الهجوم على صحيفة تشارلي إيبدو: 6 أسئلة ستشرح لك كل شيء

12 قتيلًا وعشره مصابين بينهم خمسه في حاله خطره، كانت هذه حصيله الهجوم المسلَّح الذي قام به مسلحان، انباء عن كونهم ثلاثه؛ علي مقر صحيفه تشارلي ايبدو الفرنسيه، واستطاعوا الهرب. اثار الهجوم ردود فعل مستهجنه حول العالم، ورفضته كل المنظمات الاسلاميه، مثل الازهر واتحاد المنظمات الاسلاميه في فرنسا، بينما ايدهُ مقاتلو داعش عبر حساباتهم علي موقع تويتر. الهجوم اودي بحياه رئيس التحرير واربعه من رسامي الصحيفه المشهورين ومحرر القوات المسلحة. كانت الصحيفه في اوقات سابقه قد نشرت رسومًا هازئه بالنبي محمَّد (ص) وهذا هو السبب الظاهر للهجوم المسلح، لكنَّ الصحيفه كانت قد نشرت اليوم رسمًا لابي بكر البغدادي، “خليفه” داعش.

فما قصه هذه الصحيفه ولماذا كان الهجوم؟

س1: في البدايه، ما هي صحيفه تشارلي ايبدو التي تم الهجوم عليها؟

اسست الصحيفه عام 1969 علي يد فرانسوا كافانا تحت اسم هارا كيري، لكنَّ صحيفه هارا كيري الاسبوعيه لم يكتمل اصدارها بعد ايقافها عام 1970 بسب الاساءه للذوق العام، كان سبب الحظر نشرها رسومًا مضحكه تعليقًا علي وفاه الرئيس والجنرال الفرنسي شارل ديغول. فاثناء حدث وفاه الرئيس الفرنسي كان هناك حادث اخر: حرق كبير في ديسكو قتل اكثر من مائه انسان، فصدرت الصحيفه بجمله علي غلافها الرئيسي تسخر من موت الرئيس “رقص ماساوي، وحاله وفاه واحده”.

بعد وقفها بيعت 80% من اسهمها بقيمه 300 الف يورو، انشا فريقها صحيفه جديده اسماها تشارلي ايبدو. كان اسم تشارلي اعاده لتصوير كارتون امريكي يسمي تشارلي براون. تعثرت الصحيفه خلال مسيرتها فتوقفت عن الصدور لمده عشره اعوام منذ العام 1981 بسبب نقص في الموارد.

س2: وما هو الخط التحريري للصحيفه؟

تنتمي الصحيفه لتيمه معروفه في الصحافه الفرنسيه منذ الثوره الفرنسيه (1789م) وهو تقليد يجمع ما بين التطرف اليساري مع استفزاز و”بذاءه” في المصطلحات ورسوم كاريكاتوريه هازئه. تقدم الصحيفه رسومًا هازئه واستفزازيه عن الساسه ورجال الاعمال والمشاهير، والاهم رجال الدين بل و الانبياء والرسل. كذلك تقوم بعمل تحقيقات صحفيه حول المجموعات الدينيه واليمين المتطرف.

“محمَّد ليس مقدسًا بالنسبه لي. انا لا الوم المسلمين لعدم ضحكهم علي الرسومات التي تنشر لدينا. انا اعيش بموجب القانون الفرنسي. انا لا اعيش بموجب القانون القراني” *رئيس تحرير الصحيفه عام 2012

قد يتصور القارئ انَّ الصحيفه تعادي دين الاسلام وحده ولكنّ الصحيفه تهزا من جميع الاديان، ورجال الدين من جميع الديانات. فقد سخرت من بابا الفاتيكان ايضًا كما سخرت من الرسول الكريم محمَّد. نشرت الصحيفه قبل ذلك رسومات لرجال الشرطه الفرنسيه وهي تجرّ رقاب المهاجرين غير الفرنسيين بالحبال. ستجد رسومات ايضًا لراهبات مسيحيات يقمن بممارسه “العاده السريه”، البابا يستخدم “الواقي الذكري” كنوع من السخريه، هذا هو خط الصحيفة التحريري.

س3: ما هو تاريخ الصحيفه اذن في نشر رسوم مسيئه للمسلمين وللنبيّ محمَّد؟

هل تتذكر نشر الرسوم المسيئه للنبي محمَّد علي اوراق الصحيفه الدنماركيه يولاندس بوستن؟ صحيفه تشارلي ايبدو اعادت نشر هذه الرسومات عام 2006، بناءً علي هذه الحادثه تقدمت مجموعه من المجموعات الاسلاميه في فرنسا بدعوي قضائيه ضد الصحيفه، لكنَّ المحكمه الفرنسيه اصدرت حكمًا داعمًا للصحيفه معللهً ذلك بانَّ الرسم الكاريكاتوري انما استهدف الارهابيين وليس المسلمين. باعت الصحيفه بسبب هذه الرسومات حوالي نصف مليون نسخه، العدد الطبيعي الذي تبيعه الصحيفه اسبوعيًا يتراوح بين 55 و75 الف نسخه فقط.

لم تكن هذه هي الحادثه الوحيده لنشر رسومات مسيئه للمسلمين. عام 2011 صدر عدد خاص من الصحيفه بعنوان “الشريعه” يتضمن انذاك رسومًا مسيئه للنبي محمَّد. كان هذا بعد فوز حزب النهضة الإسلاميه في الانتخابات في تونس. تم شراء كل نسخ هذا العدد خلال ساعات من نشره. ولكن بمجرد نشره كان مقر الصحيفه المكون من طابقين قد تم تفجيره، وتمت قرصنه موقعها الالكتروني. في الاسبوع اللاحق نشرت الصحيفه رسمًا جديدًا يُظهر رسام كارتون مع مسلم ملتحٍ امام المكاتب المحترقه بسبب التفجير، يقبلان بعضهما مع عباره “الحب اقوي من الكراهيه”!

مقر الصحيفه بعد تفجيره في نوفمبر 2011

س4: هل توقف الامر عند هذا الحدّ؟

لا لم يتوقف، فقد اصدرت الصحيفه عام 2013 اصدارًا مؤلفًا من 64 صفحه، وصفت هذا العدد بانه الجزء الاول من سلسله لرسوم كاريكاتوريه صادمه، تُصوِّر حياه نبي الإسلام، محمَّد. رئيس التحرير ستيفان شاربونييه علق علي هذا العدد قائلًا: اذا اراد الناس الشعور بالصدمه فانهم سيشعرون بالصدمه عند تصفح هذا الاصدار من الصحيفه.

وُضع شارب علي قوائم المطلوبين لدي تنظيم القاعده، منذ العام 2013، وقد قتل في الهجوم اليوم الاربعاء. وكان شارب يراس تحرير الصحيفه منذ العام 2009.

اشادت الصحيفه بكتاب ينتقد الاسلام للكاتبه الايطاليه اوريانا فالاتشي المشهوره بعداوتها للاسلام، اعتبرت الصحيفه الكتاب شجاعه فكريه. تصف بعض المفكرين المسلمين وصفًا سيئًا، كوصفها للمفكر السويسري من اصل مصري طارق رمضان برجل البروباغاندا الاسلاميه، وتصفه بمعاداه الساميه ايضًا. في سياق اخر كان عنوان العدد الاخير الصادر اليوم من الصحيفه “توقعات المنجم ويلبيك: في العام 2015 افقد اسناني.. وفي 2022 اصوم شهر رمضان!” ياتي هذا العدد تزامنًا مع صدور روايه مثيره للجدل بعنوان “الخضوع” للكاتب الفرنسي ميشيل ويلبيك، تدور الروايه حول “اسلمه” المجتمع الفرنسي.

تدور الروايه حول احداث مستقبليه في العام 2022 حيث المجتمع الفرنسي منقسم علي نفسه، يفوز محمد بن عباس رئيس الحزب الاسلامي، من خيال المؤلف؛ علي زعيمه الجبهه الوطنيه في الدوره الثانيه للانتخابات الرئاسيه. يحصل بن عباس علي دعم احزاب يساريه ويمينيه ويكون هذا سبب فوزه.

س5: تعرضت الصحيفه لهجوم سابق لكنه لم يكن بعنف هذا الهجوم، لماذا كان هذا الهجوم اذن؟

في اوقات عديده مرت بالصحيفه، تعرض الصحفيون والرسامون بها لتهديدات مباشره. قبل دقائق من هجوم اليوم كانت الصحيفه قد نشرت رسمًا كاريكاتوريًا لـابي بكر البغدادي “الخليفه” قائد الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”. في سبتمبر الماضي نشرت الصحيفه رسمًا كاريكاتوريًا يمثل احد اعضاء داعش يقتل رجلًا بجلباب ابيض ولحيه بيضاء، وبينما يقول القاتل للمقتول يا كافر، يردّ عليه المقتول “انا الرسول محمَّد” في انتقاد لاذع لداعش.

الرسم الذي نشرته الصحيفة اليوم عند ابو بكر البغدادي، قبل الهجوم بعنوان “تحيه البغدادي: كيف الصحه”

“انتقمنا للرسول، الله اكبر” كانت هذه هي العبارات التي رددها القاتلان اثناء الهجوم علي مقر الصحيفه اليوم. كانت هذه هي نفس الشعارات التي كتبها بعض المنتمين لداعش علي حساباتهم علي موقع التواصل تويتر. البعض منهم اكد انهم قتلوا من اساؤوا للرسول محمَّد، بينما لا يوجد اي بيان رسمي يؤكد حقيقه قيام داعش بهذا الهجوم. عدم نشر الصحيفه لايه رسوم مسيئه للنبي خلال الفتره الماضيه ونشرها رسومًا مسيئه لابي بكر البغدادي يضع المزيد من الالتباس حول اسباب ودوافع الهجوم ومنفذيه.

س6: ما هي اوضاع المسلمين في فرنسا؟ وهل ستؤثر العمليه علي اوضاعهم في فرنسا؟

يُعتبر الاسلام الدين الثاني في فرنسا، ويصل عدد المسلمين في فرنسا ،حسب احصاءات غير رسميه؛ الي 5 ملايين مسلم، لكنَّ تقديرات اخري تحصيهم كاربعه ملايين فقط. وضع المسلمين في فرنسا مقلق علي المستوي المستقبلي، وغير ثابت. هذا ما يؤكده الجميع. اليسار في فرنسا الذي ينتمي اليه الرئيس فرانسوا اولاند، لا يتخذ مواقف عدائيه من المسلمين في فرنسا، بينما يتخذ اليمين المتطرف في فرنسا موقفًا عدائيًا ضد المسلمين ويطالب بترحيلهم. مراسل قناه الجزيره في باريس قال اليوم انَّ المسلمين سيواجهون ايامًا صعبه جدًا اذا ما دخل اليمين المتطرف علي الخط بعد تفجير اليوم. خصوصًا في ظل الحديث عن خطوره المسلمين علي امن وقيم وهويه المجتمع الفرنسي.