المحتوى الرئيسى

كتاب يسرى فودة فى طريق الأذى.. أسرار 48 ساعة مع قائدى «غزوة مانهاتن» (2-5)

01/10 12:06

- من معاقل القاعده الي حواضن داعش.. يسري فوده في طريق الاذي

- رمزي بن الشيبة وخالد شيخ محمد يشرحان لفوده تفاصيل الحادي عشر من سبتمبر.. ويعرضان محتويات «شنطه هامبورج»

- شيخ محمد يعترف: فكرنا اولا في ضرب عدد من المفاعلات النووية الامريكيه وتخوفنا من خروج الامور عن السيطره

- «تعرف يا اخ يسري انك يمكن ان تكون الارهابي المثالي؟!» وتذكرني باخينا محمد عطا

- لدينا في القاعده «قسم الاستشهاديين» ويضم عددا كبيرا ممن يتشوقون الي دورهم.. ومحمد عطا كان هديه من السماء

ايقظه بن الشيبه لمشاركتهما صلاة الفجر، والتي انضم الي ثلاثتهم فيها وافد جديد «كان يتبع خالدا اينما انتقل». والذي قال عنه رمزي «الاخ من الصحابه المقربين للشيخ ابو عبدالله (بن لادن) حفظه الله.. وبالمناسبه، من الافضل ان تخترع له اسما لانه لن يخبرك باسمه الحقيقي او كنيته»، ليطلق عليه فوده «ابو انس».

ولا يفوت فوده في هذا الصدد ان يتخذ من الايات التي تلاها بن الشيبه في صلاه الفجر «من سوره التوبه» مدخلا للحديث عن افكار رجال القاعده، مشيرا الي ما تحتويه هذه السوره «العامره بالعواطف حافزه للنخوه واعده بالجوائز متوعده بالاهوال، وقد كان امامنا، رمزي بن الشيبه، اهلا لذلك. انعقد لسانه اكثر من مره وهو يتلو علينا اياتها بصوت جميل. ارتفع وانخفض وتهدج وبكي في نبرات مهيبه».. ويلفت كذلك الي ان «هذه هي السوره نفسها كما علمنا فيما بعد التي كان علي منفذي عمليات الحادي عشر من سبتمبر ان يرتلوها جهرا وسرّا وهم في طريقهم الي التنفيذ، اضافه الي السوره رقم 8 (سوره الانفال) من القران الكريم».

ويخصص فوده مساحه كبيره من صفحات الجزء الاول من كتابه (طريق الاذي) للحديث عما للاحلام والرؤي وتفسيراتها من موقع خاص في المعتقدات الروحيه لاصحاب هذا الفكر، ذكرا انه «كان لرمزي بن الشيبه ان يقص عليّ لاحقا قصصا مؤثره عن احلام ورؤي كثيره راها «الاخوه» المنفذون في الايام القليله التي سبقت الحادي عشر من سبتمبر (..) في اتصال هاتفي قبيل ساعه الصفر الح رمزي بن الشيبه علي محمد عطا ان يدعو له اثناء عمليه الهجوم هو واخوانه الباقون: «فهم في ساحه نزال وساحه قتال(..) كان يؤكد لي اننا سوف نلتقي في الجنه ان شاء الله، وان لقاءنا قريب باذن الله، فطلبت منه اذا راي النبي وبلغ المنازل العُلي في الجنه ان يُبلغه منا السلام، ويبلغ ابا بكر وعمرا وبقيه الصحابه والتابعين والمجاهدين».

ويدلل مؤلف الكتاب بوسيله اخري علي التصاق هذه الذهنيه باطياف يرونها مرتبطه بايام الاسلام الاولي في وجود «كُنْيه لا تمت بصله لاسمه الحقيقي. انها استعاره مباشره من الماضي، وهو امر مقصود في حد ذاته. فكل عضو يُمنح كنيه هي في الواقع اسم لاحد الصحابه او التابعين او المجاهدين (..) احد هؤلاء هو رمزي بن الشيبه. كان من بين الشروط التي اضطررت لقبولها قبل اجراء الحوار مع ابن الشيبه وخالد شيخ محمد الا ابوح لاحد بكنيتيهما. اما وان رمزي بنفسه هو الذي اعترف للمحققين الامريكيين بكنيته فقد صرت الان في حل من وعدي، وصرت من ثم في موقف يسمح لي بتاكيد ان كنيه رمزي بن الشيبه هي «ابو عبيده»، تيمنا بالصحابي الجليل ابي عبيده بن الجراح».

بعد اسابيع قليله من ذلك اللقاء في ذلك المنزل الامن في تلك الضاحيه من كراتشي، بعث رمزي اليّ برساله يجيب فيها عن مزيد من الاسئله التي كانت قد واجهتني اثناء التصوير في دول مختلفه. كان احدها يتعلق بكُني «الاخوه» التسعه عشر الذين شاركوا في تنفيذ الهجمات. فيما يلي اجابه رمزي كما وضعها:

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته...

هذه اجابه لجزء من اسئلتكم التي ارسلتموها والجزء الاخر تجدونه مرفقا لكم في اللقاء الذي تم والمسجل صوتيّا حيث تعذر الحصول علي النسخه الاصليه للاسباب التي تعلمونها.

واليكم تفصيل كني الاخوه التسعه عشر اسال الله ان يتقبل منهم وبعض التفاصيل الاخري وهي كالتالي:

محمد عطا ابو عبدالرحمن المصري طيار الامير العام

وليد الشهري ابو مصعب، وشقيقه

عبدالعزيز العمري ابو العباس الجنوبي

مروان يوسف الشحي ابو القعقاع القطري طيار

فايز راشد بني حماد ابو احمد الاماراتي

هاني حنجور عروه الطائفي طيار

نواف الحازمي ربيعه المكي نائب الامير العام، وشقيقه

زياد الجراح ابو طارق اللبناني طيار

احمد الحزنوي ابن الجراح الغامدي

احمد النعمي ابو هاشم (سيد من ال البيت)

وينضم الي مجموعه «شقه القاعده الامنه» ابو يوسف (كما دعاه خالد)، حاملا في يده الي احد اركان الغرفه حقيبه بلاستيكيه صغيره كان بها كاميرا في حجم الكف وميكروفون سلكي دقيق يمكن شبكه في ياقه القميص وخمسه شرائط مده كل منها 60 دقيقه، لتدور بعد برهه الكاميرا لتسجيل السبق الاهم في حياه فوده.

«ها هما، الراسان الكبيران لاخطر عمليه ارهابيه في التاريخ، مستريحان في هدوء ووداعه، مستعدان للحديث. اخيرا قرر ابرز صناع الحادي عشر من سبتمبر ان يخرجا عن صمتيهما. امامي جلسا في تواضع متربعين علي ارض الغرفه يتذكران المراحل المختلفه للتخطيط والتنفيذ التي انتهت بما يسميانه «عمليات الثلاثاء المبارك» او«غزوتي واشنطن ونيويورك».

«قبل نحو عامين ونصف العام من الغزوات المباركه في واشنطن ونيويورك»، قاد خالد الحديث بلهجه كويتيه متسارعه: «عقدت اللجنه العسكريه (لتنظيم القاعدة) اجتماعا تقرر خلاله ان نبدا في التخطيط لعمليه استشهاديه داخل امريكا».

نظر الي اعلي ثم الي اسفل ثم اليّ، ثم استطرد: «بينما كنا نناقش الاهداف، فكرنا اولا في ضرب عدد من المفاعلات النوويه، ولكننا عدلنا عن ذلك التفكير خوف ان تخرج الامور عن السيطره». ثبّت خالد نظره علي ملامحي فقرا بسهوله وقع المفاجاه. رمقني بابتسامه العالم حين يتحدث الي جاهل، ثم استطرد في لهجه حاسمه: «لستَ مضطرّا الي معرفه المزيد عن ذلك الموضوع لدي هذه المرحله. وعلي اي حال قررنا في النهايه استثناء الاهداف النوويه حتي الان علي الاقل».

• ماذا تعني بـ «حتي الان»؟

ــ «حتي الان» يعني «حتي الان».

رد خالد بحزم واضعا للموضوع نهايه، ثم التقط نفَسا طويلا قبل ان يستكمل قصته. «كان اختيار الاهداف مصمَّما بحيث يوقع اكبر عدد ممكن من القتلي ويتسبب في اكبر قدر ممكن من الفوضي، وبحيث يكون في النهايه صفعه كبري لامريكا علي ارض امريكيه امام العالم كله».

• ومن عساه يقوم بتنفيذ ذلك؟

ــ «لم يكن ابدا ينقصنا الاستشهاديون، بل ان لدينا في التنظيم قسما اسمه «قسم الاستشهاديين» يضم عددا كبيرا من الاخوه الذين يتشوقون الي اليوم الذي يحين فيه دورهم».

• وهل لا يزال هذا القسم ناشطا؟

ــ «نعم، بكل تاكيد، وسيبقي دائما ناشطا طالما كنا في جهاد ضد الكفره والصهاينه. لدينا ما لا يُحصي من المتطوعين، بل ان مشكلتنا الوحيده في ذلك الوقت كانت تتلخص في ان نختار من بين هذا العدد الكبير من المتطوعين اخوه يناسبون ظروف العمليه، بمعني ان يكونوا علي قدر من الالمام باللغه الانجليزيه واساليب الحياه الغربيه».

كان محمد عطا بهذا المعني هديه السماء لخالد شيخ محمد، ولولاه في رايي لما تمت عمليه الحادي عشر من سبتمبر

جاء الدور الان علي رمزي بن الشيبه كي يقطع تسلسل الحديث بين خالد شيخ محمد والصحفي الذي لم يكن في حاجه الي مزيد من المفاجات بمفاجاه اخري. كان رمزي قد غادرنا في منتصف الحديث قبل ان يعود من الغرفه المغلقه رقم (3) حاملا حقيبه ملابس صغيره رماديه يعلوها التراب وجروح الزمن. بينما همّ بفتحها علي الارض التقت عيناه بعينيّ، فبادر مبتسما: «نعم! هي ذكرياتي في هامبورج، وانت اول من نسمح له بالاطلاع عليها».

كانت الحقيبه بحسب فوده «تحوي المواد نفسها التي استخدمها خالد ورمزي وعطا وجراح والشحي وغيرهم للهجوم علي اعتي قوه علي وجه الارض في عقر دارها، (..) كانت جميعا في شقه هامبورج التي تقاسمها رمزي مع محمد عطا، مروان الشحي وسعيد بحاجي وسعيد الصابر في الطابق الاول من المبني رقم 54 في شارع ماريانيشتراسا في هامبورج».

«انتظر! انتظر!» هتفت برمزي الذي كان لا يزال يرص مزيدا من «ذكرياته» علي ارض الغرفه. فالي جانب سلسله معقده من الرسومات البيانيه التي تشرح «كيف تنفذ مناوره جويه مفاجئه» لمحت فقرات بعينها وضع احدهم تحتها خطوطا وكتب الي جانبها بعض الملاحظات بالقلم الرصاص. مدركا شغفي، التفت رمزي قائلا: «اه! هذا خط الاخ ابو عبدالرحمن، رحمه الله»، في اشاره الي محمد عطا. غير ان رمزي لاحظ انني تسمّرت امام الملاحظات التي كُتبت بخط رديء لم يماثل كثيرا ما قيل للعالم كله انه خط محمد عطا في تلك الوثيقه التي وجدها عمال مطار بوسطن لوجان في حقيبته التي لم يُقدّر لها ان تلحقه علي متن طائره الموت. كانت تلك الوثيقه بمثابه تعليمات مباشره للمشاركين في التنفيذ تلفت انتباههم الي ما ينبغي عليهم ان يفعلوا وان يقولوا بدءا بالليله السابقه للهجوم وانتهاء بالشهاده، ومن ابرز هذه التعليمات التي كُتبت بخط انيق وان كان علي عجل.

شرح رمزي ببساطه ذلك اللغط الذي اُثير حول الوثيقه؛ فلم يكن محمد عطا كاتبها، وانما الذي كتبها كان عبدالعزيز العمري، رفيق عطا في اليومين الاخيرين من حياتيهما(..) ويدعم هذا الاكتشاف اصرار والد محمد عطا عندما ظهرت هذه الوثيقه علي ان ابنه لم يكن ليكون كاتبها

بدات الكاميرا في الدوران، وعندما بدات في الدوران كان رئيس اللجنه العسكريه لتنظيم القاعده قد تحول فجاه الي شخص اخر. حاول ان يبدو زعيما دينيّا او سياسيّا، فادركته ضحاله معرفته بامور الدين والسياسه. حاول ان يبدو خطيبا مفوّها، فلم يستطع بناء جملتين صحيحتين بالعربيه الفصحي، وبعد ذلك كله خلط ما قاله الله بما قاله الرسول.

اتي الدور علي رمزي في الركن المقابل من الغرفه نفسها، كان رمزي قد قام بتغطيه الجدار الذي يستند الان اليه وهو جالس علي الارض بسجاده بلاستيكيه مزركشه الالوان، لكنه علي عكس خالد لم يكن مهتمّا بارتداء عباءه تغطي تضاريس رقبته وكتفيه وصدره. «من الافضل ان اكون طبيعيّا»، علّق رمزي مستطردا، «وعلي اي حال سنحتفظ بالشرائط لدينا لمراجعتها قبل ان نرسل بها اليك في غضون ثلاثه اسابيع».

• «ثلاثه اسابيع؟!!!» انفجرت في وجهه.

ــ «لا بد، يا اخ يسري، من ان نقوم بادخال تعديلات الكترونيه علي اصواتنا، وبحذف ما نراه من مقاطع لا تصلح للنشر لاسباب مختلفه، وربما ايضا بتغطيه وجوهنا».

بينما انتهي مصور القاعده، ابو يوسف، من ضبط الكاميرا استعدادا لبدء التسجيل، كان رمزي بن الشيبه الان امامي جالسا القرفصاء علي الارض، هادئا، وديعا، واثقا من نفسه. انطلقت مفتتحا الحوار. وبعد مقدمه طويله «بدا رمزي اجابته عن سؤالي عما يعنيه دوره كمنسق لعمليه الحادي عشر من سبتمبر «واما بالنسبه لسؤالك في مساله التنسيق، فاختصارا هي عمليه ربط الخلايا بعضها ببعض، وتكوين حلقه اتصال بين هذه الخلايا وبين القياده العامه في افغانستان، وتحديد اولويات عمل هذه الخلايا ومتابعتها حتي تنتهي من مراحل العمل الي وقت ساعه التنفيذ، وحل المشكلات التي قد تواجه الاخوه في هذه الخلايا، وايجاد الغطاء الامني المناسب الذي سوف يتحرك الاخ من خلاله».

بعد نحو 48 ساعه، كانت اللحظات الاخيره في ذلك «المنزل الامن» في كراتشي مليئه بالمشاعر الغريبه. احتضنني رمزي كانه يحتضن اخا يعرفه منذ وعت عيناه علي الدنيا، وصافحني ابو انس بحراره نادره، (..) وبينما حرص رمزي وابو انس علي عدم الاقتراب من مدخل الشقه، خرج خالد في صحبتي».

محمد عطا وزياد جراح في افغانستان فبيل تسجيل وصيه كل منهما علي الكاميرا في يناير 2000

«لا داعي لنزولك علي السلم الي اسفل»، قلتها فرد خالد بتعليق لا علاقه له بالموضوع. «تعرف يا اخ يسري انك يمكن ان تكون الارهابي المثالي؟!» عقدت المفاجاه لساني وانا استمع في الوقت نفسه الي اصابع رئيس اللجنه العسكريه لتنظيم القاعده ترسل نصّا مكتوبا عبر الهاتف المحمول وهو يهبط الدرج ملتصقا بكتفي. مضي خالد في لهجه نصف مازحه: «انظر الي نفسك؛ انك ولد مهذب، صغير السن، ذكي، مثقف، منظم، تتحدث الانجليزيه بطلاقه، غير متزوج، وتعيش في لندن». كانت تلك لحظه تمنيت لديها ان احدق في عيني خالد واتفرس في ملامحه كي اقرا بنفسي مدي جديه هذا التعليق الغريب، لولا تلك العُصابه علي عيني. اي رد يمكن لي ان اتي به في مقابل تعليق كهذا؟ لم يكن اذا سوي ان ابتسم ابتسامه جوفاء مقتضبه لا معني لها. لكنّ ذلك لم يعجب خالد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل