعينات. هذا وصولا الي الحاضر الاكثر دكانه في «ليفياثان».

3 من هذه الافلام هي من 3 دول كانت تؤلف معسكرا واحدا وهي «ليفياثان» الروسي، و«تانجرين» الاستوني، و«ايدا» البولندي. وهي اكثر المتوفر نقدا سياسيا رغم ان «محاكمه فيفيان امسالم» يتعرض لنقد الوضع الاجتماعي بين المتشددين اليهود من خلال سعي زوجه للطلاق من زوجها المتدين الذي يرفض منحها الطلاق.

ولعل «ليفياثان» اكثر هذه الافلام الاجنبيه نقدا؛ اذ لا يحاول تمويه الحقائق علي الارض: «هناك فساد في الدوائر الحكوميه الرسميه ينسف اللبنه العائليه ويقضي علي مستقبل من لا يملك سوي القانون (المستولي عليه) للتوجه اليه». صحيح ان السينما الروسيه شهدت اخيرا اعدادا متزايده من هذه الافلام، لكن «ليفياثان» اكثرها جراه، وها هو المخرج اندريه زيفغنتسف يكتب لي في رساله الكترونيه بتاريخ 31 ديسمبر (كانون الاول) 2014: «هذا العام كان الاكثر اضطرابا منذ عقود في تاريخ بلادي المضطرب اصلا. كل يوم، ينحدر المجتمع الروسي نظرا لالتزام متزايد للمؤسسات العامه (لتنفيذ) ايديولوجيه جامده من الاضطهاد وعدم التحمل».

موقفه المعبر عنه سينمائيا ليس جديدا علي السينما في تلك البلاد. خلال الفتره الشيوعيه انبري كثيرون: لاريشا شوبتكو، سيرغي بارادجانوف، اراكلي كفيركادادزه، اندريه تاركوفسكي، وهناك سواهم. لنقد الوضع القائم وتبعاته علي المجتمع الروسي. ليس ان الدوله انذاك استجابت لذلك النقد واصلحت شؤونها الاداريه علي الاقل، لكن ذلك الصوت النقدي لم يتوقف الا عندما انهار الاتحاد السوفياتي ولفتره زمنيه محدوده، بعدها عادت هذه الافلام تنتقد الاوضاع الحاضره علي النحو ذاته. زيفغنتسف: «احد اهم مزايا الفن الروسي هو الاخلاص. حتي في اقسي الازمنه، نطق المؤلفون والسينمائيون بالحقيقه حيال بلادهم الحبيبه. اعتبروا انه من اهم مسؤولياتهم كفنانين وفي (ليفياثان) سعيت لان استحق هذا التقليد».

* من سيخرج فائزا من بين ما ذكرنا من افلام؟ هذا ليس سهلا رصده علي الاطلاق، لكن، وكما تتنبا اكثر التوقعات، فان «بيردمان» و«ذا غراند بودابست هوتيل» ياتيان في مقدمه الافلام الكوميديه، بينما يقفز الي الواجهه «صبا» يجاوره «نظريه كل شيء» اذا ما تغلبت اللغه العاطفه علي تلك الفنيه الذي مارسها المخرج بنت ميلر في «فوكسكاتشر». كمخرجين، فان اسهم اليخاندرو غونزاليز اناريتو عاليه تتبعها سريعا تلك التي لدي ديفيد فينتشر عن «فتاه مختفيه».

نرشح لك

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل