المحتوى الرئيسى

مطاعم فاخرة في سجون بريطانيا

01/01 21:58

يطلق السجناء في سجون المملكه المتحده علي مده العقوبه بالسجن التي يقضونها تعبيرا شائعا يعني حرفيا انهم "يصنعون عصيده". ويبدو ان هذا وصف عملي اطلق علي صحون الشوفان التي كانت توزع عليهم في الصباح سابقا في غرف السجن في جميع انحاء البلاد.

الا ان هذا الوصف اخذ بُعداً اخر جديداً عقب افتتاح مطاعم للجمهور داخل سجون مختاره في بريطانيا. ويعمل السجناء في هذه المطاعم كطهاه ومساعدين، ويعدون اطباقاً تنافس المستويات العالميه.

الفكره قدمتها "ذا-كلِنك تشارتي" وهي مؤسسه خيريه تهدف الي تخفيض نسب اعاده ارتكاب الجرائم من قبل المجرمين السابقين، وذلك بتدريبهم وتوظيف الخريجين بعد اطلاق سراحهم. بدا تطبيق الفكره في ثلاثه سجون في المملكه المتحده. واحدث مطعم في هذه السجون هو مطعم "ذا-كلِنك" في سجن بريكستن، والذي افتتح في فبراير/شباط 2014.

يقع هذا المطعم خلف ابواب الفولاذ السميكه لسجن بريكستون جنوبي لندن، ويضم شبكه اسلاك شائكه، ودوريات حراسه، وكلاب بوليسيه، وكاميرات للمراقبه.

وبما ان تناول الطعام في السجن يتطلب احاطه امنيه قبل تاكيد الحجز، فان الزياره ستكون بالتاكيد معقده بعض الشيء. اذ يتوجب عليك ان تحجز طعام قبل 72 ساعه، وان يتجاوز عمرك 18 عاماً، وان تسلّم هاتفك النقال عند باب المطعم.

كما يجب ترك الحقيبه اليدويه والمحفظه، وافراغ محتويات الجيوب، وربما تتعرض لفحص حيوي (بايومتري) يشمل بصمات الاصابع واخذ صوره لك. وبالنسبه للذين يجتازون هذه الاجراءات، ستكون بانتظارهم تجربه فريده من نوعها.

يتميز ديكور قاعه تناول الطعام في مطعم بريكست بجدران حجريه محكمه، واضاءه يمكن التحكم فيها حسب الطلب. ويمكنك ان تتخيل نفسك انك تقريباً في احد افضل فنادق لندن.

وبالنسبه لاولئك الذين يفضلون اصنافا مختلفه من الطعام، فان قائمه الماكولات في ذلك المطعم تُبدّل يومياً. وتتفاوت الاطباق من اسماك القدّ المقلّاه مع البازلاء المقشّره، الي البطاطا المكسوه بالسكّر، او لحم الخنزير المقدّد، او الدجاج الحبشي المحمّص بالزعتر والكرفس، مع الخضروات.

الحلويات متنوعه ايضا، ويمكن ان تشمل تورته الشيكولاته بالفلفل الاحمر وحمض الليمون بالقشطه الطازجه – او انواع الايس كريم التي تُصنع في السجن كل صباح. فهل ستكون جائزه "ميتشلين ستار" العالميه لافضل المطاعم هي التاليه؟

يقول كريس موور، المدير التنفيذي لمؤسسه ذا-كلِنك تشارتي الخيريه: "زارنا فريق من مؤسسه ميتشلين. الا اننا لا نفتح ابوابنا للزبائن بالمعني التقليدي للتعبير، اي ان يدخل ويخرج من يشاء. لذا فان الامر لا ينطبق علينا– مع انهم اعربوا عن اعجابهم بالمكان."

بالطبع، قد يجادل البعض قائلاً ان هذا المطعم، بمقاعده المائه والعشرين، هو اقل الاماكن جاذبيه لتناول الطعام في البلاد. الا انهم لا يفهمون العبره من وراء ذلك: فكره الثقه بالمساجين، وان توضع سكاكين حاده وادوات طبخ خطره بمتناولهم ليست فكره بارعه كما تبدو لك. يمكن فقط للمساجين ممن لم يقترفوا ذنوباً عنفيه ان يشاركوا في هذا الامر.

اما اولئك الذي يُقبلون علي العمل في هذه المطاعم فانهم يخضعون لعمليه استجواب صارمه. الامر طبيعي؛ فالمئات من نزلاء السجون بطول البلاد وعرضها يقدّمون علي كل وظيفه.

يشتغل المترشحون الناجحون ثمانِ ساعات يومياً، 40 ساعه في الاسبوع. كل دوره تدريبيه تُدقّق بشده (اذ تُحفظ السكاكين وادوات الطبخ الحاده في اماكن مقفله عندما لا تكون قيد الاستعمال). والاهم من ذلك ان مؤسسه "ذا-كلِنك" لها هدف اجتماعي مهم.

فالمشروع هو جزء من برنامج اكبر لاعاده التاهيل، يتكون من خمس خطوات لتوظيف المساجين عند اطلاق سراحهم. انها تشمل الاختيار، والتدريب، وتدقيق الحسابات، والتوظيف، وتقديم المشوره للسجناء. الغرض من هذا البرنامج هو تخفيض نسب اعاده ارتكاب الجرائم. ويقول موور: "اننا نركز علي الوضع الاشمل. فعندما يغادر السجين سجنه، عليه ان يكون ذا جلد، اذ يصعب عليه في البدايه ايجاد عمل والحصول علي رهن عقاري لشراء منزل ودفع قوائم الخدمات، وكان المجتمع يعاديك."

ويضيف مورو: "هذه هي اسباب اعاده ارتكاب الجرائم من قبل المجرمين السابقين. هنا تلعب مؤسسه "ذا-كلِنك" دوراً حقيقياً لتغيير كل ذلك."

الاحصائيات لا تكذب. فبعد نجاح اول مطعمين لشركه "كلِنك" – يقع الاول في ’هاي داون‘ بمقاطعه ’سَري‘ والثاني في ’كلِنك كَمري‘ بسجن كارديف في ويلز- انخفضت نسب اعاده ارتكاب الجرائم.

وحالياً، يعاود 49 في المئه من المُدانين السابقين ارتكاب الجرائم في المملكه المتحده خلال سنه من اطلاق سراحهم. وتزداد النسبه الي 61 في المئه عند اولئك الذين يقضون احكاماً تقل عن 12 شهراً.

اما في عام 2011، فقد كانت نسبه اعاده ارتكاب الجرائم لمن تخرجوا من برنامج مؤسسه "ذا-كلِنك" 12،5 في المئه فقط. ويُعتقد بان نسبه الذين اعادوا ارتكاب الجرائم في عام 2012 كانت قرابه 6 في المئه، وهذا هو انخفاض كبير اخر عن المعدل الوطني العام.

احدي الاسباب الرئيسيه لهذا الانخفاض هو ان لتلك المؤسسه الخيريه برنامج توجيه وارشاد مستمر. فبعد اطلاق سراح السجناء، تساعد "ذا-كلِنك تشارتي" خريجي دوراتها من المساجين لكي يجدوا عملاً في مجالي المطاعم والضيافه.

كما انها تقدم لهم المشوره والنصح كل اسبوع لمده تتراوح من 6 الي 12 شهرا كي تساعدهم في اعاده اندماجهم في المجتمع. وقد حصل العديد منهم علي اعمال في مطاعم مشهوره بما فيها كارلوتشيوز، بريزّو، واهاكا، ولوكاندا لوكاتيللي، وهي اربعه من بين اشهر المطاعم ذوي الفروع العديده.

لم تكتمل القصه هنا بعد. فتخطط "ذا-كلِنك تشارتي" لكي تضيف سبعه مطاعم اخري في كامل ارجاء المملكه المتحده بحلول العام 2017. ومن المقرر فتح المطعم التالي في ربيع عام 2015 داخل سجن ستايل، وهو سجن خاص بالنساء يقع قرب مانشستر.

كما توجد الان مزرعتان من "حدائق كلِنك"، حيث يزرع السجناء الفواكه والخضروات والاعشاب ليزودوا بها المطاعم. وقد استثمرت المؤسسه الخيريه مؤخراً في تربيه المواشي والدواجن لكي تعلم السجناء كيفيه تربيه الحيوانات.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل