المحتوى الرئيسى

يوم في مجلة "شارلي إبدو" الفرنسية

01/08 19:34

يتذكر رسام الكاريكاتير الهندي فيشواغيوتي غوش، الذي كان صديقا لبعض من قتلوا في الهجوم الدامي علي مجله "شارلي إبدو" الفرنسيه يوم الأربعاء، تفاصيل يوم لا ينسي مع الفنانين الشجعان في مكاتب المجلة ألفرنسيه الساخره.

مائده مستديره كبيره، واوراق بيضاء متناثره في كل مكان، وعدد قليل من الاقلام السوداء - كانت هذه هي المشاهد الاولي المحفوره في ذاكرتي عندما دخلت غرفه اخبار مجله "شارلي ابدو" في العاصمه الفرنسيه باريس للمره الاولي.

كان الاجتماع التحريري منعقدا في الصباح الباكر. ووصل بعض الفنانين الي مقر المجله، في حين كان اخرون في طريقهم، وبدا التفكير في كيفيه سير العمل.

وبينما بدا رسامو الكاريكاتير يفكرون بصوت مرتفع، وقف رئيس التحرير الي جانب سبورة بيضاء يتحدث عن افكار وموضوعات الطبعه المقبله.

قلت لنفسي هذه هي اذن كيفيه عمل المجله، التي تتكون من 12 صفحه جميعها عباره عن رسوم كاريكاتوريه سياسيه، مع افتتاحيه صغيره.

وشهد الاجتماع طرح مزيد من الافكار والنكات عبر الطاوله، وبدا بعض رسامي الكاريكاتير بالفعل يومهم وعلامات الجد تبدو علي وجوههم.

وهرع صديقي تيغنوس الي الداخل بسرعه كبيره وكانه صبي وصل الي مدرسته للتو.

كانت الموضوعات مكتوبه علي السبوره البيضاء، وامسك رسامو الكاريكاتير باقلامهم السوداء وبداوا عملهم علي الورق.

كنت في فرنسا في بعثه فنيه في ذلك الوقت والتقيت انذاك بتيغنوس عبر صديق اخر.

كان هذا في عام 2004 وكان المنتدي الاجتماعي العالمي منعقدا في مدينه مومباي الهنديه وكان بعض رسامي الكاريكاتير بمجله "شارلي ابدو" في طريقهم الي هناك لتغطيه الحدث.

قدمني تيغنوس علي انني رسام كاريكاتير من الهند، وتوقع الجميع ان اتحدث عن المنتدي الاجتماعي العالمي، او ولع الفكر الفرنسي بالاديبه الهنديه ارونداتي روي، الحائزه علي جائزه بوكر، والتي كانت قد القت محاضره في جامعه السوربون حول حرب العراق قبل بضعه اشهر.

اكتفيت بالابتسامه، ثم قدموني الي رجل يجلس بجواري يدعي كابو، سبق وان سافر الي الهند ونشر كتابا من الرسوم عن الهند.

تجاذبنا اطراف الحديث، وتحدثنا عن المدن التي سافرنا اليها والسخافات التي يكتشفها رسامو الكاريكاتير في كثير من الاحيان، ان لم يكونوا يبحثون عنها في حقيقه الامر.

كانت سياسه الصحيفه واضحه انذاك، وهي الاستخفاف والسخريه من كل شيء.

في ذلك الوقت كان هناك فتاه قد منعت من ارتداء الحجاب في المدرسه في فرنسا، وكانت هذه القضيه تتصدر عناوين الصحف.

كانت فرنسا كلها تتحدث عن تلك القصه، وكان رسامو الكاريكاتير يتناولونها برسوماتهم الساخره وينتقدون كلا الجانبين من النقاش.

وبالنظر الي العديد من القضايا التي تتناولها المجله كان واضحا انها لا تستثني احدا من النقد والسخريه: رجال الدين والمؤسسات ومثلي الجنس والاديان، وبطبيعه الحال، لا تستثني نيكولا ساركوزي الذي كان انذاك يشغل منصب وزير الداخليه في فرنسا.

وكانت الرسوم تعرض علي السبوره البيضاء، ثم يختار الافضل منها لكي ينشر في المجله.

وكان رئيس التحرير وكبار الموظفين يناقشون الموضوعات، ثم يفتحون نقاشا طويلا، ويتم اختيار الموضوعات بصوره ديمقراطيه تماما.

وبعد مرور بعض الوقت، سالني كابو: "لماذا لا ترسم؟ دعنا نري ما اذا كان حسك الفكاهي جيدا ام لا". ابتسمت ورسمت عددا قليلا من الاشياء، التي لاقت استحسانا كبيرا.

اصبحنا انا وتيغنوس صديقين جيدين للغايه بمرور الوقت، علي الرغم من اننا لا نتحدث لغه بعضنا البعض.

كانت زوجته تتولي عمليه الترجمه وكانت كثيرا ما تجد صعوبه في ترجمه النكات الساخره التي كنا نتبادلها.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل