المحتوى الرئيسى

وجهة نظر: الدين ليس هو المشكلة

01/10 17:54

ربما حان الوقت لقولها: انا (الصحفي فيليكس شتاينر) مسيحي كاثوليكي. وانا سعيد بذلك. وايماني يمنحني قوه. شعور جيد ينتابني باني لست مجرد صدفه من صُدف الطبيعه، جاءت من لا شيء وستنتهي الي لا شيء، وانما انا من صنع الرب، الذي يسميه اليهود: يهوه، والمسلمون: الله. وهذا موجود في سفر التكوين، المقدس لدي اليهود والمسيحيين.

ولذلك فان لديّ – كما هو الحال لبقيه البشر – كرامه. هذه الكرامه يجب عدم المساس بها. احترام هذه الكرامه وحمايتها هو واجب كل سلطات الدوله. ولذلك فانه لم ياتي من فراغ، ان ينص الدستور الالماني (القانون الاساسي) في مادته الاولي علي ذلك.

ومن لا يحتاج للدين، فالخيار له. المجتمعات الحره في الغرب لا تجبر احدا علي اعتناق دين محدد، او علي ان يكون له دين اصلا. ولكن، ورغم ان الدوله الالمانيه لا تهتم بمساله تديني، الا انه بنفس الوقت تحمي المتدينين عموما. فالدوله تصون حريه "ممارسه الشعائر الدينيه دون ازعاج"، وفقا للدستور الالماني. ولهذا السبب فانه لا يجب عليّ ان اقبل – علي سبيل المثال – ان تاتي شابه عاريه وتقف علي مذبح الكنيسه في مدينه كولونيا، خلال قداس عيد الميلاد، وتهتف: "انا الرب". وانما ساصبح سعيدا عندما يتم ادانتها امام الكنيسه وتغريمها بغرامه ماليه.

وهناك امور ينبغي عليّ تقبلها، حتي وان كانت تزعجني كثيرا. لانها تضع اشياء تهمني كثيرا في مواضع قذره. علي سبيل المثال: هناك تسميات اخري للمسيح باللغه العاميه الالمانيه، تسخر منه، هذه التسميات تزعجني. او ان يتم رسم بابا الفاتيكان، وهو رئيس الكنيسه الكاثوليكيه في العالم، وعلي ردائه توجد بقعه بول، مع عنوان لخبر صحفي: "العثور علي مواضع غير مُحكمه في الفاتيكان". ولكن لا يتم بسبب ذلك حبس اي رسام كاريكاتوري في مجله ساخره، او اي اعلامي ساخر في المانيا. لان مثل هذه الاستفزازات تقع تحت بند حريه التعبير والفن والصحافه. كما اني – كمسيحي مؤمن – لست مضطرا لحضور او زياره امسيه ساخره، او قراءه وشراء المجله التي تنشر رسما او تعليقا ساخرا من معتقدي. وكمسيحي متعلم واسيت نفسي بقول لغوته: "لا يوجد شيء يعبر عن شخصيه البشر، اكثر من ذلك الشيء الذي يسخرون منه".

كل هذا هو تركه ما يسميه المؤرخون "عصر التنوير". انها ببساطه معادله المعامله بالمثل: انا احصل علي حريه اعتقاد ما اريد، مقابل ان اقبل بحريه الاخرين في ان يقولوا حول ذلك ما يشاؤون. فقط الاساءه المباشره لي غير مسموحه لاي احد. كما ان دور العباده، سواء ا كانت كنائس او صوامع او مساجد او معابد بوذيه وغير ذلك؛ كلها اماكن محميه. منذ 300 عام واوروبا وامريكا الشماليه تعملان بهذا المبدا ولديهما خبرات ممتازه حوله.

لا توجد تنازلات في مجال التسامح

"الغرب المتنور" لا يستطيع وغير مسموح له ان يقدم بعض التنازلات في مجال التسامح. من يرغب بالعيش هنا فعليه القبول بهذه القواعد. انها ليست مساله تعجيزيه – حتي ولو بدت كذلك لبعض المحافظين والمتطرفين المسيحيين، كما هو الحال ايضا لبعض المحافظين والمتطرفين المسلمين.

ومن يستخدم العنف، من اجل فرض ارادته الدينيه او للتخلص من اشخاص مضادين لدينه، فانه يخرج – في عام 2015 – من كل اطار حضاري. وهذا ما يتفق معه تقريبا كل المسيحيين في اوروبا، وحوالي تسعين بالمئه من المسلمين الذين يعيشون هنا. والذين ادركوا منذ زمن بان هناك قواعد – كتلك الساريه في كثير من البلدان الاسلاميه – ستجعل ممارستهم لحريتهم الدينيه مستحيله، فيما لو طُبقت تلك القواعد في اوروبا. ولذلك فهم يقدرون جيدا هذا التسامح الاوروبي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل