المحتوى الرئيسى

نحو لاهوت مسيحى وفقه إسلامى للشأن العام إكرام لمعي

01/03 09:34

يتحدث كثيرون من المصريين والعرب بل ومن العالم هذه الايام عن اهميه التواجد المسيحي الفعال في الشرق الأوسط وذلك بسبب ما قامت به دوله الإسلام في العراق والشام (داعش) في مناطق نفوذهم من تهجير للاقليات المسيحيه وتواكب مع ذلك مذابح اليزيديين واستعبادهم وبيعهم في سوق النخاسه مما ادي الي تشويه الاسلام، حيث انهم يصرون وبتحد ان هذا هو الاسلام الصحيح مستخدمين ايات من القران واحاديث. في الوقت ذاته حمل كثيرون من العلماء والمحللين بعض المسئوليه علي المسيحيين، من هنا جاءت الدعوه المزدوجه لمراجعه اللاهوت المسيحي والفقة الاسلامي من نحو الشان العام. وتحت ندوه بعنوان «نحو لاهوت مسيحي للشان العام» شاركت فيها الخص ما جاء بها علي النحو التالي:

هناك ثلاث مشاكل علي علماء اللاهوت المسيحي ان يقدموا حلا لها حتي يكون تواجدهم طبيعيا وفعالا في الشان العام.

المشكله الاولي: الفصل بين ما هو مسيحي وما هو غير مسيحي.

الذي يقرا كتابات الاباء خلال الفتره السابقه لمجمع نيقيه القرن الثالث الميلادي يكتشف ان هناك خطا لاهوتيا وعقائديا رئيسيا كان عندهم يتمركز حول الفكره القائله بان الانسان ينتمي الي الانسانيه الساقطه في ادم الاول والي الانسانيه الجديده في (ادم الاخير) يسوع المسيح. من هنا لم يميز الاباء بين الأدب المسيحي وغير المسيحي لقد كتب باسيليوس الكبير مقاله عن فوائد الادب الوثني واعتبر ان انجازات العقل الانساني قبل المسيح قابله للاستخدام بشكل جيد في حياه الكنيسه. لقد تعمق اللاهوتيون القدماء في دراسه الفلسفه اليونانيه والعلوم والفنون التي انتجتها الحضارات السابقه، لقد كان الزواج المختلط (مع الوثنيين واليهود) مباحا من القرن الاول حتي الرابع بناء علي كلمات الرسولين بطرس وبولس في هذا الشان عن القدوه للاخر المختلف ورساله المسيح المقروءه من خلال سلوك المؤمنين داخل اسرهم. لكن عندما اعتنق الامبراطور قسطنطين المسيحيه واعلنها دينا للامبراطوريه التي تحكم العالم، دخل في المسيحيه من لا يعلمون شيئا عنها، والنتيجه ان سيطرت المؤسسه الدينيه علي الشعب المسيحي وسيطر الامبراطور علي المؤسسه الدينيه وهكذا صدرت حوالي عام 400 م تعليمات الامبراطور بمنع الزواج من الهراطقه، وفيما بعد صدر ايام ثيئودوسيوس قرارا بازاله المعابد غير المسيحيه (الوثنيه اليهوديه) وتم تهجير جميع اليهود من الاسكندريه، وهكذا بدا الفصل بين ما هو مسيحي وغير مسيحي، وبدا الاغتراب في المكان علي الرغم من ان يوحنا كاتب الانجيل استخدم من الفلسفه اليونانيه مصطلح (الكلمه) في الحديث عن المسيح، واستخدم بولس الرسول في رسائله الشعر الوثني للحديث عن الله الخالق باقتباسه «الذي به نحيا ونتحرك ونوجد»، كما قال احد شعرائكم، وقد امتد هذا الاغتراب حتي يومنا هذا في علاقه المسيحيين بالحضاره التي يعيشونها وفي علاقاتهم وتفاعلهم مع الكيانات الاخري في نفس الحضاره، ونحن نري ان التحدي الكبير الذي يواجه المسيحيه اليوم انما هو قراءه التراث الإسلامي واستيعابه استيعابا تاما كما فعل اباء الكنيسه الشرقيه مع التراث اليوناني الروماني واليهودي والتفاعل معهم في كتاباتهم اللاهوتيه ونظرياتهم.

ان الهويه المسيحيه تتاكد من خلال الحضور الالهي في طبيعه الانسان، وهذا لا يتحدد في اطار منظومه سوسيولوجيه (اجتماعيه) لاهوتيه بقدر ما هي «عيش» لهذا الحضور هذا العيش هو في الاساس تحول في الكيان الداخلي للانسان علي الصوره التي يريدها له الله (وهي صوره الانسان يسوع المسيح) الذي كان يتحرك بدافع الحب والرحمه لجميع البشر دون تمييز لعرق او دين او جنس، والذي نقل فكر البشر من كون ان هناك «شعب الله المختار» الي ان جميع البشر هم شعبه، حتي الملحد منهم وغير المؤمن به، فهؤلاء هم اولاد الله او (عيال الله) يحبهم كاب ينتظر توبه ابنه وعودته، لكن من المستحيل ان يتبرا منه مهما كانت درجه عصيانه بانكار ابوته.

وانتماء الانسان الي الله لا يتحقق الا بالانتماء الي الانسانيه ككل والانتماء الي الانسانيه تاتي من خلال الانتماء الي حضاره ومكان محددين دون اغتراب، ونفس الامر ينطبق علي المسلم الذي ينتمي الي الله والانسانيه ككل. هنا يحدث الذوبان كمسيحيين ومسلمين معا في حضاره واحده وهويه واحده.

المشكله الثالثه: تجدد الفكر الديني المستمر دون تجمد عند نقطه تاريخيه معينه

وهذا لا يحدث الا بان نفلسف التوتر الخلاق بين المجتمع والمؤسسه الدينيه، بين العلماني ورجل الدين بين الفكر والعمل، نحتاج الي ترجمه اللاهوت والفقه الي حياه يوميه.

ان داعش والفكر المتطرف لا يهددان المسيحيه فقط بل الاسلام ايضا، فعندما يتحول الثبات في الفكر الديني الي جمود مع تغيرات العصر هنا خيانه للذات والتاريخ، ان كان مسيحيو ومسلمو مصر يريدون الا يسقطوا من التاريخ فعليهم ان يلتزموا به ويتجاوزوه، فليس عليهم ان يغرقوا في التاريخ (السلفيه الدينيه) ولا ان يترفعوا عليه (الروحانيه الشكليه المزيفه خلال طقوس وفرائض بلا معني او روح) والاثنان ليسا من مقاصد الاديان في جوهرها.

هناك ثلاث طرق امامنا كمسيحيين ومسلمين مصريين:

1 ــ الاستمرار في التجمد ورفض اصلاح الفكر الديني الذي انقذ المسيحية الغربية من تجمد وانحراف لالف عام تم فيها القيام بالحروب الصليبيه وبيع صكوك الغفران (بيع الجنه) والفساد الديني. ولا شك ان شرقنا الاوسط يعيش قرونه الوسطي بامتياز هذه الايام، والاستمرار هكذا سوف يصل بنا الي التجمد فتموت الاطراف وينتهي الامر بتوقف القلب.

2 ــ الاستمرار في الاغتراب فنعيش جميعا في عالم وهمي من صنعنا، فليس في الامكان ابدع مما كان، ولا نتفاعل مع مقومات العصر، فنبدا في الاندثار وكم من حضارات اندثرت.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل