المحتوى الرئيسى

اللا معقول فى اليمن فهمي هويدي

01/05 09:13

اصبح اليمن بلد اللامعقول السياسي. صحيح ان الحاصل في أقطار عربية عده يندرج تحت نفس العنوان، الا ان الحاصل في اليمن يحتل راس القائمه. فهذا بلد من اعرق دول المنطقه يعيش فصول مهزله سياسيه لا اعرف اي دولة عربية مرت بها. اذ لا يصدق المرء ان مجموعه تمثل اقليه، بل هي اقليه ضمن الاقليه، لا هي حزب سياسي ولا هي تشكيل عسكري ولا هي سلطه اداره، تزحف علي العاصمة صنعاء ثم تستولي عليها بسهوله مذهله. وبعد ذلك تشرع في التمدد حتي تستولي خلال بضعه اسابيع علي عشر محافظات، اي نصف البلد تقريبا. يحدث ذلك في بلد يملك جيشا وشرطه، وله رئيس وحكومه واجهزه امنيه. والجيش والشرطه متفرجون والرئيس والحكومه ذاهلون. والذين يدافعون عن حياتهم ويحاولون صد الغزاه هم القبليون المسلحون، واذ انهارت السلطه وتحولت الي شبح مكتوف الايدي ومنزوع القدره، فان الحوثيين الذين ادعوا انهم يقومون بثوره وانهم يريدون تحرير البلاد من النفوذ الاجنبي هدموا مؤسسات الدوله واطاحوا بالقانون، وفرضوا انفسهم علي رئيس الجمهورية وهددوا بعزله، وعينوا نفرا منهم في قياده الجيش، بعدما نقلوا نصف اسلحته الي معقلهم في الشمال. واقالوا محافظين وعينوا اخرين يمثلونهم، وشكلوا ما سموه لجانا شعبيه بدعوي المحافظه علي النظام في المحافظات التي استولوا عليها. ذلك كله تم بالقوه وبالهواتف النقاله!

احدث مشاهد اللا معقول تمثلت فيما اذيع عن ان الرئيس اليمني هادي عبدربه منصور (الذي كاد الناس ينسون اسمه لان السلطه يتحكم فيها زعيم المتمردين عبدالملك الحوثي من معقله في صعده) اوفد وزير الخارجيه الي مسقط لا لشيء يتصل بالعلاقات بين البلدين، وانما لان سلطنه عمان اصبحت تقوم بدور الوسيط بين دول الخليج وطهران، ودخلت تبعا لذلك وسيطا بين السلطه الشرعيه في اليمن وبين الحوثيين. مهمه وزير الخارجيه اليمني تلخصت في طلب وساطه مسقط لكي تضغط علي الحوثيين للقبول بقرار تقسيم اليمن الي سته اقاليم فيدراليه، وهو القرار الذي يرفضونه. حتي انهم هددوا بازاحه الرئيس هادي عن السلطه اذا اصر علي نص ذلك في مسوده الدستور اليمني الجديد. (كان الرئيس اليمني قد شكل لجنه برئاسته تفرعت عن مؤتمر الحوار الوطني لاعاده النظر في التقسيم الإداري لليمن، بعدما قرر المؤتمر تحويل البلاد الي دولة اتحادية. وقسمت اللجنه البلاد الي سته اقاليم. هذه الفكره رفضها الحوثيون وبعض السياسيين في الجنوب.) ايا كان الراي في ذلك التقسيم، فما يهمنا في الامر ان الرئيس اليمني حين اراد ان ينفذ قرار مؤتمر الحوار فانه طلب وساطه عمان لكي تخاطب طهران وتطلب منها الضغط علي الحوثيين للقبول بالمشروع. ولا تفسير لذلك سوي انه ادرك انه بات عاجزا عن انجاز هذه الخطوه، واصبح مقتنعا بان النفوذ الذي تمارسه طهران علي الحوثيين اقوي من نفوذه هو في اليمن.

المشهد ذكرني بقصه سمعتها من الدكتور عبدالكريم الارياني مستشار الرئيس هادي ورئيس وزراء اليمن الاسبق، وكان قد سبق ان رواها في حديث مطول نشرته في 11/12 صحيفه 26 سبتمبر التي تصدر في صنعاء. في طريق العوده من تونس، حيث كان احد المشاركين في مراقبه الانتخابات الرئاسيه هناك، قال ما يلي: فوضه الرئيس هادي ومعه اخر هو الاستاذ عبدالقادر هلال في التفاهم مع ممثلي الحوثيين علي انهاء مظاهر احتلال صنعاء من قبل لجانهم الشعبيه التي اقامت مخيمات لها في انحاء العاصمه ومداخلها الحيويه. كان التفويض كاملا، وبدا يوم ثلاثاء في ظل خلافات كثيره. وخلال المناقشه حول بنود حل الاشكال كان اعضاء وفود الحوثيين يقطعون الحديث ويستطلعون راي قيادتهم في صعده مره ومرتين في كل ساعه. استمرت المفاوضات مساء الثلاثاء واستمرت طوال يومي الاربعاء والخميس وخلال تلك الجلسات تم الاتفاق علي نص تم ارساله الي صعده. الا ان الرد الذي جاء من قياده الحوثيين في وقت متاخر من مساء الخميس وافق علي مختلف البنود الوارده فيه، لكنه استثني اخلاء مخيمين في موقعين مهمين في العاصمه احدهما اقيم في «الصباحه» والثاني في منطقه «حزيز». اعتبر الدكتور الارياني وصاحبه ان المفاوضات لم تنجح واعلنا عن فشلهما في التوصل الي الاتفاق علي اخلاء العاصمه من المسلحين. الا ان المفاجاه حدثت يوم السبت، ذلك انه خلال مراحل المفاوضات كان هناك وسيط عماني من مكتب السلطان قابوس ينقل الرسائل بين الحكومتين اليمنيه والايرانيه. هذا الوسيط جاء ظهر يوم السبت برساله من طهران ايدت الاتفاق الذي تم التوصل اليه يوم الخميس. الامر الذي يعني ان المفاوضات التي تمت في صنعاء ارسلت نتيجتها الي صعده. ومن هناك نقل الي طهران التي درسته وقبلت به، وارسلت النتيجه الي مسقط ومن مسقط عاد مره اخري الي صنعاء دون ان يتغير فيه شيء!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل